الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى نفكر في بناء العراق؟

حسام الحسني

2006 / 2 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مر العالم بمحطات مهمة غيرت مظهره من شكل الى اخر ولعدة مرات، مرة تغير الى الافضل.. واخرى الى الاسوأ.. وفي كل مرة يظهر الى الساحة ميزان قوى جديد. ففي العصر الحديث وبالتحديد من الحرب العالمية الاولى مرورا بالحرب العالمية الثانية كان لكل منهما ميزان قوى ناتج عنهما مازال جزء منه مستمر في حكم العالم الى حد الان.
وارتباطا مع ذلك كانت بلدان العالم اجمع تتنافس وفقا لما اسفرت عنه الحرب العالمية الثانية من موازين قوى ومصالح انعكست في مفاهيم محددة، وطرق حياة مختلفة و مع ان الحرب والصراعات العسكرية لم تختف تماما الا ان الصراع بين المعسكرين لم تحسمه الحرب، في النهاية، وبدأت ترجح كفة التنافس السلمي.. فالتكنولوجيا والتطور العلمي والاقتصادي والتوجهات السياسية التي تصب في مصلحة المواطن اصبحت من اقوى انواع الاسلحة التي تستخدمها الشعوب في الدفاع عن نفسها.. وكذلك هي الوسيلة الانجح في دحر أي فكر يطمع في السيطرة على مقدرات بلد ما..
في هذا الوقت، الذي تتصارع فيه دول العالم من اجل ان تحصن نفسها كانت عجلة التقدم تتسارع.. كانت زراعة الورود في دولة تعني تقدما.. وزيادة عدد المتقدمين الى الدراسة بمثابة قوة فكرية تتفاخر بها البلدان.. ومن حق البلدان المقابلة ان تحسب حساباتها لذلك البلد الذي يتنامى فكريا يوما بعد اخر.. الا ان عجلة الظلام كانت تتسارع وكانت بساتين تدمر وورود تقطف في اول ازدهارها وطلبة تساق الى رحى الحروب الهمجية من على مقاعد الدراسة..
هكذا كان العراق.. بلد يمتلك كل مقومات الحضارة من تاريخ وثروات .. ويمتلك ايضا كل مستلزمات التطور الفكري والاقتصادي.. ولكن مع كل ذلك كانت عجلته تدور الى الخلف.. او الاصح كان ثمة من يقودها الى الوراء بقصد ان يقتل ويدمر.. فترة تجاوزتها الدول منذ حوالى نصف قرن وتعلمت منها دروسا وعبرا وضعتها نصب عينها بعد نهاية الحرب الثانية التي اخذت مأخذها من البشرية.. وطوت صفحتها.. فلماذا العراق لم يطو تلك الصفحة كباقي الشعوب؟
الان "الدول التي تربى سكانها على الديمقراطية تعتبر من اقوى الدول في العالم" هذه كلمات نسمعها كثيرا وخصوصا عندما يكون الحديث عن الديمقراطية.. وبالفعل هذه الكلمات تعني معناها.. فقوة البلد الان تكمن ليس في امتلاكه للسلاح النووي وانما في مستوى تطبيقه للديمقراطية ومستوى استيعاب الشعب لها.. وكل محتل سيضع اسئلة يصعب ان يجد لها اجوبة لو فكر في ان يغزو أي نموذج ديمقراطي.. وعلى العكس فان الانظمة الدكتاتورية ستسهل الموضوع على رواد الحروب والغزوات.. وهذا ما حصل في العراق، ايضا.
منذ خمسينيات القرن الماضي والعراق يمر بظروف بالغة التعقيد.. فبعد ان زال الحكم الملكي الذي ارهق البلاد طوال سنين لم تدم الفرحة حتى جاءت فترة حكم تعتبر الى يومنا هذا من اشرس وابشع الفترات في تاريخ العراق طحنت خلاله خيرة العقول التي كان المفترض ان تعم فائدتها على العالم اجمع.. وبعد ان اعطت الضوء الاخضر للمحتل وهيأت له الذرائع والحجج انتهت فترة الظلام.. كان نتيجتها حفر ازدحمت فيها الجثث من كل لون وجنس لتكون مقابرا جماعية.. اطفال تجاوزوا مرحلة الطفولة بدون حنان الوالدين.. مستوى ثقافي متدني.. تدهور في الخدمات وانعدام لمقومات العيش الاساسية.. فساد ادراي ومالي..
وهذا كله يرجعنا الى مناقشة الاوضاع المضطربة التي نشأت عقب تغيير النظام في نيسان 2003، احداث النجف والفلوجة ومدينة الثورة، والتي طرحت مجموعة من الحلول، في وقتها، لمعالجتها كان من ابرزها توفير فرص عمل مناسبة لمن يقومون باعمال شغب في تلك المدن والبدء بحملة اعمار عاجلة. للاسف لم يؤخذ بذلك الحل والنتيجة كانت ضحايا، ودمار واستمرار حالة الفوضى..
اقصد من هذا، ان حل مشاكل العنف والفوضى لايكون عبر المظاهر المسلحة وانما عبر توفير فرص العمل و دفع عجلة تقدم البلد نحو الامام والبدء فورا ببناء اقتصاد وطني متميز يساهم في نسيان كل ماسي الانظمة الدكتاتورية السابقه. كما يساهم، ايضا، ببناء مكانة وتقدير بين البلدان الاخرى وسيعجل في جلاء المحتل وبدون رجعة، لانه لن يبقى عذر لبقائه، ولا لأن يفكر في اعادة احتلاله مرة ثانية.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي