الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشهد الأخير من -كفر دلهاب- وعبقرية الأداء: مشهد فلسفي|نفسي مركب يستحق أن يدرَس في عالم السينما والدراما!

محمود عبد الله
أستاذ جامعي وكاتب مصري

(Dr Mahmoud Mohammad Sayed Abdallah)

2017 / 6 / 29
الادب والفن


المغزى الحقيقى للمسلسل هو فكرة الصراع الأزلي القائم بين الخير والشر بصفه عامه منذ بداية تاريخ البشرية.. والمحرك الاساسى لهذا الصراع هو الشيطان عن طريق تحريض الناس وتحركيهم مثل عرائس الماريونيت في وجهة معينة.. والذي كان موجودا بالفعل فى هذا المشهد العبقرى الختامي - وهو في رأيي الــــMaster Scene للمسلسل كله - هو الشيطان نفسه وليس شهاب الدين!

في المقابل ، هند (البريئة والمخدوعة) بتمثل الإنسان بصفه عامه (آدم) - ومما يدل على هذا أنها خدعت فيه وانساقت وراءه منذ البداية حين خيرها (في مشهد سابق في حلقة سابقة) بين أمرين: إما أن تنسى ما دار بينهما وكأن شيئا لم يكن وتكمل العيش في "الكدبة" الكبيرة التي تعيش فيها منذ زمن ؛ وحينئذ ستتحمل المسئولية كاملة (مسئولية إختيارها) لأنها تعلم بالحقيقة وتجاهلتها وآثرت الخنوع والإستكانة ، أو أن تساعده بشتى الطرق لتحقيق جميع أغراضه ومآربه وعندئذ لن تقع عليها أي مسئولية في حال انتصاره في معركته الإنتقامية..وها هو يعيد الكرة ويخيرها مرة أخرى بعد أن أوضح لها الصورة - ولكن في هذه المرة أحست بالفخ الذي وقعت فيه حيث أن ما تم كلمة حق أريد بها باطل (تحقيق العدل بشكل مؤقت ولكن بعد أن يتشبع المظلوم بالشر والأفكار والسلوكيات الإنتقامية التي يبتعد ببمارستها شيئا فشيئا ويتحول إلى ظالم أو "دلهاب" جديد)..وبذلك - كما يقول "دلهاب" على لسان "شهاب": "تكتمل الدايرة" ويقصد بذلك دائرة الظلم والشر Vicious Circle والتي فيها يتحول المظلوم إلى ظالم ثم يظلم غيره فيتحول المظلوم بدوره إلى ظالم جديد - وهكذا دواليك..

ومن هذا المنطلق تتضح هنا "مهنة الشيطان" الأبديه ودوره الذي لا يخرج أبدا عن سقف معين هو "مشيئة الله وإرادته"..فهو يخدع الناس ويويسوس لهم (والوسيلة الرمزية التي جسدت ذلك هي "شرب مياه" في المسلسل) كي يظلموا ويقتلوا بعضهم البعض حتى تستمر النار مشتعلة - وبهذا يكسب و يخسرالناس وهذا يزيد من عدد أنصاره وتابعيه "تحت لواء الجحيم" (وهي عبارة أعجبتني في فيلم قديم اسمه "سفير جهنم")..ويذكرنا شهاب (دلهاب) بجملة الشيطان الرجيم (أنا خير منه) عندما عصى ربه وسقط من النعيم عندما قال "أنا احسن منهم..أنا اللى هافضل عايش" يقصد أنه مستمر إلى يوم الدين!

ونبرته الغريبة في نهاية المشهد التي قال لها بها الإجابة: "إنتي أختي حبيبتي" تدل - في رأيي المتواضع - على حالة "التذبذب" ما بين المكون البشري والمكون الشيطاني في شخص "دلهاب" الذي يتمتع بقدرة فائقة على التمثيل والتواري خلف أقنعة عديدة حسب الموقف!

ونظرا لأن النهاية "مركبة" ومفتوحة وغير تقليدية ، لم يهتم الكاتب أو السيناريست بتفاصيل أخرى لم تحسم بعد مثل: الساحر الذي قتل في أول مشهد من المسلسل ومن قاتله ولماذا؟
؛ الطفلة الصغيرة الرسامة وعلاقتها بالطبيب ؛ والخدعة التي نجا بها الطبيب "سعد" (شهاب الدين) من حبل المشنقة ونهاية "وسيم" (أداة القتل في أيدي السلطة) وغيرها..فقد ركز أكثر على هذا المشهد المهم الذي يقدم الرسالة والفلسفة الخاصة بهذا العمل المميز..وخرج بذلك عن المألوف في الدراما العربية والمصرية: تفسير كل شيء ورد ووضع نهاية عادلة ومرضية تعجب المشاهد..فقد بعد العمل عن النهايات السطحية وترك المشاهد في حيرة كبيرة لا سيما وأن الحوار الختامي فلسفي ورمزي إلى حد كبير: "نفس الخدعه القديمة.. نفس الخية.. نفس المصيدة.. نفس الأمل الكداب.. هما إللى بيقوونى ..هما دايما إللى بيسقطوا ..وأنا إللى بانجح.. أنا الحقيقة..أنا احسن منهم.. أنا الكسبان.. أنا إللى عايش وهافضل عايش طول ما الأرض بتتروى بدم الظلمه و المظلومين"..

خالص تحياتي


https://www.youtube.com/watch?v=2NgLSqXuL3Q








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان


.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق