الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في أزمة الإسلام التي نأكل جميعاً حصرمها...

فاضل الخطيب

2017 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


الهروب من الاعتراف أن هناك أزمة عميقة متعددة الوجوه في الإسلام، يكرس استمرار هذه الأزمة وغربة المسلم عن العالم، نعم يعيش غالبية المسلمين في غربة عن العالم، ويتحمل غالبية مثقفي الإسلام أو المثقفين المسلمين مسؤولية كبيرة عن ذلك، انتصروا على داعش فيزيائياً، لكن ماذا تفعل بالفكرة التي تطالبك بملاحقة الهنود الحمر ومقاتلتهم حتى يقولوا "لا إله إلا الله محمد رسول الله، أو يدفعوا الجزية أو السيف بينكم"؟ ما يجي شاطر يقول أين تجد مسلماً يلحق هندي أحمر بالسيف؟ أنا أقول ماذا تفعل بتلك النظرية التبشيرية الدموية؟ يعني لو امتلكت حضرتك القوة للحقت الهنود الحمر أيضاً، صحيح أن في كل الأديان السماوية جبال من الخزعبلات الطفولية، لكن أين تجد رجل دين يقوم بالتبشير العنفي الإقصائي العنصري الاستعلائي اليوم؟ كمان ما يجي شاطر يحكيلنا عن قتل ملك هولاندا وبلجيكا ملايين من الأفارقة تحت راية الصليب أو إبادة ملايين الهنود الحمر تحت نفس الراية، لأن ذلك مضى وانتهى، وعندما تعترف أن تلك الممارسات هي جرائم إبادة، لذا لا يجوز أن تكون أمثلة لك للتخفيف من حجم الكارثة الأخلاقية الفقهية التي يسوقها شيوخ الإسلام على مرأى من العالم وصمت مثقفيه ومؤمنيه.. لو امتلك هؤلاء الشيوخ القنبلة النووية لأفنوا الحياة من أجل عصاب وهوس جنسي ووعود طفولية وهمية.. الإنسان الذي يقوم بتغليف بيضه بكرتونة أو قطرميز عسله ويكتب عليه "حلال"، ويجد من يشتريه لأنه حلال، مثل هكذا تاجر مبروك عليه أن يبيع حتى بول الخنزير على أنه بول بعير حلال، وحلال عليه وألف مبروك بكل قرش يأخذه، وهيك حلال بدها هيك جماهير حلال.. التمترس حول نظرية المؤامرة يريح الكثير من الجماجم عن عناء البحث عن أسباب ذاتية حقيقية يستطيعون تغييرها، قد لا يستطيع المسلمين من تغيير مزاج غالبية شعوب العالم، وأكرر أن غالبية شعوب الأرض تنظر بحذر لكل مسلم وحجاب وأي "رسالة" إسلامية، ولا تصدقوا كثيراً المتضامنين مع هذه أو تلك من المظلوميات الإسلامية في الغرب، ولا تصدقوا فكرة التسامح إلا بمقدار ما تستطيع التعايش معه (أي مع الغرب)، قد لا تستطيعون تغيير سياسة الغرب تجاه الإسلام، لكنكم تستطيعون تغيير نظرتكم تجاه الغرب، وعندها يتغير مزاج الشارع في الغرب.. قد يكون هناك دوراً رئيسياً للمؤسسات الإعلامية في توجيه مزاج الشارع، لكن الخطاب الإسلامي يستطيع نسف ذلك الدور المشبوه للإعلام هناك أو إعطائه الدعم والعمق والإثباتات..

نفس المقاربة يمكن تناولها في العلاقة مع الشأن الداخلي، وأن الهروب من مواجهة أمراض الواقع الإسلامي المؤلم، لا يساعد على تجاوز آلامه، ولا يؤسس لحياة أفضل لأحفاد المسلمين وأحفادنا.. لماذا لم يطلب حافظ الأسد من أحد "أرجل الكراسي" من الأقليات الدينية للتوقيع على إعدامات الإسلاميين؟.. لماذا البعض يهرب من ظله، ولا يريد أن يفهم أنه "مضحوك" عليه كأغلبية/سنية قبل أن يضحك على الآلهات الصغيرة؟.. هل وُجد بين رجال الدين المسيحي أو الدرزي من تملّق لعائلة الأسد مثل القرضاوي والبوطي وكل خطباء الجوامع؟.. ليست مصادفة كل تلك النفايات الطائفية التي جرّ الجميع إلى معالفها، وكل حسب حجمه، وكل حسب حجمه خدم الأسد ووطّد سلطته وسطوته.. فيه مثل "عرج الجمل من شفّته".. من كان يوقع على إعدامات آلاف الإسلاميين هو السني مصطفى طلاس، ومن كان يصدر قرارات السجن بحق الإسلاميين هو رئيس محكمة أمن الدولة القاضي السني فايز النوري، وحتى العميد الطيار المجاهد المعارض أسعد الزعبي خدم نظام الأسد عشرات السنين، وهنا لم نتحدث عن وجه صحارة المعارضة الرسمية رياض نعسان آغا وحرامية دولة الإغاثة وبؤساء ماكينة إعلام الثورة المخنوقة، ويمكن الاسترسال طويلاً بالأدلة.. تأثير الأقليات على المجتمع بشكل عام، وعلى الأكثرية/يعني على السنة، لا يمكن مقارنته بتأثير الغالبية/أي السنة على المجتمع بشكل عام وعلى الأقليات أيضاً، وطبعاً على جمهور السنة.. كلما كان الإسلام صحياً معافى، كلما كان المسلمين وغير المسلمين أصحاء أيضاً..

يعتبر غالبية المسلمين، وبحق، أن نهضة أوربا استندت على فكر المفكرين العرب والمسلمين/وأنا هنا لست بوارد الحديث أن كل هؤلاء تم تكفيرهم وحبسهم أو قتلهم وحرق كتبهم، بل أقول أن نهضة أوربا بدأت في عهد الخلافة الإسلامية صاحبة "حقوق الملكية الفكرية" لهؤلاء المفكرين، يعني كيف سمحنا للغير أن يستفيد من ثروتنا الفكرية ونحن لا؟ طيب لننسى الماضي، ونعود ونأخذ بمنهج هؤلاء المفكرين أمثال ابن رشد وابن خلدون والمعري وغيرهم، ونبني عليه، ونترك فكر الذين كانوا سبب هذا التخلف! كل شيء متوفر عندنا، فقط نحتاج القرار.. أما موضوع المؤامرة، فهي أن كل الدول ومن قبل تشكيلها كدول، أي منذ آلاف السنين وهي تتآمر وتسعى كل واحدة أو جماعة الكسب على حساب الأخرى، وهكذا ستظل قروناً طويلة..

أعتقد أنه أهم ميزة لتقييم دين أو إيديولجيا في هذا العصر، ليس حجم خزعبلاتها بقدر ما تحمله من تحريض وتبرير على العنف بحجة أوامر الدين أو الله أو "المعتقد" الإيديولوجي!.. لا يهمني إن كان دينك مليئ بكل غثّ الدنيا طالما يبقى تحريضه وعدائيته نظرية، أي أنه لا يعطي أتباعه مبررات دينية عنفية لتنفيذ أفكاره العدائية تجاه الغير!..

الثقافة التي كانت سائدة يوم كانت مرسيدس قريش الجمل، العلوم التي كانت سائدة يوم كان طب قريش بول الناقة/أو البعير، ربما كانت تلك الثقافة وتلك العلوم كافية ومنسجمة مع تلك البيئة وذلك الزمن، لكنها اليوم لا.. ثقافة متخلفة عن الواقع تخلق شيزوفرينيا وغربة ذاتية تدمر صاحبها وغير صاحبها...
فاضل الخطيب، شيكاغو 2 /7/ 2017..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمطار غزيرة تضرب منطقة الخليج وتغرق الإمارات والبحرين وعمان


.. حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر




.. لبنان يشير إلى تورط الموساد في قتل محمد سرور المعاقب أميركيا


.. تركيا تعلن موافقة حماس على حل جناحها العسكري حال إقامة دولة




.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس