الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسؤولية -ذميّتنا- عن هزيمة -الأمة-...

فاضل الخطيب

2017 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



ربما كانت نسبة معارضي النظام الأسدي السياسي من بين الأقليات أكثر منها بين الأكثرية السنية، لأنه لن تجد معارض غير سني يعارض النظام بسبب علويته، بل معارضة سياسية، بينما تجد معارضة بعض السنة/حتى قبل اندلاع الثورة كانت على خلفية مذهبية تاريخية.. انطلقت الثورة، وشاركت الأقليات بدرجة أقل من نسبة حجمها الصغير أساساً، يعني أن تخرج مظاهرة من بضع مئات من الدروز في مدينة درزية، فهي كانت من حيث تأثيرها المحلي المناطقي تعادل مظاهرة تضم مئات الألوف في مدينة سنية كبيرة، ومنذ بدايات الانشقاق عن الجيش السوري التحق المئات من الأقليات في صفوف ما سمي حينها بالجيش الحر، وشاركت رموزاً تنتمي للأقليات في النشاطات الإعلامية ومهرجانات العزاء والتضامن، مثل منتهى سلطان الأطرش، وسارت أمور الثورة بشكل مقبول خلال العام الأول من انطلاقتها، ودافعنا نحن المنحدرين من خلفيات أقلية ولادينية عن المزاج الشعبي العام المحمول بنكهة إسلامية بريئة، وقال الكثيرين منا أن تلك الجماهير مؤمنة بطريقتها العفوية وليست خريجة مدارس فلسفية يسارية أو ليبرالية، وحتى أن الكثير من أنصار الثورة دافع عن بعض أسماء الجمع والفصائل المسلحة ذات النفس الإسلامي التاريخي بأن هؤلاء الناس لم يتعرفوا على سارتر، قلنا ذلك لأننا شعرنا ولمسنا أن تلك الحمولة الإسلامية كانت بريئة وتخدم الثورة ومشروع الحرية، ودافعنا عن خروج المظاهرات من الجوامع وعن بعض شيوخها الدينيين، وكان معيارنا الأول أنه ليس المهم إن خرجت المظاهرة من الجوامع بشرط ألا يحدد شعاراتها ومنهجها شيوخ الجوامع.. وصار العشرات من شباب وصبايا السويداء يذهبون إلى قرى ومدن درعا للمشاركة في المظاهرات حين كانوا يجدون صعوبة في التظاهر بشكل مقبول في السويداء، وعندما بدأ حصار بعض مناطق حوران من قبل النظام، هبّ العشرات من صبايا وشباب الجبل لتأمين ما يمكن من غذاء وحليب ومازوت وغيره، وهناك عشرات الأمثلة التي يرويها رجال حوران حول امتناع بعض تجار السويداء الدروز من أخذ ثمن البضاعة التي حملوا بها سياراتهم، ثم ظهرت فصائل عسكرية مختلطة من الدروز والسنة في حوران والغوطة ومناطق أخرى بعيدة عن تواجد الدروز، ثم تشكلت فصائل غلب عليها الطابع الدرزي بشكل عام، وشاركت في المعارك ضد جيش النظام وشبيحته، وفي السنة الثانية للثورة، وبعد أن تغلغل التيار الإسلامي الجهادي التفكير والمدعوم من السعودية وقطر وباقي دول الخليج، بعد أن توغل في مفاصل الثورة الفتية، وبسبب المال الخليجي الوفير الذي ساهم في إفساد روح الثورة، بدأت تظهر شعارات دينية لا علاقة لها بمشروع الحرية والانعتاق ودولة القانون والوحدة الوطنية التي كانت ساطعة خلال السنة الأولى للثورة، ظهرت شعارات إقصائية طائفية تؤكد ما كانت بثينة شعبان وآلة النظام الإعلامية من ترويجه حول طائفية الثورة وجماعات إرهابية تكفيرية تريد العودة بالبلاد إلى العصور الوسطى، وظهرت حينها شعارات دغدغت مشاعر البسطاء مثل "الدم السني واحد، قائدنا للأبد سيدنا محمد وهكذا شعارات شبيهة بشعارات التأبيد الأسدية، ومع هذا الانحراف بدأ التضييق على كل ما هو غير سني في الثورة أو بين أنصارها، ثم ظهرت مفردات مثل الثورة السنية، والعداء للنظام بسبب علويته واستحضار مظلوميات تاريخية أكثرها وهمي أو انتهى زمنه، خلال تلك الفترة صار سفراء بعض الدول الخليجية والغربية تمسك مفاصل القائمين على الثورة، والذين تم اختيارهم بطريقة تضمن الولاء والتبعية للخارج وليس لروح الثورة، مع نهاية العام الثاني للثورة تمت تصفية كل الفصائل العسكرية غير السنية، تصفيتهم قتالياً أو من خلال تجويعهم ومنع تسليحهم، أي أفنائهم ثورياً، وهكذا تربع الإسلام السياسي وحيداً على الثورة التي ما عادت تشبه الثورة التي انطلقت من أجل الحرية، ورغم ذلك بقينا نحن الكثيرين المنحدرين من أقليات دينية وإثنية ندافع عن الثورة ونغمض نصف عيوننا عن جرائم اغتصاب الثورة واكتفينا بالتحذير والانتقاد من مخاطر ما يقوم به الإسلاميين رغم أن بعض الأقليات انخرطت في حملة "جبهة النصرة تمثلني" بهدف محاولة منع قطع العلاقة والأمل باستعادة بعض جوانب الثورة من خلال تقديم تنازلات للإسلام السياسي الذي صار له جماعات جهادية مسلحة تطرح مشروع الخلافة وترفض أي شكل مدني عصري علماني للحكم، ترافق ذلك باشتداد حملة عدائية تكفيرية للأقليات، مما دفع الكثيرين من الأقليات للانكفاء وترك الثورة وترك النشاط السياسي العام، ثم اشتد الهجوم، الحرب الإعلامية على الأقليات من قبل شيوخ وقنوات خليجية على كل ما هو غير سني.. هذه سياسة ثورية في هذا العصر؟ "من جهّز غازياً كمن غزا".. عندما تكون غالبية رسائل الثورة خطأ، فلن تكون النتيجة سوى جبل الأخطاء الثورية، عندما تحول التكبير من أجل الحرية، إلى تكبير من أجل الجهاد في سبيل الله، ضاعت الثورة، ومازال الكثيرين يُحمّلون مسؤولية هذا الاستعصاء على الأقليات المغلوبة على أمرها، ومنذ عام 2013 انتهى الأمل باستعادة الثورة من جهة، ومن جهة أخرى وصل النظام إلى طريق باتجاه واحد، وهو الحرب حتى النهاية، وحتى لو تم تدمير البلد بالكامل.. وقفت جماعات مجاهدي "الأمة" من الأقليات موقفاً تكفيرياً همجياً، وموقفها سياسياً، هو العداء للحرية ودولة القانون وحقوق الإنسان، وقفت على مرأى غالبية مثقفي "الأمة"، والمأسوف عليه، والذي حتى الآن لم يملك غالبية مثقفي السنة من المعارضين، أن يعترفوا بتقصيرهم وهروبهم ومسايرتهم للأخوان وملحقاتها لأسباب أكثرها "نفعية" تتعلق بالمعونات التي كانت قنوات الأخوان تقدمها للكثيرين، واكتفوا باللحمسة السطحية حين تناولوا أسباب أجهاض الثورة، بل كانوا يسيرون خلف الشارع العام حتى الآن، وأذكر أنني كنت أستعمل مفردات حادة في انتقادي لهذا التردي، منها "أنه يجب فقي الدمامل" حتى نستطيع وضع رؤية بديلة لهذا الترهل القاتل، وأذكر كيف كان موقف بعض مثقفي الكسبة الثوريين في باريس في حركة ضمير وهجومهم العدواني التكفيري الثوري الذي عكس طفولية ثورية لم تستطع إخفاء الدوافع النفعية المرتبطة بالأخوان وبعض تراكمات الانحدار الديني أو الذيلية الرخيصة، رغم أنني كنت أنتظر من مثقفي السنة، وهم "الأمة" حسب تعابير شيوخهم الثوريين، كنت أنتظر مسودة عقد إجتماعي جديد، ووعدني بعض الأصدقاء قبل أكثر من سنة أو سنتين، أن هناك من يعمل عليه وقريباً سيظهر للعلن، لكن حتى الآن غير واضح ماذا تريد "الأمة" لسورية بعد الأسد، أو بعد إجهاض الثورة من قبل مجاهدي "الأمة" وتحميل غالبية أنصارها والكثير من مثقفيها مسؤولية تخاذل 10% عن انتصار 80%، أقول إن اجتمع عشر أشخاص من خارج دين "الأمة" حول قنينة خمر، وأصدروا علاك فاضي، فإن ذلك يصبح إدانة من "الأمة" لملحقاتها الريفية المغلوبة على أمرها والمقطوعة من شجرة.. نعم، واستناداً على تجربة ست سنوات، بما فيها تجربة حكم الجماعات الجهادية التي احتضنتها "الأمة" في الغوطة وإدلب وحتى الرقة الداعشية، لا تخفف من حجم علاقتها بالأمة وكل ارتباطاتها الخارجية، رغم أن تجربة نصف قرن طالت الأقليات بالغبن والتمييز السلبي، ولم يظهر منها فاسد كبير يشبه فاسدي "الأمة"، استناداً لذلك يمكن القول أن الأقليات تقع بين فكي كماشة النظام ومجاهدي "الأمة" وأنصارهم، ومن حقهم التفكير بطريقة أخرى حتى لو كانت خطأ، لأنه غير واضح كيف المتابعة، خصوصاً أن أنصار "الأمة" كانوا الحاضن لداعش والنصرة وعشرات الجماعات الجهادية التكفيرية التي لا تخجل بإعلان عدائها للحرية والديمقراطية وتكفير غيرها، حاربتمونا يا أنصار مجاهدي الأمة وعملتم كل شيء لإقصائنا من الثورة وجعلنا ذميين على مرأى من غالبية مثقفينكم، ثم جاء بؤساؤكم يحملنا كل عهر وخيانة ارتكبتموها مع شيوخ إرهابكم ونفطكم وغازكم الإسلامي الإرهابي.. مع احترامي لرأي الفئة التي تترفع عن الحديث عن الطائفية ومفرداتها، وتستخدم تعابير محفوظاتنا عن اللحمة الوطنية والشعب السوري واحد وأنني سوري وبس ولا أريد أحداً أن يصنفني دينياً أو عرقياً وغيره من التعابير الحلوة، لكنني أعتبر أن الواقع فيه أكثر من تلك "الطهرانية" الشفافة البريئة في زمن داعش والنصرة والعريفي وابن تيمية القرن الواحد والعشرين، لا يمكن أن تجد معارضاً من الأقليات ومنذ عشرات السنين يقف ضد نظام الأسد بسبب علويته، بينما تجد الكثيرين من أبناء "الأمة" وحتى المحسوبين على مثقفيها يعارضون الأسد بسبب علويته، رغم أن الأقليات بكل قضها وقضيضها لم تنتج سمكة واحدة من فساد السلطة الأسدية مقارنة بعشرات حيتان "الأمة".. قد تكون داعش والخلافة التي تتبناها في هذا العصر، هي الدملة التي يجب على المسلمين بضعها بمشرط حاد حتى يسيل منها كل تراكمات قيح 14 قرناً.. قد تكون داعش وأميرها خليفة رسول الله، هي فرصة لتقشير وتنظيف الإسلام من أدرانه وأشواكه التي تتعارض مع روح العصر، قد، بل يجب أن تكون حقبة داعش محركاً لحركة إصلاحية جريئة تنقذ الإسلام من "عدوانيته" للآخر ومن عدوانية العالم المتحضر له، ويمكن أن تكون داعش آخر بوابة يدخل منها الطغاة باسم الإسلام، أو بداية البوابات التي يجب فتحها على العالم المتحضر.
https://www.youtube.com/watch?v=cqOFrHUSshM&feature=youtu.be
شيكاغو، فاضل الخطيب، 4/7/2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارة إسرائيلية تقتل 3 عناصر من -حزب الله- في جنوب لبنان


.. عملية -نور شمس-.. إسرائيل تعلن قتل 10 فلسطينيين




.. تباعد في المفاوضات.. مفاوضات «هدنة غزة» إلى «مصير مجهول»


.. رفح تترقب الاجتياح البري.. -أين المفر؟-




.. قصف الاحتلال منزلا في حي السلام شرق رفح