الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بعد انهيار.... المشروع الاشتراكي .... ( 1 ).....؟؟

علي الأسدي

2017 / 7 / 4
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



ما بعد انهيار.... المشروع الاشتراكي .... ( 1 ).....؟؟


علي الأسدي

تراجع الصين الشعبية عن البناء الاشتراكي نهاية سبعينيات القرن الماضي ثم بعد ذلك بعشرة سنوات تفكك مجموعة دول المنظومة الاشتراكية وانتقالها نحو الرأسمالية كانت له عواقب خطيرة على حاضر ومستقبل الحركة الشيوعية العالمية بصورة عامة وعلى قضية الاشتراكية كبديل وحيد للرأسمالية خاصة. وبفقد تلكم المركزين الشيوعيين فقدت الحركة الشيوعية والوطنية في البلدان النامية حليفين صادقين في الكفاح ضد التخلف الاقتصادي والهيمنة الاجنبية ومرجعية فكرية نظرية ذات تجرية غنية في فهم وحل المعضلات الفكرية التي واجهتها اثناء صياغة وتنفيذ سياساتها الكفاحية اليومية. وبغياب تلك المرجعية فقدت الاحزاب الشيوعية بوصلتها فلم تعد قادرة على تحديد المهمات المركزية التي يجب ان تناضل من أجلها لصالح شعوبها ومن بينها وأهمها قضية بناء الاشتراكية.ه.

وكنتيجة لذلك أعادت غالبية الاحزاب الشيوعية والعمالية في البلدان الأخرى النظر في برامجها للتغيير السياسي والاقتصادي فألغت هدف السعي للاشتراكية وتوقفت عن تثقيف منتسبيها باهميتها كنظام للحياة يضمن للطبقة العاملة والكادحين حقهم في الاطاحة بالسلطة البرجوازية والحلول محلها تمهيدا لتأميم وسائل الانتاج وادارته وتوزيعه بما يخدم مصالحهم بكونهم المنتج الحقيقي للخيرات المادية والروحية. وتخلت كذلك عن أهمية العمل على توفير الشروط الأساسية السياسية والاقتصادية تمهيدا للانتقال للاشتراكية تلك الشروط التي لا تتحقق عفويا بل عبر التعبئة الفكرية النظرية للشيوعيين والزج بهم في نضالات سياسية يومية وتعزيز دورهم الرقابي على أداء السلطات الحكومية البرجوازية .

وجراء الذهول وعدم التصديق بحقيقة انهيار المشروع الاشتراكي السوفيتي لم تنتظر طويلا قبل ان تقرر تغيير وجهة نضالها السياسي وتبني شعارات الاحزاب البرجوازية كالديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة وهي شعارات رغم أهميتها وراهنيتها لم تعد تعني شيئا في ظل اتساع ظاهرة البطالة و شحة فرص العمل وانتشار الفقر والتشرد بين الناس. ففي ظل الاستقطاب الطبقي الذي يستحوذ فيه قلة من أرباب العمل والمال على سلطة القرار السياسي والاقتصادي وعلى الحصة الأكبر من الناتج الوطني وثروات المجتمع يصبح من الملح حشد الرأي العام العمالي والجماهيري للنضال من أجل إحداث تغيرات سياسية جذرية تستأصل أسس النظام الطبقي واحلال النظام السياسي الديمقراطي الذي تلعب فيه الطبقة العاملة وحلفائها دورا حاسما يعيد توزيع الدخل والثروة في صالح اكثرية المجتمع تمهيدا للانتقال للنظام الاشتراكي.ه . .

لقد أعطى هذا التغيير في مواقف الأحزاب الشيوعية الانطباع بأن الأحزاب الشيوعية في البلدان المختلفة لم تكن حرة فيما تتخذه من برامج سياسية واقتصادية وما تتبناه من شعارات تعبوية يومية بل مسيرة من قبل الاتحاد السوفيتي في حينه. فهي شيوعية ما دام الاتحاد السوفيتي كذلك وتتخلى عن شيوعيتها في حالة تخليه هو عنها وكأن التضحيات الجسيمة في الآرواح والممتلكات التي قدمتها الجماهير الشعبية من أجل تحرير أوطانها وثرواتها الوطنية من الهيمنة الأجنبية وضد الحكومات الديكتاتورية وارباب العمل لتعزيز حقوق الشغيلة وتحسين ظروف العمل و مستوى الأجور والمنافع الاجتماعية كانت بأوامر من السلطات في موسكو.

مثل هذا الانطباع طالما رددته الأوساط الغربية والرجعيات المحلية في البلدان التي تنشط فيها احزاب شيوعية وحركات تقدمية وديمقراطية وهو ما جبلت على نفيه الاحزاب الشيوعية ذاتها وجماهيرها.التفسير المنطقي للحالة الراهنة التي وجدت الحركة الشيوعية ذاتها فيها هو انها والاتحاد السوفيتي شكلا كيانا واحدا احتل الأخير فيه دور القلب. لكن بغياب الاتحاد السوفيتي أصيب الكيان الشيوعي بالوهن فضعفت قواه وشلت حركته وأصابها الخمول وهذا بالضبط ما يفسر واقع حال الأحزاب الشيوعية اليوم لمختلف البلدان. وما ينصرف على الحركة الشيوعية انصرف على حركة اليسار الشيوعي والتقدمي ، فبعض أجنحته ربطت مصيرها بانشطة الاحزاب الشيوعية وبقيت لصيقة بها ، بينما اختارت أخرى العداء للحكومات الاشتراكية تارة لكونها سلطات ستالينية وتارة أخرى كونها رأسمالية دولة احتكارية بينما اختارت أخرى الاصطفاف مع الحكومات الرأسمالية الرجعية ضد النظام الاشتراكي القائم حينها.ة..

الانكفاء عن النشاطات السياسة والفكرية الذي اتسمت به مواقف كثرة من الأحزاب الشيوعية والعمالية والتيارات اليسارية في مرحلة ما بعد الاشتراكية لم يلغيه أو يغيره الهجوم المتصاعد من قبل الحكومات الرجعية ضد مكتسبات الطبقة العاملة في بلدانها التي تحققت لها أثناء وجود النظام الاشتراكي. كما ان الأزمة الاقتصادية للراسمالية العالمية التي بلغت ذروتها في
عام 2007 - 2008 لم تحفز الشيوعيين الحاليين على تجاوز المواقف اللا ابالية تجاه التشرذم الحالي الذي تعاني منه احزابهم في حين يتطلب الظرف السائد توحيد جهود كل الشيوعيين في قيادة واحدة تكرس جهودها السياسية والتنظيمية لاستعادة موقعهم في قيادة النشاطات الجماهيرية ضد البطالة والعوز ولوقف الهجوم على مكاسب الطبقة العاملة والحريات الديمقراطية التي تحققت عبر السنين. فمجانية التعليم والرعاية الصحية والتعويض أثناء حوادث العمل وتحديد ساعات العمل اليومي و ايام العمل الاسبوعية هي مكاسب تحققت بعد تضحيات جسيمة وهي الآن مهددة بالضياع اذا لم تشدد النشاطات التضامنية مع القوى العاملة في مواقع العمل وهو الميدان الذي كان للشيوعيين فيه حضورا واضحا.
.
وخلال العقدين الماضيين جرت محاولات هامة لكنها محدودة للم شمل الحركة الشيوعية العالمية التي بدت أكثر استعدادا للانقسام لا للتوحد. فبناء على دعوة الحزب الشيوعي اليوناني عقد ممثلو عدد من الاحزاب الشيوعية هي البرازيل وجنوب أفريقيا وروسيا والبرتغال وكوبا لقاء لهم في العاصمة اليونانية أثينا عام 1998 للتباحث في عقد لقاء للاحزاب الشيوعية في العالم لدراسة الموضوعات التي تهمهم في بلدانهم وفي العالم. وقد جرى الاتفاق على توجيه دعوات لكافة الاحزاب الشيوعية لعقد مؤتمر لهم عام 1999.وقد لبى الدعوة72 حزبا شيوعيا وعماليا من 59 بلدا من مختلف قارات العالم علما أن بعض البلدان المدعوة مثلت بأكثر من حزب شيوعي واحد وهي ظاهرة لم تمر بها الحركة الشيوعية منذ ثورة أكتوبر. ي.

فقد مثل بلغاريا وروسيا واسبانيا أربعة أحزاب شيوعية لكل منها بأسماء مختلفة وتركيا والمكسيك ثلاثة احزاب شيوعية ولكل من البرازيل ولوكسمبرك و الهند وسوريا وايرلندا وصربيا والدنمارك والهند وبنغلادشت وايطاليا وفلسطين وبيرو وكولومبيا والفلبين وبلجيكا حزبان. ومن بين الاحزاب الغربية التي حضرت بشكل منتظم أكثر المؤتمرات منذ عام 1999 هي الحزب الشيوعي الكندي والحزب الشيوعي البلجيكي والقبرصي والكوبي.ومن بين الدول العربية التي ساهمت احزابها الشيوعية في عدد من المؤتمرات هي فلسطين و العراق ومصر والجزائر ولبنان والبحرين وتوالت بعد ذلك اللقاءات لتصبح تقليدا ينعقد بموجبه مؤتمرا سنويا للأحزاب الشيوعية والعمالية في عاصمة أحد الأحزاب التي شاركت في المؤتمر الأول كان آخرها المؤتمر الثامن عشر في العاصمة هانوي في فيتنام الديمقراطية عام 2016.ن.

ان مثل تلك اللقاءات رغم اخفاقها في اعادة الوحدة للاحزاب الشيوعية المنقسمة على نفسها لكنها رغم ذلك شكلت فرصة مهمة لتوثيق الروابط بين الأحزاب الشيوعية اضافة لتبادلها التجارب وتأكيد التضامن الأخوي مع الأحزاب والشعوب التي تخوض كفاحا يوميا ضد التعسف والاستتغلال الطبقي الذي تمارسه حكوماتهم الرجعية الديكتاتورية ضدهم. وتزداد أهمية وحدة الحركة الشيوعية العالمية في الظروف الراهنة لتشديد النضال ضد دعاة الحرب حيث تتزايد مخاطر الانزلاق نحو حرب عالمية ثالثة تهدد بنهاية الحياة على كوكبنا.

فالصدام النووي بين حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة وبين دول روسيا والصين الشعبية يلوح في الأفق ، حيث هناك العديد من المؤشرات على زيادة وتحديث الترسانة النووية في كل الدول الموقعة على معاهدة عدم انتشار وزيادة انتاج السلاح النووي. وكذلك عن تحركات عسكرية امريكية وعن توزيع قواعد صواريخ باليستيكية محملة باسلحة نووية تاكتيكية في القواعد الامريكية المحيطة بروسيا وعلى حدودها في أوربا وعلى الغواصات المرابطة في البحار المحيطة بروسيا. وحاليا دفعت الولايات المتحدة بقافلة من سفنها البحربية نحو بحر الصين الجنوبي بمحاذاة الشواطئ البحرية للصين وضمن الجرف القاري الصيني مما دفع الصين لارسال سفن عسكرية للمنطقة ذاتها في استعراض للقوة دفاعا عن حقوقها وأمنها.ة.

وفي الوقت ذاته تزداد عدوانية الولايات المتحدة واصرارها على ارتكاب حماقة ضد روسيا في سوريا وضد ايران تنفيذا لرغبة المجمع الصناعي - العسكري وتجار السلاح الذين يخاطرون بأمن العالم من أجل المزيد من الأرباح. وفيما يخص شعوب الشرق الأوسط و سائر أرجاء العالم فإن هذه التطورات تحمل مخاطرلا يمكن ولا ينبغي التقليل من تهديدها المباشر للاستقرار في العلاقات الدولية. ولا يمكن مواجهة هذا التهديد ولجمه إلا عن طريق بناء حركة جماهيرية مناهضة للحرب توحد الطبقة العاملة العالمية على قاعدة النضال ضد السياسات الرأسمالية الإمبريالية ومن أجل إعادة وحدة ونقاوة الحركة الشيوعية العالمية التي بدونها لا يمكن انتصار الاشتراكية واستتباب السلام والأمن العالميين .



علي الأسدي – يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا