الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأثر النفسي للنزوح على الأطفال النازحين من الحروب

زوزان خلف

2017 / 7 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الأطفال النازحون هم أولئك الأطفال دون سن الثامنة عشر والذين يجبرون على الهروب من بيوتهم والسفر لمسافات طويلة هرباً من نيران الحرب حيث يمكن اعتبارهم الضحايا الأكثر تعرضاً للعنف والأمراض و سوء التغذية والإعاقة والموت في الحروب . بالإضافة إلى أنه أثناء فوضى النزوح من الحرب يمكن أن يتعرضوا للانفصال عن ذويهم وعائلاتهم الأمر الذي يتسبب لهم بمخاطر كثيرة مثل استغلالهم في التجنيد الإجباري أو الخطف أو العمل في التهريب أو الإتجار بأعضائهم أو تشغيلهم في أعمال لاإنسانية وبالنسبة للفتيات فإن العنف الجنسي والاغتصاب هما خطران ماثلان يمكن تتعرضن له و يمكن استغلالهن في أعمال الدعارة، و في الكثير من الحالات تطول فترة النزوح المؤقت لتصل إلى أكثر من عشر سنوات الأمر الذي يسبب في قضاء الكثير من الأطفال كل فترة طفولتهم في مخيمات النزوح وبالتالي يتسبب ذلك في ترك آثار مخيفة على جميع نواحي شخصية الطفل النازح النفسية منها والجسدية والاجتماعية والعقلية و الفكرية وبنفس السوية سواء كان النزوح داخلياً أم خارجياً عبر الحدود.
وإذا أخذنا أطفال سوريا و العراق و اليمن نموذجاً للأطفال النازحين من الحروب فإن معظم عمليات النزوح التي تحدث فيها تكون في داخل حدود البلد نفسه أي أن هؤلاء الأطفال النازحين لا يخرجون خارج حدود بلدانهم بل يبقون داخل حدودها أي ينتقلون من مناطق سكنهم إلى مناطق أخرى أكثر أمناً ، وازداد هذا النوع من النزوح بشكل حاد في الآونة الأخيرة بسبب عجز البلدان المجاورة عن استقبال المزيد من النازحين، وفي هذه الحالة فإن حكومات تلك البلدان تجد نفسها المسؤولة بالدرجة الأولى عن رعاية هؤلاء النازحين وذلك من خلال تقديم الرعاية اللازمة والمساعدات الكافية لتجاوز محنة النزوح وتخفيف الآثار السلبية لها على كل من الأطفال وأسرهم، إلا أن هذه الحكومات في أغلب الأحيان تعلن عدم قدرتها على توفير احتياجات النازحين و تنأى بنفسها عن مسؤولية تقديم المساعدة و الحماية اللازمة لمواطنيها النازحين، وبالتالي فإن هؤلاء الأطفال النازحين وأسرهم في الداخل ينفصلون عن نظم الدعم المعتادة من حكوماتهم وغالباً ما يكونون بدون أوراق ثبوتية و ربما لا يكونون قادرين على الحصول على الحد الأدنى من ضروريات الحياة كالغذاء و الماء و المأوى و الخدمات الصحية والتعليم مما يعرضهم لمشاكل نفسية وعصبية خطيرة، حيث يتعرضون لضغوط نفسية يرافقها حالات من القلق والخوف والتوجس من أن يصلهم رصاص بالخطأ، أو تستهدفهم جماعة مسلحة أو يقتل أحد أقاربه أمامه أو يتم خطفه وأخذه من أسرته.
فالطفل في مخيمات النزوح لم يعد طفلاً سوياً ولم يعد ذلك التلميذ النشيط الذي كان يسارع في كل صباح لارتداء ملابسه المدرسية والذهاب باكراً مع أصدقائه إلى مدرسته القريبة، حيث يدرس في صفوف التعليم الأساسي، بل إن الكثير من الأطفال في تلك المخيمات أصبحوا يشكلون عبئاً على آبائهم بسبب تصرفاتهم الغير معتادة كالصراخ المتواصل وتكرار مشهد البكاء كل صباح بسبب افتقادهم لمدارسهم ورفاقهم واختلاف روتين حياتهم اليومية، وزادت لديهم المشكلات السلوكية أثرت على التعبير الطبيعي للأطفال ولوحظ ذلك من خلال آلية الكلام و النطق لدى الطفل مثل التأتأة وذلك بسبب مشاعر الخوف والقلق التي تنتاب أعداداً كبيرة من الأطفال النازحين والتي تؤدي بهم إلى البكاء الشديد والصراخ وأحياناً إلى التبول اللاإرادي، وهناك بعض الأطفال الذين تحول نشاطهم وحركتهم الكثيرة إلى سكون وهدوء غريب، ومنهم من تراودهم كوابيس وأحلام مزعجة، و بعض الأطفال أصبحوا أكثر عدوانية من خلالا اللجوء إلى تعنيف الأطفال المحيطين بهم في المخيم كل هذه المشكلات السلوكية والنفسية لها آثار كبيرة على شخصية الطفل وبالتالي ستؤثر على كل مراحل حياته المستقبلية إذا لم يتم الحد منها و علاجها بشكل مدروس، فعلى الرغم من المحاولات الكثيرة التي تبذلها كل من الأمم المتحدة و منظمات حقوق الإنسان وحقوق الطفل والمؤسسات المهتمة بشؤون النازحين ورعاية الطفولة لتخفيف معاناة الأطفال الناتجة عن النزوح و الحرب إلا أنها لا تفي بالغرض المطلوب قياساً بحجم الضرر النفسي الذي لحق بهم سواء من حيث تعدد الأعراض والمشكلات النفسية والسلوكية للأطفال النازحين أو من حيث اتساع فئة الأطفال المتضررين من النزوح، و التي ستكون لها نتائج وخيمة على البلدان التي تعاني من الحرب و على العالم أيضاً إذا لم يتم وضع حد لمشكلة النزوح و إيقاف هذه الحروب العبثية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل