الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التضخم ..أخطاء الحكومة المصرية وتأثيرها على برنامج الإصلاحات الاقتصادية

احمد البهائي

2017 / 7 / 8
الادارة و الاقتصاد


التضخم ..أخطاء الحكومة وتأثيرها على الاقتصاد المصري وبرنـامج الإصلاحات الاقتصادية
رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف اسماعيل ، يقول : " مصر بدأت تجني ثمار الاصلاح الاقتصادي "، يليها بتصريح مفاده " أن الخطوات الواثقة لبرنامج الاصلاح الاقتصادي ستؤتي ثمارها خلال المرحلة المقبلة مابين عامين إلى ثلاثة أعوام "!!.

كان لدي امل ان تتحقق تلك المعادلة لكبح جماح التضخم :
الاستثمارات - المدخرات = فائض الطلب على السلع + فاض الطلب على عوامل الانتاج = فائض المعروض النقدي + فائض عرض الأصول المالية .

ولكن بعد الاجراءات الاخيرة وزيادة اسعار المحروقات والكهرباء بهذه النسب ازدادت قناعتي بأن المجموعة الاقتصادية لا تملك اي رؤية اصلاحية وما تقوم به بعيد كل البعد عن الاصلاح وعبث اقتصادي فوضوي ليجعل مصر على اعتاب التضخم الجامح او المدمر وامامنا فنزويلا نموذجا .
فالجميع كان متوقع أن ترفع اسعار المحروقات والكهرباء ، ولكن ليس بتلك النسب المرتفعة التي تجاوزت 100% على بعض المحروقات ، فمن اوصى بهذا الاجراء تناسى ان مصر اتخذت قرارها بتعويم العملة الذي هو في حقيقته كان خطأ ، فمع وجود تلك الإختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الوطني الناجمة عن اتساع قيمة فجوة الموارد المحلية والانخفاض في قيمة الناتج المحلي الإجمالي وانخفاض نسبة مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الاستهلاك النهائي الكلي، مع حجم مدخرات محلية بالسالب امام حجم الاستثمارات ، كل هذا مع تواجد معدلات تضخم مرتفعة ، كان من البديهيات اتخاذ قرار وهو ثبات اسعار السلع الاستراتيجية وخاصة المحروقات في الوقت الراهن ، وتحقيق الاستقرار في مستويات الاسعار وبأثمان تناسب القدرة الشرائية لمختلف شرائح المجتمع وبالاخص محدودي الدخل وإن زادت يجب ان تكون بنسب اعلاها لا يتعدى 6% ، فما بالكم والاقتصاد الوطني اصلا يعاني من ضغوط تضخمية مرتفعة حيث تضخم تعدى 30% حسب الاحصاءات الرسمية التي هى في حقيقتها اعلى من ذلك بكثير ، وآثاره الاقتصادية والاجتماعية ، فمع ارتفاع الاسعار وبتلك النسب التي فاقت كل التوقعات ومع فشل السياسات المالية للحكومة وفشل كفاءة جهاز السوق في تحديد الأسعار بناء على تفاعل قوى العرض والطلب وعدم ثبات الطاقة الإنتاجية في الأجل القصير وتجميد الأجور وارتفاع نفقة الانتاج وانخفاض الناتج القومي الحقيقي بالاسعار الثابتة وعدم القدرة على تحقيق زيادة في متوسط نصيب الفـرد مـن الـدخل القومي ، اذاً ما نخشاه هو سرعة وتيرة الدخول في مراحل التضخم الجامح .

من المعروف أن الدول تلجأ الى إبرام اإتفاقات مع صندوق النقد والبنك الدوليين عندما يحدث تدهور في ادائها الاقتصادي بصورة تفقد الحكوماتها بوصلة القيادة الاقتصادية ، وكذلك لتفاقم معدلات التضخم السنوية بها وبلوغها اعلى مستوياتها، اما في مصر هناك شئ غير مفهوم يدل على حدوث تقصير وعدم تقدير وتقديم دراسة جيدة للوضع الاقتصادي ، فالتضخم بدأ يظهر ويبلغ اعلى مستوياته بعد إبرام الاتفاق مع الصندوق والبنك الدوليين والبدء في تنفيذ برنامجهما ، مما جعل الجهد منصب لكبح جماح التضخم على حساب النهوض والنمو بالاقتصادي الذي من اجله تم الاتفاق ، فهناك عددا من القرارات التي اتخذت دون دراسة جيدة لآثارها الاقتصادية والاجتماعية على الاقتصاد الوطني ، واهمها قرار تعويم العملة الوطنية الذي كان كارثي بمفهومه الاقتصادي ، كذلك التغاضي عن وضع دراسة شاملة تبين اهم الخصائص الذي يتسم بها الاقتصاد المصري وأهم العوامل الداخلية والخارجية والإختلالات الهيكلية التي يعانى منها الاقتصاد والتي شكلت بيئة مناسبة لتنامي الضغوط التضخمية ، حيث العوامل الداخلية الناجمة عن الزيادة في حجم السيولة المحلية والتي كانت السبب الاساسي في رفع نسبة النقد المتداول خارج الجهاز المصرفي إلى إجمالي السيولة المحلية، ونمو السيولة المحلية بمعدلات سنوية تفوق معدلات النمو السنوية للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، مما ساهم في ظل السياسة المالية التوسعية التي انتهجتها الحكومية في زيادة حجم الإنفاق العام والذي أدى بدوره إلى ارتفاع معدلات الاستهلاك النهائي الكلي (الاستهلاك النهائي العام، الاستهلاك النهائي الخاص ) ، ايضا من العوامل الداخلية الناجمة عن ارتفاع معدل النمـو الـسنوي لحجم الائتمان المحلي عن معدل النمو السنوي للناتج المحلي الحقيقي ، بالإضافة إلى ارتفاع حجم الائتمان المحلـي المخصص لقطاعات الإنتاج المادي غير المباشر وقطاعات التوزيع والخدمات مع الانخفاض في حجـم الائتمـان المحلي المخصص لقطاعات الإنتاج السلعي وبخاصة المخـصص لقطـاع الزراعة والصيد وقطاع الصناعات التحويلية ، كذلك دور العوامل الخارجية في تغذية الضغوط التضخمية في الاقتصاد ، من خلال الزيادة في أسعار الواردات نتيجة لحالة الجمود التي يعانيها جهاز الإنتاج المحلي ومحدودية العرض الحقيقي من السلع والخدمات، مما ترتب عليه لجوء الحكومة إلى التوسع في الواردات من الخارج لتلبية الزيادة في احتياجات السكان من السلع والخدمات، مما ساهم في انتقال الزيادة في أسعار السلع والخدمات من الأسواق العالمية إلى الاقتصاد الوطني. كذلك دور زيادة حجم المديونية الخارجية في ظل محدودية حصيلة الاقتصاد الوطني من النقد الأجنبي التي تساعد في عجز الاقتصاد الوطني عن سداد أعباء المديونية الخارجية (أقساط القروض والفوائد المستحقة). كذلك دور الإختلالات الهيكلية في بنيان الاقتصاد الوطني في تغذية الضغوط التضخمية، نتيجة اختلال علاقة النمو بين قطاعات الاقتصاد القومي وارتفاع نسبة مساهمة قطاعات الإنتاج المادي غير المباشر وقطاعات التوزيع والخدمات في إجمالي الناتج المحلي في مقابل انخفاض نسبة مساهمة القطاعات السلعية في إجمالي الناتج المحلي، مما ترتب عليه ارتفاع حجم الطلب الكلي على السلع والخدمات نتيجة الزيادة في حجم الدخول التي تولدت في قطاعات الإنتاج المادي غير المباشر، والتي وجهت نحو الإنفاق على السلع والخدمات في ظل جمود جهاز الإنتاج المحلي ومحدودية العرض الحقيقي من السلع والخدمات مما ساهم في حدوث ارتفاعات متوالية في مستويات الأسعار المحلية .

ونتيجة إهمال الحكومة في تقديم ورقة دراسية شاملة لتلك العوامل ، اخفقت في برنامجها للاصلاح الاقتصادي والمالي في علاج العوامل والاختلالات التي ساهمت في تغذية الضغوط التضخمية ، فقد فشلت السياسات المالية والنقدية الحكومية حتى الان في علاج العوامل الداخلية الناجمة عن الزيادة في حجم السيولة المحلية ، نتيجة للزيادة في حجم الاقتراض الحكومي من البنك المركزي واعتماد الحكومة في تمويل عجز الموازنة العامة من مصادر تضخمية عن طريق الاقتراض من الأفراد والمؤسسات غير المصرفية من خـلال الاكتتـاب فـي سندات القروض العامة ، غير أن تلك المدخرات تكون ناتجة عن الزيادة في كمية النقود من خلال التوسع النقدي أو الائتماني وبالتالي تؤدي إلى مزيد من التضخم، وذلك على اعتبار أن هذه القروض لم تساهم في امتصاص القوة الشرائية الزائدة لدى الأفراد والمؤسسات، كونها مولت من خلال إصدارات نقدية جديدة ،تساهم في زيادةالضغوط التضخمية في الاقتصاد ، حيث بلغت قيمة الديون المحلية 3 تريليون جنيه في نهاية العام المالي الماضي ، ووصلت نسبتها من ناتج مصر المحلي الإجمالي إلى 99% ، كذلك فشلت السياسات الحكومية في خفض معدلات الاستهلاك النهائي الكلي وخفض نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي بالاسعار الجارية ، وايضا فشلها في خفض حجم الإنفاق العام نظرا لعدم قدرتها على تقليص حجم الاعتمادات المخصصة للإنفاق على بعض البنود الاستهلاكية والترفيهية ، ورفعها للدعم المخصص للسلع الغذائية الأساسية التي تستهلك من قبل شريحة كبيرة في المجتمع في ظل تضخم مرتفع واخرها زيادة اسعار المحروقات بنسب عالية تبين مدى فشل الحكومة في تطبيق برنامجها ، كذلك فشلت السياسة الاقتصادية الحكومية في الحد من الزيادة في حجم الاستهلاك النهائي الكلي وارتفاع معدلات نموه السنوية عن معدلات النمو السنوية للناتج المحلي الإجمالي إلى انخفاض قيمة المدخرات المحلية وتحقيق مدخرات محلية سالبة ، مما أدى في ظل ارتفاع قيمة الاستثمارات الإجمالية عن قيمة المدخرات المحلية إلى اتساع قيمة فجوة الموارد المحلية وارتفاع نسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي ، ايضا اخفقت السياسات النقدية والمالية في الحد من الزيادة في حجم المديونية الخارجية ، حيث توسعت الحكومة في الاقتراض الخارجي ، ومن المتوقع أن تتعدى ديونها الخارجية في يوليو 80 مليار دولار، في زيادة بنحو 45% خلال عام واحد ، فقد كان من الاولى عليها الدخول في مفاوضات ناجحة مع دول نادي باريس يترتب عليها إعادة جدولة جزء هام من حجم المديونية الخارجية ، كذلك الفشل في علاج الجمود الذي يعانيه جهاز الإنتاج المحلي ، واستمرار الاعتماد على العالم الخارجي لتوفير الاحتياجات المتزايدة للسكان وخاصة السلع الاستراتيجية كالقمح والزيت والسكر... ، ايضا قصور السياسات الحكومية في علاج الإختلالات فـي هيكـل الاسـتثمار ، وجمود حركة الاستثمار في قطاعات الإنتاج السلعي وتحول العديد من المستثمرين مـن الاستثمار في قطاعات الإنتاج المادي إلى الاستثمار في قطاعات التوزيع والخدمات ، مما ساهم في اتساع الفجوة الغذائية نتيجة انخفاض حجم الإنتاج المحلي من السلع والخدمات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | وداعًا لأسعار السفر الباهظة.. نصائح ذهبية لقض


.. اندلاع حريق في مبنى البورصة التاريخي بالدنمارك




.. زيادة حد السحب من البنوك لـ250 ألف جنيه و30 ألفا من ATM يومي


.. كلمة أخيرة - لميس الحديدي: عملنا الإصلاح الاقتصادي النقدي عا




.. البنك المركزي رفع حدود السحب اليومي إلى 250 ألف جنيه، وإزاي