الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افول الماركسية - كلسن و نقد الماركسية (4/إزدراء الداروينية)

موسى راكان موسى

2017 / 7 / 16
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



لنلتفت الآن إلى التصور الآخر الذي أعتقدت الماركسية صادقة ، إنها بإستطاعتها استخدامه لإقامة سياق موضوعي معلّل يحمل غاية معيّنة . و لقد كان لهذا الأمر أن يحصل ، كما قلت سابقا ، بفعل سوء فهم و خطئ في الأساس لا ينفك عن تأويل الماركسية لنظرية داروين التطورية . ما هو المقصود هنا ببضع كلمات ؟ .


لقد أعتقدت الماركسية أن تطورية داروين ترسم سُلكة غائية ، أي أنها تحمل غاية موجهة . هذه الإشارة النقدية تعرّض لها جاك مونود Jacques Monod في مقرر مكتوب (( حول النظرية الذرّية في التطور )) . و لقد بيّن مونود مستندا خصوصا إلى ماركس و إنجلز و كذلك إلى سبنسر بأن (( التطور )) يُمثل (( السّنة )) و هي سنة (( ذات دلالة ليس فقط منطقية بل أخلاقية أيضا )) .


و قد سبق لمونود أن أعطى إشارات مماثلة في كتابه الشهير (( الصدفة و القدر )) بيّن من خلالها ، أن المادية الجدلية (إنجلز خاصة) تحاول (( تنميط تفسير ذاتي للطبيعة يسمح بالكشف عن مشروع تصاعدي ، بناء مبدع . و كذلك جعل الطبيعة ذات دلالة أخلاقية و قابلة للتأويل و الفهم )) . فها هنا إذن ، يستخلص عالم الأحياء الفرنسي ، إسقاط إحيائي (( Projection Animiste )) يبقى (( مكشوفا مهما بلغت الحجب التي يتموه وراءها )) .


و من غير الضروري أن نتكلم هنا عن تزوير نظريات داروين الذي مارسه إنجلز مُأولا إياها في ضوء أحادية هيكل Monisme de Haeckel . ذلك أن الأهم هو التركيز على الخطئ في الأساس و هو أن الداروينية بعيدا عن إعتماد تفسير غائي للتطور تمثل تأكيدا علميا للمبدأ المعاكس . (( ذلك أن أصالة الداروينية تكمن في إستبعادها لأية غائية : و هي تبشر بحلول التفسير العلمي ، الميكانيكي للظواهر الحيوية )) . فيما تقبل جميع النظريات _كما أشار إليه مونتالنتي Montalenti في تصدير الطبعة الإيطالية لـ(( أصل الأنواع ))_ (( بأن يكون التطور محركا و منقادا بقوة موجهة (و هي لذلك تسمى بنظريات التطور الموجه) . فإنها تبقى متعارضة مع التصور الدارويني )) . ثم إنه يضيف (( إن التطور الموجه مسبقا يبقى تصورا تفسده الميتافيزيقا )) . و إننا نجد الإعتبارات نفسها عند فرنسوا جاكوب François Jacop حيث يقول : (( إن ما بيّنه داروين عبر الإصطفاء الطبيعي هو إمكانية إستبدال النية أو المشروع الذي يبدو و كأنما يوجه تطور عالم الأحياء ، بنظام العلية الفيزيائية . إن أوالية ، بسيطة من حيث مبدئها تسمح هنا بإظهار النشاطات التي تبدو و كأنما إرادة تدفع بها إلى غاية معينة )) .


الغاية و الدلالة تعنيان أن النية تسبق الفعل ، أو أن مشروعا يوجد قبل تحقيقه في متكونات متحققة ، أما نظرية الإصطفاء الطبيعي فتهدف بالضبط إلى الإطاحة بهذه القناعة ثم إن جاكوب يستخلص (( بأن أهمية داروين فيما يختص بتصور الكون و تاريخه ، تكمن بهذا الإنقلاب المشابه للثورة الكوبرنيكية )) .


و إستخلاصا نقول ، إن ماركس و إنجلز _و هنا أيضا نعتمد على حكم كلسن_ إستخدما (( سُنة ، تبدو خاصة بالتطور ، لإخفاء مسلمة أخلاقية سياسية )) . و لقد تحققت هذه العملية التي سمحت بإسقاط و حجب (بشكل غير واعٍ بالطبع) غاية ما وراء أطوار السياق الموضوعي ، و ذلك بمساهمة (آخذين في الإعتبار التتابع الزمني ـ الثقافي) فلسفة هيجل و المذهب التطوري .


إن فلسفة التاريخ عند هيجل و الفلسفة الوضعية عند كونت ، هما كما يشير كلسن من صنف واحد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا


.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024




.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال


.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري




.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا