الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش والموصل .... الموصل ما لها وما عليها وهل ستتعلم الدرس

يعقوب يوسف
كاتب مستقل

(Yaqoob Yuosuf)

2017 / 7 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


يقال في لغة الألعاب الرياضية ان نشوة الفوز بالبطولة تغطي على كل عيوب او اخطاء الفريق، والحقيقة رغم اخفاقات الحكومة العراقية في مجالات الادارة والحكم وبشكل خاص في مشروع الإصلاح والفساد، إلا ان فرحة عملية انقاذ الموصل من ايدي عصابة داعش غطت على كل تلك العيوب، وان كان لم يسدل الستار بعد عن مسببات هذه الجريمة التي بدت وكأنها لعبة سياسية او مؤامرة كما يصفها اتباع نظرية المؤامرة وما نتج عنها من كوارث بشعة وتبعاتها اللاحقة للأجيال القادمة.
.
هذه اللعبة التي لم تحسم بعد دمرت جزءا مهما من البنية التحتية لبلد كان ولازال يعاني من تخلف البنية التحتية بشكل مأساوي وما زاد الطين بلة تدهور واردات العراق بسبب انخفاض أسعار البترول والتي كانت تغطي على فساد السلطة ليفضح كل المستور وفي تلك المعركة لم يكن العراق خاسراً وحسب بل مهزوما شر هزيمة ومن هنا بدأ كل فرد يدلو بدلوه، اه لو دافع الجيش عن الموصل، ولو ان رئيس الوزراء ( المالكي ) وهو القائد العام ووزير الدفاع والداخلية ومسؤول المخابرات تصرف بمسؤولية ومهنية بسيطة، ولو ان المسؤول الفلاني لم يسرق والاخر يوقع العقود الوهمية وعقود الانتاج الغير منطقية مع شركات النفط والحديث يطول، وبالأخص عندما يسقط ثلث البلد بهذه البساطة الساذجة، وعلى يد بضع مئات جاءوا من انحاء العالم ليغزوا بلدا له قدراته العسكرية والاقتصادية شيء لا يعقل لو لم نراه امامنا ولربما لم يحصل في بلد آخر من بلدان العالم.
وأخيرا لو أن هناك ضمير وحساب و(دين) لما نجا مسؤول واحد من العقاب.
.
كارثة وما أكثر الكوارث على شعب العراق قبل وبعد اكتشاف النفط الذي جاء نقمة على المنطقة وشعوبها لأنهم لم يقدروا قيمته ومستقبل بقاءه.
كل الشعوب التي إنكوت بنار الحرب تعلمت الدروس، المانيا الممزقة والتي هي اليوم تملك اقوى اقتصاد اوربي، اليابان التي دمرت بالقنابل النووية لكنها ندمت وجنحت للسلم فتحولت الى واحدة من أكبر الاقتصادات في العالم،
الا نحن نلدغ ونندم ونبكي قتلانا ومعوقينا وجرحانا ونحسب خسائرنا لحين ثم نعود فنرقص عليها ثانية بل وحتى احياننا نندم ونبرر ونتهم السابقين بالفشل والخيانة ولا نتعظ ابدا، يا للسخرية، فإذا بقينا نصر على فلسفة الجهاد والشرع فلنكتب على البلاد السلام صراحةً، وان داعش او مسميات أخرى قادمة لامحالة.
.
ولابد من كلمة حق لهذا الجيش البطل بمعنى الكلمة الذي صارع الإرهاب من متر الى متر وسط والالغام والسيارات المفخخة وفي مدينة قديمة بيوتها متهالكة ومفخخة بنفس الوقت زرع فيها أكثر من مليون درع بشري، جيش يقاتل ولا يعرف عدوه من صديقه، يقاتل أناس فقدوا كل معاني القيم الإنسانية وهل فعلا هؤلاء بشر وهل هكذا تحرر الأوطان كما يدعون وهم مصرون على تسليمها (ارض ممسوحة)
اية بطولة واي انتصار على (الاطلال والخراب) ولو كانوا صادقين لقرروا الانسحاب حفاظا على المدينة وأهلها المسلمين جميعا وتراثها التاريخي العظيم ولكانوا قد كسبوا حبا إسلاميا قادر ان يربك العالم باسره.
ولكن فاقد الشيء لا يعطيه
وان كل اناء ينضح بما فيه
وهل يجتنى من الشوك عنبا ومن الحسك تيننا؟
هؤلاء مثلوا النموذج الذي يحتذى به لتأسيس دولة الإسلام القائمة على الشريعة الإسلامية، فهل سيفكر المسلم مرة أخرى بمثل هكذا دولة ففي خلال ثلاث سنوات عاشها أبناء الموصل في جحيم من القهر والفقر والانقطاع الكلي عن البشرية والحضارة والمراقبة فيما يمارس شراذم الجهاديين كل أنواع التعذيب والقتل والدعارة (الشرعية) والابتزاز، وما حصل في الدولة الإسلامية في العراق والشام يحصل اليوم في غزة ولكن بنظام أفضل بكثير من داعش ومع ذلك وصف المراقبين ان غزة لا تصلح للعيش البشري!
اما النساء فاعتقد ان اناث حيوانات الغاب أكثر كرامة منهم.
.
1 - بدا العراق مسيرة التقدم في التعليم منذ سقوط الدولة العثمانية بشكل سليم (رغم الكثير من العثرات والمعوقات) وسهلت الدولة انشاء المدارس الاهلية المراقبة إداريا وضمن المناهج الموحدة الموضوعة وفق نظام تعليمي علمي جيد، وهو أسلوب موفق في مساعدة الدولة المؤسسة حديثا من الصفر والقليلة الموارد، لنشر الثقافة في البلاد التي كانت تعاني من التخلف بكل اشكاله، الا ان هذا الأسلوب بدأ ينهار بعد سنة 1963 تدريجيا بعد تغلغل الاخوان المسلمين في التعليم الذي هو اول اهتماماتهم، خاصة بعد سيطرة نظام عبد السلام عارف على السلطة، أي ان العراق كلما يحاول ان يتقدم خطوة يتراجع خطوتين (أي منذ ان تغير اسم وزارة المعارف هذا الاسم الذي يعبر عن تقديم العلم المعرفة الى وزارة التربية فقد العراق التربية وبدأ التعليم في الانحدار والأسباب كثيرة ولكن ليس بسبب الاسم طبعا ولكن من مهازل الصدف).
2 - غزو الريف على المدينة بسبب الازدهار العمراني والصناعي والتجاري فيها خاصة بعد الحرب العالمية الأولى مقابل الفقر الشديد وانعدام الخدمات كافة في الريف حيث كان ولازال اهتمام الأنظمة المتعاقبة في العراق على المدن بدءا من المدن الكبيرة وفي مقدمتها بغداد والمدن التي لها تأثير كبير في السياسة العامة للدولة كالموصل، أدى الى هجرة عدد كبير من أبناء المدن والقرى المجاورة اليها ونقلوا معهم امراضهم الاجتماعية وخاصة الدينية مما ساعد على تعقد النبرة الطائفية في هذه المدينة.
3 - بالمقابل أدى انتشار التعصب الطائفي والديني والقومي الى تقلص نفوذ الاسر الموصلية العريقة والمثقفة ثقافة عالية والتي كان لها تأثير سياسي كبير ولفترة طويلة كانت الموصل الرافد الرئيسي للجيش العراقي المسيطر على السلطة في العراق، بل واكثر من نصف ضباط الجيش العراقي من مدينة الموصل لوحدها (وربما لنهاية الستينات من القرن العشرين) عدا الوظائف الكبيرة الأخرى بالدولة وأصحاب الشهادات العالية من المتنفذين والمرتبطين بالقوة العسكرية، ان هؤلاء لم يعد لهم مكان الان في الموصل، بعبارة أخرى تركوا الموصل ولا اعتقد ان الظروف الحالية ستعيدهم على الأقل في المستقبل المنظور، أي ان مسألة عودة الموصل الى سابق عهدها امر ميؤوس منه.
وهنا يجب الإشارة اليه بوضوح - انه بالرغم من النسبة الكبيرة من العسكريين في الموصل فإن الامريكان دخلوا الموصل عام 2003 سلما دون مقاومة عسكرية وكان بالإمكان ان تكون فترة انطلاقة تاريخية لإعادة بناء العراق من جديد والموصل قادرة على ذلك ولكن الذي حصل هو عزل المدينة وتهميشها خلال عشر سنوات.
4 – يعتبر الجانب الايسر من المدينة يعتبر القسم الحديث المتمدن الذي بدأ يتوسع منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي على أثر قيام نظام عبد الكريم قاسم بتوزيع الأراضي على منتسبي الجمعيات التعاونية بأسعار زهيدة مع قروض مدعومة من الدولة وبدأ الشروع في تأسيس جامعة الموصل وعلى هذا الأساس تم بناء مدينة اكثر حداثة وبدأ المثقفين والميسورين في الانتقال التدريجي اليه،
غير ان مشكلة جديدة ستواجهها الدولة والتي لا تقل خطورة عن عملية هزيمة داعش ،هي ان العديد من هؤلاء المواطنين إضافة الى المسيحيين والايزيديين والشبك، تركوا بيوتهم عند غزو داعش وسكنوا في مدن كردستان مما جعل مساكنهم عرضة للنهب وبعد تحرير الساحل الايسر حاول البعض العودة اليها فوجدت مستغلة من أناس يرفضون تركها أي ان هزيمة داعش لا تعنيهم.
5 - فيما الموصل القديمة تتطور بشكل ترقيعي وبقيت اغلب بيوتها شبه التراثية ودرابينها او شوارعها الضيقة وسراديبها العميقة التي يمكن في بعض أحيائها لو فتحت على بعضها البعض لكونت أنفاقا لا يمكن للقذائف الصاروخية الوصول اليها بسهولة وهذا ما حصل فعلا.
لكن ما يدعوا للسخرية هو قيام داعش بتفجير الجامع النوري الذي لا يمثل رمز من الرموز التاريخية والدينية التي يعتز بها أهل الموصل فحسب بل انها تمثل الرمز الذي منه انطلقت الخلافة الداعشية الجديدة.
.
فهل يا ترى سيكون هدم القديم بداية لحياة جديدة وبناء حديث والاهم بعقول أكثر حداثة (خاصة التخلص من الانغلاق الطائفي القومي هذا الإرث المقيت) ام كالعادة سيرجع كل شيء الى حاله بعد ان تهدأ الأوضاع؟؟؟
.
- ملاحظة هامشية ان تسمية الموصل بالحدباء لا علاقة له بالجامع النوري فهذا الجامع المبني في القرن الثاني عشر الميلادي كانت منارته عمودية وتحدبت على مر السنين نتيجة الظروف المناخية الطبيعية وانعدام الصيانة المستمرة لهـا تسميةـ اما تسمية الموصل بالحدباء جاءت من اعوجاج نهر دجلة عند مروره بشمال المدينة وينسب آخرون هذه التسمية إلى احدداب أرضها في تل قليعات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله اللبناني يوسع عملياته داخل إسرائيل ويستهدف قواعد عس


.. حزب الله يعلن استهداف -مقر قيادة لواء غولاني- الإسرائيلي شما




.. تونس.. شبان ضحايا لوعود وهمية للعمل في السوق الأوروبية


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية.. وطلاب معهد




.. #الأوروبيون يستفزون #بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال ا