الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوح في جدليات - 22 – بعضُ خواطري.

نضال الربضي

2017 / 7 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



بوح في جدليات - 22 – بعضُ خواطري.


1
الجنس البشري مبني على مبدأ حب ُّ اللذة و الهرب من الألم، هذا معروف ٌ منذ القدم، قاله الفلاسفة قبلي و لم أخترعه، لكني أفهمه بعمق حينما أراقب سلوك البشر. كل ما حولي يقول أن الإنسان سيفعل أي شئ حتى يحصل على ما يريد، حتى: يحقق غايته و يُشبع حاجته و يستجيب لرغبتهِ، ثم بعد ذلك سيجد العذر أو السبب، أو سيخترع، أو سيعيد قراءة مبادئه و يعطيها معانيا ً جديدة.

سيجد ُ سببا ً لإغراق شخص ٍ ما بالحب ِّ و العناية، و حُجَّةً لإيقاع الأذى بشخص آخر، مع أن الأول ربما لا يكون مُستحقاً لهذا الحب بينما الثاني في أغلب الأحيان ِ لم يصنع ما يستوجبُ معاملته بالسوء، إلا أنّها طبيعتنا البشرية، التي تتحرك بالكيمياء و التفاعلات البيولوجية داخل العقل.

في البداية كانت الحاجة ثم ولدت سببها المُعلن، و الحاجةُ في حقيقتها سبب، إلا أنها تختفي تحت سبب ٍ آخر، فهي لا تُحبُّ الظهور، لأن الظهور افتضاح، و الافتضاح فحص، و الفحص تفكيك و تشريح، و كلاهما تمهيد للتغير، و التغير ُ جديد ٌ بعد فناء القديم، و الفناء بالذات هو ضد ما بُنيت عليه طبيعة البشر من سعي نحو البقاء، مع أن الأول حتمي بينما الثاني أمنيات، و بهذا نعلم أن الإنسان لا يعيش الواقع أبداً إنما يعيشُ الأمنيات.


2
العدالة و المساواة: وهم
إنهما وجهان لجوهر ٍ افتراضي واحد، هو عجزُ المنادي بهما عن تحقيق و بلوغ ما يملكه من يستهدفه المنادي. نداء العدالة و المساواة هو اعتراف ٌ بقسوة ِ الطبيعة، و بطبيعة ِ الحياة، بأنَّ هناك من يستطيع و من يملك، و من لا يستطيع و من لا يملك. لكنَّه اعتراف ٌ بشئ ٍ آخر ربما أكثر عمقا ً و هو غريزة الطموح لدى الكائن البشري: تلك الغريزة التي بواسطتها يريد ما يملكه الآخر، إنه الحسد الذي لا بد منه للحياة، للوجود، نعم إنه حسد غريزي يحفظ الحياة، و يعمل ضمن إطار القوانين الطبيعية ذاتها.

ليست المشكلة في النداء ذاته، في طلب المساواة و العدالة، لكنها في التراخي العقلي الذي يصاحب النداء، أي في التسليم بحق ِّ المُنادي، في قبول ِ مشروعية ِ ندائه، و في منحه ما يطلب، هنا تحديداً الخلل، هنا مكمن مخالفة ِ الطبيعة ِ البشرية، و طبيعة ِ الحياة ِ نفسها، إننا هنا بهذا المنح نُكرِّس الكسل و نحرمُ المُجتهد و نساوي بين القادر الفاعل، و القادر الكسول، و العاجز الراغب في الفعل، و العاجز الراغب عن الفعل، و هم لا يتساوون لا عقلا ً و لا منطقا ً و لا فعلا ً على الأرض.

ليست المشكلة في أن نطلب العدالة و المساواة، إنما المشكلة أن يصير الطلب مُقدِّمة ً للسقوط من أعالي الوعي إلى سفوحُ الانحطاط و الضعف، لكي تصير قطعان الرعاع ِ و الجهلة ِ و الرجعين و المُغيبين و بدائي النظرة إلى الحياة و همجي الفعل مساويةً في مقدار التأثير لنُخبة المفكرين و العلماء و صفوة الفاعلين البانين للحضارة و مُسيِّري التاريخ.

إن فحص التاريخ و دراسة عوامل التأثير تعلمنا أن الصفوة من أصحاب الفكر، و شجعان الإرادة، و أصحاب الرؤى هم من يقدِّم الكاتالوج الهندسي، و الإطار التنفيذي، و التفصيل العملي الدقيق، لنهضة الأمم و تقدُّم المجتمعات. هؤلاء ِ كيف يتساوونَ مع الباقين؟ بل كيف َ نأمل ُ أن يتطوَّر َ أيُّ مُجتمع ٍ إذا كان قدر هؤلاء ِ تأثيرا ً كقدرِ من لا يرى أمامه سوى رغيف الخبزِ و كأس الخمر و نفس الأرجيلة و رجل الدين و النص المقدس و الملكوت و العذاب الأبديين، دع أولئك لرغيفهم و كأسهم و أرجيلتهم و رجال دينهم و نصوصهم و أبدياتهم لا تزعجهم، و اعط ِ للنخبة ِ فضاء َ التخطيط و أرض الفعل، و ستجد أن الجميع سيكون ُ سعيداً، و المجتمع َ سيمضي نحو الأفضل. لكن الويل ثم الويل إن أعطيت َ جماعة الرغيف و الكأس و النفس و الدين ناصية المجتمع، لأنهم عندها سيدمرون أنفسهم أولاً و مجتمعاتهم تبعا ً و سيكبحون النخبة و الصفوة ثالثاً، لأنهم مشوا عكس الطبيعة، فالطبيعة تحبُّ النخبة و تعشق ُ الصفوة و إليهم تسلَّم مهمة َ كشف ِ نفسها.

أقول ُ: أعطِ، لكن من سيعطي النخبة؟ النخبة لا تحتاجُ من يُعطيها، إنها تأنفُ من العطاء، لأن قبول العطاء عجزٌ عن التحقيق حين يُمكن و لا يتم، لذلك فهي تصنع، فتأخذُ بيدها ما صنعت. إذاً: أعطِ هو لفظُ مجاز.

3
فساد النخبة هو أشدُّ أنواع الفساد، فالنخبة التي يجب أن تفكِّر و تُدبِّر و تُفصِّل َ و تضع الأطر و التعليمات، نحو تحقيق الأهداف و النهوض بالمجتمع، إذا رفعت من عقولها مسؤوليتها الرئيسية و هي الارتقاء بالجنس البشري، و جعلت بدلا ً منها مبدأ لذتها الخاصة، وصل مجتمعهُا بالضرورة إلى فسادٍ شامل،و انتكاس ٍ نحو حالات بدائية من الوعي و السلوك، و كبح ٍ كامل للطاقات الفردية الكامنة في عامّة الشعب الذين لن يملكوا أدوات استخراجها و توظيفها، ومنه سيتجه المجتمع لا محالة إلى الهبوط بنفسه دون كوابح أوموانع أو رواصد أو أجراس تنبيه إلى قاع ِ سلم الحضارة، و ربما إلى الفناء، إلى الاستهلاك فقط، إلى الشراء، إلى مولات المُنتجات و سدنة النصوص.

الرقيب على النخبة يجب ُ أن يكون َ النخبةَ نفسها. من داخلها من طبيعتها من تميزها من وعيها السامي ينشأُ جهاز الرقابة و يعمل ُ جهاز ُ الاستدامة، و يُصقلُ كبرياءُ الكينونة الذي يعشقُ كل َّ ما هو: صحِّي طازج جميل قادر واعي مُستنير شجاع ثائر مُغيِّر مُبدع، و يكره كراهيةً شديدة و يأنف أنفة ً لا تهادن من: الفساد و العطن و البشاعة و العجز و البدائية و الظلام و الخوف و الخنوع و الثابت و المُبتذَل.

النُخبة تدرك بالفطرة بالغريزة أنها ليست جزءا ً من القطيع، و أن القطيع َ لا يمكنُ أن يُصبح منها، أو يصعد َ إليها، أو تنزل َ إليه، و أن قدرها البيولوجي الإنساني الحتمي أن تقودَ و تمضي و ترتقي و تصنع و تُنشِأ. لذلك فهي تمتنع ُ عن الجدال ِ و الحوار و الخوض و الابتذال و الانحناء و الالتقاء في منتصفات الطرق، إنها تُدرك بفطرتها أن كل َّ هذه التفاعلات مع القطيع هي أعراض ٌ للانحطاط و الفساد و التنازل عن الممكنِ تحقيقُه بل عن المُستوجِب ِ تحقيقُه بل عن طبيعتها نفسها كقادرة و واجبة بذاتها.


4
الصعود من القطيع نحو النخبة وهم
الانحدار من النخبة نحو القطيع وهم
يُولد الإنسان إما من القطيع أو من النخبة. فردُ القطيع من الرعاع ِ بعقله و إمكانياته، و فردُ النخبة كذلك. إنهما على ضفتين متقابلتين بينهما هُوَّة ٌ سحيقة لا قعر لها، و تبعدانِ عن بعضهما مساحة ً لا يمكنُ قطعها، أو القفزُ أو الطيرانُ فوقها، إنها مساحة ٌ بدون سقف، بدون ِ فضاء، مساحة ٌ ذاتُ بعدٍ واحد هو المساحة ُ ذاتُها، و بدون اتجاهات.

فردُ القطيع قد يكونُ من الأغنياء أو الفقراء لا فرق، عقلُه هو ذاته في الحالتين: عاجز، فارغ، ضعيف، مُخدّر.
فردُ النُخبة كذلك من أي ِّ طبقة لا فرق: عقلُهُ: قادر، ملئ، قوي، واعي يقظ.

تعتملُ في عقل ِ فرد ِ النُّخبة عواطفُ و إرادات ٌ متصارعة، فهو لا يهدأ و لا يكنِّ، إنما يعلم و يعي و يُحس و يريد، تمهيدا ً لكي يصنع. إنه يثورُ على كلِّ ما قيل َ أنَّه قانون ٌ و نظام ٌ و مُسلَّمٌ و معروف ٌ و ثابت ٌ وواجِب ٌ و مُقدَّس، يفحصُه فيُقرِّهُ إن كان َ عذبا ً طازجاً مُفيداً مُرتقيا ً، و ينفيه ِ و يُفنيهِ إن كان َ فاسدا ً عطنا ً مُضرَّاً.

فردُ النُّخبة يصنع القوانين و الأنظمة و المُسلَّمات و المعروفات و الثوابت و الواجبات و المُقدَّسات، و هو نفسُه يضع لها القانون التالي و يُعلِّق ُ عليها بخطٍّ واضح ٍ كبير ذي لون ٍ أحمرَ داكن ٍ جميل ٍ العلامة التالية: "تحت الفحص ِ و وجوب ِ التغير"، و إنَّما يترُكُ وقتي الفحص و التغير لنفسه و لمن معه و لمن بعده و لجدلية الإنسان مع الواقع و لديناميكية التفاعلات بين هذا الإنسان و ذلك الواقع.

5
قانون النخبة:
الثابت الوحيد هو التغير، و المقدَّس ُ الأول هو الإنسان.

و الطريقة ُ الوحيدة للتغير و القداسة، تأتي بواسطة الإنسان، حين يريد، إنها الإرادة أولا ً، و الإرادة في الوسط، و الإرادة أخيراً، و النخبة ُ نخبة لأنها تدرك هذا و تفهمه جيداً و تعيش ُ بحسبه. إنها تتلقى الوحي من ذاتها، و تُرسل ُ ذاتَها، و تقرأ ُ لنفسها: ذاتَها كتابا ً، و يشهدُ الذات لديها على صدق وحيه و رسالته و كتابه، و على حكمتِها.

إنها تعيش بقوَّتها الذاتية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اهلا نضال العزيز
قاسم حسن محاجنة ( 2017 / 7 / 18 - 14:10 )
تحياتي
أُلاحظ في الفترة الأخيرة وفي مجتمعاتنا العربية هبوطا من النخبوية الى القطيع !!
حتى يُصبح الجميع أفرادا في قطيع هائج مائج يموء ويخور !!
خالص مشاعر المودة


2 - هؤلاء لم يكونوا نخبة أبداً
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 18 - 14:21 )
أيها العزيز قاسم!

هؤلاء كانوا من الرعاع و القطيع لكنهم ارتدوا ثياب النخبة بالإدعاء أو التقنُّع أو محاولة تغير الجلد أو الظهور الباذخ بالمال أو استعراض الثراء أو المتاجرة بالثقافة،،،

،،، و لو كانوا من النخبة لما سقطوا، لأن النخبوية طبيعة و الطبيعة لا تتغير يا صديقي.

أفهمُ تعليقك َ جيِّدا ً، فصدمتنا في من كنا نفترضُ فيهم الارتقاء بالوعي و النهوض بالمجتمع و الاستثمار في الشباب، كبيرة جداً.

لكن طريقنا ليست طريقهم، و كما قال نجيب محفوظ في روايته: ملحمة الحرافيش، عن شخصيتين متناقضتين بدا لبطل ٍ من أبطال الرواية أنهما متشابهتان:

كلا، كلاهما جاء من طريق مختلف و مضى في طريق مختلف

،،، و إن تشابهت علينا المظاهر!

دم بكل ِّ الود!


3 - مقال رائع
سامى لبيب ( 2017 / 7 / 18 - 17:52 )
تحياتى ومحبتى
بلاشك هو مقال رائع بكل معنى الكلمة ولاأستطيع الإضافة وإن كان لى تحفظين الأول عن النخبه فليس شرطا أن تكون تقدمية رائدة , والثانى عن الإرادة الحرة كما قدمتها حضرتك كونها الوحيدة المتفردة , فلا وجود لإرادة حرة بل حظوظ ومحصلات ظروف وقوى موضوعية محددة قاهرة مشكلة للفكر والسلوك .


4 - يسعدني حضورك وتبهجني تعليقاتك
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 19 - 07:05 )
يوما ً طيبا ً لفيلسوفنا العزيز سامي لبيب!

أشكركَ لكلماتك الطيبة أخي سامي، و لملاحظاتك َ البناءة.

اسمح لي أن أتناول النقطتين اللتين تفضلت بإيرادهما:

- حملتُ معنى النخبة على الطبقة الفكرية المُقتدرة عقلا ً و رؤية ً، و التي يُناط بها التغير و تقبلُ مُهمَّته بدافع ٍ ذاتي، مخرجاً من دائرتها كل التعريفات التقليدية التي تتعلق بالثراء المادي أو الاضطلاع الثقافي أو التميز الذي يظلُّ مُلكا ً لصاحبه نرجسياً يذوي مع فناء سنيِّ عمره. فأنا معنيٌّ هنا بمن يصنعون التغير و يقودون للأمام.

- الإرادة عندي هي محصِّلة تفاعل إرادات كثيرة في داخل الإنسان منها الشعوري (تفاعل عقل و عواطف بمعرفة الإنسان) و اللاشعوري (تفاعل في خلفية النفس، لا على مستوى الإدراك في واجهة الشعور)، و أؤيدك بنفي الإرادة الحرَّة المُطلقة، حيث تكونُ الحرِّية عندي درجات ربما يقفُ الفعل على أسفلها تماما ً وكأن َّ لا إرادة. شرحت ُ هذا في سلسلة -قراءة في الوجود- المقالات: 7 و 8 و 9.

أرى أن المنظومة العلمانية يجب أن تعيد النَّظر في كل المُسلَّمات الموروثة و المعاني التي يتبناها المجتمع إن أراد (أقول إن، و أراد) أن يتقدَّم!

دمت َ بودٍّ!


5 - العزيز جيفارا ماركس - قناة الفيسبوك - 1
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 19 - 07:15 )
تحية جميلة طيبة في بداية هذا النهار أخي العزيز،

أسعدني سؤالاك، و هما في الحقيقة في غاية الأهمية لإدراك: طبيعة البشر، كيفية وصولنا إلى ما نحن عليه من النظام الرأسمالي، فاسمح لي بالإجابة:

- كي نستطيع أن نقرِّر ما هو النظام الأنسب أو الأقرب لطبيعة الإنسان، علينا أن نفحص ذلك الإنسان، و سنستعين بالعلوم الرئيسية في هذا المجال: الأنثروبولوجيا، علم الأحافير، علم التطور، علم النفس، علم النفس الاجتماعي، علوم دراسة الدماغ و الأعصاب، علم الاجتماع.

- و لا بد َّ لنا أن نعود للوراء، لملاين السنين، لأسلاف الإنسان العاقل ممن ظهروا على اعتاب انتقال النوع من السلف غير الإنساني، إلى السلف الإنساني، إلى الإنسان العاقل في العصر الحجري القديم و الأوسط، إنتقالا ً إلى العصر الحجري الحديث و حتى تاريخنا الحاضر، لدراسة أشكال المجتمعات في كل هذه الفترات.

- هذه الدراسة ستخبرنا عن احتياجات الإنسان كفرد و كمجموعة، و عن الطرق التي تلبي تلك الاحتياجات. هذه الطرق تعمل عن طريق شبكة علاقات في بُنى اجتماعية اقتصادية سياسية، هي الأنظمة التي تطرقت َ إليها.

يتبع

-


6 - العزيز جيفارا ماركس - قناة الفيسبوك - 2
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 19 - 07:25 )
تابع

كانت تلك المقدمة ضرورية جدَّا ً للتأصيل لما سأقوله الأن:

- ظهر سلفنا القديم المسمى بالإنسان المُنتصب Homo Erectus قبل تقريبا مليون و ثمانمئة ألف عام، و اعتمد في معيشته على إنشاء مجموعات تحيا بالتقاط ما تجده وصيد الحيوانات.

- ظهر نوعنا المُسمى بالإنسان العاقل Homo Sapiens قبل حوالي مئتي ألف عام تقريباً، و اعتمد في معيشته أيضا ً على الالتقاط و الصيد لكنَّه تطور في طريق الحضارة (مع التحفظ على استخدام هذه الكلمة لذلك العصر) ليصبح أكثر انتقائية ً في الالتقاط بحيث يعرف و يختار ما يريد، و كذلك في الصيد ليقدر َ على الحيوانات الكبيرة بواسطة تطوير مهارات المجموعة و اختراع الأسلحة البدائية المتنوعة.

- على أعتاب العشرة آلاف عام قبل الميلاد بدأ الإنسان بالزراعة البسيطة، التي تطلَّبت منه تغير نمط معيشته، لكي يستقر َّ بدل التنقل، و يجنح إلى التعاون أكثر منه للعدوان و الانتزاع، و يفهم الفصول و الأزمان و علاقتها بالمزروعات، مما أدى بالضرورة لتكوين تجمعات سكنية صغيرة، و التي ستكون النواة الأولى للمدينة.

لاحظ التطور من 1.8 مليون عام حتى 10 ألاف عام قبل الميلاد.

يتبع


7 - العزيز جيفارا ماركس - قناة الفيسبوك - 3
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 19 - 07:31 )
تابع

في تلك الفترات كانت المجموعات تعتمد على المشاعية و المشاركة، لكنها لم تكن مجموعات ٍ واعية بمعنى الوعي الحالي الذكي جدا ً الذي نعرفه، إنما كأنها بدائية تشبه ما تراه حين تتجمع مجموعة من الكلاب أو القطط أو الأبقار أو الدجاجات على طعام، و لم يظهر ما يفيد بوجود تنظيم أو قيادة مقصودة أو مُتفق عليها، إنما كانت غريزة القطيع و مهارات القيادة الفطرية للأعضاء أو أكثر الأعضاء مهارة ً هي التي تعمل.

الزراعة غيرت كل هذا، بدأت المجموعات تكبر حتى وصلت إلى شكل المدينة، و تقلَّص المشاع لصالح الملكية الفردية (بدرجات طبعاً) و صار لا بدَّ من تنظيم، لا بدَّ من اتفاق، فظهرت الحكومات الأولى، و التراتبيات، والقيادات، و تطور النظم حتى وصلنا إلى مفهوم الدولة الأولى.

مع الدولة ظهرت الرأسمالية بشكلها البدائي، ملكية، تميز، إقطاع، عمالة (اشمل العبودية أيضا ً،بل إن العبيد كانوا أساس الاقتصاد).

يتبع


8 - العزيز جيفارا ماركس - قناة الفيسبوك - 4
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 19 - 07:38 )
تابع

لاحظ أنني استخدمت كلمة -البدائي- لوصف تلك الأنظمة الاقتصادية في فترة الألف الرابع قبل الميلاد، مع أن مصطلح الرأسمالية كما نعرفه و بشكله الحالي لا يمكن إسقاطه عليها، إنما تجاوزتُ مُتعمَّدا ً لكي تربط أخي العزيز بين الشكل الحالي وجذره التاريخي القديم، لأن ذلك الجذر الصغير هو السبب الرئيسي و أرومة الشكل الحالي للرأسمالية.

وستلاحظ أيضا ً لو أكملت في التاريخ أن جدلية الإنسان و الواقع و ديناميكية التفاعل الإنساني مع نفسه و مع الطبيعة تكتسب الشكل الرأسمالي بالضرورة، كونه النظام الذي يعترف ُ صراحة ً بالتميز و الاختلاف و التنوع و يكفلهم جميعاً، أي أنه النظام الذي يتفق مع طبيعة الإنسان البيولوجية، و ذلك ترى تسيده في العالم.

و نقيضا ً له نرى الاشتراكيات و الشيوعيات و الأناركيات، غير َ قادرةٍ على تطبيق ما تدعو إليه، و السبب في فشلها هو ذات السبب في نجاح الرأسمالية، و هو الطبيعة البشرية، فبينما تتناسب الرأسمالية مع التكوين البيولوجي و النفسي للإنسان، تتنافر الاشتراكيات و الشيوعيات و الأناركيات معه (بدرجات طبعاً فالأناركية تحب التفرد لكنها تهمل أن من الأفراد من يحب أن يقود و منهم من يُقاد)


9 - العزيز جيفارا ماركس - قناة الفيسبوك - 5
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 19 - 07:45 )
تابع

و كخلاصة حتى لا أطيل عليك أكثر أقول ما يلي:

- الرأسمالية هي النظام الحتمي الذي، و الُبنى، التي لا بدَّ أن يصل لها شكل ُ أيِّ مُجتمع ٍ حضاري مُعقَّد تتسع و تتنوع شبكة علاقاته، باتساع و تنوع و توفر مصادره: الطبيعية و البشرية، لأنها باختصار: تمثيل لطبيعة الإنسان.

- الاشتراكيات و الشيوعيات و الأناركيات يُكتب لها النجاح في مجتمعات صغير العدد نسبيا ً، أو بسيطة غير معقدة، أو محدودة الموارد، لا تتطلب شبكة تفاعلات واسعة متطورة. فإذا تطورت تلك المجتمعات نحو التعقيد، صار الانتقال نحو الرأسمالية مسألة وقت ٍ و تحصيل حاصل حتمي.

يمكن استدامة الاشتراكية في مجتمع مُعقَّد حضاري فقط بقوَّة الإجبار و بمؤسسات بوليسية قامعة، و هنا أيضا ً تصبح مسألة سقوط ذلك النظام مجرد وقت وتحصيل حاصل، لكن بعنف و ثورة و دماء.

أتمنى أن أكون قد أجبت على سؤاليك، و أعتذر منك عن الإطالة.

دمت َ بودٍّ!


10 - نخبة
عبسي صديق عدنان ( 2017 / 7 / 19 - 10:23 )
يا استاذ قاسم
النخبة المزعومة إما لاعقي أحذية الحكام أو عملاء للخارج
النخبة الصادقة المخلصة في المعتقلات أو تعاني القمع والإرهاب الرسمي


11 - هؤلاء ليسوا من النخبة
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 19 - 10:57 )
تحية طيبة أستاذ عبسي،

من تسميهم لاعيقي الأحذية و العملاء لا علاقة لهم بالنخبة التي أتكلم عنها.

أما من هم في المعتقلات أو يعانون من القمع فيجب أن ننظر في كل واحد منهم لنرى هل ينطبق عليه وصف النخبة أو لا.

لقد وضَّحت في تعليقيَّ للعزيزن قاسم و سامي المعنين بكلمة النخبة و أشجعك على أن تقرأهما ثم تعيد قراءة مقالي لتستطيع أن تفهم مرادي.

شكرا ً لك.


12 - معلش تعليقي موجه للأستاذ قاسم
عبسي صديق عدنان ( 2017 / 7 / 19 - 11:36 )
بعد اذنك


13 - ما هو معيارك للنخبة ؟
ناصر المنصور ( 2017 / 7 / 19 - 11:44 )
ممكن توضح لنا أهم القواعد عندك للحكم بأن هذا أو ذاك من النخبة أستاذ نضال ؟
وما أثر توجه أو أيديولوجية الشخص بحكمك المسبق ؟
شكرا لك


14 - لا تعارض
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 19 - 11:53 )
الأستاذ عبسي،

أنت على صفحتي و التعليقات على مقالي، فمن الطبيعي أن أكون معنيا ً بها.

توجيهك السؤال للعزيز قاسم يبقى قائما ً، و لا يلغيه أو يتعارض معه توضيحي.

أشجعك أن تكون أكثر إيجابية ً في المستقبل.


15 - معيار النخبة
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 19 - 12:00 )
تحية طيبة أخي ناصر،

المقال بأجمعه يوضح مفهوم النخبة، لكن لا بأس من الاختصار بناء ً على طلبك:

النخبة هم أفراد يمتلكون موهبة عقلية و صفات شخصية فريدة، مع دافع قوي للتغير الإيجابي الإنساني و الارتقاء بالمجتمع، و يعملون عليهما، مع ضبط قوي للنفس و محاربة لتسلط النزعات الذاتية.

أحكم على فرد أنه من النخبة أو من خارجها بحسب معياري السابق و بموضوعية دون أن أتأثير أبدا ً بانتمائه إلى أيديولوجية ما، أو توجه معين، أو دين أو مذهب أو عرق أو جندر.

ِأتمنى أن أكون قد استطعت الإجابة على سؤالك.

شكرا ً لحضورك.


16 - التعليق المحذوف فوق قناة الفيس
ناصر المنصور ( 2017 / 7 / 19 - 12:01 )
لا أعرف سبب حذفه
غريبه !!!


17 - هل تعتقد أن لهم الحرية
ناصر المنصور ( 2017 / 7 / 19 - 12:07 )
وفق مقياس عالمنا العربي كله وبظل النظام العربي الرسمي الحالي ؟
لماذا هرب ويهرب إذن المفكرون ويتشردون في أنحاء المسكونة ؟
بل لماذا نجد هنا في موقع الحوار قمعا لتوجه بعينه
العيب ليس بالشروط المتوفرة مما قلت
لا بل لأن الأجندة هي من يحكم
تحياتي لك
وداعا.


18 - بالنسبة للتعليق المحذوف
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 19 - 12:10 )
لا اعلم سبب حذف التعليق فلم أجد فيه ما يمنع نشره من جهة التزامه بالمعاير التي يحددها الموقع.

يتساءل الأستاذ ناصر المنصور في تعليقه المحذوف عن:

رائف بدوي
خالد الراشد

هل أعتبرهما في فكري من النخبة أو لا.

الجواب:

الحكم عندي في أي موضوع كان (سواء النخبة أو غيره) يأتي بعد الفحص و التدقيق.

عرفت عن رائف بدوي فيما مضى أنه معتقل رأي، و لذلك أتضامن معه إنسانيا ً و أريد له الحرية و الحق في التعبير عن الرأي، و العيش الكريم، هذا لا جدال فيه و لا يحتاج لتوضيح. لكني في الحقيقة لا أعرف أي شئ ٍ عن فكره أو منهجه أو أهدافه أو رؤيته للحياة لذلك لا أستطيع أن أحكم عليه.

أما خالد الراشد فأصدقك القول أنني أسمع باسمه لأول مرة، و لا أعلم عنه شيئاً.

أخي الكريم أنا أقدم معيارا ً للنخبة و ستجده في تعليقي السابق إجابة ً على سؤالك و هو يوضح موقفي.

لاحظ أن النخبة المعنية هنا هي صانعة حضارة الأمة التي تنتمي إليها، و لها بصمات واضحة عليها و على الإنسانية جمعاء.

أشكرك لحضورك.


19 - نحتاج للكثير
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 19 - 12:24 )
أخي ناصر،

نحتاج للكثير :

لثقافة سلامية تشاركية لا إقصائية و لا قمعية.
لحريات على مستويات الفرد، المجتمع، الدولة.
لوعي مُتصالح مع الذات و مع الآخر.
لأن نحسن الحوار مع بعضنا.
لأن نحسن عرض ما لدينا و التعبير عن أنفسنا.
لأن نسعى لأن نقترب من بعضنا
لأن نفكر كما يفكر الغرب و نبني كما يبنون و ننشئ هوية جمعية قائمة على المواطنة و الأخوة مثلهم.

بالنسبة لسياسة الموقع، فهي خاضعة لأسرة التحرير و ليس لي فيها رأي أو تأثير لذلك لا أستطيع أن أقدم أي مساعدة في هذا المجال، أعتذر منك.

شكرا ً لحضورك.


20 - أنا ضربت مثالا ولم أطلب يا
ناصر المنصور ( 2017 / 7 / 19 - 12:55 )
صديقي مساعدة
إذ أنني مؤخرا بدأت افرض موضوعات للنقاش شعبيا وسياسيا من ملفات حساسة بعينها على اثنتين من أشهر الفضائيات السياسية في الخليج
احداها في لندن
ثق بي بهذه
أنا لا اشتكي بل ضربت مثالا حيا من أرض الواقع هنا
تحياتي مجددا.


21 - هذه النخب العربية العابثة، متى تخجل؟
عايد عواد ( 2017 / 7 / 19 - 13:57 )


هذه النخب العربية العابثة، متى تخجل؟ وهذه الشعوب العربية، ما مدى مسؤوليتها في إنهيار أحوال بلدانها؟

https://www.youtube.com/watch?v=ec3a1u0mVaA


22 - كتاب - أزمة النخب العربية - ، تأليف د. حسن مسكين
عايد عواد ( 2017 / 7 / 19 - 13:58 )
كتاب - أزمة النخب العربية - ، تأليف د. حسن مسكين

http://www.ektab.com/%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AE%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9/


23 - أزمة النخب العربية!
عايد عواد ( 2017 / 7 / 19 - 14:00 )
أزمة النخب العربية!

http://www.mowatinoman.net/archives/2721


24 - عن الروابط
نضال الربضي ( 2017 / 7 / 19 - 14:34 )
شكرا ً أخي عايد لهذه الروابط،
سوف أتصفحها للاضطلاع على محتوياتها في أول فرصة قريبة.

اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل