الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رثاء رفيقة درب

خديجة بلوش

2017 / 7 / 22
الادب والفن


لروحها قبل أن تلتحق بأسراب الحمام هناك... لـ فتيحة بوهيتي
المجاز أن نزيف الحقائق بما يتناسب مع واقع لا نستطيع أن نقف له بالمرصاد، الموت أيضا حين نشاء مجاز..
أستحضر منذ بعض الوقت كل من مروا بفضاء تترهل فيه الحياة من شدة الوجع، ويؤلمني أنني لم اعد أتذكر إلا القليل من الأسماء والملامح دفنها النسيان، ويؤلمني أكثر أن من يستعدون للرحيل ليسوا كلهم من عابري الأروقة التي تخشاها خطواتنا بل من خارج أسوار ذلك الجحيم.
لن أقول كان أسمها فلانة، فما زالت قيد الحياة وإن كانت لا تدرك ما يحدث من تقلبات في الجو، مازال اسمها التي تغمض عينيها في مواجهة الفصول التي تركض في دائرة مغلقة.
كنت أقول: " لم لا ازور عالمها أنا التي أقول أن الموت يلاحقني لأتفاجأ بأني من تلاحقه دون هوادة، لم لا احمل لها بعض ما اعرف عن ذلك الفصل المتلبس بالسواد."
لم أتوقع أن يحملني وجعي لأبعد من تصوراتي البغيضة، كنت أتخيل من يقتحم عوالم تختلف عن عالمه بكامل رونقهم بكامل تعنتهم وغرورهم، لكن لم أتخيلها هي تحديدا بما صارت عليه.
لم أرها يوما مستلقية، كانت تحارب الوقت بكل ما أوتيت من أناقة، لم تكن شفتاها إلا مبتسمتان. وكانت نظرتها تسخر من أي غيمة تحاول اقتحام مجالها الجوي، لم تكن تبكي حتى في أصعب لحظاتها. كانت تطلق ضحكة صاخبة وكانت تعتقل أيا كان بين ذراعيها القويتين في عناق تفض به اشتباك الدمع بالضحك.
كنت أسأل: ـ "هل حقا تحتضر؟"
جسدها المسجى على شراشف ملونة كانت تخفف من شحوبها، شحوب اعرفه كما يعرفني، والبياض الذي يطل من عينيها أيضا أدركه، ورعشة يديها وهلوسات تسقط بها الغشاوة بين عالمين يتجاذبانها..
هل ستموت؟
الموت ليس ما اعرفه أنا بل ما تختبره هي في صمت، ليس تلك الصرخة التي يطلقها الراغبون في الإنعتاق من هذا الوجود الضيق لرحابة الوجود المطلق الخالد ، ليس ما ندعيه نحن العالقون بين طيات هذه التفاصيل المفبركة للحياة، ليس ما نرجوه نحن من نتعلق بأسمال رغبة بالية. إنه الموت الذي لا ندركه بعد، ولا نتجرأ على الاقتراب منه مهما اجتهدنا ومهما مللنا من أنفسنا...
لكن هل ستموت حقا ؟؟
لم أظن يوما أني قد انهار أمام قوة شخص تغيبه كل ظروفه عن استكمال ما بدأ به على طريق الحياة، هي ما زال اسمها يفرض نفسه في مجالس الأصدقاء، لن نقول أبدا كانت، بل نقول ما زالت، وستظل رغم أن رعشة تسللت من يدها المتعرقة إلى أناملي وأنا أقرر أن أودعها في صمت، لا قوة لي على إدعاء أني أستطيع أن أزورها ثانية دون أن تنهمر تلك الغيمة فوق جبينها.
الموت ليس ما نظنه دائما، ليس سيئا جدا وليس بريئا وليس ظالما ولا متحيزا. لكنه راحة لمن ترهقهم ترهات الواقفين على أسرتهم في انتظار نهاية تليق بما يتوقعون، لنترك المجاز يسطر تلك التفاصيل الدقيقة دون أن يجرحنا ويجرح من سبقونا ...
ورحلت فتيحة.. هو ذاك الاسم الذي كنت أخفيه مجازا كي لا يختفي في يوم قائظ قررت أن تترجل عن صهوة الحياة، قررت أن تترك لنا مكانا آخر فارغ، قررت أن تمنح للغيمة حرية الهطول، أن تمنحنا أخر متعة للبكاء، لكنني لم ابكي، لم أجد في جيوب القلب ما يكفي من مطر كي أغسل غبار الحزن الذي سيحفر عميقا عميقا حتى يخمد آخر زفرة في الصدر ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا