الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افول الماركسية - كلسن و نقد الماركسية (8/تناقض قاتل)

موسى راكان موسى

2017 / 7 / 22
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية




تناقض قاتل (170ـ172) :


غير أن السؤال هو حول الطابع الفوضوي الذي لا ينفك عن جوهر النظرية السياسية الماركسية . و هو ما أكدناه سابقا أن إجابة كلسن هي ذات أهمية بالغة بشأن هذه المسألة أيضا . فهو يشير إلى (( غموض قاتل يربك منظومة ماركس ـ إنجلز في نقطة حاسمة )) : و هو يطال العلاقة بين (( النظرية الإقتصادية )) و (( النظرية السياسية )) . و هو يعبر عنه بالآتي : (( تدفع النظرية الإقتصادية [الماركسية] ، التي تتميّز من خلالها بوضوح عن تصورات برودون و الفوضوية الساذجة ، و بفعل الفهم العلمي للعلاقات الإقتصادية ، إلى تصور إجتماع شيوعي حيث تنتظم سيرورة الإنتاج و سائر الوظائف الإجتماعية ، و تضبط بواسطة جهاز مركزي ، و وفق خطة وحيدة ضخمة . و إذا لم يتم (( ثني )) إرادات و آراء الأفراد حول ما هو مفيد و ضروري للمجموع و كل واحد منهم و إخضاعها بيد من حديد ، و وازع لا يقهر ، لفكرة و لإرادة سائدة ، لا تستطيع الخطة الإقتصادية الشيوعية أن تنطبق و لا يتسنى للتنظيم الإجتماعي المستند إليها أن يترسّخ )) . و من ناحية أخرى و في الوقت نفسه (( تدعو الماركسية من خلال النظرية السياسية التي صيغت خاصة من قِبل إنجلز إلى مثال/أنموذج ذي طابع فوضوي صريح )) . و يفسر هذا التناقض ، كما يشير كلسن (( لماذا يعتبر البعض الماركسية بمثابة إشتراكية دولة ، فيما يعتبرها البعض الآخر فوضوية ، و لماذا لا تخلو الأدبيات الماركسية فيما يتعلق بهذه المسألة الحاسمة ، من غموض و إرباك شديدين )) .


و تؤكد النصوص ما يشير إليه كلسن و تدعم رأيه بوضوح (( إن البروليتاريا ، كما يشدد إنجلز في كتابه نقد دوهرينغ ، تستولي على سلطة الدولة ، و تحوّل وسائل الإنتاج بداية إلى ملكية الدولة . غير إنها بذلك ، تلغي نفسها بصفتها بروليتاريا ، و تلغي أيضا مجمل الإختلافات و الصراعات بين الطبقات ، كما إنها تلغي الدولة من حيث هي دولة )) .


و إننا نضع هنا إصبعنا على التنافر الذي لا ينفك عن النظرية الماركسية .


فلا بد من أن تلغى الدولة في اللحظة التي تشهد بسط صلاحيتها اللا متناهية على مجمل الإقتصاد .


(( فعندما لا طبقة تُقهر و عندما تذهب ، بذهاب السيطرة الطبقية و الصراع من أجل الوجود الفردي الذي تدفع إليه الفوضى السابقة ، النزاعات و التعديات الناتجة عنها لا يعود هناك شيء يستدعي سلطة وازعة قاهرة أي دولة . إن التدخل الأول الذي تبدو الدولة من خلالها بمثابة الممثل الفعلي للمجتمع كافة _أي حينما تقوم بتأميم وسائل الإنتاج بإسم المجتمع_ هو تدخلها الأخير بوصفها دولة )) .


و ها هنا أيضا تعارض واضح : تقضي الدولة على الملكية الخاصة و تؤمم مجمل وسائل الإنتاج لتُنهي الفوضى المتأتية من الإنتاج الرأسمالي . غير أن الدولة في هذه اللحظة التي تشهد مركزة وسائل الإنتاج ، تجد نفسها محكومة بالزوال . مما يعني أن فوضى الإجتماع الشيوعي (كإجتماع يلغي الدولة) تُستحضر هنا كوسيلة لإلغاء فوضى الرأسمالية ! .


فها هنا خُلف فاضح و تناقض ليس بعده تناقض . غير أن هذا ما يواجهه إنجلز في مقالته (( الإشتراكية الطوباوية و الإشتراكية العلمية )) حين يؤكد بأنه (( بقدر ما تزول فوضى الإنتاج الإجتماعي تزول كذلك سلطة الدولة السياسية )) . فكيف لا يُذهل القارئ من هذا الكلام ؟ يتصور إنجلز إجتماعا حيث يرتكز الإنتاج بفعل خطة شاملة و يُسيّر و كأنه مؤسسة صناعية ضخمة . و هو يعتقد في الوقت نفسه إن اضمحلال سلطة الدولة و إدارتها يتحقق في مثل هذه الشروط .


و تزداد دهشتنا عندما نتبّه إلى واقعية إنجلز و هو يتكلم عن درجة الإنضباطية و التنظيم الصارم الذين تتطلبهما الصناعة الحديثة .


في مصانع مجتمع الغد ، و هو يقول في سياق رده على الفوضويين (( ... تحسم الخلافات بشدة ... )) (( أما الرجل الآلي ، رجل المصانع الضخمة فهو أشد طغيانا من صغار الرأسماليين الذين كانوا يستخدمون العمال .

و الشعار على الأقل في خلال فترة العمل سوف يكون : عندما تدخل المصنع دع إستقلاليتك خارجا ! فإذا كان الإنسان قد أخضع قوى الطبيعة بواسطة العلم و الإبداع فإن هذه القوى تنتقم منه ، فتخضعه ، مقابل إستخدامه لها ، لإستبداد حقيقي ، بغض النظر عن النظام الإجتماعي السائد . و إن القضاء على السلطة في إطار الصناعة الكبرى )) يستنتج إنجلز (( يعني القضاء على هذه الصناعة عينها ، أي تدمير آلة الحياكة البخارية و العودة إلى المغزل )) .


هنا يمكننا أن نكتفي بهذه الملاحظات و أن نتوقف عند هذا الحد ، أما إغناؤها فلا يتم إلا إذا اعتمدنا الحيثيات و الإعتبارات التي يفصّلها لوسيانو كافانيا Luciano Cafagna في مقاله : (( الديموقراطية التنازعية و أزمة الماركسية )) المنشورة في العدد 5 من Mondoperaio عام 1978 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا