الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مغزل الكردي

ابراهيم محمود

2006 / 2 / 7
القضية الكردية


ليس هناك من يكتب، إلا وفي ذهنه تصور سياسي لما يريد تفكُّرَه والمساءلة حوله، بغض النظر عن التفاوت بين الذي يكتب من موقع حزبي( وهذا بدوره ، يشكل مجموعة معدودة من ألوان الطيف السياسي الايديولوجي، طالما أن هناك تعدداً وتنوعاً في الآحزاب)، أو تحزبي يقابل الأول، وقد يضم إليه كتاباً يعرّفون بأنفسهم مستقلين( وهو توصيف يثير السخرية، عند مقارنته بحراك الواقع المعاش)، ويتظللون تحزبياً أو حزبياً أوبحزبية مموَّهة، وفي الحالات كافة، لا مناص من البعد السياسي الذي يبصم الفكرة بعلامة فارقة معينة.
إنني أتحدث، تحديداً، عن الكردي، وهو يمارس فرزاً بين الحزبي، بصفته حزبياً، وكيف ينال من مثيله، فيصفه بالمتحزب لأنه يفكر خلافه، أوالحزبي الضيق الأفق، لأن زاويته السمتية لا تتناسب والموقع الذي اتخذه لنفسه، باسم من يتحدث عنهم داخل حزبه، أو باسم حزبه، في موقع قرارنافذ، والكاتب الذي يتبدى خارج دائرة الانتماء الحزبية، على الأقل: تنظيمياً، وكيفية تقويمه، باعتباره ممن لا يجوزالتواصل معهم، عندما يتحدث فيما هو سياسي كردي، والجواب: لأنه غير منتم لحزب ما، لهذا تكون السياسة شهادة ممنوع ٌمنحها، لمن يتحدث فيما هو مجرد منه.
لعلي هنا، أتحرك في ظل دولة ، تعرّف بنفسها هكذا، مهما كان الواقع نقيض الممارسة، وفي وسط مجتمعي، مهما كانت آلية العلاقات سلبية، حيث إنني أمارس دوراً أُنسبه إلى مجتمع مدني، ليكون في وسعي التحدث، بصفتي مواطناً، كما هو الواقع المنشود، ومن خلال هوية، بغض النظر عن هشاشة المفهوم، وباعتباري كردياً، متعدد الانتماء: المجتمعي، الوطني، الكردي معاً، بغض النظر عن بؤس التسمية، ويعني ذلك: إصراري على التحرك في هذا الثالوث الثقافي.
أؤكد، من جهتي، كباحث، على فاعلية الثالوث المذكور، وأنا أستحضرأصداء من اتصلت بهم السلطة الأمنية المحلية، وبالاتفاق مع السلطة المركزية في دمشق، من الكرد، بصفتهم اللاحزبية، حيث عرفوا ممثلي عشائركردية، أو وجهاء اجتماعيين، كما هو معروف، وكنت من بين من تناول هذا التشكيل( الوجهائي- العشائري) الكردي، والبنية المجتمعية والسياسية والفكرية لـه، والأرضية التي تحرَّك عليها من محيط ( قامشلو) المنكوبة إلى دمشق العاصمة، وما وراء ذلك.
أما عن أوبتي هذه، وتناولي للموضوع من جديد، فثمة أكثر من مستجد:
- ما لم يستطع الوفد المذكور تحقيقه، رغم أن المرجوَّ المعلن عنه، لم يكن في عداد المشار إليه، وما تم التركيز عليه، والدعاية له، وهو خارج هذا الإطناب، لأن ثمة تاريخاً حياً يعرّف به.
- سريان مفعول صمتي، وعدم التعليق على الحدث اللافت، من قبل غالبية الأحزاب الكردية، مما يعني أن ثمة ما يقلق، وما يجب أن يقلق( الشارع )الكردي المتخندق، إذ يوحي، وبجلاء، هذه المرة، إلى نوع من التفاعل والتواصل أو التخطيط الاثنيني في المحصلة، وكأن الذين شكلوا وفداً، أو تمن تزكيتهم ليكونوا وفداً، لم يذهبوا إلا لأن هناك من اعتنى بهم كردياً ( حزبياً) تماماً.
- ولعل مقال الاستاذ" توفيق عبدالمجيد" الكاتب الكردي الحزبي في البارتي الديمقراطي، والموسوم بـ( هل وقع الوفد الكردي في الفخ؟ أم عاد منتصراً)، والمنشور في أكثر من موقع انترنيتي كردي، على الأقل( كسكسور- روزآفا)، حديثاً، يشكل صيغة رسمية للحديث عن خلفية ما جرى.
داخل المقال، ما يشير إلى هول الخارج، وهول الخارج يلفت النظر إلى فداحة التحويل في التفكير الحزبي السياسي الكردي، ومن خلال ما يسمىبـ( الحركة الكردية).
جاء المقال مجملاً في النقاط التالي:
اعتبارالذين توجهوا إلى دمشق شخصيات كردية، وداخل وفد كردي، للتحدث باسم الكرد، بصفتهم ممثلي الجانب الاجتماعي،وليسوا شخصيات عشائرية.
سطحية وفجاجة وارتجالية أغلب الذين كتبوا عما جرى، حتى قبل وصول الوفد الكردي( كما يسميه)، ومراهقتهم السياسية، وقصور وعيهم لما جرى.
التركيز على الذين قيّموا الوفد إيجابياً( اللجنة التحضيرية للصحفيين الكرد- محمد غانم" صديق الكرد العربي"- فيصل يوسف)، والذين قيموه سلبياً، وبتفاوت، من خلال اختزال الأقوال، دون تحديد أسمائهم، وهذا مخيف، من جهة الآمانة العلمية في التعامل مع ما جرى.
إبرازالتقدير والاحترام للوفد، بصفته كردياً، باستعراض نشاطه كما نُقل إليه، أو قيل له شخصياً، عبر التوقف عند نقاط عديدة( البنود المكتوبة التي حملوها معهم)، وأنه عاد منتصراً، ممثلاً للكرد، خارج كل مساءلة جانبية، يمكن أن تنال منهم، وضرورة الاعتذار منهم: فرداً فرداً، من قبل مَن أرادوا التقليل من دورهم الوطني والكردي، مقابل الغمز واللمز من كرد آخرين، جاء التذكير بهم، بصيغة تريهم أقل( وطنية) ممن تحدث عنهم، لا بل وأقل اعتباراً، حيث ذكرهم بصفتهم عاديين، بينما سبقت حديثه عمن التقوا بهم من ممثلي السلطة، بـ( السادة).
ولا أدري هنا، كيف تم تجاهل مقالي( الدولة العشائرية الموقرة) المنشور أنترنتياً، رغم أنه كُتب قبل وصول الوفد إلى دمشق، وماذا وراء التجاهل، وأي تبرير يمكن أن يعطى لذلك،داخل دائرة المحسوبيات والتجاذبات التحزبية الكردية، والذين يمثلونها مكوكياً؟
لن أستأذن أحداً، بقولي: سأدخل على الخط السياسي الذي يبدو أنني، ومن هو مثلي، محظور عليه الاقتراب منه، لأنه حكر على الحزبي الكردي السياسي ضمناً، لأنني سياسي بطريقتي، ولأقول مباشرة: حسناً فعل الاستاذ توفيق، حين كتب مقاله هذا، لأنه بذلك ، لم يفتح باباً على الداخل( الكردي) المسيس( دون تعميم المقولة)، فالباب غير موجود أصلاً، والداخل مكشوف علىآخره، في علاماته الكبرى، ولأن ما تفوه به، يمثل رأي الأكثرية من الحزبيين الكرد، وكل كتابة، مهما كان موضوعها، تمهرها بخاتم التحزبية الكردية في الغالب.
أتساءل بداية: هل حقاًأن الذين كتبوا، من خلال التعريف السلبي بكتاباتهم، يحملون الصفات المذكورة( السلبية)، أم إن الاختزال والقص والتشذيب والترهيب الأدبي ، ممارسة قرائية تحزبية كردية معتمدة في الغالب، حين يكون الموقف سلبياً، مما لا يُسر؟
لا أمثل أياً من هؤلاء، ولا أقصي أياً ممن قيّمهم من أعضاء( الوفد) إيجابياً بجلاء، بقدر ما أنني أتحدث عن الأرضية المجتمعية والسياسية معاً، إذ أعتقد بداية، أن لا توفيق، ولا إبراهيم( أنا هنا)، ولا سواهما، بقادر على تجريد كل كاتب من مصداقية معينة، في المجال المذكور. تُرى بأي حق ينبري الاستاذ توفيق، أو سواه في الخانة التحزبية، ليؤكد أن هذا المتحدث أو الكاتب، أوسواه، منزوع الكردية، وأن ليس له سهم في تمثيلها بصورة ما، وفي وقت ما، كما يتحدث هو؟
من أعطى ويعطي الحق للتحزبي، أو الحزبي الكردي، في أن يكون وصياً في تحديد مورفولوجيا وإيديولوجيا الكردية والكردايتي؟ أليس التكوين الهرمي( الهرِم) للحزبية الكردية، وطبيعة العلاقات بين الأعضاء وكيفية تقويم الآخرين وراء ممارسة وصائية كهذه؟
أليس تكتيم أو تشويه رأي الآخر، نوعاً من التجريم المباشر له، وإبعاداً له حتى عن تمثيل نفسه؟
تُرى باسم من يتحدث هنا؟ وهو البادي الثقة بالذات. لا أظنه يمثل الكردية في عموميتها الحزبية، لأن ثمة من أشار إليهم، وثمة من عبروا عن موقفهم الرافض لما تم، إذاً من هو الحزبي الفعلي هنا؟ أما كان أجدر به، أن يترك فسحة أوسع من الرؤية للتحرك فيما هو ممارسه ومجالسه؟
بالنسبة لمن اعتبرهم الوفد الكردي، هنا يجد القارىء نفسه وهويتتبع مستجدات الحالة الكردية عامة، إزاء أكثر من علامة استفهام، من ذلك : ما أشبه اليوم بالأمس، في بداية أحداث 12 آذار، 2004، لماذا جرى التعامل كثيراً مع من ليس له أي علاقة بما هو حزبي كردي؟ هل لأن الذين تم الجلوس معهم، كانوا أكثر قدرة على التمثيل، أم على تزييف التمثيل؟ وفي الحالتين، تكون النتيجة سلبية. وما جرى، هل يعني ذلك، أن الجينات الحزبية الكردية، أصبحت عاجزة عن تمثيل ما هو اجتماعي، إذ اختصت بالسياسي فقط، وهل الواقع هو هكذا حقاً؟
وأي وعي تمثَّله الكاتب، وهو يورد عبارة( الشريحة الكردية)، كما حملتها مذكرة الوفد، دون تعليق، وهو بذلك يعدم كل ما يخص الكردي: انتماء قومياً وشعبياً وثقافياً مختلفاً؟
حسن إذاً، لماذا- في الحالة هذه فقط- لا تحل الأحزاب الكردية نفسها، وتريحنا من همها السياسي والاجتماعي معاً، لأنها في الأساس لصيقة جذورها الوجاهاتية والعشائرية؟
ألا يعني قول الاستاذ توفيق، أن اتفاقاً ما، قد تم بين الكثيرين من أعضاء الوفد، وممثلي أحزاب كردية، قبل التحرك، ليكون هذا الغزل السياسي، أو التجاذب السياسي الاجتماعي كردياً؟
تُرى من الذي أوحى للكاتب التحزبي، في أن يكون مرآوياً لما يذهب إليه، أن يعطي هذه الشهادة التاريخية المثلى، وضمنها كل أسماء أعضاء الوفد، ماحياً تاريخاً كاملاً من التنافرات والصراعات والحساسيات المحسوبة بين الجانبين، وليس من باب تفضيل شخص على آخر، وإنمامن جهة التعريف بالمصداقية الوطنية الكاملة لكل من أشار إليهم في مجموعهم؟
هنا، لا زلت أذكر، أنه، وقبل عقود زمنية، وفي القرية خصوصاً، عندما كان يحاول ولد ما التمرد على أبيه، يصطف كل آباء القرية معه ضد ابنه، لئلا يستعدي بقية الآبناء، وهذا ما يجري في الطرف الآخر، حيث أن أي نقد موجَّه إلى أي حزب، يستنفر كل الأحزاب في المجمل، لأنها واحدة مصلحةً، في تشكيلها الأحادي الطرف، وما عدا ذلك، تكون متنافرة، تتبادل الاتهامات فيما بينها بدرجات متفاوتة.
هنا، بالمقابل، أنصح الأحزاب الكردية، طالما أنها تفكر هكذا، في أن تؤسس لها مجتمعة ( جامعة الأحزاب الكردية)، على وزن ( جامعة الدول العربية)، حيث تكون ضد شعوبها، وتلك تكون ضد كردها، طالما أنها تمارس هذا التبريك للوفد المذكور.
المفارقة الكبيرة، هي أن الكاتب، يريد أن يقدم شهادة حسن سلوك للسلطة، من خلال حديثه اللافت بيقينيته الفارطة عن سير الرحلة( اللعبة الموجهة)، سلفاً، فالكرد مضحَّى بهم في مجموعهم، وفي كل الذين يمثلونهم، وما جرى ، يتحرك في حيّزاللعبة المموهة والمكشوفة في آن، إذ لو كانت السلطة حريصة، بالصورة المرسومة، لما كان هناك حاجة أصلاً، لاستدعائهم إلى دمشق العاصمة، ولما كان الكرد المادة المهروسة والمطحونة في طاحونة السلطة العتيقة حتى الآن، ولكان هناك تنويع في الاختيار، لتأكيد حسن نية ما في الموضوع.
مفارقة صارخة، حين يبرز حزبي حصيف، وبعد تاريخ من الممارسة الحزبية الكردية، ويقول عن أن السلطة حريصة على الكرد، بمعنى ما، وإيجاد التبرير الذي يعفيها من كل مساءلة، وتجاهل الصدع الكبير في قلب المسماة بـ( الحركة الكردية)، والتي تستحق أن تسمة بعد الآن بـ
( الحركة الحزبية العشائرية الكردية)، ليس تهكماً ممن جرى، وإنما حصيلة الموقف مما جرى طبعاً، ولكي نستعد لعصر جديد، وصياغة جديدة لتاريخنا المشترك والمختلف.
مفارقة متبوعة بثالثة، وهي تتمثل في التحذير الموجه إلى كل من ليس له علم بما هو سياسي
( حزبي)( مثلي، ومثل غيري)، في ألا يتدخل فيما لا ( يعنيه) كما يبدو. حسن إذاً، لماذا هذا التكاثر في الحزب الواحد، لنجد أنفسنا إزاء أكثر من خمسة عشر حزباً كردياً، وكل حزب حامل بـ( جنين) حزب، أو(توأم حزب)، أوحزب ( مجهض)... الخ؟ هل على الكردي الحريص، أن يتجاهل كل ذلك، لأن هناك من يقدر مصلحة الشعب الكردي أكثر، وسط الخرابات المتناسلة كردياً كردياً؟
تُرى من يتجاهل من، من يستفز من؟ من يمارس حالة إقصاء للآخر، في ظل التقدم التقاني والمعرفي المجتمعي والثقافي، ويخدع الآخر؟
من يجب أن يعتذر في الحالة هذه، إثر هذه النياشين الحزبية الكردية المتعددة الأسماء ضمناً، كما يظهر، والمعلقة على صدور من اعتُبروا شخصيات كردية؟ حيث لم يكونوا هكذا حتى الأمس القريب، وتاريخهم خلاف ما يشار إليهم، ليس لأنني أطعن في وجودهم الاجتماعي، وإنما في أن الأرضية التي يتحركون عليها، خلاف الأرضية التي تتحرك عليها أحزابنا الكردية، ألسنا في الحالة هذه، نكون قد بلغنا بداية نهاية الحزب الكردي، من خلال كل ما كان ينسبه إلى نفسه، على الصعيد النضالي والوطني والمجتمعي، ومنذ قرابة نصف قرن؟ هل نقرأ الفاتحة بالكردية الفصحى، أم بلغة أخرى، على أرواحنا التي لا تزال تخفق فينا بصعوبة ملحوظة؟
إن مغزل الحزبي الكردي الدائر، عكس دوران التاريخ، هو الذي يخيفنا هنا، حيث تلتف عليه أرواحنا، واللافت أكثر، أن اليد التي تستعمله هي كردية، وذات ماركة كردستانية منحوتة فيها بمهارة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا


.. اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بتهمة الرشوة




.. هل ستطبق دول أوروبية نموذج ترحيل طالبي اللجوء؟ | الأخبار


.. تقرير أممي يبرئ -الأونروا- ويدحض ادعاءات حكومة نتنياهو




.. كيف قارب أبو عبيدة بين عملية رفح وملف الأسرى وصفقة التبادل؟