الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سردية اللفتاوية والجذور

نزهة أبو غوش
روائيّ وكاتبة، وناقدة

2017 / 7 / 26
الادب والفن


نزهة ابو غوش:
سردية اللفتاوية والجذور
حاك الكاتب الرّوائي جميل السّلحوت سرديّة لليافعين بعنوان "اللفتاويّة" نسبة للجدّة الّتي تنتسب لقرية لفتا المهجّرة المحاذية لمدينة القدس، الّتي هجّرت عنها عام 1948؛ إِثر الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين.
حملت السرديّة بين طيّاتها الكثير من القيم التّربويّة الّتي حثّ فيها الكاتب قرّاءَه اليافعين على احترام الوالدين والأجداد، خاصّة عند كبرهم وزمن شيخوختهم، مستشهدا بالآيات القرآنيّة الكريمة ( وقضى ربّك ألّا تعبدوا إِلا إِياه وبالوالدين احسانا...) سورة الاسراء، كذلك من الحديث النّبويّ الشّريف عندما سأل أحدهم: " يا رسول الله من أحق النّاس بحسن صحابتي؟ قال أُمّك، قال ثمّ من؟ قال أُمّك...."حتى نهاية الحديث.
السرديّة هي اجتماعيّة بامتياز، حيث تنقل صورة واقعيّة عن حياتنا الاجتماعيّة، عاداتنا وثقافتنا عن عائلاتنا الممتدّة كعرب وكفلسطينيين بشكل خاص. نقلت العادات والتّقاليد نحو التفاف الأبناء والأحفاد حول الأُسرة، والمساعدة وقت الضّيق والأزمات، رأينا ذلك من خلال تجمّع أفراد الأُسرة حول جدّتهم حين توفي زوجها، وحين كسرت رجلها؛ بسبب الجندي الّذي دفعها بكعب بندقيّته، حين أرادت أن تحمي فتىً من الجنود. لم يبتعد أحد من أفراد الأُسرة عنها، بل سكن أحد أبنائها وعائلته معها في بيتها؛ لحمايتها من أيّ مكروه وللعناية بها، وملء وحدتها. حبّ الأطفال واحترامهم للجدّة، وحنانها عليهم هو صورة حقيقيّة في أُسرنا عامّة.
اهتمّ الكاتب السّلحوت أن يبيّن في سرديّته للقارئ اليافع أهميّة مدينة القدس؛ من أجل تعميق وتجذيرمحبّتها بعيون اليافعين وتقوية الانتماء لديهم.
القدس بعيني الجدّة : عندما تقترب من سور المدينة التّاريخي، تهلّل، تكبّر وتسبّح بحمد الله."
كذلك عبّر من خلال شخصيّة الجدّة اللفتاويّة عن الغضب الكامن في قلب المقدسي من المحتل الجاثم على قلبه، عندما رأت جنود الاحتلال في باب العامود، قرأت في سرّها:
" وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًّا فأغشيناهم فهم لا يبصرون..."
ثم دعواها عليهم: "لعن الله اليوم الّذي رأيناكم فيه" ص49.
أهميّة الأقصى والصّخرة في الرواية، إِذ كانت سببا لسعادة الجدّة اللفتاويّة، فهي دائما ما ينشرح قلبها حين تراه من بيتها كلّ يوم.
في الرواية لفتة تاريخيّة للاحتلال والتّهجير، بإمكانها أن تعزّز من معرفة الطّالب بما حدث لتاريخ فلسطين عام 1948، كذلك عن حرب حزيران1967، حتّى يومنا هذا ذكر الكاتب الموسوعة التّاريخيّة " كي لا ننسى" لوليد الخالدي، فهو بمثابة مرجع تاريخي يمكّن اليافع من اللجوء إليه لمعرفة أسماء القرى الفلسطينيّة المهجّرة عام 1948، كذلك معرفة التّفاصيل الجغرافيّة والديموغرافيّة لهذه القرى.
استطرد الكاتب في نهاية الكتاب بالحديث عن قرية لفتا المهجّرة - منقول من كتاب الخالدي-: تاريخها، جغرافيتها، عدد بيوتها، سكّانها، مزارعها، عيون الماء.....
ثقلُت السّرديّة بعاطفة الحنين، حنين الجدّة إِلى بلدتها لفتا، وهي ما زالت تسكب من ذاكرتها الممتلئة عنها إِلى الأبناء والأحفاد، الّذين زادوا شوقا وحنينا إِلى بلدة جدودهم. عاطفة الحزن هي أيضا كانت مسيطرة على الجدّة إثر فقدان الزّوج رفيق حياتها. عاطفة المحبّة كذلك كانت حاضرة في السرديّة، محبّة الأبناء والأحفاد.
لغة السّرديّة لغة سلسة، وليست معقّدة يستسيغها اليافع ويفهمها بسهولة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي


.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع




.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج