الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذكرى المئوية لثورة أكتوبر - (2/ لعنة الديالكتيك)

موسى راكان موسى

2017 / 8 / 20
ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا




في (الثامن عشر من برومير) يقول ماركس : (( السرقة وحدها هي التي تستطيع الآن إنقاذ الملكية ، و الزور وحده يستطيع إنقاذ الدين ، و النغولة تستطيع إنقاذ العائلة ، و الفوضى تستطيع إنقاذ النظام ! )) .



مع ملاحظة الثنائيات المتقابلة فإن أول ما سيخطر على البال (( الديالكتيك )) . إلا أن قصة الديالكتيك قصة عجيبة ، فما يُردد بشكل عام في الوسط الماركسي هو الآتي :

1. ماركس لم يخترع الديالكتيك ، إنما أكتشفه .

2. ديالكتيك ماركس مادي ، بينما ديالكتيك هيجل مثالي .

3. فلسفة ماركس مادية ديالكتيكية ، بينما فلسفة هيجل مثالية ديالكتيكية .

4. ديالكتيك ماركس ليس مجرد قلب لديالكتيك هيجل ، بل و نقيضه .

5. لينين وجد أن هيجل في بعض المواقع مادي أكثر من الماديين أنفسهم .

6. لينين رأى أن ديالكتيك هيجل (بنزع العناصر الصوفية) هو هو نفسه ديالكتيك ماركس .

7. يُختزل الديالكتيك في ثلاث مقولات بسيطة (وحدة التناقض ، الكم إلى كيف ، نفي النفي) .

8. ستالين في كراسه عن المادية الديالكتيكية و المادية التاريخية ألغى (نفي النفي) .

9. دعوة إلى العودة إلى هيجل لفهم ماركس ، تقابلها دعوة إلى العودة إلى سبينوزا لفهم ماركس .

10. لينين صرح (( ما من ماركسي فهم ماركس بعد مضي نصف قرن عليه )) .



إن أول استعمالات الديالكيتك و أكثرها نجوعا في الوسط الماركسي هو استعمالها في السفسطة ؛ فقط أختر الهدف و لقّم سلاحك بالديالكتيك و حتما ستصيبه . إلا أن الماركسيين يتناسون حقيقة مفادها أن الديالكتيك ليس مجرد أداة هي طوع أمرهم ، فالديالكتيك ليس شيئا يمكن ترويضه ، هيجل نفسه لم يستطع ترويضه لكنه لجئ لتسميمه من خلال (الدس الإنتقائي) فبدا و كأنه مروّض ، و هذا و إن نجح مع هيجل فلأنه (مثالي) ، لذا من المحال أن ينجح مع ماركس الذي يدعي أنه (مادي) ، إلا إن كانت ماديته مجرد إدعاء لا أكثر ؛ بالعودة إلى لينين الذي بدوره وصف (الدس الإنتقائي) عند هيجل بـ(المادية) ، بل و وصف هيجل بسببها بالمادي ، يمكن استنتاج أن جلاميد المادية لم يتبيّنوا (( الخيط الأبيض من الخيط الأسود )) من الديالكيتك ! .


هناك مسألة لطالما صمّ الماركسيون الآذان بتكرارها (( الماركسية علم )) ، و معظمهم لا يتنازل ليقول (( أن هناك جانب علمي من الماركسية )) ، لكن معظمهم يُصر و يكابر فيقول (( أن الماركسية ثورة علمية )) ؛ لكن كل الماركسيين يتفقون أن الديالكتيك قلب الماركسية النابض ، و الديالكتيك المثالي هو وحده المروّض بفعل (الدس الإنتقائي) ، لذا فكلما أبتعدت الماركسية عن المثالية أو كلما واجهت الواقع الفعلي وجدت نفسها مسحوبة إلى داخل ذاتها ، لا تعرف السبب لأنها لا تريد أن تعرف السبب ، المعرفة هنا تقتلها ، فتلجأ إلى الكتم و الكبت (التعصّب) ، ظنا منها أن بسلوكها هذا المسلك تشفي نفسها من علّتها ، لكن الديالكتيك نفسه علّتها ، قيوده حُلت و أُطلق له العنان فتحوّل لثقب أسود يبتلع نفسه و الماركسية معه ، فمن قلب الماركسية يخرج سؤال (( ألا تتصيّر الماركسية لا علما بفعل ديالكتيكها نفسه ، كإيديولوجيا أو عقيدة أو شيئا من هذا القبيل ؟! )) ، فإن أُجيب بـ(نعم) كان للماركسية جانب آخر غير العلم ، و إن أُجيب بـ(لا) يتضح حينها أن الديالكتيك الماركسي هو نفسه الديالكتيك الهيجلي في اللجوء إلى (الدس الإنتقائي) .



الديالكتيك بلا شك كان له دور في نجاح البلاشفة في استعمالهم إياه في السفسطة مع خصومهم أو حتى في دعايتهم لكسب جمهور ، لكن كما كان له دور في النجاح فله دور في الإنهيار : أولا/ مع (ديكتاتورية البروليتاريا) ، فالبروليتاريا وفق المنطق الماركسي بعد الإستيلاء على زمام الحكم إنتفت في البلاد ، فوحدة التناقض تلزم لحضور البروليتاريا حضور البرجوازية (و العكس غير صحيح كما بيّن ذلك ماركس في رأس المال) ، و ما دامت البرجوازية غابت فالبروليتاريا تنتفي ، فتمسي (ديكتاتورية البروليتاريا) مقولة جوفاء ، و ما حصل في الواقع أن حكومة البلاشفة تشكّلت غالبيتها من المثقفين (أو الطبقة الوسطى/البرجوازية الوضيعة) لا من البروليتاريا و إن تسمّوا بـ(ديكتاتورية البرولتياريا) ، ثانيا/ مع (الدولة) ، فمسألة أن الدولة تضمحل بفعل محو الطبقات بالتوازي مع المركزية الإقتصادية هراء صرف ، فالمركزية الإقتصادية كانت تسير بالتوازي مع المركزية السياسية ، و في ذلك كان ستالين واقعيا أكثر من كونه ماركسيا بل إنه كان مُتورطا بالماركسية (و أنه ليصح القول أن الماركسية كانت خطئ ستالين و التي بسببها خاض ما خاضه و أقر ما أقره ، أما مسألة استعمال انتصار ستالين على النازية كحجة على صحة الماركسية أو تبييضا لوجه ستالين الماركسي فهو استعمال مغلوط ، إذ أن النازية لم تُهزم بماركسية ستالين ، لكنها هُزمت بواقعية ستالين ، و فيما لو كان ماركسيا أكثر لربما كنا لنذكره اليوم شهيدا قضى نحبه على يد النازيين) ، و هنا نتيجة مفادها أن الماركسية (و هي التي لم تكن عقلا للثورة و لا سببا في استلام البلاشفة للسلطة) كانت سببا في الإنهيار ، و بشكل خاص قلبها (الديالكتيك) .


ثالثا/ مع ديالكتيك (الصراع الطبقي) الذي أنقسم حوله الماركسيين متخبطين إلى ثلاث أفرقة رئيسية :

1. ديالكتيك مؤامرات الخارج الرأسمالية ؛ إذ يُعزى للمخابرات و القوى الخفية دورا في إنهيار الإتحاد السوفييتي ، على أساس أنها تمثل الطرف النقيض في الصراع الطبقي .

2. ديالكتيك النمريين (مؤامرة القصر) ؛ إذ يُعزى للبرجوازية الوضيعة المتمثلة بخروتشوف و جوكوف و بيريا (الفلاحين و العسكرتيريا) دور في إقصاء ستالين و بالتالي إنهيار الإشتراكية ، والذي كان بعده مسألة إنهيار الإتحاد السوفييتي مسألة وقت لا أكثر .

3. ديالكتيك الأنتي ستالينية ؛ إذ يُعزى لستالين الدور في إنهيار الإتحاد السوفييتي ، بفعل ديكتاتورية عبادة الشخصية و بيروقراطية الدولة .



و الديالكتيك المضحك أن (ديالكتيك النمريين) تمثل أطروحة ، و الأطروحة المضادة (ديالكتيك الأنتي ستالينية) ، و نفيهما (ديالكتيك مؤامرات الخارج الرأسمالية) ؛ على الرغم من إقحام الماركسيين الديالكتيك في مسألة الصراع الطبقي إلا أن الصراع الطبقي عندهم ليس ديالكتيكيا ، فأي من الأفرقة الثلاثة لم يتناول مسألة الصراع الطبقي بمنهجية المادية التاريخية ، إنما بمنهجية السرد الإخباري ، و بشكل خاص السرد السياسي السطحي (أين شعوب الإتحاد السوفييتي بطبقاتهم من كل هذا السرد ؟! ليس لهم موقع ، اللهم دور الجاهل الغافل المغلوب على أمره) .




نحن بحاجة لأن نُعرّف الديالكتيك لا كتكرار ببغائي لكلام ماركس و إنجلز و غيرهم ، إنما يكون التعريف بالفهم ؛ و بالفعل هناك مساهمات جديرة بالنظر كالتي قدمها كل من (مهدي عامل) (لوسيو كوليتي) (جيل دولوز) (إيفالد إلينكوف) و غيرهم ، ليكون فهم الديالكتيك كما يجب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اقتراح
فاخر فاخر ( 2017 / 8 / 20 - 16:46 )
كتب ماركس في
Afterword to the second German edition 1873
My dialectic method is not only different from the Hegelian, but is its -dir-ect opposite

وقطعت جهيزة قول كل خطيب
أولهم خطباء مجندي البورجوازية الوضيعة

الديالكتيك هو القانون العام للحركة في الطبيعة أي أنه قانون فيزيائي بل هو أبو الفيزيا وأبو كل تهيؤات لطبيعة
لولا قانون نفي النفي لكانت قصة الخلق في التوراة صحيحة أي أن العالم هو اليوم كما خلق ولما بزر آدم وحواء 7 مليار نسمة
الحق الحق أقول لكم أن مجندي البورجوازية الوضيعة يثيرون الشفقة حتى انقراضهم



2 - السيد الكاتب ،هل انت مع الديالكتيك ام ضده؟
حميد فكري ( 2017 / 8 / 23 - 00:27 )
تحية طيبة. يحتار المرء كيف يناقش من يتخد العبث اسلوبا له ،يقول السيد الكاتب في حديثه عن ماسماه ترويض الديالكتيك ،اذا نجح هيجل في ذلك عبر ماسماه (الدس الانتقاءي )بسبب من كونه ميثالي ،فانه من المحال ان ينجح مع ماركس الذي يدعي انه (مادي )الا اذا كانت ماديته ادعاء لا اكثر.هنا يحسم الكاتب موقفه من الديالكايك ومن ماركس نفسه ،فهو بالنسبة له غير قابل للترويض ،اي غير قابل للتحكم .لكنه سرعان ما يقبل،بل ويعترف -وان كان بغير وعي منه-امكانية فهم واستخدام الديالكتيك كمنهج للتحليل .فهو يقول في الفقرة الاخيرة ،-نحن بحاجة لان نعرف بالديالكتيك ،لا كتكرار ببغاءي لكلام ماركس وانجلز وغيرهم ، انما يكون التعريف بالفهم. وبالفعل هناك مساهمات جديرة بالنظر ،كتلك التي قدمها (مهدي عامل ،جيل دولوز ) وغيرهم ليكون فهم الديالكتيك كما يجب . اذن اذا كنت،تعتير ان ماركس لم ولن يستطيع ترويض الديالكتيك ،وهو ديالكتيكه بالساس ،فكيف يكون ذلك ممكنا عند مهدي عامل وجيل دولوز وغيرهم ؟بل كيف يمكن الوصول الى الفهم الواجب للديالكتيك ،حسب قولك ؟ فهل انت مع الديالكتيك ،ام ضده؟


3 - اللهو العبثي
حسن نظام الدين ( 2017 / 8 / 29 - 07:31 )
أضحى الفتى / الكاتب عبثيا .. والعبث أواللهو العبثي يعجز بالطبع عن فهم روح الدياليكتيك ..... راجع تعليقي على القسم الأول من المقال هذا

اخر الافلام

.. مليار شخص ينتخبون.. معجزة تنظيمية في الهند | المسائية


.. عبد اللهيان: إيران سترد على الفور وبأقصى مستوى إذا تصرفت إسر




.. وزير الخارجية المصري: نرفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم | #ع


.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام




.. وكالة الأنباء الفلسطينية: مقتل 6 فلسطينيين في مخيم نور شمس ب