الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم لاستقلال كردستان ولا.. للتحديات

شفان شيخ علو

2017 / 8 / 20
مواضيع وابحاث سياسية



يقر الواقعيون في عالم السياسة ،ان السياسة تحتمل التنافس الشريف ،من اجل الحفاظ على المصالح العامة العليا للبلاد ،وعرّفوها انها :" فن الممكن ". لكن الذي يجري في اقليم كردستان ،ضد سروك مسعود و حزب الديمقراطي الكردستاني ،وخصوصا ما يتعلق منه بسياسة التعنت التي، يمارسها حزب التغيير ،و تعتمد اساسا على الممانعة ،والمواجهة السلبية والرفض الغير منطقي، لمشروع الاستفتاء على استقلال الاقليم الذي ،اعلنته القيادة الكردستانية ،واختلاق فتن سياسية بصورة معلنة او خفية تارة ،وتارة اخرى من خلال اللجوء الى التضليل ونشر دعايات مغرضة، قد تؤثر على نفسية المواطن الكردستاني العادي، وتخرج عن الاخلاق السياسية ،و تخالف كل "ممكن سياسي وواقعي " ،وتتعارض مع المنطق الانساني السليم ،وتشكل بالتالي في مجملها ضررا كبيرا على المصالح الجوهرية في الاقليم، ولاتزيد بالتالي عن كونها مراهقة سياسية طائشة ،وذلك لأن الظروف الراهنة على المستوى العراقي والكردستاني ،خصوصا بعد الغزو الداعشي ،وبعد تعقد الموقفين الدولي والاقليمي، يفترضان بل يستوجبان حدا ادنى من العقلانية و التفاهم واحتواء الخلافات ،بدل اللجوء الى التصعيد وخلق فوضى وتوتر من النوع الذي يمكن ان يقود الى نتائج كارثية، لن ترحم بتداعياتها المدمرة الجميع، ولن يكون حال وقوعها في الامكان، التمييز بين طرف رابح وآخر خاسر ،وبناء على ذلك يفترض ان يعلم الشركاء السياسيون ،وخاصة حزب التغيير، ان المنافسة الحزبية لها ادبياتها واصولها ومواثيقها ،وان مسلمّات "نظرية المباراة "التي أُدخلت ميادين السياسة، في كل دول العالم المتحضر تقضي، ان يتصرف كل فريق سياسي حاكم او معارض بحكمة وعقلانية ،بل وفق استراتيجية عاقلة وضامنة لمستقبل واستقرار وامن الاقليم ،من التهديدات والمشاكل والتحديات ،حيث اننا ينبغي ان لا ننسى المصالح الجوهرية للمجتمع الكردستاني ،وان لا نتسرع او تأخذنا الانانية الحزبية والنزاعات الشخصية في قراراتنا واحكامنا المصيرية ،فموضوع الاستقلال والاستفتاء عليه، اصبح ضرورة ملحة بعد ان اصبحت الحياة المشتركة معقدة بل مستحيلة ،في ظل دولة مثل العراق التي، راحت تنتج وتصدر الفوضى والارهاب ،وبعد ان اصبحت السيادة العراقية منتهكة ،والقرار العراقي بيد جهات اقليمية ودولية متعددة ومتنازعة ،و..الاستقلال ضرورة لأنه من حق الشعب الكردي في هذه المرحلة ان يمضي الى تقرير مصيره الذي تكفله جميع المواثيق الدولية وقوانين حقوق الانسان والمبادئ الديمقراطية في العالم .
تقرير المصير حق مشروع :
تقرير المصير هدف يسعى اليه الكرد في العصر الحديث ،منذ ان ظهر الوعي القومي الكردي، وقد اسيلت دماء الشهداء ولاقى شعبنا الويلات من اجل بلوغ هذه الغاية الشريفة، والوصول الى ذلك الحق المشروع ،ويشهد التاريخ على الظلم والمعاناة والمرارة القاسية التي، لحقت بالكرد على ايد العثمانيين والعرب والفرس في الاجزاء الاربعة من كردستان ،ففي العراق وبعد تقاسم التركة العثمانية ،قررت بريطانية بالاتفاق مع فرنسة ،ضم الموصل الى العراق، واشتُرط حينها من الناحية النظرية، ان تراعى حقوق الاقليات العراقية الدينية والعرقية، وخصوصا الحقوق الكردية ،لكن الحكومات العراقية المتعاقبة الملكية منها والجمهورية لم تحترم التزاماتها ،فقد اقدم بكر صدقي على ارتكاب مجزرة سيميل عام 1933 بحق الاشوريين ،بغية ابادتهم وتهجيرهم في عهد رشيد عالي الكيلاني ،كما وحمل" الفرهود اليهودي" ابشع المجازر عام 1941 بحق اليهود العراقيين ،حيث تم التجاوز على ارواح واعراض وممتلكات ووجود هذه الاقلية ،بصورة جماعية حتى اضطر اليهود الى الهجرة ومغادرة العراق كليا و.. كذلك المعاناة الكردية وهنا بيت القصيد لم تتوقف في العراق، فقد تم اضطهادهم ،ومورست بحقهم الانتهاكات تلو الانتهاكات بسبب اختلافهم القومي، حيث اقدم صدام حسين عام 1988 من خلال حملة الانفال ،على تطهير الشعب الكردي عرقيا، فاستخدم الاسلحة الكيميائية المحرمة ،ضد المدنيين الكرد في حلبجة، واخيرا مارست داعش حرب الابادة الجماعية 3.8.2014 على الكرد الايزيديين في شنكال، ولم تستطع الدولة العراقية ،حماية مواطنيها من الكرد الايزيديين ،من الجينوسايد المقترف بحقهم ،مما يعني ان العراق كدولة وسلطات ،ليس فقط لم تتمكن من حماية اقلياته، بل كان على مر العصورعنصرا فاعلا في ابادة وتهجير وقمع ابناء تلك الاقليات، لذا فانه من الظلم ،ان يبقى الكرد الى الابد في اطار الدولة العراقية الضعيفة والتي لاتبدو حكوماتها سوى اداة لتنفيذ اجندات اقليمية . إذن طالما انه بامكان كردستان، ان تستقل وتصبح قوية بجهود وسواعد ابنائها ومن خيرات وثروات ارضها فلماذا لاتفعل ذلك . ومن هنا ادعو الشركاء السياسين وخاصة حزب التغيير، ان يعودوا الى رشدهم وان لا يغردوا خارج السرب الكردستاني، فالاستفتاء المقرر هو ليس ملكا شخصيا لفرد او عائلة اوحزب، بل هو استحقاق كردستاني ،والشعب الكردي هو صاحب القرار فيه، لذا فان الحركات الصبيانية التي، تصدر عن حزب التغيير ومحاولات التشويش، لن تفلح في ثني شعبنا الكردي عن السير نحو حلمه الذي انتظره طويلا، لذلك فان الاستفتاء سيتم في موعده المقرر حتى لو قاطعه بعض الاحزاب الكردستانية، وسوف يخوضه الحزب الديمقرطي الكردستاني ويتحمل هذه المسؤولية بمفرده ،واقبال الشارع الكردستاني على الاستقلال ،يشير من الناحية الواقعية ،ان النتائج سوف تكون ايجابية ولصالح مشروع الاستفتاء، ولعل السروك مسعود برزاني استمد تفاؤله من نبض الشارع ،لذا فأن عزيمته تزداد يوما بعد يوم ،وقد صرح قبل ايام انه لن يتراجع عن عزمه في تحقيق مصالح شعبه ،بالرغم من كل المخاوف الكبيرة ،وانه سوف يتحمل المسئولية عن هذا الفعل السياسي ،مهما كانت تلك النتائج سواء اكانت سلبية ام ايجابية ،واوضح سروك برزاني ،انه سيستمر في خدمة قضية شعبه ،واجاب السروك برزاني بحماس منقطع النظير، قبل ايام على تصريحات الناطق باسم وزارة الخارجية الامريكية الذي ،قال ان الوقت غير مناسب، ب (ماهو الوقت المناسب ومتى ستتوفر الضمانات الدولية حتى يصل الكرد الى حقوقهم ؟!. ).

استقلال كردستان وموقف بغداد :
اتفق "المجلس الرئاسي" الذي، تشكل بعد سقوط الطاغية صدام حسين ،باشراف الحاكم الامريكي بول بريمر ،في المادة ( 58 من قانون ادارة الدولة العراقية المؤقت) ،الصادر في 27. 06 . 2004 ،الى دعوة الحكومة العراقية إلى اتخاذ تدابير، من اجل رفع الظلم الذي سببته ممارسات النظام السابق ،وقد تكفل الدستور العراقي الحالي والصادر في عام 2005 في المادة ( 140 ) ،بوجوب قيام الحكومة العراقية ،بمتابعة الخطوات العملية من اجل تنفيذ الالتزامات الدستورية ،من احصاء وتطبيع وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها ،لتحديد إرادة مواطنيها في مدة اقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الاول سنة 2007 ، لكن الحكومات العراقية المتعاقبة بعد السقوط كشفت عن وجهها الحقيقي ،وامتنعت عن تنفيذ النص الدستوري ،ومن هنا بدأت الخلافات بين الاقليم وحكومات بغداد، وقد كبر حجم الخلاف وامتد الى حصة الاقليم من ايرادات الدولة العراقية ،وقضية عقود الاقليم النفطية مع الشركات الاجنبية ،الى مسألة رواتب قوات البشمركة ، وهذه المعطيات تؤكد ان حكومات بغداد تريد ان يكون الاقليم ضعيفا تابعا كما كان الوضع عليه ايام الديكتاتورية ،وهي لاتريد ان يستقل الاقليم ،بل كلما اصبحت الاوضاع جاهزة لجأت الى المماطلة ونقلت الحصان الى خلف العربة، وذلك بقصد حرمان الشعب الكردي من حقوقه المشروعة ،لذا فان انتظارموافقة حكومات بغداد لن تجلب الثمار ،كما ان الوفد الزائر الى بغداد ،من اجل موضوع مناقشة مسألة الاقليم لن يأتي ،مع احترام الذي اكنه شخصيا ،لاعضاء الوفد الزائر، بأمور مفيدة من الناحية العملية ،حيث ليس للكرد سوى ارادتهم الموحدة والقوية، ومن هنا ادعو جميع الاحزاب الكردستانية ،وكل الشركاء السياسيين الى نبذ الخلافات الآنية ،والتوجه الى صنع ارادة كردستانية موحدة من اجل المطالبة بالاستقلال.
الاستقلال والموقف الاقليمي:
الدول الاقليمية ،خصوصا تركية وايران الدولتان المجاورتان اللتان تعانيان مشاكل في داخلها مع اكرادها، سوف تعارضان بصورة طبيعية اقامة دولة كردية على حدودها ،وذلك تخوفا من ان تنتقل عدوى الانفصال الى داخلها ،وايران وتركية تخشيان ان تكون هذه الدولة الكردية المرتقبة والقائمة على حدودها سندا داعما لاكرادها في المطالبة بالاستقرار، اذن هو امر طبيعي ان تضع هاتان الدولتان العصي في عجلات السير نحو استقلال كرستان العراق ،بل انها ستمنع بكل ما لديها من قوة ان لا تكون هناك دولة كردية مستقلة على حدودها ،ولأن الوضع على هذا الشكل فان مواقف الدول الاقليمية المحاربة لقيام دولة كردية مستقلة ينبغي ان لا تثنينا عن سعينا ،فحقنا ككرد في الانفصال هو استحقاق طبيعي يؤيده التاريخ والجغرافية والواقع الذي يؤكد ان ( الحقوق لاتوهب بل تؤخذ ).
الاستقلال والموقف الدولي :
تمكن الكرد بقيادة السروك مسعود برزاني منذ ادارتهم للمناطقهم الكردستانية عام 1991 ،ان يلفتوا نظرا العالم بصورة رسمية، فقد ادرج اسم "كردستان" لأول مرة في سجلات المؤسسات الدولية والاممية، واصبحت قيادة اقليم كردستان تعقد علاقات دبلوماسية واقتصادية وسياسية وثقافية مع دول العالم جميعا ،وتم تدوال القضية الكردية في المحافل الدولية، وتناولها الإعلام في كل ارجاء العالم ،حيث عرف العالم بجهود السروك برزاني ان الكرد امة حضارية ذات تاريخ عريق ،لذلك فقد تم الاعتماد على الكرد بالدرجة الاولى حين اسقط الطاغية صدام حسين في بناء وادارة الاقليم و العراق الجديد ،واثبت الكرد جدارة اثارت اعجاب القوى الكبرى في العالم ،خصوصا حين انهار الجيش العراقي ومنظومته الامنية في مواجهة داعش ،ووقفت قوات البشمركة البطلة وحيدة في خنادق مواجهة الدواعش ،وقد ادرك العالم بعد هذا النشاط الكردي الفاعل والايجابي في العراق الاخطاء السابقة بحق الكرد ،بل ظهر هناك تضامن واعتراف دولي واممي على مستوى الرسمي والانساني وجماعات المجتمع الدولي بالحقوق الكردية ،لذلك فان الذين يقولون ان الوقت لايزال مبكرا ،فانني اعيد ما قاله سروك برزاني " متى يكون الوقت مناسبا اذن ومتى تتوفر الضمانات ؟! " .الموقف الدولي مساند لقضية الاستقلال والتصريحات الاعلامية التي ،صرح بها الناطق باسم وزارة الخارجية الامريكية قبل ايام ،لايعبرعن حقيقة الموقف الامريكي الجاد والرسمي، وهو موقف سيتغير حتما اذا اصر الكرد على موقفهم في السعي نحو الاستقلال، بل ستسارع الولايات المتحدة نفسها والدول الكبرى الاخرى الى مباركة الاستقلال حين حصوله ،فالمواقف الاعلامية للدول لاتنقل على الاغلب الصورة الحقيقية لمواقفها ،وهناك امثلة كثيرة تبين ان الدول الكبرى تراجعت عن مواقفها الاعلامية ازاء احداث كثيرة في العالم ،وتغيرت المواقف من معترضة الى مؤيدة، ثم ان الولايات المتحدة والدول الغربية ليست معارضة لاستقلال كردستان ،بل لها وجهة نظر محددة في الاليات والتحرك . وختاما ادعو مخلصا الاطرف الكردستانية وجميع شركاء العملية السياسية في كردستان ،وخصوصا حزب التغيير الى الرجوع عن المواقف السلبية ،والدخول في العملية السياسية المؤيدة للاستفتاء بل الاستقلال ،حيث ليس لنا سوى ان نردد معا : نعم للاستقلال لاللتحديات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة