الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كونفشيوس حكيم الشرق واستفتاء كوردستان الجنوبية

ارشد احمد سمو
باحث في العلاقات الدولية

(Arshed Ahmed Simo)

2017 / 8 / 24
السياسة والعلاقات الدولية


لا شك ان الاصلاح السياسي من الاركان الاساسية لاتمام اي مشروع بالنهوض السياسي والمجتمعي في اي مجتمع يسعى للارتقاء ولا شك ايضاً بان بناء الثقة بين الشعب والسلطة من اهم الدواعي الى بقاء السلطة ودوامها، فلقد جوبه الحكيم والفيلسوف كونفشيوس(551-478 ق.م) بسؤال من هذا النحو اورده في كتاب الاغاني على شكل حوار بينه وبين احد طلابه عن الحكم والمجتمع اذ ذكر حكيم الشرق انه لا بد للحكومة من ان تحقق ثلاثة امور في غاية الاهمية ، اولها ان يكون للناس وفرة او كفاية من الطعام ، وثانيها كفاية من السلاح والعتاد الحربي ، والثالث كفاية من الثقة بحكامهم ، فسأل الطالب انه اذا كان لا بد من الاستغناء عن احد هذه الامور ، فايها يجب ان نتخلى عنها اولاً ، فأجاب كونفشيوس : العتاد الحربي، فساله مرة اخرى انه اذا كان لا بد من الاستغناء عن احد الامرين الباقيين فأيهما يجب ان نتخلى عنه، فاجاب كونفشيوس : فلنتخل عن الطعام ،ذلك ان الموت منذ الازل قضاء محتوم على البشر ،اما اذا لم يكن للناس ثقة بحكامهم فلا بقاء للدولة .
من منطلق ما ذهب اليه فيلسوف الشرق قبل اكثر من اربع وعشرون قرن من الزمن ، نرى ان الثقة هي الاساس في بقاء الوحدة داخل الدولة ، ولنقم بالنظر الى حال العراق اليوم وما يمر به من تشتت وعدم ارتياح وريبة من جميع الاطياف والمذاهب والقوميات ضد بعضهم البعض وضد السلطة ايضا، فهل هناك ادنى بقاء للثقة من جانب الشعب تجاه السلطة ؟ بالتاكيد سيكون الجواب بالنفي القاطع ، اذ لا الحكومة العراقية تثق بالشعب ولا الشعب يثق بها والمشكلة لا تكمن في ذات بعينه او شخص ما قد يكون من الفاسدين الذين سرقوا اموال الشعب ،بل ان المشكلة والطامة الكبرى تكمن في طريقة التفكير السلبي تجاه المكونات الاخرى داخل العراق وانتهاج الخديعة والاخفاء من قبل السلطة السياسية التي تمسك بزمام الامور فيها مكون واحد من المكونات العراقية ليقصوا بذلك الاخرين عن المشاركة الفعلية والحقيقية في الحكم .
ثم ان الحكومات المتعاقبة بعد 2003 لم تنتهج سياسات عامة ممنهجة علمياً لتكون بذلك في خدمة الشعب والصالح العام ، مما ادى الى حدوث شرخ وهوة كبيرين بين الاثنين ،تلت الايام فالشهور ومن بعدها السنين دون ان نرى تقارباً بين الشعب والحكومة لا بل حدث شرخ بين الشعوب القاطنة فيها ،فتعالت اصوات الاتهامات المتبادلة بين العرب السنة والعرب الشيعة لتطغى على المشهد السياسي في العراق لفترة ليست بالقصيرة وصلت الى حد القتل على الهوية ، فتلتها الخلافات الكثيرة بين كل من الاقليم الكوردي والحكومة الاتحادية والتي ادعى كل طرف بالاحقية والسير في خطى الدستور الاتحادي والتي لاتزال اغلبها ان لم تكن معظمها عالقةً غير محلولة .
اذن ما العمل ان كانت الطبيعة البشرية وحتى الجغرافية تأبى الانصهار في بيئة لا تتلائم مع بعضها البعض ؟؟ اين لنا بكونفشيوس ثاني نسأله عن الحل ، ولو انني اخشى ان كونفشيوس سيكون محتاراً في امره بشأن العراق ، لان ما يجري في العراق يشيب الولدان فما بالنا بمن هم اكبر سناً منهم !!
اليوم يطالب الكورد باجراء استفتاء حر حول تقرير مصيره لمعرفة رأي الشعب الكوردي حول البقاء ضمن اطار العراق من عدمه ، فأصبح هذا المطلب وكأنه خيانة عظمى ونسي من يُخٓوِّن الكورد انه عاهد الشعب واقسم على عدم الخروج من النهج الديموقراطي ، ذلك النهج الذي اعطى الحرية لاكثر من ثلاثين شعباًً من شعوب العالم بعد الحرب العالمية الاولى الى يومنا هذا وعن طريق الاستفتاءات في ان يقرروا مصيرهم وهم الان دول مستقلة لها سيادتها الكاملة على ارضها وسمائها ومياهها .
اخوتنا الاحبة في العراق العربي لا تقفوا في طريق الارادة الكوردية ولا تبحثوا عن مواطن الضعف لدى الكورد من خلال تأليب جهات معينة ضد اخوتهم فهذا لن يفيد لان الدم لا يصبح ماءاً ابداً وكان غيركم اشطر بكثير وفي النهاية كان الفشل حليفهم الدائم ، ونحو الاستفتاء ماضون دون رجعة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة


.. قوات الاحتلال تعتقل شابا خلال اقتحامها مخيم شعفاط في القدس ا




.. تصاعد الاحتجاجات الطلابية بالجامعات الأمريكية ضد حرب إسرائيل


.. واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل وتحذر من عملية




.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را