الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع الدولي المعنى والمبنى

محمد أحمد الزعبي

2017 / 8 / 25
مواضيع وابحاث سياسية



يندر أن تسمع نقداً أو وصفاً للمذابح والمجازر التي يمارسها أولئك الذين يقومون بالهجوم المعاكس على ثورات الربيع العربي ، ولا سيما في سورية والعراق وليبيا واليمن ، دون أن يكون هذا النقد أو التوصيف مقروناً بإدانة صمت و / أو تواطؤ " المجتمع الدولي " . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : من وما هو هذا المجتمع الدولي الذي بات صمته موضع إدانة ثورات الربيع العربي كلها ياترى ؟ هل هو المليارات السبع لسكان كوكب الأرض ؟ أم هو تلك الدول والدويلات ( ذات السيادة ) التي تضمها هيئة الأمم المتحدة والتي يدور عددها في فلك المائتي دولة ودويلة ؟ ، أم هو أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر ؟ أم هو الدول النووية الكبيرة والصغيرة ؟ أم هو الدول الصناعية ؟ أم هو الأعضاء الدائمين الخمسة في مجلس الأمن الدولي ؟ ، أم هو الأعضاء غير الدائمين العشرة في هذا المجلس ؟أم هو دول ال (٥ + ١) ؟. أم هو مجموعة العشرين ؟، أم هو الدول الديموقراطية في أمريكا الجنوبية ، أم...أم...أم...؟.
إن المقاربة الصحيحة للإجابةالصحيحة على هذا السؤال الملتبس، تقتضي من الباحث ، أن يلتزم بمنهج علمي يقوده إلى الجواب الصحيح ، ومن جهتنا فلسوف نستخدم منهجا خاصاً بنا نطلق عليه اسم " منهج الإحالة " ، ونقصد بذلك : إحالة المجهول إلى المعلوم ، والأقل أهمية إلى الأكثر أهمية ، والخاص إلى العام ، والمؤقت إلى الدائم ، والحاضر إلى الماضي ، والغائب إلى الشاهد ، هذا إضافة إلى الكربلة والغربلة العقلية لكافة المعلومات التي يمكن ألاّ تقع في إطار هذا المنهج .
وإذا ماطبقنا هذا المنهج ( منهج الإحالة )على موضوعنا ، فلابد أن نجد أنفسنا وجها لوجه أمام الدول الكبرى النووية الخمس، صاحبة حق الفيتو في مجلس الأمن ، بل وبمزيد من التطبيق والمتابعة وفق هذا المنهج ، فسنجد أنفسنا وجهاً لوجه أيضاً أمام دولة واحدة وحيدة فقط ، ألا وهي أقوى دولة نووية في العالم، إنها الولايات المتحدة الأمريكية ، والتي هي بالتالي المعنية بمفهوم" المجتمع الدولي " الذي تشكو وتدين صمته ثورات الربيع العربي عامة والثورة السورية خاصة .
في هذا اليوم بالذات والموافق اليوم الأخير من شهر مارس 2017 ، كشف " المجتمع الدولي" عن موقفه الحقيقي حيال آخر وأهم ثورات الربيع العربي ألا وهي ثورة 18 آذار 2011 السورية عندماأعلن وزير خارجية ترامب من أنقرة " أن وضع الأسد ومصيره على المدى البعيد سوف يقرره الشعب السوري " (!!) ، وكانت قد سبقته السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هايلي بالقول : " إن إبعاد بشار الأسد لم يعد أولوية لسياسة واشنطن في سوريا "(!!) ، وتبعهما وزير خارجية فرنسا جان مارك إيرلوت داعياً إلى "عدم التركيز على مصير الرئيس بشار الأسد " (!!) في إطار المساعي للتوصل إلى حل سلمي .
واقع الحال أن مانسمعه وما نراه اليوم لا يعتبر أمراً جديداً على الثورة السورية . فلقد كانت تصريحات أوباما وشلة " أصدقاء الشعب السوري (!!) " على مدى السنوات الست الماضية من عمر الثورة كافية لكي يفهم من يريد أن يفهم من الشعب السوري أنه ليس لهم أصدقاء في هذا العالم الرأسمالي عالم احتكار" المصنع والمدفع" ، عالم احتكار " الأسلحة النووية "،عالم استعمار الشعوب الضعيفة ونهب خيراتها والحيلولة دون تطورها ، عالم سايكس ـ بيكو ، عالم غزو العراق 2003 وتدمير نظامه الوطني لصالح " شلة " من المرتزقة الطائفيين والشوفينيين ، عالم غزو سوريا 2015 و 2017 وتدمير ثورتها الوطنية والشعبية ، بحجة محاربة صنيعتهم ( داعش ) وذلك لصالح نظام طائفي وراثي أطلقواعليه هم زوراً صفة " علماني " ذلك أن " الطائفية " تتناقض تناقضاً جذرياً مع العلمانية شكلاً ومضموناً ، إنه عالم الثورة المضادة لثورات الربيع العربي وتدميرها حيثما وجد ت في أرض العرب ، إنه بكلمة واحدة "عالم التآمر" على الشعوب الضعيفة وسرقة مافي جيوب أبنائها ، وتقاسم هذه المسروقات مع حكامها العملاء ، ولكن هذا التقاسم بين الطرفين غالباً ماجرى ويجري على قاعدة " من الجمل أذنه " .
إن مثل هذا العالم بمثل هذه الصفات والمواصفات، التي أتينا على ذكرها أعلاه ،لايمكن إلاّ أن تغيب عن ممارساته الإمبريالية في بلادنا قيم الحرية والديموقراطية والعدالة والمساواة، وأيضاً قيمة المواطنة ، وذلك لحساب قيم الدفع عداً ونقداً (ماركس) وحساب ترجيح المصالح الخاصة على المصالح العامة ، الأمر الذي يعني أن على أبناء العالم الثالث ، ومنهم أبناء الربيع العربي ، ومن هؤلاء ، أبناء الثورة السورية ، أن يعتمدوا على أنفسهم أولاّ وآخراً ، وأن يعلموا أن شعار( مالنا غيرك ياالله ) ، يجب ألاّ يعني بحال التواكل والقعود والاعتماد على " الحظ " أو على النصر السهل الذي يمكن أن يهبط عليهم من السماء دون تعب أو عناء .
لقد سئلت ( بضم السين ) ذات مرّة ، الفيلسوفة الفرنسية " فرنسوا زاغان " عن رأيها في مسألة (الحظ )، أي عملياً مسألة التواكل والقعود والانتظار ، فكان جوابها : ( إنني أومن بالحظ ، ولكنني أومن أنه كلما زاد عملي كلما زاد حظي ) . هذا مع العلم أن المقولة الإسلامية التي سبقت مقولة فرانسوا زاغان بقرون عديدة ، ألا وهي الحديث الشريف " إعقل وتوكل " ( رغم أن بعضهم وصفه بالضعيف )هي مايجب أن يكون رائد ثوراتنا ، من حيث أن التوكل في الحديث الشريف قد جاء مشروطاً ومقروناً بالعمل .
ياإخوتي في الثورة السورية ، تابعوا مسيرتكم العادلة ، ولا تنتظروا شيئاً من " المجتمع الدولي " وثقوا أن النصر سيكون حليفكم ، شاء من شاء ، وأبى من أبى ( بالاعتذار من أبي عمار ) إن لم يكن اليوم فغداً ، وإن غداً لناظره قريب . والله أعلم ( تيمناً بأستاذنا ابن خلدون ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير