الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حدود المواطنة

رائد عبيس

2017 / 8 / 31
المجتمع المدني


حدود المواطنة

مازلنا لا نسعى للحديث عن مفهوم "المواطنة الكونية" لأن المواطنة المحلية لم تتحقق بعد !! ولعل سبب عدم توفرها هو انتهاك حدودها والتجاوز عليها , هذا إذا وجدنا من يعرف حدود المواطنة من الطبقة السياسية المعنية بالدرجة الأساس التي تؤلف الحكومة! فلا يمكننا إن نشير إلى مصطلح الحكومة هنا دون ذكر أحزاب الحكومة ,فالحكومة أحزاب والأحزاب حكومة,وتبادل الأدوار بين الصفة الرسمية والحزبية هو أمر أعتدنا عليه بعد التغيير,فرسخت هذا الوضع مفاهيم تبادلت الأحزاب أدوار ترسيخها في ذهنية المواطن العراقي ,بل حتى في العرف الرسمي للدولة .
والسبب هو عدم وجود أحزاب معارضة خارج السلطة,تراقب عمل السلطة ,وهذا ما أفقدنا حس المراقبة ؛ لأن لا أحد من الأحزاب وقادتها تسمح لنفسها من مراقبة نفسها أو تسمح لآخر بمراقبتها ,فحدودها مفتوحة مع الدولة وثروتها تنهب كيف ما شاء . فالمتهم يتبادل دوره مع القاضي والقاضي يتبادل دوره مع المتهم , تبادل الأدوار أضاع لكل شيء هيبته ,وعمل على مسح كل حدود القانون الرملية في هذا البلد ,فلم تعد هناك حدود لم تنتهك حتى أعراض الناس, وفق سياسة مباشرة وغير مباشرة , وفي النهاية بعد معرفتنا بتجاوز الحدود وانتهاكها نسأل عن حدود المواطنة !؟ من يرسمها !؟ من يحترمها !؟ وهذا كله خلق ذاكرة مشوهة وقطيعة.
انطلقت مسميات في جولات انتخابية سابقة تحمل أسم "المواطنة" و "دولة القانون" ولكن هذه المصطلحات في الواقع انبثقت لا من حاجة ماسة إلى تعريف المواطن بنفسه كمواطن, بل كناخب,وصوت ,ومكسب لهذه الجهات السياسية !!.
المشكلة الكبيرة وراء هذا التفكير, إن الأحزاب السلطوية الإسلامية ,بحاجة إلى جمهور, لا يهمهم أي جمهور هذا مثقف غير مثقف جاهل متعلم , المهم الحصول على أتباع ومريدين ومؤيدين ومصفقين ومهللين ومرحبين,بغض النظر عن صفتهم التي نبحث عنها وهي المواطنة , فالمواطن بالنسبة لهم هو المصوت,والناخب ,والمتبع ,والمؤيد. فحدود الحزب أصبحت هي حدود المواطنة عند هذه الأحزاب وأتباعهم. فكل ما هو معارض هو خارج عن القانون وليس له الحق حتى إن يحمل صفة المواطنة أو يُعامل كذلك . تقليص مساحة المواطنة سبب رئيسي في تلاشي مفهوم المواطنة بالمعنى الحقيقي والقانوني في ثقافة المواطن العراقي ,الشعور بالضيق من الإنتماء وفيه جعل أفراد الأقليات في هذا البلد يعانون من انحسار الصفة المعنوية لوجودها بكونهم مواطنين ,فضلا عن القانون الغير منصف الذي هو الآخر بدأ يمتلك واجهة انتماء لتلك الأحزاب , وفقد قدرته على حماية مواطنيه الذي عرفهم في لائحته , ونؤكد دائما إن تعريف المواطنة في تلك اللوائح القانونية الدستورية غير كاف لغرس ونمو و ازدهار المواطنة في العراق , البعد المعياري لهذه المواطنة غائب بسبب تعقيدات القانون والقفز عليه بعوامل سحقه المتمثلة بالانتماءات السيئة للأحزاب والتيارات السياسية . " فالمواطنة الدستورية " لا تحقق البعد المعياري لوجودها ولا القانوني ؛لأن القانون المتهرء أمام سلطة الأحزاب ,فقد أرادته في توضيح مفاهيمه وشرح أفكاره وإبداء رأيه بل أخذ يُتلاعب به كيفما تشتهي الأحزاب وترغب ؟
كل هذه التفاصيل ساهمت في رسم حدود المواطنة في ذهنية المواطن العراقي تجاه مواطنيه ,وعندما يرى إن الوضع أفقده قدرته ليكون مواطن صالح يتحول إلى مواطن فاسد ,وهذا ما جعل منظمات الدولة تصنف العراق كبلد فاسد حكومةَ وشعباً ,فالأحزاب,والإرهاب , والطائفية , والديمقراطية الفاشلة , ( اللاديمقراطية) ,والفساد ,واللاقانون , والظلم , وإنعدام العدالة, وطوفان العشائر وشيوخها في مستنقع الأحزاب .وشمولهم بفكرة الانتماء المؤسساتي الفاسدة,واحتوائهم بمؤتمرات مزيفة لخداعهم. هذه السلبيات قوضت فكرة المواطنة , وإبادتها نظرياً وعملياً في وعي الإنسان العراقي .فالمواطن العراقي يستشعر مواطنيته وحدودها في ثلاثة جوانب وهي :
1- داخل حدود عشيرته,فهو مواطن عشائري ,مواطن في عشيرته.
2- مواطن داخل حزبه ,فحزبه يوفر له حماية من القانون ويمنحه حصانه الانتماء.
3- مواطن طائفي,يشعر بمواطنيه داخل طائفته؛لأن التفاهم والتواصل الاجتماعي بين الطوائف قد حرم منه, بسبب التوتر الطائفي ,فبدأ الأشخاص يتجنب الاحتكاك بالآخر لهذا السبب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سكان غزة على حافة المجاعة خصوصاً في منطقتي الشمال والوسط


.. هيئة عائلات الأسرى المحتجزين: نتنياهو يمنع التوصل إلى اتفاق




.. مقابر جماعية في غزة تكشف عن فظائع.. ومراقبون: ممارسات ترقى ل


.. بريطانيا: طالبي اللجوء ا?لى سيرحلون إلى رواندا مهما حدث




.. أهالي الأسرى لدى حماس يتظاهرون في القدس من أجل سرعة إطلاق سر