الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصائد ومقالات قاتلة (الحلقة الاولى)

عيد الماجد
كاتب وشاعر

(Aid Motreb)

2017 / 8 / 31
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


من اجل مجموعة قصائد كتبتها وسجلتها بصوتي على موقع اليوتيوب وبعض المقالات على موقع الحوار المتمدن عبرت فيها عن غضبي من الطائفية وانتقدت فيها الحكم الاسلامي القبيح , والفساد الذي ينخر عظام الوطن ,واستهتار اللصوص بالمال العام في العراق , هاجمتني المليشيات في كل مكان ولولا خروجي من العراق لأصبحت رقما جديدا يضاف لأرقام ضحايا الفكر المتطرف والارهاب و حكم رجال الدين الفاسدين لذلك هربت من العراق باحثا عن بلد يمنحني الحياة بأمان ويكفل لي حرية التعبير دون خوف ,فبدأت برحلتي الطويله والمتعبة والتي واجهت الموت فيها مرات عديده.
الى تركيا كانت وجهتي ولكنها لم تكن غايتي لتشابه الحكم التركي مع الحكم العربي كان هدفي ان اخرج من دائرة وجحيم الدول الاسلامية المتخلفه والعنصرية , في تلك الفترة كانت الهجرة عبر البحر في اوجها ففضلت ان انضم لقوافل الهاربين والمضطهدين وعبور ذلك البحر المرعب ذو السمعه السيئة بقارب مطاطي ومن اسطنبول خدعنا المهرب وارسلنا الى المدينة السياحية مرمريس بعد ان اخذ اموالنا مدعيا انه سيهربنا من هناك وبعد 3 ايام اكتشفنا انها خدعه فعدنا ادراجنا الى اسطنبول لنبحث عن مهرب اخر وبعد يوم وجدنا ضالتنا عند احد المهربين في مدينة ازمير فحجزنا الى هناك في شهر اغسطس من العام 2015 وعند وصولنا الى العنوان المحدد وكان فندق بسيط في محافظة ازمير اتفقنا مع المهرب وطلب منا الانتظار الى ان يحين الوقت المناسب لان مواعيد الانطلاق سريه يتم اخباره بها هاتفيا قبل الانطلاق بساعات من المهرب التركي الكبير الذي يدير عمليات التهريب بشكل سري بعلم الحكومة التركية ,اقمنا بالفندق قرابة الاسبوع وكل يوم يقول لنا قريبا الى ان اتت اللحظة المناسبة فطلب منا ان نجهز انفسنا ونشتري سترات الانقاذ لاننا سوف نغادر بقارب مطاطي وربما نغرق فيجب ان نأخذ احتياطاتنا جميعها تحسبا لاي طارئ.
في الساعه الثانية عشرة ليلا خرجنا من الفندق بعد ان استأجر لنا المهرب سيارات تكسي واخذنا الي حيث يقف الباص الذي سوف يأخذنا الى نقطة التهريب الساحلية التي منها سوف نعبر البحر بأتجاه اليونان وعند ركوبنا في الباص كان كل مافيه يدل على انه غير قانوني فكان الباص في حال يرثى لها فالمقاعد قديمة و ممزقه والتكييف لايعمل وشاشات الترفيه مكسرة كان شيئا مرعبا يدعو للخوف والرعب .
انطلقت الباصات حاملة الاجئين الى نقطة الانطلاق التي نجهلها واستمرت بالسير من الساعه الواحدة صباحا حتى الخامسة صباحا وعندما وصلنا فوجئنا بما رأينا حيث المنطقة تقع في وادي سحيق ملئ بأشجار الزيتون واكثر العوائل كان تتزحلق وتقع عند نزولها الى البحر ,كان المكان مزدحم بأشخاص من كل جنسيات العالم وكانت تديره عصابه من المسلحين الذين لايرحمون احدا فلقد ضربوا الكثير من الاجئين بسبب عدم تنفيذهم للاوامر بسبب انهم لايعرفون اللغة التركية حتى انني عند وصولنا اقتربت قليلا من البحر فهجم علي المسلحون بالسلاح ولكنني تداركت الامر ورجعت الى مكاني متحججا بعدم سماعي للاوامر التي تجبرك على البقاء بعيدا حتى لايراك خفر السواحل التركي من البحر, كان كنا في شهر اغسطس وكان الجو حارا جدا ونحن ننتظر ان يأتي ذلك القارب المطاطي وكانت القوارب تأتي تباعا وكل مهرب له سماسرته وعماله الذين يجمعون له المهاجرين وفجأة هجمت علينا قوات الشرطة التركية فهربنا واختبئنا تحت اشجار الزيتون بعيدا وكنا نسمع الشرطة وهي تمزق قواربنا المطاطيه وتصرخ علينا بمكبرات الصوت ان نخلي المنطقةوبعد نصف ساعه غادرت الشرطه وعدنا الى مكاننا لنعيد الكرة وننتظر وننتظر وصول القارب وعندما وصل وكنا نستعد لتجهيزه هجمت الشرطة ثانية وهذه المرة برا وجوا فتركنا كل شي وهربنا كما في المرة الاولى وبعد ساعه انتهى كل شي وعدنا لنحاول ثالثة وبقينا هكذا حتى العاشرة ليلا بين كر وفر وقد انهكنا الجوع والعطش الى ان حانت اللحظة الحاسمه لقد اتى القارب ويجب علينا تجهيزه بالهواء وتركيب المحرك الصغير عليه وكل هذا يجب ان يتم في اسرع وقت ممكن وخلا نصف ساعه كان كل شي جاهزا وحملنا قاربنا الى البحر وركب السائق وكان كرديا عراقيا دربه المهرب على كيفية سياقة القارب ثم قفز منه وطلب منا بالصعود اليه بسرعه وتحت تهديد السلاح والصراخ والبكاء والعويل من النساء الخائفات من البحر وعتمة الليل وسلاح المهربين .
وفي 3 دقائق كان الجميع في القارب وكان العدد يقارب الخمسة والستون شخصا وحيث الناس فوق بعضها البعض واتذكر انني اخذت مكاني على حافة القارب وكانت هناك امرأة كبيرة بالسن تجلس على ارضية القارب وكان تجلس على اصابع رجلي ولم اكن استطيع حتى تحريك رجلي من شدة ازدحام القارب بالناس وكانت هناك فتاة سورية في العشرين من عمرها وكانت تجلس على فخذي لانها لم تجد مكانا في القارب وهي ترتجف من شدة الخجل والخوف ولكن هناك بديلا فيجب على الجميع التحمل ونسيان كل شي والتمسك بأي خيط امل يقودنا الى الخلاص من جحيم تلك العصابة التي لن تتوانى عن قتل اي شخص لايعجبها او يشكل خطرا عليها فالاجئين بنظرهم ليسوا الا حشرات لاقيمة لها
انطلق القارب ببطء شديد وصوت محركه يشق صمت الليل المخيف ودعوات المساكين وبكاءهم وخوفهم من المجهول يشعرك بقرب النهاية ويزيدك رعبا وقلقا وكانت اضواء جزيرة متليني اليونانية امامنا ولكنها بعيدة وكانت دليلنا في عتمة الليل الحالك وكنا نحض بعضنا البعض على الصمت حتى لاتسمع اصواتنا وياتينا خفر السواحل التركي ولكن في وسط البحر وقبل ان نصل المياه الاقليمية بعده امتار تم القبض علينا من قبل الخفر التركي الذي اراد ان يسحبنا ويعيدنا الى تركيا وانفجر الناس بكاء وعويلا طالبين من الاتراك السماح لنا بمواصلة الطريق رافعين اطفالهم الرضع فوق اذرعهم ربما يسهم منظرهم بكسب تعاطف الاتراك واخيرا ..... سمح لنا بمواصله الطريق وليس هكذا فقط بل ان قارب الدورية اضاء لنا الضوء الكاشف حتى نسير.طالبا منا ان نزيد السرعة للوصول , وبعد جهد جهيد ورحله مضنية ومتعبة استمرت من الساعة العاشرة الى الثانية والنصف صباحا وصلنا السواحل اليونانية فتنفسنا الصعداء وبدأنا في التفكير في المرحلة التالية .
بعد وصولنا استقبلنا اليونايون واخذوا منا القارب واكملنا طريقنا كما اخبرونا عندما سألناهم الى تجمعات الاجئين وبعد ساعه من السير وصلنا الى منطقه تجمع الاجئين وكان الناس نائمين في الشوارع والازقه منهم من ينام على الارض ومنهم من ينام على بطانيات وزعتها عليهم مفوضية الاجئين كان المنظر محزنا ومقرفا في ذات الوقت ,انتظرنا هناك محاولين الحصول على دقائق للنوم بعد ليلة مرعبة مضنية ولكن دون جدوى الى ان بدأت تباشير الفجر تظهر كاشفة لنا عن حجم المأساة التي امامنا بشر من كل الاطياف والبلدان تركوا بلادهم هربا من الموت ليجدوا انفسهم ضائعين مشردين يفترشون الطرقات ينتظرون ان يجدوا مخرجا او نافذة امل تنقلهم من هذا الجحيم .
بعد الاستفسار والسؤال اتفقنا ان نتجه الى مخيم الاجئين الرئيسي في الجزيرة حتى نكمل اوراقنا لمواصلة الرحلة الى العاصمة اثينا فبدأنا بالسير ومن حسن حظنا وجدنا احد الاشخاص الالمان ومعه زوجته فعرض علينا ان يوصلنا الى مخيم الاجئين الذي كان يبعد عنا قرابة 30 كيلو مترا فركبنا السيارة وكان مشوارا جميلا تحدثنا فيه عن معاناتنا و شاهدنا فيه جمال تلك الجزيرة الرائعه بعد رحلة مرعبة فكان هذا المشوار بمثابة الاستراحة بعد ذلك العناء والطويل والخوف من المجهول .
بعد قرابة النصف ساعة وصلنا الى مخيم الاجئين حيث كان مزدحما ومليئا بالخيام الصغيرة والكبيرة بحثنا عن خيمة فلم نجد بديلا عن شراء خيمة صغيرة بسعر خمسة عشر يورو وفي صباح اليوم التالي ذهبنا الى مخفر الشرطه وكان الرضع كارثيا فالالاف هناك تنتظر دورها منذ الصباح والمحظوظ فقط من يستطيع رؤية شباك الشرطي الذي يكمل الاوراق فوقفنا قرابة السبع ساعات في الدور حتى ناخذ ورقة المغادرة فأخذوا بصمات اصابعنا وعدنا للمخيم بانتظار ان يرسلوا لنا اوراقنا وفي اليوم التالي اتت الاوراق وتم توزيعها في ساحة المخيم وعندما استلمناها قمنا بحجز اماكننا على العبارة المتجهه الى اثينا وكانت مهمة شاقة حيث وقفت في الدور عند شباك الحجز من الساعه التاسعه مساء حتى الرابعه فجرا وكان موعد انطلاق الباخرة الساعه العاشرة من الليلة المقبله وبعدها ذهبت للخيمة كي احظى بساعه من النوم قبل طلوع الصباح وكنا قد جلبنا خيمتنا معنا الى المكان الذي سوف ترسو به العبارة .
امضينا ذلك اليوم الذي كنا ننتظر فيه وصول العبارة تحت حرارة الشمس الحارقة التي لاتنفع معها ولاتحمينا منها تلك الخيمة الصغيرة الحارة مضى الوقت ثقيلا حتى حانت ساعة الابحار الى اثينا ووصلت الباخرة وبعد معاناة وعذاب ركبنا فيها ثم انطلقت تنخر عباب البحر محملة بفاقدي الاوطان والاهل ممن يبحثوا عن صدر حنون يضمهم بعد ان سئموا من الحروب والدمار وطائفية الاديان البغيضة .
في تلك الباخرة رمينا انفسنا على مقاعدها الوثيرة كأننا جثث هامدة لا حياة فيها من شدة التعب والاجهاد وبعد ساعات استيقنا من النوم وخرجنا للاستمتاع بمنظر البحر لنعيش لحظات من التأمل والانسجام مع ذلك البحر الذي ارعبنا عندما اجتزناه في ذلك القارب الصغير وارعبناه عندما عدنا اليه في هذه الباخرة العملاقة كان شعورا ذا شقين في شقه الاول حلاوة الانتصار والفخر بنجاح الخطوة الاصعب في رحلة اللجوء وفي شقه الثاني مرارة الانكسار والفقدان وبداية رحلة الاغتراب المؤلمة.
وصلنا الى العاصمة اثينا حيث كان ينتظرنا شخص اخر ليرشدنا الى الطريق الجديد وعلى الخطوة التالية من رحلة الهروب الى المجهول ,فاخذنا الى احدى الشقق التي كان يستخدمها كمكان انتظار ريثما يقوم هو بحجز الباصات التي تنقلنا الى الحدود اليونانية المقدونية وجلسنا هناك قرابة الاربع ساعات ثم اخذنا لمكان الباصات ثم انطلقنا في رحلة جديدة استمرت من الساعه الخامسة عصرا حتى الثانية والنصف صباحا ,بعدها وصلنا لنجد المئات من الناس هناك تأتي بها الباصات من اثينا للعبور الى مقدونيا وعلى الفور نزلنا من الباصات والتحقنا بتلك المسيرة الطويله .......يتبع في الحلقة المقبلة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل دعا نتنياهو إلى إعادة استيطان غزة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. روسيا تكثف الضغط على الجبهات الأوكرانية | #غرفة_الأخبار




.. إيران تهدد.. سنمحو إسرائيل إذا هاجمت أراضينا | #غرفة_الأخبار


.. 200 يوم من الحرب.. حربٌ استغلَّها الاحتلالِ للتصعيدِ بالضفةِ




.. الرئيس أردوغان يشارك في تشييع زعيم طائفة إسماعيل آغا بإسطنبو