الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون التأمينات الاجتماعية التعسفي

حزب اليسار الشيوعي العراقي

2017 / 9 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قانون التأمينات الاجتماعية التعسفي
يا أيها العراقيون.. لنقف معاً بوجه قانون النهب اللصوصي المسلّط على مداخيل الكادحين..
صادق مجلس الوزراءفي مطلع شهر آب الحالي 2017على (قانون التأمينات الاجتماعية) ورفعه الى البرلمان للتصويت عليه، والذي سيمرر دونما اعتراضات برلمانية حسب تأكيد المالية النيابية في تصريحاتها الاعلامية يوم 20/8/2017. وهو القانون الذي اشترطه (صندوق النقد الدولي) على الحكومة العراقية لكي يطلق لها قروضه، وكان (البنك الدولي) قد أعدّ القانون في وقت سابق وقدّمه في بيروت إلى ممثل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لمناقشته، ومن ثم المصادقة عليه. وهو ما أكدته تصريحات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية واداراتها. وكأن (البنك الدولي) يعمل راعياً لمصالح كادحي العراق، وليس عراباً للنهب الدولي كما هي عليه سمعته السيئة من خلال افعاله في بلدان العالم النامي تحديداً حيث قام بتخريب اقتصادياتها وأعجزها بصورة دائمة. ومن المفيد التذكير، أن العمل على اصدار هذا القانون يعود الى عام 2014. والملفت للنظر ان الحكومة تقول إنّ القانون صدر بعد دراسات مستفيضة من دون أن تذكر دور(البنك الدولي) في اعداده،أو تذكر شروط (صندوق النقد الدولي.)
لم يغادر القانون المذكور محاولات الالتفاف على حقوق الكادحين العراقيين التقاعدية (عمالاً وموظفين)، الحقوق المشروعة التي أقرتها الحكومات المتعاقبةمنذ عام 1958 حتى يومنا هذا،والتي كانت ثمرة نضال استمر عشرات السنوات قدم فيها عمال العراق وموظفوه دمائهم الغالية وأحلى سنوات شبابهم،لكي يجبروا الحكومات المتعاقبة على الانصياع لنضالاتهم والاعترافبحقوقهم وعدالة مطالبهم.
والذي يطّلع على القانون يتعرف على قانون أُعِدّ لإذلال عمّال وموظفي العراق وشغيلتهجميعهم. فالقانون ينسى أو يتناسى السنوات المريرة التي أفنى فيها المتقاعدون زهرة شبابهم في خدمة الوطن. والأسوأ أنّ الحكومة تلتف على رواتب المتقاعدين مستعينة في ذلك بما تدعوه (قيم التكافل الاجتماعي) لتفريغ احتجاجاتهم من قوتها المعنوية. كما ان الحكومة نظّمت القانون لكي يسري بأثر رجعي على حقوق المتقاعدين جميعهم.
نعم، نحن نؤيد ان يشمل (صندوق التأمينات الاجتماعية) كل كادحي العراق من عمال وموظفين في القطاع الخاص والحكومي والتعاوني، وان يمنحهم الراتب التقاعدي والضمان الاجتماعي المناسبين، وأن تتساوى فرصهم في الحياة والعيش الكريم، على أن يُسنّ ذلك بقانون انساني ووطني. لكننا حين نقرأ موادهذا القانون وفقراته نجد أنه لم يُسنّ لهذه الغاية، بل هم يستخدمون ذريعة التقاعد الشامل للغش والتدليس، بغيةالتغطية على الحقيقة المرّة والغاية المبيتة للتلاعب بما تبقى من مقدرات الناس والسطو على المداخيل المالية البسيطة لفقراء الكادحين، في سبيل خدمة أغراض البنكين المجرمين(البنك الدولي وصندوق النقد الدولي) وغاياتهم القذرة.
لنقرأ معاً بعضَ مما جاء في هذا القانون اللصوصي:
صدر القانون بـ 126 مادة منها 15 مادة تنظيمية.
تقرر المادة 11 موارد صندوق التأمينات الاجتماعية فتجملها باشتراكات المؤمّن (أي العامل او الموظف) والمساهمات الادارية والاعانات والهبات .. الخ،من دون ان تذكر مسؤولية الحكومة في دعم هذا الصندوق. ولم تذكر حق المتقاعدين في عائدات البلد من الصادرات النفطية. وكأن لاحق للمتقاعد في ثروة بلده.
بينما رفعت المادة 34/في اولاً؛ سن التقاعد الى 65 عاماً في مخالفة واضحة وصريحة للنيل من عصارة عمر العاملين حتى اللحظة الأخيرة.
فيما تذهب المادة 39 بشكل لصوصي محاصصاتي واضح إلى إعفاء كل من جرى تعينه بمرسوم جمهوريأو بقرار من مجلس الوزراءأو رئيس الوزاء أوهيئة مجلس النواب من شروط الإحالة على التقاعد، لكي يشمل كل أزلامهم وحماياتهم ومحسوبيهم الذين يربو عددهم على عشرات الآلاف، حتى لو خدم يوماً واحداً، ناهيك عن حجم الرواتب الفلكية التي يتقاضونها. أي أن الشخص الذي وفّرت له القوانين الفاسدة فرصة عمل ذهبية سيتمتع براتب تقاعدي ممتاز بعد أشهر أو أيام قلائل من خدمته.
وتحدد المادة 40/ في اولاً، عمرالمتقاعد في استحقاق الراتب التقاعدي للمصابين بإصابات العمل، فتقول إنّ المؤَمّن لايستلم راتبه التقاعدي حتى يبلغ سن الـ(50) سنة. أي أنّ المتقاعدين بسبب حوادث العمل والعاجزين بسبب اصابات وأمراض العمل .. الخ، لايحق لهم استلام الراتب التقاعدي حتى بلوغ الـ50 أي أنّ المتقاعد في سن الثلاثين مثلاً ينتظر عشرين سنة لكي يحق له التمتع براتب تقاعدي. من دون اضافة استحقاقات السنوات التي تكمل عمره حتى الخمسين.
كما أن نفس المادة 40 في ثانياً، تضع معادلة للراتب يصل في افضل الاحوال الى 60% من آخر راتب استلمه المؤمن قبل تقاعده. متجاوزة بذلك على نسبة الـ80% التي أقرّها هذا القانون نفسه. وهذا وحده يكشف طبيعة التلاعبوالالتفاف الذي نظمته البنوك الدولية القذرة عدوة استقرار الشعوب.
ولنتابع أيضاً ما تذكره المادة 49 عن استحقاقات خَلَفِ (أو ورثة) المتقاعد المتوفى. فلكي يستحق الخلف الراتب التقاعدي او حصته من الراتب التقاعدي اذا كان هناك عدد من الورثة ، تشترط هذه المادة أن لا يتقاضى الخلف راتباً وظيفياً أو تقاعدياً أو حصة تقاعدية وليس له مورد خاص ولا يتقاضى أجراً أو غير مستفيد من إعانة أوغيرها..الخ، وأن يكون الأبناء والاخوان في سن أقل من 18 سنة لغير الطالب. وأن لاتكون البنت أو الاخت في ذمّة معيلٍ شرعي، وتفاصيل كثيرة تتعلق بالاعمار والتزويج والطلاق الخ.. أي أن الحصول على هذه الحقوق يتطلب من عائلة المتقاعد المتوفى أن يستجدوا حتى يثبتوا كل هذه التفاصيل المطلوبة منهم أمام دائرة صندوق التأمينات الاجتماعية، حين يتقدّمون بطلباتهم للحصول على مستحقاتهم. ولنتصور أنّ ذلك كله يجري في هذه البيئة الفاسدة، وفي دوائر حكومية شديدة الفساد، ولنتصور كذلك حجم التعب الذي سينال من هذه العائلة، وحجم الاموال والرشاوى التي سوف يقدّمها هؤلاء المساكين لكي ينالوا حقّهم إذا نالوه، لأن هذه الشروط كما نعلم، تتطلب مراجعات لعدد كبير من دوائر الدولة الفاشلة.
ولابد من التذكير، أنّه قد سبق للبنك الدولي أن قدّم نصائحه التخريبية إلى الحكومة العراقية في موضوع القروض الخارجية وأمور أخرى منذ دخوله الحياة الاقتصادية العراقية على يد (مهدي الحافظ) أوّل وزير للتخطيط بعد الغزو الامبريالي الامريكي عام 2003 فكان من نتائج نصائحه الاولى وقف الدعم الحكومي عن الوقود، فارتفع نتيجته سعر لتر البنزين من 20 دينار عراقي الى 450 دينار أي بنسبة 2250%. ثم جاءت نصائحه الاخرى في الاعوام 2006و2008 والتي طلب فيها من الحكومة العراقية ايقاف دعم صندوق تقاعد العمال، والكف عن دعم البطاقة التموينية، وايقاف التدفقات المالية عن المشاريع النفطية الوطنية من مثل اعادة تأهيل المؤسسات النفطية وتكرير النفط وانتاج الوقود محلياً وأيضاً الكف عن تدعيم عمل المؤسسات المستفيدة من اسعار الوقود المدعومة كما في المؤسسات الصناعية المنتجة مثل معامل البتروكيمياويات ومعامل الاسمدة وغيرها.
والمشكلة أنّ تصريحات الحكومة الانتقائية مكشوفة الهدف والغاية ومخجلة، فهي تؤكد بشكل صريح ومكشوف على الخصخصة وتنمية القطاع الخاص، الذي تروّج لحسناته الكاذبة، وتدّعي زوراً أنّه المسار الاقتصادي الصحيح، وهو هدفها وهدف الامبرياليين المحتلين، بينما هي تعلم أنّ هذا القطاع يفتقر الى الرقابة في الكثير من افضل الدول تنظيماً فكيف سيكون حاله في العراق في ظل هذه الفوضى وسوء الادارة والفساد والجهل وغياب الرقابة العمالية والحكومية وغياب المهنية في العمل وتفشي الرشوة في متابعة مخالفاته؟ وهي تعرف كذلك انه قطاع غير منظم وتسوده الفوضى. كما أن الجميع يعرف أنّ القطاع الخاص هو المشكلة العويصة والمستنقع الذي سيغرق فيه الاقتصاد العراقي سنوات لانهاية لها عاجزاً عن اللحاق بأفقر البلدان وسيبقى اقتصاده متخلفاً وضعيفَ النمو مقارنة بغيره من البلدان القريبة الشبه به، ناهيك عن خضوعه الدائم لهيمنة الشركات الاجنبية والبنوك الدولية.
ثم أنّ الحكومة تتغافل عن حقيقة أنّها قامت بكل هذا الالتفاف المخزي، بل الخدعة الخبيثة، لكي تقوم بتسديد الديون الخارجية للأموال التي اقترضتها وأهدرتها في نظام السرقات والنهب الذي صنعه المحتلون، وهي الديون التي تجاوزت 122 مليار دولار حتى الآن، بل هي تذهب للحديث عن أهمية هذا القانون من ناحية تنظيمية كما تدّعي. فقد صرّح وزير العمل والشؤون الاجتماعية، بأن القانون هذا سيضمن راتباً تقاعدياً للعاملين في القطاع الخاص يوازي الراتب التقاعدي لموظف القطاع الحكومي. أيّة إكذوبة هذه؟ كما أنّ أذرعها الاعلامية تتحدث عن توفير التأمين الاجتماعي في هذا القانون وكأن القوانين السابقة اهملته، وتتحدث كذلك عن حقوق المرأة العاملة والتأمين الصحي، كما لو أنّ العراق لم يشهد قانوناً في تأريخه غيرهذا القانون يمكنه رعاية العمال والموظفين المتقاعدين، إنّهم يحاولن تجهيل الناس، بالقوانين السابقة التي قدم العمال أعمارهم في تأسيسها وهم يضغطون على الحكومات من أجل اقرارها.
يبقى هذا القانون مشروعاً غيرَ عراقي، لا يعني بمصلحة العراق وابنائه، بل سينقل العراق الى نوع من الفوضى الاقتصادية غير المسبوقة، أساسها الإستيلاء على ثروات العراق والهيمنة على اقتصدياته. وحينما تجري المصادقة عليه فإنه سيلغي 18 قانوناً من القوانين المهمة التي جرى تأصيلها عبر السنوات الطويلة الماضية، وكان ثمنها حيوات الشغيلة العراقيين ودماءهم. وأول هذه القوانين التي ستلغى؛ قانون االتقاعد الموحد الذي لم يجف حبره بعد، وهي استحقاقات كفاحية كلها، جرى تأسيسها لتكون قوانينَ منظّمة لحياة العمال والموظفين في البلاد عموماً. ولابد اننا نجد في رفض وزارة التعليم العالي الرسمي لهذا القانون، بسبب تعرضه لحقوق التدريسيين الجامعيين، صورة واضحة عن سوء هذا القانون وخطره على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية للناس في العراق.
لنقف معاً ضد هذا القانون التعسفي .. لنشجبه ونشجب التصويت عليه واقراره..

حزب اليسار الشيوعي العراقي
29/8/2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر