الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب :السيميائيات السردية : سعيد بنكراد . واثق الواثق.

واثق الواثق

2017 / 9 / 1
الادب والفن


#واثق_الواثق: قراءة في السيميائيات السردية : سعيد بنكراد .
تحدث سعيد بنكراد في كتابه "قراءة في كتاب السيميائيات السردية" في معرض حديثه عن كتاب " الدلالة البنيوية" الشهير لكريماس عام 1966، تحدث عن الكتاب كونه برنامجا نظريا لتيار سيميائي يعرف بالسيميائيات السردية ،وغايته من البحث في هذا الكتاب وهي البحث في الأسس المعرفية التي انبت عليها هذه الدراسة .وأكد بأنه لا يضيف شيئا إلى ما أنتجته الحضارات الأخرى من دون أن يناقش الأسس الفلسفية التي انبتت عليها النظريات التي يتم تداولها عندنا ، وفي كل أرجاء الوطن العربي . وان الوقوف عند حدود المقترحات التحليلية التطبيقية رغم أهميتها لا يمكن إلا أن يؤدي إلى إنتاج نماذج ممسوخة لا ترقى إلى الأصل ولا يمكن أن تنتج معرفة تخصنا وتخص حياتنا . مؤكدا ان استيعاب النماذج في أصولها ومساءلة أبعادها الابستمولوجية هو وحده السبيل إلى اغناء معرفتنا بأنفسنا ،ومعرفتنا بالأخر ، فما يأتينا ليس مجرد مفاهيم عارية من أي غطاء حضاري بل هي نماذج معرفية تخفي داخلها نمط الحياة والموت وإنتاج القيم ..ولذلك لقد غرب وشرق المتشبثون في المناهج النقدية الغربية الحديثة سيما –السيميائية- دون النظر في الأصول الابستمولوجية والانطلوجية والسوسيلوجية التي انطلقت منها هذه النظريات والكشف عن الآليات التي أدت إلى سيرورتها او سيرورة معانيها وانواعها وشروطها .
ويقول بنكراد : ان هذه النظرية (الدلالة البنيوية) ،تقدم نفسها على أساس أنها في تحليل النصوص السردية بجميع أنواعها إلا أنها تعد واقع فلسفة فيس المعنى وطرق إنتاجه وأنماط ودوده وانتشاره
وبهذا يعترف بان الولوج في عالم السيميائيات هو الولوج في عالم الميتافيزيقية والمنطق ..ما يحتاج إلى خلفيات معرفية وثقافية في هذا المجال لتكون أدوات تعين الباحث في عملية مطاردة واصطياد المعنى وترويضه بعد معرف الأصول المعرفية التي انبثق منها وكيفيه الانبثاق وطرائقها وأنواعها .
ويؤكد بنكراد : ان التجلي النصي لا يشكل سوى حالة مرئية لحالات تتخفى في أشكال مسكوت عنها يسصعب فهمها وإدراكها دون معرفة البنى الدلالية المطمورة فيها او الأنساق الثقافية التي تقف ورائها والوقوف على العناصر المكونة لها والتي تشكل تجلياتها المتعددة عبر الإدراك المستعين بمجموعة من التصورات الفلسفية الخاصة بالإدراك وإنتاج القيم وتداولها . هنا نستشف من بنكراد ان عمليت الرحلة داخل النص السيميائي تعد بمثابة انتحار ما لم تكن هناك أدوات تعصم الباحث من الوقوع في كماشة الاجترار أو الاغتراب أو تجاوز المحضور عبر التأويل غير المنطقي لولادة النص أو سيرورته وأدوات اشتغاله .
إذن -وبحسب بنكراد- ان الباحث او الناقد او المختص لا يمكن له ان يمر مرور الكرام عبر النص السيميائي ، مالم يقف عند حواجز المساءلة والتي يتجاوزها بأدواته المعرفية والثقافية واللسانية المختلفة وإلا فهو اما مجتر أو سارق .
فالبحث عن الأسس الأولية لكل تنظير او نظرية والكشف عن هفواتها ونقط ضعفها وقصورها وبدايات أصول نشأتها ، أمر لابد منه قبل البدء بالتنظير والتطبيق، وهذا -كما يرى بنكراد – امر بديهي بالنسبة للعلوم الإنسانية ، فالنظريات تتبلور وتتأسس انطلاقا من مجموعة من المعايير المميزة داخل او المنهج ، عبر مستويين : ( المعرفي ، والتحليلي ) .
فعلى الأساس الابستمولوجي ،يقول بنكراد : لا يمكن الحديث عن نظرية متكاملة إلا من خلال الكشف عن الأسس المعرفية التي انبتت عليها هذه النظرية فهذه الأسس المعرفية تخفي بداخلها تصورات للعالم والإنسان والوجود.لذلك يعيب على الذي اجتروا النظريات وطبقوها على نصوص سردية دون ان يعوا الأسس المعرفية التي انبتت عليها وأنواع وأشكال الدلالات فيها وأصول تشكلها ..سيما ان تطبيق نظرية ما على نص ما ، لا يخلو من تأويل أولي يمتد لعناصر هذه النظرية نفسها .وذلك وفق التصور الذي يملكه هذا الشخص المؤول عن الحياة .اي بمعنى لا يمكن ان تغرد خارج السرب كباحث ما لم تعي الأصول التي انطلقت او تشكلت منها هذ النظرية لتعينك بعد ذلك على إيجاد تأويل مناسب لها داخل النص .ويمثل لذلك بان صانعي الإشهار مثلا يستفيدون كثيرا من السيميائيات في صنع الإرساليات الاشهارية لترويج بضاعاتهم ، و السيميائيون يعملون على كشف الزيف الذي تتضمنه كل إرسالية اشهارية وفقا لمعرفة الجذور والأصول المعرفية والإدراكية والدلالية لها .وهذا يقودنا الى الكم الهائل من الدراسات الحديثة التي كتبت في السيميائية و-مازالت –هل أنها استوفت شروط البحث والتقصي والاستكشاف للتحليل والتطبيق ام هي كما يظن دراسات اقرب إلى المسوخ او الاجترار او النقص ..؟ ولهذا يقول : فان تبني نظرية ما لمقاربة ظاهرة ما ليس مشكلة تقنية تتلخص في امتلاك مجموعة من الأدوات الإجرائية البريئة ، بل هو اختيار معرفي وايديلوجي لا تنفصل نتائجه عن مقدماته .لذلك اقتصرت معظم الدراسات السيميائية الحديثة على مستوى التنظير دون التطبيق ، او ممارسة التطبيق على نصوص شحيحة او ركيكية سردية ، دون الولوج في الأنواع السردية الأخرى وان وجدت فهي ناقصة او قاصرة كما عبر عنها بنكراد في مقدمة الكتاب .
ويبدو ان مشكلة عدم امتلاك معظم الأدوات النقدية السيميائية وضع الباحثين في عجز وقصور وعي واضح عند ولوج أي نص سردي ، وعدم امتلاكهم للجرأة الأدبية النقدية تخوفا من الوقوع في كماشة الخطأ او الوهم ..
ويأتي التأويل الثاني كقراءة للنص والمنهج على حد سواء ، فأي ممارسة تطبيقية تحليلية تعتمد على الوعي والإدراك والقدرات العقلية لنظرية ما ، هي تأويل لها بشكل ضمني او صريح .
وأما المردود الثاني الذي ركز عليه بنكراد في تحليل النصوص السردية سيميائيا ، فهو العنصر التحليلي وهو القدرة على مراقبة المنهج او النظرية والكشف عن مردودية المنهج ومحدوديته من خلال وضعه داخل سياق نصي محدد ، ذلك ان تقليص المسافة بين الوج المجرد للنظرية وبين وجهها المتحقق يمر عبر مزج النظرية بالنص الى الحد الذي تذوب فيه الفواصل بينهما ويصبح اثر ذلك التنظير تطبيقا ، ويتحول التطبيق إلى تنظير ، فبتحقق هذه العملية او الغاية يتم رد النظرية الى منابعها الأصلية التي انبثقت منها .
وبهذا يختم بنكراد حديثه بان غاية أي تحليل هي مطاردة المعنى وترويضه ورده إلى العناصر التي أنتجته ، مستعرضا بعض الميزات التي تميزت بها نظرية كريماس ومنها : ( الشمولية في التصور والتحليل ، قدرتها -النظرية والتطبيقية – على معانقة الخطابات السردية المختلفة ).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما