الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معا من أجل الديمقراطية وحقوق المواطنين

فؤاد سلامة

2017 / 9 / 6
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


لا حياة سياسية في دول دكتاتورية غير جمهورية، كما في دول "جمهورية" محكومة بمجموعات عائلية مافياوية تسمي نفسها أنظمة وطنية أو علمانية أو تقدمية أو مقاومة أو معادية للأمبريالية. كيف يمكن في هكذا "دول" تصور قيام أحزاب تتنافس على تداول سلمي للسلطة؟ بقرارات فردية تمحى قرى ومدن ويزج باﻵﻻف في السجون والمعتقﻻت الجماعية، ويصدر أعلى قاضي مرتبة أوامر بجلب أي كان أمام المحاكم بناء على طلب رئيس شعبة مخابرات. كيف نتصور قيام أحزاب يمينية أو يسارية تسعى لخوض انتخابات تحدد نوع الحكومات في بلدان مثل "سوريا اﻷسد" أو "عراق صدام" أو "جماهيرية القذافي" أو دولة الولي الفقيه ظل الله على اﻷرض؟
في لبنان يمكن الادعاء بأننا في درجة أعلى من دول الجوار، إذا استثنينا إسرائيل البلد العدو اللدود والبلد الديمقراطي الوحيد الذي يطبق ديمقراطية على مواطنيه اليهود يستثني منها الفلسطينيين فيما بات يعرف بنظام الفصل العنصري. في بلد اﻷرز يمكننا أن نطمح لخوض انتخابات نيابية حرة وتعددية جزئيا، بمعنى أنه يمكن إيصال ممثلين للشعب خارج دائرة السلطة. وإن يكن هذا اﻷمر غير ناجز من الناحية الديمقراطية، لسبب بتنا جميعا نعرفه وهو ازدواجية السلطة والدولة والجيش. ثمة في لبنان دولة "فاشلة" مهلهلة، ودويلة مذهبية حديدية "ناجحة" ﻷنها مرتبطة بتمويل وإدارة خارجية. وثمة جيشان واحد رسمي خاضع للقوانين نسبيا، وآخر من طبيعة أهلية غير خاضع لقوانين الدولة "الفاشلة".
ما معنى أن يكون هناك أحزاب حقيقية في بلد كلبنان مثلا، بلد لا تطبق فيه المساواة بين المواطنين وبين الحكام والمحكومين؟ بلد تحكمه الزعامات العائلية شبه المافياوية، حيث لا يستطيع رجل أعمال بناء مصنع أو إنشاء شركة من دون شراكة قسرية مع المتنفذين أو من دون دفع خوة أو حصة في اﻷرباح، ولا يستطيع وزير اتخاذ قرار من دون رضا ولي نعمته، ولا يستطيع رئيس حكومة تشكيل حكومته من دون موافقة المندوب السامي المحلي الذي يمثل قوة إقليمية مدججة بالسلاح؟
شرط قيام يسار ويمين أن تكون هناك دولة ومؤسسات فاعلة، وقضاء يحكم بالعدل، وليس مجرد دولة شكلية تسير فيها اﻷمور بالإيماءة، من خارج القوانين والمؤسسات. لذلك فإن أقصى ما يمكن أن يطمح إليه المعارضون هو العمل على تشكيل معارضة جمهورية منظمة تسعى لممارسة أقصى درجات الضغط على الحكام، لتطبيق دقيق للقوانين والدستور، ولفصل السلطات، ولمنع تدخل القوى الخفية في عمل المؤسسات.
ينبغي الحرص على التقاط فرصة اﻻنتخابات النيابية القادمة لتحقيق أعلى درجات الوحدة بين مكونات المعارضة المختلفة، بهدف إلحاق هزيمة بلوائح الطبقة السياسية، المتفقة على نهب الدولة والمواطن، المختلفة على توزيع الحصص والمغانم. الأسباب التي قد تمنع توحيد المعارضة يمكن أن تكون طمعا بحصة نيابية متواضعة هنا أو هناك، أو وعدا بموقع سياسي، أو شراكة في صفقة ما . ولكن المعارضة تخسر، بعدم توحدها، إمكانية كسب الرأي العام، في وضع تتصاعد فيه النقمة ضد السياسيين التقليديين، وتقوى الرغبة في التغيير، بعد كل ما حصل ويحصل من أزمات معيشية وبيئية، وما يظهر على سطح جبل جليد الفساد من فضائح وسرقات، ما يعني أن المخفي أعظم، والمستور أكبر وأدهى من المكشوف.
ما تكشف عنه الحراك المدني منذ صيف 2015 هو الإخفاق في اتفاق مختلف مكونات الحراك على خطة تنظيمية لقيادة العمل المشترك، وسيطرة العفوية الفوضوية على الحراك. ضمانة نجاح أي تحرك شعبي هي في وجود تنظيم حازم يمنع التجاوزات ويحول دون عبث العابثين والمشاغبين، كما في وجود لجنة عليا للتنسيق تقوم باﻹشراف على تنظيم التحركات، وتحديد الشعارات واﻷهداف والوسائل الملائمة.
قد تنعكس مكامن الضعف أعلاه على التحضير للانتخابات، فيذهب المعارضون لخوض المعركة بالمفرق وليس بالجملة، أي بصفوف مبعثرة وليس عبر تنظيم وتخطيط دقيق لكافة الجوانب السياسية واللوجستية للمعركة الانتخابية. لذلك ينبغي على الحريصين على نجاح المعارضة أن يحسبوا حساب كل جوانب المعركة وأن يكون التحضير بأعلى درجات التنظيم والمتابعة.
كما يستحسن أﻻ يستثنى من تحالف المعارضة أي طرف مستقل عن السلطة، شرط أن يكون معيار الجدية في التعاون، وجود لوائح موحدة للمعارضة في كل المناطق، وتبادل الدعم، وتجيير اﻷصوات في كل الدوائر الانتخابية. لن يكون الوقت للتفاهمات الأيديولوجية وليس طبعا ﻹسقاط النظام، ولكنه وقت التفاهمات البرنامجية العامة، أي التفاهم على تشكيل جبهة انتخابية معارضة تبلور خطة واضحة وتحدد مهامها، وعلى رأس هذه المهام إعادة الاعتبار لقيم الجمهورية، أعني الديمقراطية والمساواة والحرية والعدالة عبر ترسيخ دولة القانون والمؤسسات، وإنهاء ازدواجية السلطة والجيش، والبدء بإصلاح القضاء وتحقيق استقلاله عن السلطة التنفيذية، وتحرير مؤسسات الرقابة والمحاسبة من تدخل السياسيين وأزلامهم، وإصلاح اﻹدارة لتقوم بدورها بتأمين الخدمات اﻷساسية للمواطنين بالسعر المعقول والجودة العالمية.
ومن الضروري أن تستند أرضية التحالف المعارض العتيد على دعم الترشيحات التي تتمتع بالمصداقية وتمتلك مواصفات الكفاءة ونظافة الكف والاستقلالية عن الطبقة السياسية بمختلف أطيافها، على أن يتعهد المرشحون في حال فوزهم بتشكيل كتلة نيابية مستقلة تدفع بثبات وإصرار لتحقيق برنامج الحد اﻷدنى المتفق عليه.
وحدة قوى المعارضة، الديمقراطية وغير الديمقراطية، هي شرط تحقيق نجاحات نسبية في هذه الانتخابات. والنجاح اﻷهم سيكون، اذا صدقت نوايا المعارضين، في بلورة تيار شعبي عابر للطوائف والمناطق، يعمل أفراده يدا بيد ﻹعادة إحياء الحياة السياسية في الجمهورية المتهالكة، في مواجهة الطبقة السياسية التحاصصية الفاسدة، ولتشكيل رأي عام موحد في الضغط على الحكومات لتقوم بواجباتها في خدمة المواطنين من دون تلكؤ، ولاحترام المهل الدستورية، ولحماية المال العام، ولوضع حد للتدمير المنهجي للبيئة، ووقف الهدر والنهب المنظم للثروات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا