الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الحاجة الى طه حسين

نقوس المهدي

2017 / 9 / 9
الادب والفن


“ضوء عينيك، أم هما نجمتانِ = كلهم لا يرى وأنت تراني . .
إرم نظارتيك ما أنت أعمى = إنما نحن جوقة العميان”.
نزار قباني


طه حسين أكثر من أديب و ناقد و منظر و باحث شمولي، و اكثر من فيلسوف و مفكر موسوعي و ما تضيق التصنيفات عن حصره من الالقاب و التشريفات و التسميات ، هذا الذي اسبغت عليه عمادة الادب العربي اهابها في زمن انتفت فيه الالقاب ، و بوقت كان الفكر يهجع في سبات سحيق ، و ربما يكاد ان يشيخ في حضن العباءة و العمامة والخرافة و الاسطورة و الغيب و القداسة ، و في زمن كاد الفكر في مصر أن يضيق درعا بمقولة بضاعتنا ردت الينا التي قال بها الصاحب بن عباد ، لتنميط او تشنيع الادب القادم من الاندلس و المغارب ، فاستن للفكر منهجا و طريقة اربكت حسابات المحافظين وحساسيتهم المفرطة ، و قلبت موازينهم و رؤيتهم للاشياء و الظواهر ، و غيرت الذائقة الادبية السائدة في زمانه ، مما ألب عليه الازهريين الذين يقرأون عن طريقة الشم و الحدس ، فشككوا في ادبه و دينه و عقيدته و وطنيته و قوميته و انتمائه، و جرجروا كتبه الى محاكم تفتيش امتدت منذ عشرينات القرن الماضي لتطول كتاب الايام في مشارف القرن الحادي و العشرين..

و لأنه ، و في عقيدة طه حسين ليس هناك من مقدس سوى استقلالية الفكر و نزاهة التفكير و كرامة الانسان ، فقد كان سيد المواقف العظيمة و الجسيمة ، فاعطى للتعليم او وزارة المعارف هيبتها وكرامتها ، و دعا بكل شموخ بالزامية و مجانية التعليم الذي يجب أن يكون كالماء والهواء ّ ، في كافة بر مصر ، حتى لا يدع فوقها أميا ، و استقال من الوزارة احتجاجا في الوقت الذي ينبطح فيه المثقف العربي لتقبيل يد الحاكم و السلطان ، قائلا ذات مرة : «أن الله لم يخلق بعد إنساناً يستطيع أن يفرض على ما لا أحب، و أن يضطرّني إلى ما لا أريد» .. و دعا لترشيق اللغة العربية لمسايرة و تليية متغيرات العصر ، و كتب القصة القصيرة و الرواية و السيرة و النقد الادبي ، و تناول الفتن الكبرى التي طرأت في فجر الاسلام ، و رافق العديد من الشعراء القدامى ، فانصفأبي العلاء ، و هاجم المتنبي ولازم الابن الرومي ، و شكك في الادب الجاهلي جملة وتفصيلا ، و خاض غمار معارك ادبية لينة ، إلى ضارية احيانا ، لكن لا تكاد تخلو من سجالية ظريفة ، ومواقف طريفة ، كانت اشرسها مع عباس محمود العقاد و ابراهيم عبد القادر المازني و احمد شوقي و المنفلوطي و مصطفى صادق الرافعي و غيرهم .

و ان اذكر فاني لا أزال اتذكر ان اديبنا الكبير اثار الكثير من الجدل و الغضب بين صفوف شباب زمانه من كتاب ستينيات القرن الماضي حين كان يصف احدا من المتهافتين على ميدان الادب بدون متاع و لا مرجعيات ادبية بــ " الناقود " الفلاني ، او يصف كتاب الجيل الصاعد من الشباب الواعد آنئذ بـ " المتأدبين " ، وهي دعابة تخلو من التهكم ، لكنها لم ترق على أية حال أولئك الشباب الذين اصبحوا كتاب مصر و أملها ، إلى غير ذلك من تلك التسميات التي لا تاتي من باب التهكم و الاستخفاف ، بقدر ما تصنف من باب اللطف و الطرافة و النصح احيانا كثيرة بعكس غريمه العنيد العملاق عباس محمود العقاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب


.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل




.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف


.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي




.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال