الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف نرمي الحجر على التكرار؟ كيف نصنع سؤالنا في الحداثة؟

علي حسن الفواز

2006 / 2 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


البعض يتذمر من التكرار وينعت الكتّاب المتورطين بآليته واغوائه بانهم عاطلون عن الابتكار ،،يكررون التقاط المعنى المباح على الطريق ويسقطون في
فخاخ المشابهة ، هذا البعض المتذمر الساخط يبدو وكأنه ألاقرب الى هاجس ( الحداثة) ونزعاتها الشكلانية والتوصيفية وما تحمله من نزوع نافر ومريب احيانا! جعلته يتوهم السكنى لصق خطاب الحداثة ،هذا الفضاء المفتوح على ضرورة التميّز وحيازة شروط ( الذاتوية ) الفاعلة بنقيض ما يفترضه التكاثر الطفيلي على جسد اللغة عبر التكرار في التوصيف وفي المشابهة .. وحين نقول ان الكتابة الشعرية الجديدة هي اكثر الكتابات جرأة واباحة وربما هي اكثرها اثارة للاسئلة ،فاننا نقصدتلك الكتابة التي تتمثل ميكانزمات وآليات خاصة واستثنائية في تأمل العالم و في اعادة انتاج الجسد النصوصي ـ وبالاتجاه الذي يجعله كشفا لعوالم سرية بعيدا عن القياسات الاخلاقية التقليدية التي وضعت النص في بنيا ت ايقونية أو مقدسة، وربما هي التي ورطت النقاد في البحث الاشكالي عن الهوية أو النوع الشعري ، انها هنا تمثل محاولة في اصطناع مزاج شعري له لذاته ومخياله ونصوصه وشفراته وانزياحاته مثلما هي ايضا محاولة للهروب من التدوين التاريخ الذي يتمتع بالذاكرة القاسية والقوة ومرجعية الجماعة والقياس الذي سيضعنا دائما امام اشكال ونصوص متصالحة في السياق !!!
لذلك فان البحث عن الاختلاف في الكتابة او في كتابة الاختلاف يأتي عبر الكشف عن الجسد اللغوي / النصوصي خارج كثافة الغابة القديمة وتلمّس تفاصيله الناتئة ومحاولة استنطاق وعي الحرية عبراحلام الشعراء الباحثين عن اشياء استثنائية وعن روح شخصانية سرية ومعلنة لايمكن تكرارها في الكتابة ، وربما اجتراح محاولة اكثر براعة واطمئنانا للخلاص من اقفاص التأويل القياسي /الحكومي / السلطوي الذي يحاول دائما ان يقتسم والشعراء ارث المعاني والافكار ويشاطرهم في صناعة اطمئنانات شعبية وثقافات تشبه في نسجها ثياب النوم وثياب العمل تحت وهم الابتعاد عن تخريب الذائقة البريئة للمواطن !!
ولكن البعض ازاء هده الاشكالية المعقدة يتوهم بان ( الحداثة ) هي اشبه بلعبة موت
الاب الفرويدي ، اذ يصبح الجسد ( الجنساني ) مباحا للارث واللذة والخطيئة والاغتصاب ، او انها ستكون اشبه بمحاولة رمي الحجر على خطيئة الجسد القديم ومحاولة الكشف عن منطقة الفراغ الحادثة بعد نفيه وطرده ! لذا يدخل هدا البعض في حمى المراودة والسهولة وبالتالي لعبة التكرار ، وهذا يحدث طبعا خارج ارادة الوعي الذي ينبغي ان يكون تطهيريا وصدمويا ، له لغته وتفاهماته التي يؤسس لها
معرفة واكتشاف اسباب التغاير والتحول ..
لقد بشرّ الكثيرون بحداثة النمط الكتابي الجديد وحملوا له المشاعل وادخلوه في جدل طويل واسئلة ذات عمق بنيوي لاحدود له ! واجترحوا له عالما مفهوميا تعددت فيه التسميات والانساق والاجهزة الاصطلاحية حتى بات هذا النمط وكأنه عملية طرد كاملة للتاريخ ودونما شروط ..
ان التكرار والسهولة اسقطا هده الكتابة في السذاجة والغموض المفتعل وربما الاخطاء حتى في اعادة تجنيس النوع الكتابي واعطائه هوية لغوية او معرفية او نقدية ،، ولعل ما قاله ادونيس في ذروة تذمره من تشابه الكتابات الشعرية والنثرية العربية بانها ( اصبحت كتابة بلا شكل او كتابة بلا كاتب ) يمثل ملاحظة دقيقة تؤشر وعيا نقديا ومعرفيا بخطورة استشراء ظاهرة التكرار والمشابهة في لحظتنا الثقافية وشيوع نمط الشاعر الجاهز المتورط باعادة انتاج ظاهرة الاشاعة الشعرية المكررة !!!
ان البحث في جوهر هذه الكتابة مقابل جواهر استثانئية يكشف حجم الاخطاء التي يرتكبها بعض مثقفينا المنخرطين باوهام الحداثة والباحثين عن اشكال ومسميات لمركباتهم الشعرية والسردية ،اذ يكشف هدا البحث عن طبائع القلق الذي يعتور فهم المناهج الثقافية والمعرفية والنقدية وقراءتها وتطبيقاتها ازاء حيازة وعي الكتابة المحمولة على خصائص الفرادة والتميز وليس التماهي مع سايكولوجيا الركام الملقى على الطريق المباح والمخلوط بظاهر المعاني والاشكال ...
ان تحديد الجوانب الاجناسية للكتابة الجديدة وادراك مرجعياتها الواعية يمنح الدارس مجالا لاستيضاح الكثير من الغوامض التي تلف اجندة المشروع الحداثوي فضلا عن تهيئة الفضاء النقدي في مستوياته المنهجية والاسلوبية والجمالية لان يكون دافعا حيويا في التعاطي مع هذا المشروع في اطار وعي حاجته كضرورة للتغاير وكأختيار يمثل وعي الحرية في جوهر خطابها الفلسفي والوجودي ، واننا اذ نجد ان مشروع الحداثة الثقافية لم يؤسس له تقاليد او حتى انسنة خطابه في انماط التداول الثقافي ، فان ذلك يؤشر خللا في وعي الكثير من القوانين التي تحكم الحداثة كمشروع في تجديد الوعي والقراءة والفهم والنظر الى العالم وارهصاتها التي تستحضر مصادر تغدية دائمة تكون بمثابة الروح الحية التي تلامس جوهر الاشياء وتدفعها الى التجدد في اطار الرغبة والتعبير عن حركة الاشياء وقوانينها الداخلية،والتي لايمكن النظر اليها من منظار جماعي وكأنها تأسيس في الايديولوجيا بقدر ما ينظر اليها كشروع الى المغامرة التي تجسد نمدجتها في خصوصية هده المغامرة وفرادتها التي تنأى عن التكرار والمشابهة الى اجتراح اللحظة الشعرية الثقافية كنوع من المتعة والانكفاء الى الدات والتجوهر حولها !! وهو الدي يمنحها القدرة على ابتكار معان غير حوشية وجماليات غير مألوفة وتظل وقفا على القراءات التأويلية ...
ان قراءة معمقة لتجارب ذات خصوصية في مشهدنا االثقافي تفصح عن اشكالات معقدة تكرست بسبب شيوع الاشاعة الثقافية وبسبب ثقافة التكرار ! التي اسهم في تكريسها الاعلام الثقافي الايديولوجي خلال سنوات الستينيات والسبعينيات والثمانينيات ، ورغم تميز بعض التجارب الشعرية والسردية والذي حدث بسبب قوة هذه التجارب اولا وانفتاحها على حواضن اخرى اسهمت في تعزيز روحها واغناء مشروعها ثانيا، اذ تظل الحاضنة الايديولوجية أكثر الحواضن تأثير في تشكيل ملامح المشهد الثقافي العراقي ، خاصة بعد نشوء ما يسمى بالدولة القومية بعد عام 1963 ومحمولها العقائدي الذي اندفع باتجاه الدعوة الى وجود ما يسمى بالمثقف الايديولوجي ، واظن ان هذا المثقف هو المسؤول عن تداول ( مؤسسة الايديولوجيا ) القمعية والتي مهدت في ما بعد الى انتاج اكبر عملية طرد ثقافي في التاريخ ، اذ خرج المثقفون العراقيون الى المنافي ، وظل مثقفو الحلم يمارسون صناعة ثقافة التورية والترميز وربما الصمت الذي يشبه الموت ، وقد ظل المثقف السلطوي المتورط باديولوجيا الامة !!!!! يصنع المدائح للكارزما السياسية القومية ويمنح الحرب القهرية تعاويذه واصواته .... والتي اسهمت الى حدّ كبير في الوقوع في سايكولوجيا النكوص حيث عادت القصيدة التى تراثها الصوتي وعاد السرديون الى تراثهم الحكواتي الساذج ، واظن ان هذا المعطيات هي المسؤولة الى حدّ ما عن تكريس ظواهر التكرار واعادة انتاج ما هو منتج في ثقافتنا !!! وازاء هذا يبدو الانزياح الحداثوي مغامرة كاملة في المختلف او ربما صدمة للجسد القديم ، لانها ستواجه التاريخ والتدوين والسلطة والايديولوجيا والذاكرة والمثقف الايديولوجي ، واظن ان مثل هذه المواجهة ليست سهلة رغم انها مكشوفة !! حيث سيواجه المشروع الحداثوي عقلا مركزيا تكرست عوامله الوجودية والاجرائية بفعل عوامل التهزيم لكل مغامرات الحداثة السابقة وانهيار ثقافة النهضة الى ثقافة للشك با لآخر وبالتالي رمي الحضارة الانسانية بالحجر ونعتها بالكفر ، وهذا ما يجعلنا نعيد التساؤل ولمرات عديدة حول ضرورة التحديث والاصلاح وتأهيل البرامج الثقافية لتكون فاعلة في العصر( السبراني) واعتقد ان انقاذ الثقافي من ازمته وتكراره سيكون هو الاساس في انقاذ السياسي من خرابه الايديولوجي وعقائده الرثة وبالتالي تهيئة العوامل الموضوعية للحديث عن تنمية ثقافية فاعلة تدخل الحداثة في اجندتها ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد تصريح -مهزلة-.. غضب في تل أبيب على الوزير بن غفير: يلحق


.. مقاتلات -إف 35- الإسرائيلية المشاركة في هجوم أصفهان استخدمت




.. رئيسة المفوضية الأوروبية: علينا فعل كل شيء لمنع جميع الأطراف


.. مسعف فلسطيني يتفاجأ بأن الضحية ابنه حيث سقط برصاص الجيش الإس




.. قائمة بأبرز الأهداف التي استهدفتها إسرائيل بالهجوم داخل العم