الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطوف تزهر في الصحراء

سالم المرزوقي

2017 / 9 / 24
الادب والفن


قطوف تزهر في الصحراء

كان متأكدا بعد سبع عجاف في تونس وقرون من سيادة الجهل أن جيلا جديدا سيظهر ويتجاوز بغاءنا الفكري وعهرنا الأدبي الذي أوجد بؤسنا الثقافي وعقمنا السياسي والاجتماعي،كنت مهووسا بالحتمية لحد "الخرف"عند الأغبياء والحمقى،كنت مؤمنا أن تونس التي أنجبت الشابي وابن خلدون والحداد ومحمد علي... ليست عاقرا لهذا الحد الذي يروّج عنا،ليس هذا فقط بل كنت محرضا للشباب على" نبذنا" وتجاوز قبحنا وغلاظة ذوقنا وصرخت ،يجب إطلاق الطاقات خارج الغرف المظلمه الفاقده للنور وتجاوز هذا الجيل الذي شاخ وهرم وانخفض نبضه وفقد بصيرته وصار ضريرا في عالم يتحرك بسرعة الضوء بفضل العلم والتقنيات الرقميه...
حدسي كان في محله لإيماني المطلق بالتطور والبقاء للأفضل، الجديد مجلة "دواة" الالكترونيه التي ولدت في أقاصي صحراء الجنوب التونسي،جميلة كزهرة متفرده في فضاء شاسع تبدد سكونه بأصوات شبابيه تجعل من الجماليه قيمة قصوى بعد عمّت الرداءات يمينا ويسارا وتتنفس حرية بعد أن اختنقنا بالتلوث السياسي وتبعث فينا الأمل والتفاءل بعد أن أصابنا الاحباط واليأس..."دواة..ذخيرة الريشه ورحم الحرف..وما الاصابة بالمستحكمه دون عدة وما الجنين بالحي دون وصلة الدم.." هكذا أبدعت سميه الشرع تعريفها للمشروع الطموح الذي احتضن مشاعر بلقاسم بن محمد ليناجي مجتمعه"حين كنت صغيرا،كنت أرقص على السلام برجل واحده حافيه..حتى ألقت أمي كمية الفلفل في وجهي وأصابني بالشلل..منذ تلك اللحظة لم أعد قادرا على الرقص ولا على الرؤية ولا على التفكير..كنت في حاجة للسلام للمرة الأخيره لكن السلام خانني !".التعبيرات واضحه لا لبس فيها تريدنا أن نثأر للحب والجمال والسلام من العنف والظلم والكبت وهو ما عبر عنه أكثر حامد بالحاج ابراهيم في نصه" حينها لا تبالي،فهنا، وفي هذا المحراب العظيم،كتب لكل بني آدم نصيب من الخجل،قد تقول له:يارب أنا ذليل،أنا مكبل،أنا محبوس بالذنب،أنا مكبوس بالوهم،أنا المدسوس بين الصالحين متخفيا،أنا المنكوس في الظلمات مترديا،يا رب أنا الكذاب." ويجد حامد صدى صوته لدى علي بنحمد في إيجاز فاضح صارخ "نخرج عن السيطره لمجرد أننا أحببنا"،في الأخير تختم أماني بنسالم معزوفة هذا الشباب الحالم" كانت تحتاج أمها تعلمها كيف تعيش الحياة كنعمة لا كنعمة(العباره نقلتها كما وردت في المجله وأظنها غلطه مطبعيه فالكاتبه تريد أن تقول كنعامه في الأولى وليس كنعمه)،كانت تحتاج أمّا تخبرها أنها في كل حلم يفصلها عنها،هي هناك ترقبها كنجمة أو كسلم موسيقى وتحرسها كاقحوانة عجوز..."
لم تكتفي "دواة" بالقصه والنقد والشعر بل أثثت عددها بلوحات جميله وفنون الخط العربي والكاريكاتير والصور باخراج متقن واحترافيه عاليه وطعّمت محتواها بمقالات علميه في الفيزياء والبيئه ما يمنحها شموليه متجانسه رغم تعدد المشارب الثقافيه ،"دواة"هذا المولود البكر يحمل في أحشاءه ثغاء الشباب من مجتمع مستلب،هجين، مخترق،غير متجانس،ديدنه النفاق والخضوع والضوضاء.
"دواة" روحها ثوريه وسقفها الجمالي عالي وبذرة التمرد على الرداءات زرعت في عددها الأول وطموح الساهرين عليها لا متناهي لتطويرها نتمنى لها ولهم النجاة من طوفان الجهل والتخلف الذي يكتسح المشهد الثقافي في تونس.
ملاحظه:
هذا عنوان ـ دواة ـ الالكتروني ،لكن للتنبيه أن على الأنترنت ثمة عديد الصفحات بهذا الاسم أشهرها دواة التي تصدر عن دار اللغه والأدب العربي العراق ـ

http://online.fliphtml5.com/lgkg/ykyp/

سالم المرزوقي ـ تونس ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81