الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حسن السيرة / قصة قصيرة

عبد المجيد طعام

2017 / 9 / 26
الادب والفن


طرق الباب ، ثم استأذن و دخل المكتب ، و جد نفسه أمام رجل ذي كتلة جسدية ضخمة تظهر عليه نعمة الراحة و الإفراط في الأكل ، سلم لكنه لم يسمع الرد فاقتحم الصمت المفروض و قال بصوت خجول :" سيدي... من فضلك أريد أن تسلمني شهادة حسن السيرة...أنا بأمس الحاجة إليها...من أجل تكوين ملف وظيفة...المسؤولون ينتظرون أن أسلمهم ملفي اليوم....أرجوك سيدي ...الله يعطيك حجة..."
لم يعره الرجل أي انتباه فقرر أن يكسر شيئا من جدار الصمت المهين و بقليل من الإصرار قال: ": سيدي ...من فضلك أريد أن تسلمني شهادة حسن السيرة...أنا بأمس ..." بعنف مسموع أغلق الموظف كتابا متوسط الحجم كان بين يديه و صرخ في وجه الشاب :" ألا ترى بأنني أعيش لحظة خشوع تام مع كتاب الله !؟...أتدبر آياته....ألا ترى أنني منهمك في إتمام وردي الصباحي !؟... أنا جد متعب .. لم أنم إلا قليلا .. أقيم الليل.. أنفل كثيرا ..و آتي في الصباح إلى المكتب للعمل....ألا ترى كل هذا الذي أقوم به في سبيل الله !؟ " و في حالة تشبه الهيستيريا استطرد الموظف صائحا :" لماذا لا ترخص لنا هذه الحكومة بالعمل فقط بعد الظهر!؟ ألا يقولون إنها حكومة إسلامية !؟ وا عمراه ! وا معتصماه وا إسلاماه! ! ! "
أنهى الموظف هذيانه ثم نظر إلى الشاب نظرة امتزج فيها الغضب و الازدراء و قليل من الشفقة وقال له ملوحا بالقرآن في الفضاء :" يا ولدي.. إن حسن السيرة لا تثبتها أوراق الدار الفانية...حسن سيرتك يشهد عليها هذا الكتاب العظيم ... يا ولدي يوم القيامة سيكون للقرآن لسان ...لن تحتاج إلى أية شهادة من أي مكتب... القرآن هو من سيمنحك مفاتيح دخولك إلى وطنك الأصلي .. إلى جنة الخلد ...الوظيفة !؟ ..لا قيمة لها أمام ما ينتظرنا هناك.. "
بعينين دامعتين اقترب الشاب من الموظف قبل يده و القرآن بخشوع صوفي ملتمسا منه فائضا من الأعذار حينها و ضع الموظف قرآنه على يمينه و ناوله الورقة بشماله دون أن ينظر إليه ... تناولها الشاب برفق و خرج من المكتب و دموعه تنعكس عليها أشعة شمس جميلة و لم يمنع شفتيه من أن ترسما ابتسامة ارتياح و هي تردد : "أخيرا نلتها ..أخيرا نلتها...أخيرا موعدي مع جنتي قد حان.. "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية


.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-




.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ


.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ




.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني