الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صَرخَةُ أمّة

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2017 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


شاهدنا يوماً على شاشة تلفزيون العراق تمثيلية من تأليف المرحوم عبد الوهاب الدايني وتمثيل المرحوم سليم البصري . قصة التمثيلية وصف حالة موظف في قسم الأرشيف في دائرة حكومية ، لمدة عشرين سنة ، لم ينل فيها ترقية أو تغييراً في وضعه الوظيفي . إستغلّ هذا الموظّف مناسبة زيارة أحد المسؤولين الكبار للدائرة فصرخ صرخته المدوّية التي وصلت إلى أذن المسؤول . إثر عرض هذه التمثيلية أمر صدام حسين بإعدام عبد الوهاب الدايني لتجرُّئه على كتابة مثل هذه القصة الرمزية التي أدرك مغزاها الحقيقي .
في يوم الخامس والعشرين من أيلول 2017 صرخت الأمة الكوردية في كوردستان العراق صرختها المؤيّدة لإستقلالها ، الحق الذي حُرمت منه بمؤامرة إستعمارية رسم خطوطها ممثلا الإستعمارين البريطاني والفرنسي سايكس ، بيكو ، حيث مزّقا ، بخطوط رسماها ، الأمة الكردية إلى أجزاء قسّماها بين أربع دول وإستشرعا قرارات دولية لتسميتها حدوداً . لقد جرى الإستفتاء بنجاح وأيّدت الأمة الكردية ، بأكثرية ساحقة ، خيارها ، وفي الجهة الأخرى إنبرى الكثير من " الوطنيين العراقيين " ومن خلفهم " القوى المحبّة لوحدة العراق " سواء كانت دولاً إقليمية أو بعيدة دفاعاً عن ما قام به المستعمرون ، وكأن كلّ واحد منهم صدام حسين الذي لا يقبل سماع صرخة المطالب بحقه . عجيب أن لا يكون موقف هؤلاء من نضال الجزائريين أو الفلسطينيين أو حتى الفيتناميين والكوبيين عندما كان نضالهم من أجل حقهم الطبيعي في الحياة الحرة والحصول على حقهم في إدارة شؤونهم بأنفسهم ، كما هو موقفهم ، اليوم ، من أمّة الكورد التي قام سايكس بيكو بتقسيمهم وحرمانهم من حقهم الطبيعي في تأسيس دولتهم القومية . أليس لأمّة يزيد نفوسها على الثلاثين مليوناً ، ولها أصول في عمق التاريخ ، في هذه الأرض المقدسة ، الحق في تقرير مصيرها بنفسها وبدون ولاية من غيرها ، وكل ذلك في عالم فيه دولٌ لا يزيد عدد سكانها عُشر معشار الكورد كالبحرين ولبنان وإسرائيل وكثير غيرها في شرق المعمورة وغربها ؟
لقد كان للصوت المعادي لحق الأمة الكوردية ، في وسائل الإعلام ، أعلى بكثير من صوت المنادين به ، وللأسف الشديد كان لتلك الوسائل ، المعتمدة على نظرية وزير إعلام هتلر" گوبلز" في الكذب وثم الكذب التأثير العميق على تفكير الكثير من الحركات والتنظيمات السياسية والأفراد ، بضمنهم المثقفين ، وإنطلت عليهم الأكاذيب ، مصوّرة نضال الكورد من أجل حقوقهم الطبيعية " طموحات غير مشروعة " فصار السؤال " لماذا يطالب الأكراد بالإنفصال ما داموا يعيشون حياة أفضل من أكراد الدول المجاورة ؟ " سؤالاً مقبولاً عند عامة الشعب . لقد ناضل الشعب العربي من أجل إستقلاله عن الدولة العثمانية ، ونسّق القادة ، وخططوا مع البريطانيين والفرنسيين ، وشاركوا تحت قيادتهم في محاربة العثمانيين ، في حين كان السلطان العثماني يحمل لقب خليفة المسلمين ، فبأيّ حق يُحرم الأكراد من حقّهم الطبيعي في المطالبة ، مجرّد المطالبة ، بالإستقلال عن دولة لا توفّر الأمن والإستقرار و لقمة العيش الكريمة لأبنائها سواء في جنوب العراق أو شماله . لقد أصبح العراق مرتعاً للصوص التي نهبت أموال العراق ، حتى ثارت جموع الجماهير في وسط وجنوب العراق في تظاهرات عارمة مطالبة بالعمل للعاطلين وتحسين وزيادة الحصة التموينية التي أصبحت عماد قوتهم اليومي ، ولتوفير الخدمات الحياتية الضرورية الأخرى ، وما دفع أبناء بعض محافظات الجنوب إلى المطالبة ، هي الأخرى ، بالإنفصال .
النظام السياسي الذي بُنيَ على أساس المحاصصة ، والذي يبدو كمحاصصة طائفية أثنية ، وهو ليس كذلك ، بل محاصصة تقاسم ثروات العراق بين لصوص ، كان هو جوهر الأسباب التي أدّت إلى هذه النتائج . إن القيادات السياسية ، بدون إستثاء ، وبغرض تحقيق مصالحها غير المشروعة قد خدعت جماهير الشعب سواء بإدعائها الدفاع عن حقوق طائفتها أو حقوقها القومية ، ولكن الشعب يبقى هو صاحب الكلمة الفاصلة و تبقى الأولوية لحقوق الشعب وطموحاته ، من أجل حياة أفضل ، سواء في الجنوب أو الشمال ، وتبقى المطالبة لتحقيقها ، كاملة غير منقوصة ، دائماً وأبداً ، مشروعة .
صرخة الكورد في كوردستان العراق ، متناغمة مع صيحات أهل البصرة ، والجماهير التي تملأ ساحات المدن مطالبة بحقوقها ، إنما صرخة إستنكار للنظام المحاصصي القائم ، الذي أنكر حقوق الشعب ، وتعامل مع أبنائه كمكوّنات متفرّقة وليس كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات .
لقد كانت وصفة الديمقراطية ، وستبقى ، الوسيلة الناجعة لإعادة العراق إلى مسيرته الصاعدة ، على الرغم من جميع الصعوبات التي خلقها لنا جمع " القادة السياسيين اللصوص و الفاشلين في إدارة دفة الحكم .
أمل مستقبل العراق ، يتحدد في بناء دولة العراق الديمقراطي الفدرالي الموحّد ، يتمتّع فيه الأكراد بحكم كونفدرالي ديمقراطي ، والتركمان بحكم ذاتي في المناطق التي يشكلون فيها الأكثرية ، ويتمتع السريان والشبك والكلدان والأقليات الأخرى بنظام الإدارة الذاتية في المناطق التي يتواجدون فيها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لايمكن اصلاح العراق بالخيانة الوطنيىه وبيد الاقطاع
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2017 / 9 / 29 - 19:42 )
لايمكن اعتبار التخريب والعماله التي تتسم بها جميع اعمال العاشله الخائنه الاقطاعيه الالبرازي صرخة امه او صرخة جزء من امه هذا الفعله التي باركها المجرمون الصهاينه والسيد الكاتب-العار ,والخزي للعرقيين العنصريين - العراق منذ الازل وطن لجميع اهل الرافدين لا للاعراق والديانات

اخر الافلام

.. اتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف فو


.. فريق تطوعي يذكر بأسماء الأطفال الذين استشهدوا في حرب غزة




.. المرصد الأورومتوسطي يُحذّر من اتساع رقعة الأمراض المعدية في


.. رغم إغلاق بوابات جامعة كولومبيا بالأقفال.. لليوم السابع على




.. أخبار الصباح | مجلس الشيوخ الأميركي يقر إرسال مساعدات لإسرائ