الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السوريون الجدد!

جواد البشيتي

2017 / 9 / 30
مواضيع وابحاث سياسية



في "الفِعْل البشري"، "الإرادي" على وجه العموم، يكمن، دائماً، الدَّافِع، والتخطيط، والتَّوَقُّع، والغاية؛ لكنْ كثيراً ما نرى "النتيجة العملية والواقعية (النهائية)" مختلفة تماماً؛ لا بَلْ مُناقِضَة؛ ولا بدَّ للبشر، من ثمَّ، من أنْ يتكيَّفوا مع واقِع جديد، خلقوه بأيديهم، وإنْ لم يكن هو الذي أرادوه، ورغبوا فيه، وسعوا إليه. إنَّ الإنسان ابن بيئته (وابن التربية التي تلقَّاها) لكنَّه لا يستطيع العيش إلاَّ إذا سعى في تغيير بيئته؛ فإذا غَيَّرها (أو تَغيَّرت) تَغيَّر هو نفسه، في آخر المطاف.
لقد تَغَيَّرت "البيئة السورية"؛ ولا أَصْدَق من "الحقائق على الأرض"، التي نراها ونُعاينها، والتي لا بدَّ لها، في آخر المطاف، من أنْ تُنْتِج "سوريين جُدُد (مختلفين).
ومن هذه "الحقائق" نرى التدمير الشامل؛ فكل شيء في سورية، في بنيتها التحتية، وفي منشآتها ومنازلها ومدارسها ومستشفياتها..، دُمِّر، أو يُدَمَّر؛ ونرى القتل والتقتيل والترويع للمدنيين، وللأطفال منهم على وجه الخصوص؛ ونرى ملايين السوريين نازحين، أو لاجئين؛ ونرى جيلاً من السوريين أُمِّيَّاً أو شبه أُمِّي؛ ونرى أنماط العيش البدائية تنتشر، وتزداد انتشاراً؛ ونرى التَّعادي الطائفي والمذهبي يشتد ويعنف؛ ونرى من التشويه التربوي ما يُنْذِر بشرور اجتماعية تتعذَر السيطرة عليها، حاضِراً ومستقبلاً.
أطراف الصراع السوري، والمتورِّطون فيه، تضافروا جميعاً على خلق هذا الواقع الجديد اللعين.
وقود التعادي الطائفي والمذهبي لم يُسْتَنْفَد بعد؛ ولسوف يُسْكَب مزيد من الزَّيْت على نيران هذا التعادي؛ ولن يتوقَّف الاقتتال إلاَّ بعد أنْ يتأكَّد المقتتلون جميعاً أنْ طاقتهم القتالية قد نفدت، وأنَّ عليهم، من ثمَّ، أنْ يقتسموا ويتقاسموا ما بقي بمنأى عن الدمار والتدمير، وأنْ يتصالحوا ويتَّحِدوا في دولةٍ سوريِّةٍ جديدةٍ، تعكس في ماهيتها وخصائصها الجوهرية عُمْق وحِدَّة انقسامهم، واستمرار ما يشبه الحرب الأهلية المستترة والكامنة بينهم جميعاً؛ فـ "العدو" أُعيد تعريفه أخيراً، وتُرْجِم "التعريف الجديد" بهذا الواقع السوري الجديد، الذي لن يكون فيه ما يدل على أنَّ إسرائيل ما زالت عدواً (واقعياً) لأهل سورية الجُدُد؛ فكل فئة من هؤلاء تعيش في خشية وحَذَر من سائر الفئات، وتُوَجِّه كل ما لديها من طاقة قتالية وعسكرية نحو الدَّاخل؛ فهُنا يتموضَع العدو الجديد، يَظْهَر تارةً، ويكمن طوراً!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كتب بلا سبب
فاخر فاخر ( 2017 / 9 / 30 - 20:34 )
يقول البشيتي أن الحرب في سوريا حرب أهلية سببها أهل السنة لا يقبلون بالعلويين قادة لهم
لافيه حرية ولا ديموقراطية
السنيون يقدمون نصف مليون شهيد دفاعاً عن يزيد بن معاوية
والعلويون يقدمون عشرات الآلاف من شبابهم انتصاراً للحسين بن علي
لكن البشيتي لم يقل لماذا روسيا تقدم خسائر كبرى دفاعا عن الحسين ضد يزيد مع أنهم يشربون الفودكا ويأكلون لحم الخنزير
إفلاس الماركسيين يتحقق بالف شكل وشكل


2 - إنها ماساة الشرق
محمد البدري ( 2017 / 10 / 1 - 12:26 )
التحليل العمبق للمجتمع السوري يكشف عن مكونات ثقافية في الطبقات العميقة وقد لبست لباس العروبة والاسلام. فلا يعقل ان تدافع اسرة الاسد ذات التوجه البعثي العروبي باعتبار ان تاريخ سوريا يبدأ من معاوية ابن ابي سفيان ويتغاضي بل ويتعامل مع الاعمق حضاريا وتاريخيا لما هو افضل الف مرة من معاوية بعروبته واسلامه. نفس الامر ينطبق علي كل دولة تبنت العروبة صدامية كانت أم ناصرية. ما جري في الثمانينات وجري مرة أخري بفداحة واتساع علي مدي 7 سنوات الان في سوريا يؤكد ان العروبية والاسلامية هما المخربان لتقدم الاوطان مما حدي بالاستعانة بكل من يمكنه مد العون لانقاذ الوطن من معاوية جديد تحت رايات عولمة الفساد والجهل. قببل تدخا الروس لم يكن لبشار سيطرة الا علي دمشق والان اصبح 80% من مساحة سوريا خاضعة له. فمن اتي الفضل هذه المرة. لم تنفع العروبة والاسلام سوريا بل كانتا مخربتين لها. الا يحق لنا ان نعيد النظر في مأساة الشرق الاوسط برمته؟

اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران