الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حدث في مترو القاهرة!

مرثا بشارة

2017 / 10 / 2
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات




كالعادة أُفضّل الذهاب لعملي في الصباح الباكر حتى أقي نفسي زحام الطريق وحرارة الشمس، أسير في شوارع القاهرة قبل ان يشق سكونها ضجيج المارة، اسير في الطريق وانا استمتع بنسيم الصباح وكأنه إكسير الحيوية الذي يملئني بالنشاط لأبذل أفضل ما بوسعي في يوم عمل جديد! أسير وانا اشعر بالفخر لكوني امرأة مصرية، فالمرأة المصرية رغم مآخذي على بعض قناعتها التي تكدّر صفو حياتها وتُصّعب عليها الكثير من الامور، إلا انها مثال رائع في العطاء والتفاني والجدية وحسن تدبير المعيشة.
ومساعدة منها، تتخذ الحكومة المصرية بعض الاجراءات او القوانين لتسهيل حياة المرأة، واحدة من هذه القوانين تخص استخدامها للمواصلات العامة وذلك بتخصيص مقاعد للسيدات بسيارات النقل العام او عربات للسيدات بالمترو حماية لها من التحرش او سوء معاملة البعض، شكرا للحكومة المصرية، لكن ذلك ليس حلا!
نعم ليس حلا، لأنه لن يحل مشاكل المرأة الكثيرة الناتجة من افكار عتيقة وعفنة مترسخة في المجتمع منذ أزمنة بعيدة، بل يزيد الوضع مأساوية لانه يعمّق هذه الافكار ويظهر قبح تأثيرها أكثر، واحدة من هذه الافكار هي فكرة التمييز بين الجنسين وترسيخ فكرة ان المراة مخلوق ضعيف يجب حمايته من الرجال وعزله بعيدا قدر المستطاع! ليس هذا فقط، بل ايضا ترسيخ فكرة ان استخدام المراة للمواصلات الغير مخصصة للسيدات "فسق وفجور"! إليك عزيزي القاريء الموقف التالي لتدرك معي مدى بشاعة ما نحن عليه!
كنت في إحدى محطات مترو القاهرة وفجأة علت الاصوات واشتد الجدال لقيام شرطة المترو بإلقاء القبض على رجل حاول ان يستقل عربة السيدات ومحاولة إلزامه بدفع غرامة مالية، فما كان من الرجل إلا ان يدافع عن نفسه بالباطل قائلا: وفيها ايه! ما الستات بيجوا يركبوا العربيات بتاعتنا ويتزنقوا فينا!! حقيقة لم يدهشني او يعنيني رأيه كثيرا، لكن ما أدهشني حقا ووقع على أسماعي كالصاعقة هو رد رجل الشرطة: اللي عايزة تتزنق تتزنق براحتها!!!! حينها لم أعد احتمل السكوت، وأسرعت لرجل الشرطة لأعلن تحفظي على هذا الرد لما يحمله من إهانة في حق المرأة المصرية وبخاصة المرأة العاملة التي تتحمل عناء الطريق في مواصلات عامة لا تحترم آدميتها وحقها الكامل في معاملة متحضرة كريمة، سألت الشرطي: هل يعني ردك ان كل من تستخدم العربات الغير مخصصة للسيدات، هي إمرأة غير شريفة؟! كيف لشرطي ان يفكر بهذا المنطق المريض؟! بدلا من ان يتحدث بلغة القانون كجهة تنفيذية له ويصّرح بان المراة لا تتعدى هذا القانون طالما لا يحظر عليها ان تستقل اياً من عربات المترو جميعها، ويواجه هذا الرجل بتعديه على القانون، تراه يؤكد على فكرته الرجعية المهينة للمرأة!!!
مشكلة مجتمعنا العربي كله تكمن في فساد أفكارنا التي انحرفت بعيدا عن المنطق الالهي الحق، تلك الافكار تستمد قوتها من ثقافة شوهت صورة المرأة وجعلت منها مواطن درجة ثانية وُجِد في الحياة فقط لخدمة مواطن الدرجة الاولى "الرجل" يسهر حارسا لراحة باله واشباع رغباته، غير مزاحما له في ترقية عمل، يتردد ان يعلن التفوق عليه في علم، يستحي مشاركته القيادة واتخاذ القرار حتى لا يُتهم بالجبروت والفجور!!! تلك هي ثقافتنا العربية الفاسدة، وإن اختلفت نسبة هذا الفساد من بلد عربي لآخر، ومن مجتمع لآخر داخل البلد الواحد لكن تبقى نفس الثقافة السائدة بحاجة لأن تُجتث من جذورها حتى تنال المرأة العربية حقوقها المسلوبة وتنعم بكرامة غير مجروحة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعترضتها شرطة الأخلاق.. امرأة تفقد وعيها وتنهار خارج محطة مت


.. مها أبو رسلان شقيقة شاب توفي تحت التعذيب




.. معرض --We Can صوت الأطفال النازحين من قطاع غزة


.. معلمات السويداء تشاركن في الصفوف الأولى للاحتجاجات




.. المحتجة إلهام ريدان