الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعلم

حسن البياتي

2017 / 10 / 4
الادب والفن


في الخامس من تشرين الأول – اليوم العالمي للمعلم.
قصيدة قديمة - جديدة

المعلم*
شعر: د. حسن البياتي

يا منشئ الاجيال فى إيمان ِ
قدستُ فيك شهامة الانسان ِ
أحرقت قلبك شمعة قدسية
كيما تنير الدرب للحيران
وقضيت عمرك جاهداً ومجالداً
تطوي الليالي متعبَ الأجفان
أمن المروءة أن تعيش منكــّداً
وتموت فى بؤس وفي حرمان؟!
قد كنت كالغصن الفتيّ نضارةً
واليوم كالورْس الذبول الفاني
تمشي ذليلَ الخطو مشية مضنك
وعلى جبينك مسحةُ الأشجان
وبصدرك المنهوك يحتدم الأسى
فيثور جرح صارخ الألوان
أترى توفـّيك الجميلَ شبيبة
قد كنت ترعاها بقلب حاني ؟
يا ملهمي النغم الشجي مخضباً
بالدم والدمع الهتون القاني
إنَّ الفؤاد ينوء فى احزانه -
همٌ يبارحه ليدنو ثانِ
باتت تروّعه خطوب جمة
لتهد منه واهيَ الاركان
إني لألمح في الدجى شبح البلى
يدنو لينشب ظفره بجناني
فأهب مذهولاً واصرخ مفزعاً :
يا موت ، ماذا ؟ لِمْ ، ترى ، تهواني ؟!
فيجيبني والإثم ملْء جفونه :
إني لأهوى المخلص المتفاني ...
قالوا مربّ ، قلت عفواً !.. إنه
عند السواد معلم الصبيان !
أنــّى يمـرّ فثـمّ همس ساخر
او ضحكة تلهو بها شفتان
فيعود يهمس فى اسى ومرارة ،
متأوهاً ، متعثر الخفقان :
تَعِستْ حياتـُك إن غدوت معلماً
في عالم متزعزع البنيان !
في عالم يُزهى ويشمخ أنفه ،
متباهياً بالأصفر الرنان !
يا رائد الأجيال دعنا منهمو
ما دمت تحمل مشعل الإيمان
واهتف معي وعلى شفاهك بسمة
تمحو بها شبح الظلام الجاني :
سعدت حياتك إن غدوت معلماً
في عالم متزعزع البنيان
ومضيت تعمل في خطى جبارة
لتعيده خلقـاً جديد الشان !
* * *
إيهٍ معلمتي ، وأنتِ بمذهبي
نصف يؤازر في النضال الثاني ،
المرأة اليقظى تسير وجنبها
رجل يشد يمينها بحنان
صنوانِ فى سوح الثقافة شيـّـدا
صرحاً متينَ الأسّ والأركان ،
صرحاً اطل الوعي من شرفاته
يمحو ضلال الجهل والبهتان ...
حتى اذا طلعت ذُكاءُ على الورى
ورمت غلالتها على الكثبان
وتهادت الأنسام فى سوح الفضا
وزهت عذارى الورد في الأفنان ...
كان المعلم فى الزوايا قابعاً
وسواه يمرح في ظلال جِنان .
إيهٍ معلمتي ، وأنتِ بأفقنا
نجم يضيء الليل للركبان ،
ناشدت روحك أن تلقــّـن جيلنا
أنْ لا ينام على فراش هوان
إن الفتاة رمت اليك زمامَها
فخذي بها لمناهل العِرفان ،
قولي لها : صوني بلادك وادفعي
عنها المكاره بالنجيع القاني .
* * *
اقسمتُ بالوطن العظيم الشانِ ،
بجبين شعبي الصامد البنيان ،
أقسمت بالفجر المطل بنوره
يلوي قلاع البغي والطغيان ،
أقسمت بالأمل الذي يحدو بنا
لغد سعيد ساحر الألوان
أقسمت بالفكر المنوّرِ مهجتي ،
بقداستي ومشاعري وكياني ...
إنِّ المعلم خير هادٍ ، إنْ يكـنْ
عفَّ الفؤاد ، منزه الوجدان .

بغداد – دار المعلمين العالية – ايار 1953

* نشرت هذه القصيدة في جريدة ( الاخبار ) البغدادية في 10 حزيران 1955 العدد 4068 .
ألقيت في حفلة العشاء والسمر التي اقامتها دار المعلمين العالية مساء الجمعة في الثالث من حزيران 1955، تكريماً لخريجيها لهذا العام ، بحضور وزير المعارف آنذاك خليل كنة الذي استعاد، مراراً، بعض ابيات القصيدة.
والجدير بالذكر ان هذه القصيدة كانت قد قدمت الى المسابقة الشعرية التي اقامتها دار المعلمين العالية قبيل نهاية العام الدراسي 1953-1954 . وكان موضوع المعلم من جملة الموضوعات المطروحة في المسابقة الشعرية. وقد رحب الاساتذة أعضاء لجنة التحكيم ترحيباً شديداً بالقصيدة. إلا أن معاون العميد لشؤون الطلبة آنذاك وقف حائلاً دون مشاركة الشاعر في المسابقة الشعرية، لاسباب سياسية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما


.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة




.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير