الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى الناشطة العراقية السيدة نيران البصون في العراق ……….. جاءوا إلى اليهود.اولا ولم نتكلم

ازهر مهدي

2017 / 10 / 6
حقوق الانسان


لا تزال قصص ترحيل وتعذيب وقتل اليهود العراقيين التي رواها لي جدي وغير جدي عالقة في ذهني إذ روى لي قصص عن جاره أبي الياهو الذي كان يخبره عن كيفية مساعدة اليهود الأغنياء للفقراء منهم وعدم تركهم للجوع والمرض روى لي ماذا فعل العراقيون العرب المسلمون بالعراقيين اليهود فيما عرف حينها بـ "أحداث الفرهود او السلب والنهب" عندما أسقطت السلطات آنذاك الجنسية عن اليهود العراقيين وأجبرتهم على مغادرة العراق يحملون حقيبة ملابسهم فقط وكيف صودرت ممتلكاتهم وكيف استباحت العامة والغوغاء من" العرب المسلمين"  ممتلكات "اليهود العراقيين" مع بعض الجرائم الأخرى التي يندى لها الجبين بعد حملة دعائية شعواء متأثرة بالفكر الفاشي الذي ساد في العديد من الدول العربية مع العلم ان اليهود أقدم من العرب بمئات السنين في العراق وغير العراق والعرب كانوا دخلاء على أغلب بلدان الشرق الاوسط نسبيا.

الان وانا اتوقف عند الوضع الراهن في العراق وربما بعض الدول العربية الأخرى من حروب أهلية و قتل على الهوية وتطهير عرقي للأقليات تذكرت قصص جدي وتذكرت معها كلمة مارتن نيوملر ايضا عندما قال : في قصيدته الشهيرة "أولا جاءوا: في ألمانيا للشيوعيين لم أبال لأنني لست شيوعياً، وعندما اضطهدوا اليهود لم أبال لأنني لست يهودياً، ثم عندما اضطهدوا النقابات العمالية لم أبال لأني لم أكن نقابيا ..بعدها عندما اضطهدوا الكاثوليك لم أبال لأني بروتستانتي ..وعندما اضطهدوني انا .. لم يبق أحد حينها ليدافع عني"

في العراق بدأوا باليهود عام 1941 أو قبلها أي قبل اعلان دولة اسرائيل بسنوات بسبب تنامي الفكر الفاشي والقومي في العديد من الدول العربية ومن الطبيعي أن ينتشر هكذا فكر في المجتمعات العربية والإسلامية بسبب ثقافة عامة وتراكمات تاريخية ودينية ترفض الآخر وتحض على إبادته أو عزله وتحجيمه.
من بعدهم أخذوا بأضطهاد الشيوعيين ومن بعدهم الإسلاميين ومن بعدهم بعض القوميين والبعثيين الذين لم يرض عنهم صدام حسين والذين اعتبرهم منافسين له على كرسي حكم العراق ثم جاؤوا إلى العراقيين الذين سموا بالتبعية الايرانية (وأكثرهم عرب وليسوا إيرانيين) وحملات إبادة الأكراد والشيعة كانت غير قليلة.

جاءهم صدام لتبدأ أسوأ المراحل في تاريخ العراق منذ عهد المغول بدأها بحرب طاحنة مع إيران ( وأنا لا أبرئ ذمة الخميني أيضا فالأول بدأها والثاني أصر على استمرارها) ثم أرتد على الكويت التي أمدته بالمال الذي اشترى به أسلحة متطورة وفتاكة ليجتاحها لاحقا في أقل من ليلة واحدة وعلى إثرها دخل العراق في دوامة الحصار الخانق والخوف الرهيب والموت الصامت والأسوأ من هذا كله الحملة الإيمانية الإسلامية التي بدأها لتمنحه تأييد الرعاع والغوغاء وما أكثرهم في بلداننا  ليظهر أثرها البشع بعد سقوطه أي صدام ليشهد العراق دوامة عنف محلي رسمي على شكل تفجيرات لا ترحم وقتل على الهوية وترحيل  وطائفية بغيضة وقبيحة وتضافر المسلمون المتطرفون من جميع أنحاء العالم و تمركزوا في العراق لارتكاب جرائم يندى لها الجبين وكان أبو بكر البغدادي ورفاقه من خريجي هذه الحملة الإيمانية كما تسمى.

هذا ما يحدث عن جريمة بحق الآخرين تأكد انك الضحية القادمة :-
ما جرى ويجري في العراق من جرائم في الحقبة البعثية لم يبدأ بعد احتلال الكويت كما يصورون بل كان سابقا لها بعقدين من الزمن أو أكثر فالشعب توحش كثيرا واعتاد الظلم والقسوة وقد يحار المرْ كيف للعراقيين المحافظة على بشاشتهم وتعاملهم اللطيف حينا وانتقالهم بسرعة الى هكذا عدوانية محيرة حينا آخر.
لقد ارتكبت الحكومات المتعاقبة على حكم العراق شتى الفظائع وسط صمت محلي شبه مطلق ومباركة عربية بل وأمريكية وسوفييتية  أيضا ولم يتحدث أحد عن الجرائم والإبادات في العراق الا عندما اجتاح صدام الكويت ليبدأ الغرب كما العرب يتباكون على حقوق الإنسان في عهد صدام لتظهر التقارير فجأة وكأن ما حدث سابقا لم يكن موجودا قط.
أول تلك الجرائم التي تم التغاضي عنها هي الجرائم بحق اليهود العراقيين كأول إثنية عراقية يتم التنكيل بها بهكذا ولم تتوقف الجرائم منذ حينها ولغاية اليوم وستستمر إلى ما شاء الله
لكن ما السر في العداء ضد اليهود؟ لقد عاش اليهود كطبقة أرستقراطية في المجتمعات العربية تمارس التجارة والمهن الأساسية التي تتطلب مهارة عالية وحتى الحرف اليدوية البسيطة وكانت علاقاتهم بالعرب جيدة بل ممتازة فالعربي في طور البداوة كان منغمسا في قيود و مطامع ومطامح بدوية مثل الغزو والسلب والنهب وقطع الطرق(ولا اقصد التعميم بالطبع) ولم يكن للعمل أهمية باستثناء الزراعة الإقطاعية عندما كانوا يتوارثون الفلاحين مع الأراضي كالعبيد بل هو عبد بكامل ما تحمله تلك الكلمة من معنى.
بعد دخول العراق كما حال بعض الدول العربية والشرق أوسطية في حظيرة المدنية كان اليهود هم أهل التجارة والانتاج الحديث وقد عملوا على تحديث بعض الجوانب كالتعليم والاقتصاد والإدارة وكانت لهم مساهمات فاعلة في شتى مناحي الحياة.
بعض الشعوب لا تستطيع استيعاب الديمقراطية وثقافة حقوق الإنسان والشعوب المسلمة اول تلكم الشعوب فهناك تنافر ظاهر بين الحالتين فشمولية الإسلام لا تسمح لمعتنقيه أن يتصالحوا مع أنفسهم فضلا عن الآخرين وكانت الحروب والغزوات هي الطابع السائد لمدة ألف وأربعمائة عام ولا يمكن أن نتصور ان تختار او تتقبل تلكم الشعوب أي شكل من أشكال الديمقراطية والحياة الكريمة المعاصرة.
عندما ظهرت داعش ومن قبلها القاعدة وأخواتها كان الكثير من  جماعات وأفراد الشعوب العربية فرحين وسعداء بما يجري من تطهير طائفي وعرقي بحق المسيحيين والشيعة والايزيديين واللادينيين وغيرهم مما يبين مدى الكراهية الكامنة لدى هذه الشعوب وبالتالي ارتدت هذه الجماعات على العرب والمسلمين أنفسهم وبدأوا بالاستغاثة لتأتي أمريكا وإيران لتنقذهم من الوحش الذي صنعوه.

العراق الحالي يقف على مفترق طرق إما أن يكون أو لا يكون وعليه أن يتخلص من الايديولوجيات التي دمرته  مثل الأيديولوجية الفاشية العربية والإسلامية والبعثية ,والقومية وأن يتبنى مفاهيم الحضارة المعاصرة بكل جوانبها ومضامينها وعندما نتكلم عن العراق نتكلم عن الإنسان قبل الأرض وعن الحاضر قبل الماضي إلا في حدود تأثير هذا الماضي على المستقبل.
المصالحة مع الذات ومع الآخر سبيلان أساسيان لكل أمة تريد أن تبقى أمة حية لها شرف و كيان وكرامة وللأسف اني ارى ان الكرامة قد سلبت من أمتي لقرون طوال شهدت دكتاتوريات قاسية غيرت من بوصلة هذه الأمة إلى الاتجاه الخاطئ بل والخاطئ جدا
المقال الحالي لا يتعرض لجريمة تهجير اليهود وغيرهم فحسب بل استعراض للحالة التي وصلنا إليها هذا اليوم من حروب ودكتاتورية وإرهاب وكراهية لن تنتهي فجأة ولن تنتهي الا بزوال المسبب واترك تسمية المسبب لذكائكم.

اعود إلى السيدة نيران البصون واقول لها ولأهلها (وكل اليهود العراقيين بل وغير العراقيين من اليهود العرب المبعدين ظلما وجورا) باسمك ومن خلالك انك عراقية اكثر بكثير ممن ادعى عراقيته ويداه ملطختان بدماء العراقيين او سرق اموالهم ودمر حياتهم بإسم العروبة أو الإسلام أو أي مسمى آخر.
أنت وقومك لكم الحق بالمطالبة بالعودة الى ارضكم وبيوتكم وأحيائكم ومزاولة مهنكم وإحياء ما دمره الغوغاء وان تعودوا إلى مواطنتكم كما كانت مع توجيه اعتذار رسمي و تاريخي لكم.
أبعدوكم رغم رفضكم لهذا الابعاد المجحف والظالم لكنهم لم يستطيعوا أن يبعدوا العراق عنكم البتة وأنا كلي ايمان ان حقكم في العراق لا يمكن أن يسقط وسيأتي اليوم الذي تعودون فيه إلى احيائكم ومعابدكم وتستعيدون جنسيتكم التي سلبت منكم من دون وجه حق حينها يكون العراق قد تصالح مع فئة مهمة وأساسية من شعبه في حاضره وتاريخه وشعبه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي


.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة




.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة