الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقَاء العقُول

الياس ديلمي

2017 / 10 / 10
الادب والفن


في مانشستر بالمملكة البريطانية المتّحدة قامت دار نشر ( كوما برس ) بنشر أربعة مختارات أدبية قصيرة كجزء من سلسلتها التّي سمّتها [ بين العلم والأدب ] و بغرض المزج بين العِلم و الأدب ، طَلبت مِن كلّ عالِمٍ أن يقوم باقتراح بعض المواضِيع البحثية ، ثم يقوم كل أديبٍ باختيار أحدها ، مِن أجل تحويله إلى قطعة أدبية ، ثم بعد ذلك يُقدّم الباحثون إرشاداتهم الفنيّة ، ويُراجعون مُسودات تِلك الأعمال ، ثُمّ يقومون بكتابة خاتمة توضيحيّة تفصيلية للمعلومات العِلميّة ، و هذا ما أدّى الى اتاحة الفُرصة للعلماء الذين يَرغبون و يشعرون بمقدرتهم على خوض غمار كتابة الأدب القَصصي لكنّ كُثرة انشغالاتِهم أعاقَتهم عن تحقيق تلك الرّغبة ، إلا أنّ مبادرة دار النشر البريطانية فَتحت لهم أبواب المشاركة كفريق واحدٍ و مُتكامل مع كُتّابٍ محترفين .
فعلى سبيل المِثال قام أحد العلماء بدراسة إمكانية تحسين تكنولوجيا النّانُو للدروع الجسدية التّي يُستفاد مِنها في مجال التطبيقات العسكرية ، حيث قام الكاتب بتأليف رواية بعنوان ( دون دِرْع حامٍ ) تحكي عن مجتمعٍ مستقبليٍّ يمتلك فيه الطلبة المنتسبون إلى مدرسة نخبوية زِيًّا موحدًا ذكيًّا ، يَعمَل على مُعالجة و مداواة جروحهم ، و عليه قامت دار نشر ( كوما برس ) باضافَة هذا العمل في مجموعة مختارات أدبية في عام 2009 ، تحت عنوان ( عِند التحوُّل ) .
في مِنَصّة تبادل العلم والترفيه التّي تديرها الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم بواشنطن ، يقوم العلماء بالإجابة على تساؤلات الكتاب الروائيين ، فمثلاً قد يَحتاج الروائي مِن أجل تفاصيل روايته إلى معرفة نوع الأجهزة التي يستخدمها الباحث في مجاله ، فيقُوم بالاتّصال بالمنصَّة لإشباع فضُوله المعرفي الذّي يُعزِّز به عمله الأدبي .
نُعرِّج قليلاً الى الولايات الأميركية المتحدّة ، ونحطّ برِحالنا عند الكاتب الشّهير ( دان براون ) صاحب سلسلة مؤن الروايات الغامضة على غرار : حقيقة الخديعة ، الرّمز المفقُود ، ملائكة و شياطين ، شيفرة دافنشي و الجحيم ، فالمتابع لمسيرته الروائية و نجاحات أعماله الأدبية التّي حُوّل بعضها الى أفلامٍ سينمائية ، يتساءل بشكلٍ ملحٍّ عن سرّ هذه النجاحات المُبهرة ، فيَكتشف أنّها نِتاج معلومات علمية و تاريخية دقيقة مبثوثة بين سطور رواياته ، الى جانب الوصف الدقيق و السّرد الرّشيق عند التّطرُّق للمتاحف و المُدن و كذلك شوارِعها التّي احتوت أحداث قِصصه المُشوِّقة و كأنّها تنقُل القارء في رحلة سياحية مرئيةٍ ، و بعد تحقيق و تنقيب عن المقادير التّي يعتمدها الكاتب الأميريكي دان براون لطبخ أعمالِه الروائية نتوصّل الى حقيقة مُدهشة ، تتمثّل في مؤسّسة بحثية كُبرى تقِف خلفَه و تُديرها زوجته ( بليث ) أستاذة تاريخ الفُنون برفقة أساتِذة أكاديميين و باحثين مختصِّين في عدّة مجالات ، الذّين يَسهرون على توفير المعلُومة العِلمية لمزجِها مع موهبتِه السّردية مِن أجل الصياغة النهائية في قالبٍ أدبيٍّ .
هذه الأعمال الإبداعية لا يُمكنها أن تكون ذات فائدة دُون تزويج الأدب بالعِلم ، مِن خلال استلهام الأدب الروائي و القَصصي مِن وحي العِلم ، و حتّى يتِمّ تحرير وُحُوش الابتكار الكامِنة مِن قُيود الرّكود ، يجب على الأديب تحويل أبحاث العالِم الى تصوّرات تكون قريبة مِن الحقيقة و المنطِق مَع اضافة ما يُجسِّد التّبِعات الاجتماعية و الأخلاقية التّي قد يتغاضى عنها الباحِث ، و هذا التنسيق و المَزج لا ينجحان إلا عندما تلتقي العُقُول . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا