الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اذا كانت العربية لغة الجنة بعد الممات كما يدعون ويعدون فإن تمازيغت لغة الثورة والتمرد والحياة

مصطفى صامت

2017 / 10 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


لابد أن ارتكاز الثوار في المناطق الجبلية والصحراوية المحافظة كالاوراس وجرجرة الونشريس والاهكار أكثر من المناطق الاخرى المرومنة ثم المعربة جراء تأثير المراكز الحضرية لها ليس محض صدفة ،وليس صدفة أن ينحصر أكثر التمرد والغليان ضد التهميش والإقصاء والفساد، والمطالبة بالحرية والديمقراطية والحقوق الثقافية والقيم الانسانية في إقليم جرجرة والريف المغربي .فاللغة وعاء للفكر وخلفية للثقافة وهي الإنسان, والوطن والأهل ولاشك بتغير طريقة تفكير الانسان بتعلمه للغة أخرى حاملة لفكر جديد .

كانت الامازيغية أو الليبية (Le Libyque) لسان ساكنة شمال إفريقيا من النيل الى الأطلنطي ،ما عدا جبال تبستي معقل لغة تيدا (Téda) ولأنها لغة قديمة موغلة في التاريخ تمتد على مساحة بحجم قارة يغيب عنها التنظيم والحكم المركزي والوحدة السياسية والاتصال البشري المستمر كان محتوم عليها أن تتميز من منطقة الى أخرى في طريقة نطق بعض مخارج الصوت والمصطلحات ولو بشكل طفيف مقارنة بالمعطيات المسببة وهو ما حدث ويحدث مع كل لغات العالم .

حافظ أمازيغ الصحراء على المنظومة الكتابية القديمة وهي الخطّ الليبي (Le Libyque) الذي انبثق منه تيفيناغ بسبب عزلتهم بينما تراجع إستعمال هذه الابجدية في الشمال بسبب إنعدام عامل الاستقرار وإنشغال سكانها بالحروب وتأثرهم بالحضارات الوافدة من الاغريقية والفينيقية واللاتينية الذين فرضوا استعمال كتابتهم على الساكنة رغم وجود أثار لتيفيناغ في المناطق الشمالية مثل النصب الذي عثر عليه في قلعة عتبان بأثار دوقة التونسية (Douga) وكذلك في مناطق بجرجرة الجزائر وفي جداريات ال Timulus النيوليثية في نهر درعة بالمغرب كشف الكربون C14 أنها تعود الى القرن السادس قبل الميلاد .

وقد أكد المؤرخون المعاصرين على قدم تسمية الامازيغ بهذه التسمية لأنفسهم بما فيهم أعداءها اليوم امثال الغرباوي الذي قال نقلا عن بعض علماء البربريات الغربيين المعاصرين : " تؤكد المصادر من يونانية ولاتينية أنّ إسم أمازيغ قديم جدّاً، كان معروفا في العهد الفينيقي، وورد بصيغ متعددة منها “مازيس” والتحريف الطارئ عليها ناجم من ناحية عن صعوبة النطق بكلمة “أمازيغ” في حد ذاتها، وناجم من ناحية ثانية عمّا يوجد بين اللّغات ـ في حالات النقل ـ من اختلاف في أصول الأصوات، وهو أمر يصعب تفاديه لدى تلك الجماعات الأوروبية من إغريق ولاتين وغيرها. ونجد في الأخبار المتفرقة أن “مازيس” كان يطلق على شعب قوي أقلق الرومان كثيراً بثوراته، وتذكر المصادر البيزنطية أنه كان أيضاً يطلق على أهل أفريقية. ومن المعاصرين الذين تعرّضوا لهذا الإسم المؤرّخ شارل أندري جوليان الذي قال: وقد أطلق الإسم على قبائل عديدة قبيل الاحتلال الروماني . ويضيف عالم البربريات رسل: والجدير بالملاحظة أننا نعرف من المكتشفات الحديثة أن اللوبيين كانوا يطلقون على أنفسهم اسم “أمازيغ” المعروف عند اللاتينيين بـ Mazax، فاسم “أمازيغ” اسم حقيقي كان شائعاً في العهدين الفينيقي والروماني ." (محمد المختار الغرباوي، في مواجهة النزعة البربريّة وأخطارها الانقساميّة، دراسة ـ من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق – 2005(

اليوم و بعد توالي كل هذه الحقب الاستعمارية ولو بشكل نسبي وجدنا أنفسنا أمام معطى سلبي، وهو إنعدام لغة امازيغية واحدة بل ألسن ومتغيرات أمازيغية تشترك في نفس قواعد الاشتقاق والخصائص خاصة الصوامت التي تميزها عن أغلب لغات العالم، الا أن هذا ليس عيبا ولا يعني إستحالة الحديث عن وجود لغة أمازيغية ،لان كل لغات العالم الحديثة اليوم مرت من هذه المرحلة ،فالعربية مثلا كانت مجرد لهجة شفوية مشتقة من مزيج من اللغات القديمة كالعبرية ،الارامية ،السريانية ، الحبشية و الفراسية ... نزل القرءآن الكريم بلهجة أهل قريش ،فرسمها كلغة على باقي القبائل العربية التي كانت بعظها تتكلم بالمهرية والشحرية ولازال بعضهم يتكلم القصيمية في قصيم السعودية التي لا يفهمها العرب كما لا يفهمون المهرية والشحريةوغيرها من اللهجات المتشرة في جزيرة العرب . كُتبت العربية لاحق بالخط السرياني والنبطي وعمل العجم من المسلمين على تطويرها بعد اكثر من قرنين أضيف لحروفها التشكيل والحركات ، وتم تجديد العربية لمرتين ، الأولى في العهد العباسي والثانية في عهد علي باشا فتم إضافة ما نسبته 60 في المئة من المصلحات الأجنبية الى اللسان العربي .

وفعل اليهود بالعبرية أن أحيوها بعد موتها ،وبعد أن كانت سجينة الكتب الدينية القديمة والمنسية ،أصبحت اليوم لغة النووي في كيانهم الذي ينموا كل يوم ورغم العداء الذي بينهم وبين أبناء عمومتهم من العرب فقد عبر اليهود عن ديمقراطيتهم وتقبلهم للاخر حين رسموا العربية لغة رسمية ثانية في إسرائيل سنة 2002 ، دون أن يطالب العرب الذين يشكلون 20 بالمئة من السكان بذلك ! .

كذلك كان الأمر للفرنسية التي كانت مجرد لهجة سكان باريس فُرضت على بقية الفرنسيين من الغاليين والباسك والبروطون ... بعد الثورة على الكنيسة المهيمنة على الناس باللغة اللاتينية المقدسة وتطورت اللهجة الفرنسية الى لغة بعد 3 قرون من العمل اقترضت أغلب كلماتها من اللغات واللهجات الاخرى والى يومنا هذا هناك مؤسسات حكومية تعمل على تطويرها ، نفس المؤسسات نجدها عند اللغة الحية الانجليزية، التي كانت مجرد لهجة بدورها قام علماء وخبراء اللسانيات بتطويرها، فأصبحت بفعل التجارة والعلوم الحديثة والزعامة السياسية التي تحتكرها الدول الانجليزية والأمريكية اللغة الحية الاولى في العالم .

فما يمنع اللغة الأمازيغية أن تحذو بنفس المصير أم أن هذا حرام عليها هي فقط ؟
على النظام أن يبدي برغبته السياسية الحقيقية في تطوير هذه اللغة بتأسيس مؤسسات خاصة بترقية تمازيغت على مدى السنوات القادمة ،يسهر عليها مختصون وباحثون في المجال دون سياسية وأدلجة للحفاظ على هذه اللغة الخاصة بكل ساكنة شمال إفريقيا ، والتي هي سبيل لتخليد تاريخنا القديم الذي يذكرنا بتضحيات أجدادنا من اجل استقلال وحرية هذه الارض على مر القرون، وهو ما يكرس فينا حب الوطن والتعلق بترابه وملحه ، وهو ما يقربنا من جزائر لكل الجزائريين وإرساء مبدأ المواطنة لطي صفحة النزعات والتشرذمات التي تهدد وحدة البلاد والعباد ،بتنامي الفكر التطرفي بسبب الاقصاء وعدم تقبل الاخر ، إذ توجب على جميع الجزائريين المعربين تقبلها وإحتضانها كلغة ثانية لهم الى جانب العربية لبناء وطننا وليس التنكر لها ومحاربتها مما يسارع الى تدمير نسيج تمسكنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قبل أن تكون لغة الجنة هي لغتك التي تكتب بها ههه
عبد الله اغونان ( 2017 / 10 / 24 - 15:03 )
قبل أن تكون العربية لغة أهل الجنة فها أنت تكتب بها في دنياك وتستطيع الكتابة بأمازيغيتك
الدولة المغربية مثلا قدمت صفقة مع المتمزعين الموافقة على حرف تفيناغ وتعليم الأمازيغية
وانشاء معهد ملكي للثقافة الأمازيغية وله ميزانية ومختصون في البحث ثم قناة وتلفزيون أمازيغي
وحشد من الجمعيات الأمازيغية ثم الاعتراف بالأمازيغية كلغة رسمية
كل هذا لايكفي؟
المشكلة بنيوية ومنهجية
بنيوية في ارادةجعل لهجات بربرية متخلفة لغة لغة ثقافة وعلوم وفكر وليست مجرد لغة تواصل محلي
والدعاة لتطوير الأمازيغية لايفرقون بين ماهو علمي وماهو سياسي فلا اجتهادات لهم في تطويرها والكتابة بها اذ جلهم في مواقعهم وفي الصحف وفي الاعلام لايتكلمون بها ولايكتبون بها
وانما يكتبون عنها

اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي