الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَرَّ شهرٌ على الإستفتاء

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2017 / 10 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


اليوم ، مرّ شهرٌ بأكمله على الإستفتاء الذي قال فيه أكراد العراق نعم لإستقلال كوردستان . صرخة دَوَت في سماء العالم ، قالت بها امّة ، إنها واحدة من أمم طالما حُرمت من حقها في تقرير مصيرها ، وأن قد آن وقت النداء له . صرخة حاولت قوى ، من شتى النواحي ، يمينها ويسارها ، قريبها وبعيدها ، حليفها وعدوّها ، أن تخمده أنفاسها قبل أن تصل إلى الحناجر وقبل أن تمتد اليد وتكتب كلمتها على ورقة التصويت . شهرٌ مضى ، وجميع القوى التي مارست الضغوط الإعلامية ، ولوّحت ، تحت طائلة الرأي العام المحلّي والإقليمي والدولي ، أن الإستفتاء سيكون الحد الفاصل بين العراق الموحَّد ما قبل الخامس والعشرين من أيلول وعراق مقسم في اليوم التالي ، وأسمعت قوى أخرى جعجعة السلاح ، وحشّدت قوات على الحدود ، وأخرى داخلية إستنفرت ميليشياتها ، وتجنّدت أقلام مأجورة للإيهام بأن الحرب ، لا بد ، واقعة . وإنخدعت أقلامٌ ، كان بعض أصحابها ، مع الأسف ، من المدعين بالنظرية العلمية في تفسير التاريخ وأسباب تطوّر المجتمع ، فوضعوا جانباً دراسة الظروف الموضوعية والذاتية ، وأهملوا عوامل توازن القوى المحلية والإقليمية والدولية ، وساروا في ظل تلك الأقلام المأجورة الحاقدة للترويج والتشكيك في قدرة أمة على النضال من أجل حقوقها ، وتفلسف أن لم يكن أوان الصرخة قد آن ! .
لحقوق الأمم الصدارة في الأولويات ، فإن كنا آمنّا بهذا المبدأ فليس لنا ، بعد ذلك ، أن نعود إلى " ولكن " ! لقد ناضلت أمم في سبيل حقوقها ، في ظروف أشدّ قسوة من ظروف أكراد العراق . وإن كان أكراد العراق قد حصلوا على بعض الحقوق ، وإن كانت أكثر بكثير من ما حصل عليه الأكراد في الدول المجاورة ، فإنما حصلوا على كل ذلك بنضالهم الدؤوب لعقود وتقديمهم القرابين والضحايا ، وليس بمنّة قدّمتها الحكومات السابقة . فليس المطلوب من الأكراد أن يكتفوا بما عندهم ، ويقبلوا بالحقوق المنقوصة بل المثابرة والعمل ، ضمن الإمكانيات المتاحة لإستكمالها .
في الوقت الذي ناضل الأكراد منذ نشوء الدولة العراقية في عشرينات القرن الماضي ، مع قوى التحرر العراقية ، بيد واحدة ، وقدّموا التضحيات الجسام في درب الحرية والتقدّم ، فإنهم ، ولكونهم أمة أصيلة ، لها عمقها التأريخي ، أبت أن تنصهر في بوتقة الأمة التي تمثل أكثرية الشعب في الدولة والتي رسم حدودها وزيرا خارجية بريطانيا وفرنسا ( سايكس بيكو ) ، بل في خضم ذلك النضال العنيد من أجل تحرر العراق من ربقة الإستعمار ، وتغيير نظام الحكم الملكي الموالي لبريطانيا ، بقي الأكراد يناضلون من أجل حقوقهم القومية التي يستحقونها ، كأي أمة نالت حقها في عالم اليوم .
بعد مرور شهر ، نلاحظ أن صورة التهديدات التي سبقت يوم الإستفتاء ، لم تكن إلاّ إستعراضات كان القصد منها حدّ الأكراد ، عن طريق التهديد والوعيد . أما وقد جرى الإستفتاء ب " نعم " ، فإنّ صيغة تلك التهديدات ، كما يُقال عن الإستفتاء ذاته ، قد أصبحا في الماضي ، ففي يومنا هذا لا مجال لإنكار أن قوات من جميع الأشكال والأنواع قد تحرّكت لمنع إجراء الإستفتاء ، ولا كذلك إنكار حصول الإستفتاء . إننا في هذا اليوم ، وبعد مرور شهر ، وعلى الرغم من قيام الكثير من وسائل الإعلام بعمل " السمكة الجرّية " في خبط المياه ، وعلى الرغم من قيام بعض القوى السياسية التي ما زالت تدق طبول الحرب ، إلاّ أن الصوت الأعلى يظل المنادي للحوار لحل القضايا . ما زال صوت العقل المنادي للسلام وفرض القانون هو الأعلى ، و ما نراه من عمليات تقدّم القوات المسلّحة العراقية لبسط سيطرتها على كامل التراب العراقي الموحّد جارياً بسلاسة وسلام وبدون إطلاق طلقة واحدة ، إلاّ ما يفتعله بعض الأذناب من أفراد الميليشيات المسلحة المنفلتة كجزء من دورها لعرقلة المسيرة السلمية للعملية .
ظروف حافة الهاوية التي نعيشها في العراق ، ستبقى إلى حين ، ما دامت الإشكالات التي يعاني منها نظام الحكم ؛ المحاصصة والفساد ، مستعصية عن الحل ، و لنا الأمل الوطيد أن العراقيين أهلٌ لحل مشاكلهم ، وإيصال البلاد إلى بر الأمان ، وإن طال الزمن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا