الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( صلاح الدين .. سيفتخر )

حيدر مزهر يعقوب
(Hayder Al-jouranj)

2017 / 10 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


هذا هو الشطر الثاني من عنوان المقال لكاتبه ديفيد م. هالفينكر في الثاني والعشربن من الشهر الماضي في جريدة النيويورك تايمز.
( إسرائيل تدعم إستقلال كردستان، صلاح الدين سيفتخر ... نشر المقال على أثر جملتين أدلى بهما بنيامين ناتينياهو من اورشليم )، حيث لم يدعم الاستفتاء للأستقلال في كردستان فحسب بل وضع إسرائيل في خلاف اللاعبين في الشرق الأوسط .. وهي نقطة تحول مهمة في الدور الأسرائيلي السياسي المعلن لإسرائبل في المنطقة ، وهو رغبة إسرائيل في إقامة دولة (كردستان العراق).
والسبب الستراتيحي الثابت هو إنشقاق كردستان عن العراق سيكون بمثابة انتصار استراتيجي قيم ضد إيران ، هنا يستعرض الكاتب التشابك التاريخي والمشاركة الوجدانية التي تقدم اليوم (جيوبوليتيك) يبدو على الأغلب بجانب هذه القضية .

التحول الكردي - اليهودي يعود إلى خلفية تأريخية مهمة !
عودا إلى الوراء .. وتحديدا .. السبي البابلي .. كان اليهود الأوائل في كردستان عندما أخذت أخر القبائل اليهودية من إسرائيل في القرن الثامن قبل الميلاد، غزا سيروس (Cyrus) البابليون وفسح المجال لليهود بالعودة إلى أرضهم ، هنا كثير من هؤلاء اليهود فضلوا البقاء بجوار المنطقة (كردستان).
في القرن السادس عشر تعامل صلاد الدين الأيوبي مع اليهود تعاملا إنسانيا بعد أن غزا (اورشليم) في حروبه ضد الصليبويين ولا سيما أن صلاح الدين قام بتعيين الطبيب اليهودي (Maimonides) وتعني موسى بن ميمون طبيبا خاصا له.
وفي العصر الحديث هاجر اليهود عندما تم تأسيس (دولة إسرائيل) عام 1948، أنذاك كان ترك اليهود للمجتمع المدني الكردي محزنا لدى اليهود انفسهم ، لذلك البعض منهم عندما يعاود الأتصال يبكي على رحيل اليهود في العقود الأخيرة.
الروابط بين الكرد واليهود نمت وتطورت بعمق وحيوية منذ حقبة الستينيات، فالكرد واليهود كأقليتين في منطقة غير راغبة بهم ولا من حلفاء إقليمين مما حدا بالطرفين أن يسعف أحدهما الآخر.
بينما لم يكن القادة الكرد على المستوى العام والمعلن محتضنون إسرائيليا في المضي للاستفتاء قبيل تنفيذه، خشية من استعداء المحيط العربي لهم أكثر، رغم أن العلم الأسرائيلي شوهد يرفرف في مسيرات أربيل وأوروبا.
بالمقابل الكرد لديهم أصدقاء وداعمون في عموم إسرائيل بضمنهم 200،000 كردي يهودي، ولكن الجنرال اللواء المتقاعد تزوري ساكي (Tzuri Sagi) البالغ من العمر 83 عاما لديه أسباب أكثر من باقي الأسرائيلين لتبرير إستقلال كردستان.
ففي شتاء عام 1966 أرسل قادة إسرائيليون السيد (ساكي) بمهمة سرية جزءا منها دعم (الملا مصطفى البارازاني) وقواته البيشمركه ، آنذاك كان هنالك ست كتائب من الجيش العراقي تتأهب لمحاصرة الكرد قبل ذوبان الثلوج، حينها كان (ساكي) برتبة ملازم وإنسحب تكتيكيا مع عدة مقاتلين بأسلحة خفيفة دفاعا عن (الملا مصطفى البارازاني ) وكذلك إستدراج القوة العراقية لكمين آنذاك ونجح ساكي من السيطرة على الموقف حينها قدم مشورة للملا البارازاني أن يترك القوة العراقية للانسحاب المريح من خلال فتح ثغرة لهم.
يروى نقلا عن (ساكي) في جريدة النيويورك تايمز.. أن 5000 من الجنود العراقيين قضوا آنذاك في معارك دارت عند جبل (هندرين) والذي اصبح فيما بعد علامة بارزة في التأريخ الكردي، كما أن (ساكي) أتصل بضباط عراقيين لفسح المجال لهم بالانسحاب بسيارتين جيب (على حد قوله).
بعد نكبة 1967 والإنقلاب البعثي بعد سنة من ذلك أصبح العراق وطنا طاردا لليهود، وبدأ تناقص المجتمع اليهودي العراقي ، هنا جاء دور البارازانيين في المساعدة !!
بعد شنق تسعة من اليهود العراقيين في ساحة التحرير ببغداد عام 1969 ما كان على اليهود العراقيين البائسين إلا الهرب والنزوح عندها قام الكرد بمساعدة فرابة 1000 يهودي من عرب العراق الى الهرب والنزوح إلى كردستان ومن ثم الإنتقال برا إلى إيران ومنها جوا إلى إسرائيل.
كانوا ينتقلون بواسطة الحمير من خلال الجبال الوعرة عبر الحدود .. هكذا يروي اوفرة بينكيو (Ofra Bengio) الباحث في التأريخ والحاصل على درجة البروفيسور الفخرية بجامعة تل أبيب - مركز موسى دايان.
زامير شيمتوف - 1963 عاما هو احد النازحين آنذاك ، يعمل طبيب أسنان حاليا في هرزاليا، الذي كان يافعا عام 1970 عندما بدا والداه وأقرباؤه بالنزوح من العراق ولكنهم فشلوا وأعتقلوا لمدة شهر واحد، حاولوا مرة ثانية ولكن هذه المرة تعرضوا للإبتزاز والسرقة وألقي القبض عليهم من قبل الجيش وأرسلوا إلى بغداد آنذاك ، تعرض والد زامير للتعذيب ، وفي المرة الثالثة يروي أن سائق تكسي كردي بشرهم بموعد آمن ومن ثم مقاتل كردي سيقلهم بسيارة جيب ليتمكنوا من الهرب بنجاح إلى إيران عبر الحدود.
عند نهاية الطريق إلى إيران .. عرض والد زامير قطع ذهب للمقاتل الكردي الشاب .. الذي كان يفود السيارة كمكافأة له على إنقاذ حياتهم ، فاجابه الشاب الكردي (أنا مسعود البارازاني - إبن الملا مصطفى البارازاني وإذا سمع الملا مصطفى باني أخذتها فأنه سيقتلني شنقا).
التأريخ يمضي أيضا... حينما بكى الجنود الأسرائليون وجنود مسعود عندما تقاطع شاه إيران مع الاكراد بتوقيعه إتفاقية الجزائر مع العراق عام 1975 لحل إشكالية الحدود والتي انهت التمرد الكردي وأجبرت البيشمركة للتراجع إلى إيران، امام تحقيق الحلم الكردي تتكثف المخاوف الإيرانية - التركية لكي تبقي على اوطانها متماسكة أمام طموحات الأقليات الكردية في المنطقة، كما ان القوى العالمية ومجلس الامن الدولي لديه خشية من أن الاستفتاء قد يضعف من الجهد العسكري لهزيمة (الدولة الأسلامية -داعش).
إسرائيل يائسة على أصدقاءها في المنطقة، والكرد عموما هم يريدون أن يكونوا أصدقاء وليس لديهم إهتمام بفلسطين ... هكذا قال (كينث بولاك) محلل سابق في وكالة الأستخبارات الامريكية (C.I.A) ومجلس الأمن الدولي الذي يزور كردستان بشكل منتظم.
وبينما ترغب الولايات المتحدة الامريكية في اللحظة الحالية الحفاظ على العراق كوحدة واحدة، فان الأسرائليون يبدون اكثر واقعية وبراغماتية ، كما يقول الدبلوماسي (بيتر كالبريث) حيث يرى (لماذا نخسر كل العراق عندما نكون قد حافظنا على جزء منه).
رؤية لما تقدم :
أن ملف (التشظي الإثني) فتح على الطاولة السياسية عالميا مطلع الثمانينيات سيما أن بداية العقد شهدت تغيرين مهمين في الأنظمة السياسية للعراق وإيران في آن واحد (القائد الأوحد).
تلك اللحظة يبدو ان المعسكر الرأسمالي كان متيقنا أن المعسكر الأشتراكي أوشك على الأفول، ولابد من تهيأة مسرح تنفيذ رؤى الإدارة العالمية وهذا المسرح هو (العراق).
تسؤلا مهما في هذه الحقبة مفاده ... ما هي رؤية صدام آنذاك المتفق مع شاه إيران في الوقت نفسه كانت إيران آنذاك مؤيدة لإسرائيل وتمثيلها دبلوماسيا ؟ ولماذا ولأي مبرر تتعارض رؤية النظام العراقي آنذاك مع الخميني الذي هو بالكاد يرفض إسرائيل بتاتا .. وهل كانت لحظة موت النظرية القومية العربية؟
وهل التغيير الديموغرافي القومي آنذاك المتمثل بسلخ اليهود من مجتمعهم العراقي على أساس انهم يهود بالقومية الإسرائيلية وليسوا كديانة ممكن ان تكون في أي بلد هو ذاته السيناريو للتغيير الديموغرافي (الإثني) الذي يشهده العراق كحالة مخاض منذ 13 عاما تنذر سنواتها القادمة لنهاية مشابهة (التوطين وإعادة التوطين)؟
إلى أي مدى سيدرك (العقل السياسي الجمعي العراقي) المتشظي واقعيا على أساس (الإثنية و الإختلاف التنظيري الديني) والمرتكز على تطبيق مضامينه السياسية إلى دستور مهلهل بأن دخول أسرائيل عام 2017 علنا على الساحة السياسية في المنطقة كمتغير أقليمي معلن وواضح يتطلب (براغماتية) هي في الأصل محضورة (أو محرمة) أذا ما تطلب الأمر ذلك ؟
وهل الجيل السياسي القادم المتناسل من جيل سياسي سابق سيعي حجم المأزق؟ هل ستمضي الأجيال القادمة في طريق الدم بغية الدفاع عن أوطان كتبت عليها القدرة الإلهية أنها ساحة معركة عبر التأريخ يرسم حدودها من هم ......؟ أم سيكون هنالك تحول تأريخي يقوم على أساس تقبل الواقع كما هو لحفظ ما تبقى .. وأهم من ذلك الإنسان وكرامته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى