الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التقاذف بكرة الاستفتاء بين العبادي والمحكمة الاتحادية

سامي عبدالقادر ريكاني

2017 / 11 / 4
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


فرح الكورد برد المحكمة الاتحادية على مطلب العبادي حول مصير الاستفتاء الكوردي،والذي جاء ردهم بعدم استطاعتهم القيام بذلك في غياب الاطراف المسؤولة عن هذا الاستفتاء، وبرمج القنوات الكوردية ومحللوها الحزبيين هذه العبارة اما عمدا ام جهلا وبدلوها بعبارة اخرى عبروا عنها بهذه الصورة (ان المحكمة الاتحادية ردت بعدم استطاعتها البت في مصير الاستفتاء وذلك لغياب نصوص دستورية متعلقة بهذه المسالة)، ووقع موقف الكورد في حالة من الاضطراب بين التصديق المشوب بالخوف لعدم الثقة وبين اعتبارها حلقة اخرى من حلقات المؤامرة ضد الكورد، ولكن في الحالتين كان طابع التفاؤل الحذرهو الغالب على شعورهم الى حد ما، مع ان المسالة لاتخرج عن كونها وجه اخر من اوجه الصراع السياسي الذي لاعلاقة له لابالدستور اوالقانون ولا بالحقوق والواجبات ولا بالوحدة الوطنية وامنها .
وباعتقادي انها امتداد للصراع بين الاقطاب الشيعية المتصارعة على الحكم في بغداد وهي نوع من انواع الصراع بالوكالة عن اطراف اقليمية ودولية انتهجت صراعهم اخيرا لتركز على سياسة كسر العظم ولوي الاذرع بين العبادي وجماعة المالكي واتباعه من الحشد الشعبي وبالاحرى بين الجبهة الامريكية والايرانية التي تحاول كل طرف انتهاز اي فرصة مناسبة لضرب الاخر بغية القضاء عليه بعد حصره في زاوية ضيقة، وذلك لفسح المجال لنفسه للفوز في الانتخابات المقبلة، وهنا اصبحت مؤسسات الدولة هي الوسيلة والساحة الاخيرة التي تحاول كل طرف من خلال نفوذهم فيها تسجيل اهدافها في مرمى الطرف الاخر.
ومسالة الاستفتاء الكوردي هي نقطة الارتكاز التي تدور حولها هذا الصراع الشامل،حيث بدات لتاخذ من الصراع الداخلي بين تيار العبادي وحلفائه، وتيار المالكي والحشدي وحلفائهم ، نقطة الانطلاقة المباشرة الاولى لهذا الصراع .
فمع ان المحورين استطاعوا من تجميد خطوات الكورد نحو الاستقلال وبمعية دولية، الا ان جو التحضير للانتخابات العراقية المقبلة، اضافة الى بقاء هاجس الخوف لدى ايران وتركيا من نتائج الاستفتاء ومصيرها الذي بقي حيا مع كل الضربات التي وجهت اليها، والذي يرون بان مفعولها سيبقى مستمرا مالم يقضوا عليها، اما بارغام الاقليم للتنازل عنها، واما بالتجهيزعلى الفدرالية الكوردية من قبل هذا المحور وعبر بغداد، اضافة الى مخاوفهم من المشروع الامريكي الذي اوجد نوعا اخر من الصراع على النفوذ والمصالح في العراق واضاف جوا اخر للمساومات السياسية والدعاية الانتخابية عبر ورقة الاستفتاءالكوردي وعلى حساب قضيتهم، لهذا اصبح الخيار بين التجهيز على مصير الاستفتاء ومحاولة قتلها نهائيا وبين الاكتفاء بتجميدها وابقائها في سبات ، هي الورقة الاخيرة التي تراها الاطراف المتصارعة بانها ستحسم النتيجة النهائية اما لصالح هذا المحور او ذاك.
وبهذا فان المعادلة اصبحت بالصورة الاتية : القضاء النهائي على الاستفتاء: اما بارغام الاقليم للتنازل عن نتائج الاستفتاء، وذلك لايكون اما باقرار كوردي ولايملك اي طرف او شخص صلاحيات ذلك، لانه جرى باستفتاء مباشر من الشعب ولايمكن تقرير مصيرها الا باستفتاء اخر منهم، وان النتيجة معلومة في حال اعادتها بانها لن تكون لصالح المعارضين اضافة الى صعوبة اجراء ذلك.
والحل الاخر هو ارغام العبادي للتصعيد ضد الكورد خاصة ضد من كانوا من حلفائه وامريكا والذي يعمل الاخير حاليا الى اعادة هذا التحالف مرة اخرى بعد تعاظم المد الايراني في المنطقة ، وبالنتيجة في الحالتين فان الواقع سيؤدي الى حرب استنزافية لايكون الخاسر فيه سوى العبادي وحلفائه ومحورامريكا، ولصالح المحور الاخر، لذلك دخلت واشنطن على الخط وحذرت عبادي من التمادي في الضغط على الاقليم بشان الاستفتاء ونصحته بالاكتفاء بالقرار الكوردي حول تجميد نتائج الاستفتاء.
ولكن يبدو ان العبادي هنا وقع بين مطرقة امريكا وسندان الحشد وايران وتركيا، خاصة وان الاخير اشترط على مطلب نيجيرفان للقاء اردوغان، باعلان الاقليم التنازل عن نتائج الاستفتاء، وهذا الموقف قد ضاعف من الضغط على العبادي، فلا يقبل منه خصومه في الداخل بان يكون موقفه اقل تهاونا من موقف تركيا اتجاه مسالة الاستفتاء، وباعتقادي، ان العبادي للخروج من الازمة وتجنب تهمة التخوين الذي سيلصقون به خصومه في حال تهاون مع قضية الاستفتاء انه راى بانه لابد من رمى الكرة في مرمى المحكمة الاتحادية بتخويلها للبت في مسالة الاستفتاء، واتبع نصيحة الدكتور برهم صالح ، وهي رمية موفقة لانها ستحمل عن كاهله تبعات الاستمرار في تنفيذ هذه الخطوة ،والتي لن تكون نتائجها الا كارثية على الشعب العراقي ككل وعلى جيشه بفرعيه العراقي والبشمركة على وجه الخصوص، وعلى مستقبله السياسي ايضا ولن تكون الا لصالح الاطراف الاقليمية وخصومه في الداخل.
كما ان ذلك يعتبر التفاتة حكيمة من السيد برهم صالح، الشخصية الكوردية البارزة الذي انشق اخيرا عن حزب الطالباني وذهب لتشكيل تكتل باسم التحالف من اجل الديمقراطية والعدالة، كما انه كان من الشخصيات التي شاركت في وضع بنود الدستور العراقي وحتى مع الازمة الاخيرة حول الاستفتاء استعان به الاطراف الدولية والعراقية لايجاد مخرج من الازمة بحيث تحيل دون اراقة الدماء العراقية، وكان من تصريحاته حل ازمة الاستفتاء عبر المحكمة الاتحادية، وهو ماعمل به العبادي بطلبه من المحكمة البت في مسالة الاستفتاء، وبهذا استطاع السد برهم صالح اخراج ورقة الاستفتاء من المزايدات والمؤامرات الداخلية والخارجية التي تحاول كسر ارادة الشعب الكوردي من خلال حجة عدم شرعية الاستفتاء.
ومن طرف اخر فبمجرد تحويل القضية الى المحكمة المعنية فان الاكراد سيحتفظون بورقة الاستفتاء حية مع ماتمر بها من ضعف وتجميد وضغوطات اخرى، وبمجرد نقلها ايضا الى المحكمة الدستورية والبت فيها فلن يكون القرار الا لصالح الكورد وستنهي قانونيا اي مبرر لضغوطات اخرى ضد الاقليم بحجة الاستفتاء ، وذلك لان الاستفتاء لم يجري بموافقة المحكمة ولم تؤخذ برايها، وهي عندها بحكم المعدوم ولايبنى موجود على معدوم ، خاصة اذا اضفنا اليها بانه لايوجد اي نص في الدستور يتعلق بالاستفتاء يمكن للمحكمة الرجوع اليها لاصدار الحكم بشانها.
وبهذا ان مسالة الاستفتاء ونتائجها بين اهميتها وفق الدساتير الدولية وبنود حقوق الانسان باعتبارها حقا شرعيا مارسها الشعب الكوردي ليعبر من خلالها عن حقها في اختيار تقرير مصيرها حسب تلك الدساتير ، وبين فقدان اي نص قانوني او دستوري في الدساتير العراقية تجرم هذه الخطوة ، ستبقى مكسبا تاريخيا وورقة حية تحظي بثقلها الشرعي على المستوى العالمي الى جانب ثقلها المعنوي باعتبارها خيارا حرا عبر من خلالها الكورد عن ارادتهم وسيحتفظون بها في وجدانهم وسيتناقلون احداثها الى اجيالهم القادمة ، ولعلم الاطراف المتامرة على القضية الكوردية بثقل هذا المكسب ذو البعدين الشرعي والمعنوي فانهم يحاولون انهائهاعبر القضاء على تجربة الفدرالية الكوردية في اقليم كوردستان وهم بصدد واد القضية الكوردية في سوريا والمنطقة ككل ايضا.
لذلك المؤامرة مستمرة، فبعد عجز المحكمة الدستورية القيام بالبت في مسالة الاستفتاء لعدم وجود ارضية تخولها بذلك، ولعدم رغبتها باظهارعجزها بسبب الضغوطات السياسية من طرف اخر ، وللبحث عن مخرج اخر لرمي الكرة الى مرمى العبادي مرة اخرى لاجباره لاكمال المؤامرة ضد الكوردعلى يديه، فان المحكمة حاولت بصورة مظللة اظهارردها كانها رد دستوري على مطلب العبادي حول الاستفتاء ، مع محاولة اخفاء الحقيقة على الشارع العراقي الذي ان اظهرت لهم الحقيقة فلن تكون نتائجها الا لصالح العبادي والكورد، ضد جبهة المالكي والحشد والداعمين لهم من المناوؤين ضد الاستفتاء .
لهذا قامت المحكمة الاتحادية بدل الرد بعجزها على البت في شرعية او عدم شرعية الاستفتاء ،فانها حولت القضية وتعاملت معها على اعتبارها دعوة مرفوعة على صيغة (انتساب تهمة)من شخصية او مؤسسية (حكومة العبادي)تتهم من خلالها اشخاصا او جهات قامت بتصرف او اعمال تقع تحت بنود تستند على انتهاك نصوص دستورية متعلقة بالتحريض واثارة الفوضى او الاخلال بالامن ولاعلاقة لها بمطلب تبيان موقف المحكمة من شرعية او عدم شرعية الاستفتاء الشعبي الذي جرى، وفي هذه الحالة فان المسالة ابتعدت عن كونها رفع دعوة بمطلب البت في مصير الاستفتاء، خاصة اذا نظرنا الى رد المحكمة برفض الطلب وربط اسباب الرفض هذه بمطلب حظور المتهمين للنظر في الدعاوي والتهم التي وجهت اليهم، وهذه لاعلاقة لها بالاستفتاء لان الحظور سيشمل الشعب الكوردي ككل في هذه الحالة ويجب احضارهم وهذا محال والمحكمة ليست بهذا الغباء، وهذا دليل على ان المحكمة بنت ردها على اعتبارات اخرى بعيدة عن مضمون مطلب العبادي حول مصير الاستفتاء .
وهذه الالتفاتة من المحكمة هي ليست ببعيدة عن حياكة لعبة سياسية اخرى ضد الاقليم قبل ان تكون ضد العبادي، اي ان الهدف من رد المحكمة ومن يقف خلفهم، انهم لا يريدون انفلات العبادي والكورد من الكماشة التي اوقعوهم فيه ، فاذا كان قد استطاع العبادي انقاذ نفسه في المرة السابقة برمي الكرة في مرمى المحكمة الاتحادية، الا انهم لن يتركوه لينفلت هذه المرة ايضا فالموقف هذه المرة ربما اكثر صعوبة من قبل الا وهو الزامه اي( العبادي) باحضار المسؤلين الاكراد الذين يقع عليهم مسؤلية اجراء الاستفتاء، وهذا لن يكون اما بحرب اهلية او بتسليم تلك القيادات انفسهم الى المحكمة الاتحادية، وبهذا تكون المحكمة ومن يقف خلفهم استطاعت من سد الطريق على المنفذ الكوردي العبادي الذي حاولوا الخروج من خلالها من الازمة فهل سيستطيع الاخير من رد الكرة وانقاذ نفسه وحلفائه مرة اخرى؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد -الإساءة لدورها-.. هل يتم استبدال دور قطر بتركيا في الوس


.. «مستعدون لإطلاق الصواريخ».. إيران تهدد إسرائيل بـ«النووي» إل




.. مساعد وزير الخارجية الفلسطيني لسكاي نيوز عربية: الاعتراف بفل


.. ما هي السيناريوهات في حال ردت إسرائيل وهل ستشمل ضرب مفاعلات




.. شبكات | بالفيديو.. سيول جارفة في اليمن غمرت الشوارع وسحبت مر