الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النازية...رؤية مختلفة

يوسف شوقي مجدي

2017 / 11 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بعد الحرب العالمية الثانية و اثنائها ، اخذ بعض المفكرين علي عاتقهم مهمة شرح او تفسير كيفية صعود النازية ، من هؤلاء المفكرين تيار كبير حاول تناول الظاهرة من منطلق التحليل النفسي الفرويدي ، مثل مدرسة فرانكفورت ، و طبقوا علي النازية مفاهيم فرويدية مثل عودة المكبوت و لنأخذ مثالا اخر فرنسيا ، و هو ميشيل فوكو ، الذي لاحظ ان النازية هي عودة الي الايمان بالدم، اي انها تحاول الحفاظ علي الدم او العرق النقي و في الجهة الأخرى تهلك الدم الاخر ، و مما لا شك فيه ان النازية تعتبر رجوع الي الخلف او صعود كل المختبئ في اللاوعي علي السطح حيث يمكن رؤيته و ملامسته و لكن تتنافى تلك المقولة مع حقيقة استخدام النازيين وسائل حديثة في اتمام مهامهم ، و يمكن القول ان الهدف كان بدائيا و لكن الوسائل متقدمة ، و يمكن الاعتراض علي ذلك ، فتلك الاجهزة الحديثة لم تظهر فجأة و لكنها نتاج بيئة فكرية و بنية تحتية اتاحت ظهور تلك الاشياء ، فكيف توفرت تلك البيئة في مناخ بدائي و وحشي مثل المناخ النازي ؟ اذا يجب تعديل الحقيقة القائلة ببدائية النازية ، و لكي نفعل ذلك، سنبدأ البحث في التاريخ عن مثيل لما فعله النازيون باليهود ، ولا اقصد هنا الإبادة الجماعية و لكن معاملة المجتمع للذين يراهم خطرا عليه ، فنجد عقوبة الإعدام بالخازوق قبل العصر الروماني ثم عقوبة الصلب ثم عقوبة الحرق حيا للمهرطقين في العصور الوسطي ، و نلاحظ في تلك العقوبات التالي :
1-الإشهار و فضح المتهم و يظهر ذلك في حضور عدد كبير من الناس لمشاهدة التنفيذ.
2-اعتبار العقوبة مهينة (مثل الصليب) مما يترتب عليه اعتبار المتهم اقل من البشر بل اعتباره نجسا مسكونا بارواح شريرة (مثلما في العصور الوسطي ) ولهذا كان التفاعل الجسدي مع المتهم مقصورا علي منفذ الحكم الذي اقتصر تفاعله علي التحكم الجسدي في السجين اثناء التنفيذ.
3-الإصرار علي الحاق الالم النفسي و الجسدي بالمتهم.
و لنعود الي النازية لنري مدي توافق ما فعلته مع تلك النقاط الثلاث :
1-كانت عمليات الابادة تتم في معسكرات منعزلة ، و كان يتم التعتيم عليها وتم انكارها بعد انتهاء الحرب.
2-بالطبع تم اعتبار اليهود اقل من البشر فهم بالنسبة للنازيين السبب الرئيسي في انحدار المانيا و هزيمتها في الحرب العالمية الاولي و كان هذا هو الدافع لكراهية اليهود و لكن هذا لم يترتب عليه تقليل التفاعل الجسدي بين المعتقلين و العاملين في المعسكرات ، بل تم احضار اطباء متخصصين في اتمام تجارب علي اجساد المعتقلين اي الانتفاع من تلك الاجساد و اعتبارها ميدانا "حرا و مفتوحا "لتجريب كل نظرية و كل خيال جامح و لكن مفيد في كل المجالات :الحربية و الطبية..الخ ، و بعض التجارب اختصت بالبحث عن الفوارق الجسدية او العرقية التي شكلت سببا هاما بالنسبة الي النازيين لاعتبار اليهود سببا في البلاء ، فالنازيون لم يكتفوا بالايمان باستحقاق اليهود للابادة ولكنهم بحثوا عن ادلة "تجريبية" علي النقيض من العصور القديمة التي اكتفي فيها الشعب بالايمان بنجاسة المتهم، يمكن القول ان تلك التجارب الطبية كانت تتم بدون مخدر و هذا لم يكن عن قصد التعذيب و لكن للتوفير فكان القصد اداتيا او غائيا.
3-لا يمكن مقارنة غرف الغاز بالحرق حيا ، و لكن هذا لا يدل علي رحمة النازيين و لكن لان الطرق المؤلمة في الاعدام من الواضح انها كانت ستكلف النازيون الكثير.
مما سبق نستنتج ان النازية لم تكن كالتتار بالنسبة لاوروبا اي انها لم تاتي من خارج التاريخ الاوروبي و لكنها نشأت في بيئة اقتصادية و معرفية يمكن تلخيصها في كلمة واحدة و هي العقلانية الاداتية التي هي نتاج الحداثة و هي ايضا نفيض للنزعة البدائية التي تعتمد علي الدم ، و النزعتان اجتمعا في النازية.

ملحوظة : الافكار التي يحتويها ذلك المقال يمكن ايجادها بشكل موسع في اعمال مفكرين مدرسة فرانكفورت بشكل عام و قرائتهم الخاصة لاعمال فرويد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط