الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاخوة الأعداء داخل إعلان دمشق

كامل عباس

2006 / 2 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تعمل القوانين الطبيعية ضمن آلية محددة يمكن للعلماء والمختصين فهمها , في حين تعمل القوانين الاجتماعية وفق آلية أعقد بسبب تأثير عامل جديد فيها هو الوعي وانعكاسه على مصلحة الطبقات والفئات الاجتماعية المتناحرة , ومع ذلك فان فهم آلية القوانين الاجتماعية ضروري جدا للبشر , لأن تلك القوانين تعمل بهمجية أشد من همجية القوانين الطبيعية اذا لم نعرف كيف نتقي شرها . ان المختصين بفهم القوانين الاجتماعية هم العاملون في الحقل السياسي بشكل رئيسي , كل قوة او حزب سياسي يحاول فهم تلك القوانين والتأثير في مسارها بما يخدم برنامجه السياسي والقوى الاجتماعية التي يعمل من أجلها .
ان كثيرا من القوى السياسية بسبب فهمها الخاطئ لمسار تلك القوانين قد تخدم أعداءها الطبقيين دون ان تدري . الصورة تبدو واضحة وجلية للعيان في اللحظة الحالية من تطور العالم وما أدى اليه من نظام عالمي جديد , على أنقاض النظام العالمي السابق الذي كان قائما على توازن الرعب بين جبارين .
ان النظام العالمي الجديد يقوم على مجموعة من الحقائق الاجتماعية منها
1- العالم أصبح قرية واحدة بفضل تطور العلم وتكنولوجيا المواصلات والمعلومات .
2- أمريكا زعيمة العالم بلا منازع فهي الدولة الأقوى والأكبر والأكثر تأثيرا في النظام الجديد .
3- لحقوق الانسان والديمقراطية وثقافة الشعوب والأمم كافة والهيئات الدولية دورا اكبر من السابق في التأثير على مسار الأحداث الاجتماعية .
4- خير طريقة للعمل من اجل عالم أقل بؤسا وأكثر نعيما هو التأثير على النظام من داخله .
المأساة تكمن في أن كثيرا من الأحزاب والقوى السياسية المكافحة حقا من اجل غد أفضل للبشر , لم تستطع ان تستوعب تلك التغيرات وما تزال تفكر بعقلية الحرب الباردة . عقلية القضاء على النظام الرأسمالي الاستغلالي لتحل محله نظاما اشتراكيا يبدأ فيه التوزيع حسب قاعدة لكل حسب عمله , وهذه القوى تتمثل الآن عالميا بما يدعى
مناهضو العولمة ) الذين يريدون نظاما عالميا غير العالم القائم ويرفضون العولمة الحالية
لا يدري هؤلاء انهم بعملهم هذا يخدمون أسوأ الشرائح الرأسمالية الاستغلالية القائمة في النظام العالمي الجديد !!
يتجسد هذا الفهم في ساحتنا السورية على أكمل وجه هذه الأيام , وهو يشق الصف الوطني داخل وخارج السلطة الى فريقين يمكن تسميتهما بحق – الاخوة الأعداء
- فريق يريد ان يناضل ضد المخططات الأمبريالية والصهيونية ويرى فيها الخطر الرئيسي على سوريا .
- وفريق آخر على العكس منه تماما يرى بالمتغيرات الدولية شيئ ايجابي , ويمكن ان يساعدنا في التقدم الى الأمام ضد ما نعاني منه وهو الجهل والتخلف والاستبداد لأن هذا التخلف أصبح عبئا على تقدم العالم وموطنا يفرخ فيه الإرهاب . والمهم ان التغيير آت لما محالة , فإما ان نحلق بأيدينا ونهندس شعرنا بما يتلاءم مع صورة وجهنا وشخصيتنا واما ان يحلقوا لنا بطريقتهم وكما يخدمهم
يتجلى الصراع بين الجهتين داخل المعارضة السورية بمحاولة كل منهما في السيطرة على اعلان دمشق
فبعد ان قدم الاعلان توافقات تلتقط خيط المتغيرات الدولية وتريد ان تخاطب العالم على قاعدة سوريا ليست قوقعة فارغة سياسيا . نجحت الجهة الثانية في اصدار بيان توضيحي جاء فيه ((إن الأخطار التي تتعرض لها سورية متعددة و متنوعة إنها تواجه مخاطر و تحديات خارجية تتمثل أساسا في مشاريع الهيمنة و السيطرة الأمريكية و الصهيونية على المنطقة، و هي مشاريع شديدة الخطورة، تخلق الاضطرابات و الحروب، التي تتجلى في استمرار العدوان الصهيوني على أهلنا في فلسطين المحتلة وفي استمرار احتلال الجولان السورية، و في الاحتلال الأمريكي للعراق و النتائج المترتبة عليه. )) وهي تعمل بدأب واصرار ونضال متعدد الوجوه حتى تثبت انتصارها وتعيد صياغة اعلان دمشق من جديد بما يتلاءم مع هذا التوجه , وبالتالي إفراغ إعلان دمشق من مضمونه كليا .
لهؤلاء نقول : ان التاريخ له طريقه العام وهو سيسير في مجراه شئنا ام ابينا وفي سوريا خير مستجيب لهذا المنحى هو برنامج عبد الحليم خدام المنشور في جريدة القبس الكويتيه والمدروس بعناية على المستوى المحلي والعربي والعالمي . والمصيبة ان غباءنا سيسهل على الفاسدين أمثال خدام أن يكونوا أسيادنا في الحقبة الديمقراطية كما كانوا اسيادنا في الحقبة الديكتاتورية .
قدر سوريا ان تكون الآن في بؤرة الضوء ومطلوب منها تفكيك نظامها القديم والالتحاق بركب العصر( ولن يزيدنا الصراخ ورفع شعار – قد أقبلوا لا مساومة : المجد للمقاومة – سوى المزيد من الكوارث ) , واذا ارادت قيادتنا الحالية ان تسهل على شعبها ويلات الانتقال وتجنبها طريق العراق , فليس اما مها سوى تبني برنامج خدام بشكل كامل
في ثلاثينات القرن الماضي كان الصراع على أشده بين ستالين وعدوه تروتسكي ,وما من مرة طرح تروتسكي برنامجا للمعارضة الا وتبناه ستالين على الفور وبهذه الطريقة قضى عليه تماما
ليس امام الرئيس بشارالأسد اذا اراد أن يجندل خصمه الذي يدعوه للمبارزة علنا الا تبني برنامجه .
ان فعل ذلك سيخسر الكثير من نفوذه الحالي ويصطدم بالكثير من المقربين له , ولكنه سيكون اللاعب الأبرز سياسيا في المستقبل . وسينتصر على نائبه الذي يتحداه , وان لم يفعل فالله وحده يعلم ماذا سيحل بسوريا في المستقبل .

كامل عباس – اللاذقية – 20 / 2/2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة