الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواجهة الفساد والارتهان للخارج في الخطاب المعارض

فؤاد سلامة

2017 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


في النقاش مع معارضين للسلطة في لبنان يبرز موضوعان كمحور للنقاش، الموضوع السيادي، وموضوع الفساد. يفضل البعض تجنب مناقشة الموضوع السيادي لاعتقادهم أن طرح هذا الموضوع غير ضروري اﻵن ﻷنه يثير خلافات كثيرة قد تحول دون وحدة المعارضين. وهذا البعض ذو التوجه اليساروي يعتقد أن موضوعة الفساد تلاقي قبولا واسعا عند مختلف أطياف المعارضة وتصلح ﻷن تكون في أساس أي تحالف انتخابي بين أطراف المعارضة، بينما الموضوعة السيادية تؤدي لانقسام بين هذه اﻷطراف.

لماذا تتخلى بعض أطراف المعارضة عن حسم موضوع السيادة تأييدا أو رفضا؟ هل فقط بسبب إشكالية هذا الموضوع أم خوفا من غضب الطرف المفرط بالسيادة وربما طمعا بمحاباته ودعمه؟
اذا كانت موضوعة السيادة قد شكلت في الماضي بندا أساسيا في تحالف 14 آذار ما جعل كل من يؤيد هذه الموضوعة طرفا محسوبا على 14 آذار، فإن تلك الموضوعة لم تعد تشغل اﻵن ذلك الموقع اﻷساسي في خطاب القوى التي انفكت عن 14 آذار ودخلت في جنة المحاصصة.

لقد كانت موضوعة السيادة سابقة على حركة 14 آذار، وأول من نادى بها هي قرنة شهوان ذات التركيبة المسيحية، ومن ثم المنبر الديمقراطي الذي أعطاها زخما إسلاميا شيعيا، وبعد ذلك أعطاها سمير قصير ويساره الديمقراطي شحنة يسارية، ثم بعد اغتيال الحريري تبنى التيار الحريري السني تلك الموضوعة والتحق التيار العوني بالانتفاضة الاستقلالية التي أدت لخروج الجيش السوري وانهيار نظام الوصاية مؤقتا.

شكلت اذن موضوعة السيادة لحمة قوية للسلطة التي انبثقت عن انهيار نظام الوصاية في لبنان، وذلك فبل أن ينتقل أنصارمحور الممانعة من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم ويستطيعوا عبر الاغتيالات وسياسة الترغيب والترويع إعادة بناء نظام وصاية جديد، هذه المرة بحماية الحراب اﻹيرانية.
تراجع الخطاب السيادي ترافق مع انهيار قوى 14 آذار بفعل اﻹغراءات التي قدمها محور الممانعة للقوات اللبنانية وللتيار الحريري: جنة الحكومة ومنافعها مقابل التخلي عن الخطاب السيادي. وبما أن هاتين القوتين (القوات والمستقبل) هما قوتان طائفيتان في اﻷساس فإن تخليهما عن الموضوعة السيادية كان أمرا سهلا مقابل شراكتهما في سلطة يديرها المايسترو اﻹيراني ويوزع فيها الجوائز والمغانم على الطوائف بنفس العقلية اﻷسدية في السيطرة على لبنان من خلال زرع الشقاق داخل الطوائف ثم استتباعها من خلال مغانم السلطة.

وأما موقف "اليسار" من موضوعة السيادة فلا يشكل مفاجأة ﻷحد. اليسار الديمقراطي انهار مع اغتيال سمير قصير، واليسار الشيوعي والقريب منه لا يولي أية أهمية لموضوعة السيادة الوطنية. تاريخيا كان الشيوعيون ملحقين بالمحورالموسكوفي ولا يقيمون وزنا لسيادة الدول التي يعملون داخلها. واستمر ذات النهج مع اليسار التقليدي الذي ما انفك يبدي استهتارا بموضوعة السيادة مقابل انبهاره الدائم بخطاب معاداة اﻷمبريالية.

بروز تيار داخل المجتمع الشيعي يصر على تبني الخطاب السيادي إضافة لتياري الكتائب وريفي قد يساهم بإعادة الوهج للخطاب السيادي في حال حدوث تلاقي بين هذه التيارات المعارضة وقوى الحراك المدني. يبدو ذلك اﻷمر وكأنه نوع من التمني ﻷن قوى المعارضة باﻹضافة لانقساماتها التكوينية هي هامشية داخل مجتمعاتها وتجد صعوبة في التلاقي فيما بينها على خطط مرحلية تضع جانبا خلافاتها التكوينية وطموحاتها الفئوية.

يجدر بقوى التغيير إبراز أهمية رفض الارتهان للخارج بكل أشكاله، جنبا إلى جنب مع موضوعتي مقاومة الاحتلال اﻹسرائيلي ومحاربة الفساد، وذلك بسبب الترابط الوثيق بين هذه الموضوعات الثلاثة. فمقاومة إسرائيل ضرورية ﻹعطاء السيادة معناها الشامل إذ لا سيادة وطنية مع وجود احتلال خارجي كما لا سيادة مع وجود هيمنة إيرانية على الدولة ومؤسساتها. كما أن محاربة الفساد تشكل موضوعا أساسيا لبناء دولة مدنية سيدة عادلة وقادرة. الفساد في لبنان أضحى منظومة متكاملة لتأمين سيطرة خارجية وداخلية على مقدرات البلد وثرواته عبر طبقة سياسية طائفية لا تبالي بمستقبل الشعب اللبناني بكل أطيافه وكل ما يهمها هو تأبيد سلطتها وتكبير حصتها ومكاسبها من خلال موقعها في السلطة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد بين إيران وإسرائيل .. ما هي الارتدادات في غزة؟ |#غرف


.. وزراء خارجية دول مجموعة الـ7 يدعون إلى خفض التصعيد في الشرق




.. كاميرا مراقبة توثق لحظة استشهاد طفل برصاص الاحتلال في طولكرم


.. شهداء بينهم قائد بسرايا القدس إثر اقتحام قوات الاحتلال شرق ط




.. دكتور أردني يبكي خلال حديثه عن واقع المصابين في قطاع غزة