الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشكالية ُالقراءة ِ،والالقاءِ في الخطّاب الأعلامي .واثق الواثق .جامعة المثنى / كلية التربية .

واثق الواثق

2017 / 12 / 1
الادب والفن


إشكالية القراءة والإلقاء في الخطاب الاعلامي :واثق الواثق.
من الأمور التي يجب على كل قارئ أن يدركها هي ان القراءة العادية يمكن ان يلفظ بها المقاطع الطويلة دون ان تفقد روحية الجمل ، أما الإلقاء فلا يستسيغ المقاطع الطويلة خصوصا في اللغة العربية وتحديدا الشعر والإلقاء الخاص يتطلب جهدا عضليا (لساني) ونفسا طويلا ، وجهدا فكريا يحافظ على توازن الجوانب الصوتية والنحوية والصرفية والدلالية داخل الكلمة الواحد ،وعلاقة الكلمة بالكلمات المجاورة خارج الكلمة وداخل الجملة .
كما يجب التمييز بين القراءة والإلقاء ، فالقراءة الرتيبة والعادية والنمطية تؤدي إلى قتل فن الإلقاء في خطب الجمعة أو الخطب السياسية..أما الإلقاء فيحتاج إلى الحفاظ على روحية الجميلة من خلال الإيقاع الذي يمثل الجوانب الصوتية:(مخارج الحروف (الهمس والجهر) ، وزن الكلمة صرف الكلمة نحو الكلمة روح المعنى).كما يعتمد على معرفة نوعية الجملة (خبرية، إنشائية) ،فالإيقاع يختلف في الشعر والنثر ، ففي الشعر يكون ملزما بالالتزام بالمُدد الزمنية المقطعية ، بينما في النثر أو الإخَبار قد لا يكون متوازنا بل يخضع لنَفَسِ المُرسِل او معنى الجملة وطولها وقد يتحقق الإيقاع في الكلمة الواحدة ، ولا يتحقق في الجملة حين الانتقال من كلمة إلى أخرى فلا يمكن ان تتحقق عملية التواصل بين المرسِل والمتلقي ، من دون التميز والتعرف على مقاطع الكلمة المكتوبة والمنطوقة والتوازن بينهما .فكثرة المقاطع(تتكون من حروف وحركات) الطويلة تؤدي إلى خلل في الإيقاع وصعوبة في النفس وقلة في أداء المعنى وانحراف عن المسار الجمالي وإضعاف لعملية التواصل ، ..كما يجب مراعاة علامات الترقيم ، والفصل والوصل والوقف والتفخيم والترقيق والنبر والتنغيم ومراعاة الزمنية في أحرف المد ، في الحروف ونطقها ، والمحافظة على نظام التقطيع اللغوي وفقا لنظام الإيقاع الصوتي المقطعي ( المقاطع القصيرة والطويلة والمغلقة والمفتوحة والبسيطة والشديدة) فالفواصل الزمنية( التوقف للحظة أو جزء من اللحظة لالتقاط النفس ومزاوجة القراءة بين الحرف والحركة) بين المقاطع الصوتي هي التي تخلق إيقاع اللفظ أو الجملة وتحقق الجمالية؛ لان الألفاظ مجموعة مقاطع كلما كثرت ، كثر المعنى .وموافقة الألفاظ للمعاني في إطار التركيب أو البناء اللغوي بحيث لا يجوز الفصل بينهما، وهذا يتضح من خلال تتبع المُرسِلين أثناء عملية الإرسال الشفاهية ، حيث يؤدي الفصل بين الألفاظ ومعانيها إلى وجود أو خلق قَطّع في عملية التوصيل يمكن الإحساس به أو رصده بيسر وسهولة من خلال المتلقي .فالمذيع او الخطيب الذي لا يجيد المُدد الزمنية للمقاطع الصوتية وإيقاع الكلمات وإيقاع الجمل يفقد القدرة على التوصيل ويخلخل ويخرق النص بانزياحه عنه .؛ ما يؤدي إلى تدمير عملية الإلقاء وهروب أو عزوف للمتلقي . وبالتالي كثرة العيوب والخروقات اللغوية بمستوياتها الأربعة .
فعملية الإلقاء تحتاج إلى الإلماح والفراسة والدراية والخبرة الكاملة في اللغة وأدواتها وأساليبها ومعانيها وأصواتها ونحوها ، والتفريق بين الجمل الطويلة والقصيرة والاعتراضية ، وتعتمد اعتمادا كبيرا على أدوات الربط . فعملية الإلقاء هي قراءة وصياغة سريعة و جديدة تعيد إنتاج المكتوب .وهي عملية تحويل المكتوب إلى منطوق او مسموع بروحية وجمالية عالية المستوى والدقة تحتم على المتلقي التفاعل معها والاستجابة إليها . ومن الأمور المهمة في الإلقاء- كذلك - الحفاظ على إيقاع الجملة أي الروح الجمالية والمعنوية .وكما قالت العرب :"إن أفضل السمع ، ما وافق لفظه معناه" . أي عملية المزاوجة والمفاعلة بين الألفاظ وعانيها .
وهناك عوامل خارجية أخرى تؤثر في عملية الإلقاء تتعلق في الجوانب النفسية والاجتماعية والسياقية والمقامية والتداولية ، مرتبطة بالمرسِل ومحيطه الخارجي (السابق والحالي واللاحق) كالمشاكل والمعوقات والهموم التي ترافقه ،فهي تؤثر على المرسل من حيث قصر النفس ، وشرود الذهن ، وتشابك الأفكار والصور وانزياح الإلقاء .إضافة إلى عدم فهم المرسل لأنواع اللغة والنصوص وطبيعتها وأهدافها وقيمها وروحيتها وموسيقاها.. فاللغة الشعرية تختلف عن اللغة النثرية واللغة الإعلامية تختلف عن اللغة الصحفية ، واللغة الرسمية او الفصحى تختلف عن اللغة المعيارية (المتداولة) واللغة المكتوبة تختلف عن اللغة الشفاهية ،فعليه ان يدرك عملية نطق الكلمات او المصطلحات المكتوبة المتداولة وفقا لنطقها ولفظها المحلي من دون ترقيق أو تفخيم او تحريف للمعنى او انزياح في التركيب لان ذلك يضعف عملية التواصل ويقلل من فرص الإلقاء الجيد ويقتل روحية وجمالية الملفوظ ،ويبعد المتلقي عن الرسالة .
وفي الختام نتوصل إلى ضرورة التفريق بين عملية القراءة التي هي عملية ديناميكية رتابية حيّة فردية شخصية ، لا تحتاج إلى الاهتمام بالآخر ولا إلى جهد فكري وعضلي ونفس عميق ومعايشة الملفوظ وموافقة الألفاظ إلى المعاني، بدقة ، وقد تصل إلى المَلل في حال الإطالة ؛ ما تؤدي إلى قطّع في عملية التواصل ، وبخلافها يكون الإلقاء .
والإلقاء أنواع ، منه: الشعري والخطابي والمسرحي والإعلامي والسينمائي .. ويظلُّ كلُّ خطاب قاصرا إذْ لم يحققْ عملية التواصل من خلال الإلقاء الجيد ، المُحقِق لعملية التلقي الجيدة . فأيُّ نص مكتوب حامل لشروط الإلقاء ، يمكن أن يتحول إلى خطاب ، بعَد قراءتِه وإلقائه ويحقق عملية التلقي والتواصل معا .واثق الواثق.
.................................................
1-ينظر: الأصوات اللغوية : د.إبراهيم أنيس .
2-دلالة الألفاظ : د. إبراهيم أنيس .
3- الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني : د.حسام النعيمي.
4-الإلقاء في الفضائيات العربية ، نظاما شاريا :د. محمد رضا مبارك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع