الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملخص وفكرة فيلم - النهاية المحتملة- ( قصة سَعيد ):

معتز نادر

2017 / 12 / 5
الادب والفن


تدور قصة الفيلم حول شاب تسيطر عليه فكرة العدل والرغبة المستميتة بالحياة الخالية من الظلم و من النماذج المؤذية والشريرة.
وهذا الشاب إسمه –سعيد- في منتصف الثلاثينيات مربوع القامة –معتدل
البنية –حنطي الوجه أسود الشعر كثيفه ، يرتدي على الأغلب بدلة رسمية من دون ربطة عنق ويضع على عينيه نظارات طبية ، وهو شخص حسّاس وخجول يميل للإنطواء
يعمل -سعيد- في إحدى شركات الاغذية ،وهو أيضا قارئ جيد وكاتب هاوي يعمل على تثقيف نفسه وتجمعه بصديقه المقرّب *خالد * أحاديث ونقاشات تحمل عمقاً إنسانيا ً وفكراً مستنيراً مثل تمجيد قيمة الحياة وإحترام حرية الإنسان وقناعاته ، وبأن الإنسان الذي لا يملك النفوذ والقوة الإجتماعية يجب عليه أن يغامر ويجرب أمورا مشكوك بأمرها ليخلق من خلالها الظروف المناسبة لنفسه كي يغيّر الأشياء ويعبر عن ذاتيته ويفجّر ما بداخله من طاقة ..
وسعيد معجب أشد الإعجاب بالفيلسوفيين الألمانيين -هيغل ونيتشه – ويرى بأن فلسفة هيغل وتصوراته تصلح لتسير البشرية على نهجها وترتقي من خلالها لأسمى حالات الحضارة *
ومن جهة أخرى يرى بأن فلسفة نيتشه تمثّل ضرورة للشعوب التي تريد تغيير واقعها كي تغدو في مصاف الدول المتقدمة على الصعيد الفردي والجماعي من خلال إيمانها بالقوة والعزيمة التي لا يثنيها شيئ عن تحقيق هدفها ، وهو يُظهر هذا الحماس الفكري من خلال أحاديثٍ تجمعه مع خالد*
وهو متحمسٌ أيضا لأفكار الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر حول مفهومه للحرية وإحترام إرادة الإنسان
ومن صفات سعيد الجسدية أنه يمشي مسرعاً مثبت نظره للأمام يتمتم بكلام غير مسموع وهذه عادة قديمة فيه .
*
وفي أحد الأيام بينما هو عائداً من عمله بإتجاه المنزل وهو عبارة عن بيت كبير يضم عدة غرف –سمع صراخ أنثوي فتقدم ليرى ما يحدث مختلسا النظر عبرالنافذة للغرفة التي يصدر منها الصراخ فرأى فتاة جاءت منذ أيام إلى النُزل تتعرض للإغتصاب من قبل أحد الأشخاص الغير قاطنين في السكن، فإختلطت الأفكار في رأسه وبسرعة تناول مزهرية بالقرب منه كانت على طاولة في فسحة البيت واقتحم الغرفة وإنهال بها على رأس المعتدي فسقط الأخير بلا حراك مضرّجا بدمائه فيما وقفت الفتاة مذهولة وقد أصابها الشلل وكأنما عُقد لسانها ،لم تكن الفتاة قد رأت سعيداً من قبل فيما خرج الأخير مصفّر الوجه مذعورا من التوتر والخوف غير مصدق لما حدث وكأنه كابوس من كوابيس أحلام اليقظة * فكل ما ناقش به سابقا عن المُثل والإرادة والعزيمة يواجه الأن وفي هذه اللحظات تحديداً -إختباراً حقيقيّا جعل من تنظيره الفلسفي السابق يقف على المحك أمام هذا الموقف الحياتي الواقعي،
بعد ذلك إتجه سعيد الذي كان مبتلاً بالعرق إلى غرفته وبسرعة كبيرة أخذ من تحت السرير مالاً كان قد إدخره من عمله في شركة الأغذية وخرج من الغرفة الملئ بالكتب متجها إلى محطة القطار للهرب إلى مدينة حدودية نائية بعيدة
أثناء الرحلة كان سعيداً منهكٌ تماما يغفو ويصحو بشكل مستمر كمن يريد أن ينسى ما جرى أو أن يقنع نفسه بأن ما مر به عبارة عن شيء غير واقعي –حلم – خيال ما - أو أي شيء إلا ما هو عليه في حقيقة الأمر وعندما كان يعي ما جرى كانت ترتسم على وجهه معالم ذعر طفولي ممزوج مع حالة تعرّق متقطع
بعد أن وصل المدينة البعيدة أقام عدة أيام في –فندق- وسط المدينة وبقي معظم الوقت ممددّ على السرير فقد أصابته حمى وأخذ يهذي بكلام غير مفهوم كـ:
– لا اعرف –- ماتت المزهرية – إبنة الكلب – يجب أن يموتوا – لا أريد أن اذهب إلى هناك .... سأنتقم – وبعد أن أمضى قرابة اليومين على هذه الشاكلة بدأ يعود لوضعه الطبيعي لكن خطّان أسودين ظهرا تحت عينيه من فعل الأيام الصعبة السابقة
*
فيما بعد قرر سعيد أن يعمل لأن المال الذي بحوزته بدأ ينفذ فوجد عملاً عند تاجر للحبوب وهو رجل عجوز سيء السمعة ومعروف بإنتهازيته وببخله الشديد وبنفس الوقت كان يعاني من مشاكل في القلب ،
إستقر سعيد بعمله الجديد و رويداً رويداً وأخذ يتعامل مع الذي حصل له سابقاً بشيء من الواقعية والخبرة الحديثة وبدأ صفاء ذهنه وصدى أفكاره القديمة يعود تدريجياً إلى سابق عهده وصار يقول في سرّ ذاته بأن ما حصل قد حصل وأنه لم يكن ثمة خيار أخر لإنقاذ الفتاة وأن تصرفه *منع تعرّض الفتاة للإغتصاب كما أنه طبّق ما يؤمن به من أفكار على أرض الواقع وأنه كان صادقاً مع ذاته ولم يتخاذل في التعبير عن قناعاته
تجاه ما يراه من قضايا يؤمن بها
بل ذهب إلى أبعد من ذلك في طريقة تفكيره -بعد أن أحس بزوال الخطر -بأن تلك الحادثة تعبّر عن طموحه الفكري ورغبته العميقة بمحاربة الظلم أينما وُجد وإستئصال المفسدين من طبيعة الحياة التي يجب أن تكون نقية بالنظر لقناعاته تجاهها
*
بعد مدة يُصاب صاحب المتجر البغيض بأزمة قلبية بدت قاتلة وأخذ يستغيث بسعيد كي يناوله علبة الدواء الخاصة لعلاجه بينما كان الأخير داخل المستودع التابع للمتجر لكن سعيد في خضم لحظات الحيرة والنظرات المفكرة نحو المجهول تذكّر كرهه لهذا الرجل فتظاهر بأنه لم يسمع نداء صاحب المتجر المخنوق أو أقنع نفسه بأن النداء كان مشوشاً وبدا كأنه كمن لا يريد أن يسمع شيئا وقال في نفسه من باب التهرب من الواقع الذي يدركه عميقا في داخله:ربما لا يكون مصدر الصوت من صاحب المتجر ربما صوت ما من خارج المتجر، ودار صراع رهيب وخفي في أعماقه التي تواجه موقفاً فريدا أخر مع الواقع المقيت- إستمر المونولوج الداخلي للحظات قليلة لكنها تاريخية بالنسبة له بين غريزته وفطرته التي لا ترغب بإنهاء حياة الأخرين وبين قِيمه ورغبته بالعدل وقناعته بأنه سيكون مبتهجاً فيما لو تحققت تلك القِيَم على أرض الواقع حتى لو كان الثمن حياة الأخرين وبدأت أفكاره تصرخ : لماذا يظل مثل هذا الرجل على قيد الحياة فيما الدنيا ملئ بسييء الحظ والمضطهدين – بماذا يفيدها بقائه على قيد الحياة بينما هو معتّل بهذا الشكل فليذهب إلى أقرب جحيم ... إنها فرصة سانحة كي يتخلص المجتمع من فرد على شاكلة هذا النموذج البخيل القميء...
وما إن انقطع صوت الإستغاثة حتى عاد لواقعه واندفع ليرى ما حل بالرجل فوجده ميتاً
في هذه اللحظة بالذات مشاعر عديدة ومتنوعة خالجته فيما كان العرق يتصبب غزيراً من وجهه وأحس بشعور غريب ومزدوج من الرعب والحزن الكاذب لكن شعور أخرا طفا على السطح فجأة -كان شعوراً عميقاً بالغبطة وأن حالة ما من العدل تحققت للتو : صاحب المتجر مات لأنه كان مريضا ولم يقم بقتله وهذا كفيل بأن يرفع الضغط عنه ، لقد تمنى موته لكنه لم يفعلها بل ساعد على موته بينما كان بالإمكان تأجيل موعد الموت فيما لو أنجده بعلبة الدواء ، بالمحصلة كانت القضية قابلة للمقايضة من وجهة نظره طالما لم يكن الفاعل الأساسي وهذا خلّف إحساس هادئاً لديه .
*
بعد عدة أشهر بدأت تتضح سوء حالة سعيد الجسدية والنفسية إذ صار نحيلاً مصفر الوجه وأصابته حالة جفاف بالفم في غالب الأحيان، وأحيانا أخرى كانت تواجهه صعوبة في عملية البلع
وبسبب الضغط النفسي الهائل الذي تسببت به الأحداث الأخيرة باتت تلازمه رعشة خاطفة سريعة مع شعور مزعج بالبرد وصارت عيناه غائرتين ،
وذات يوم بعد أن حوّلت الصدفة والظروف سعيداً إلى قاتل وشخص محبط وفاقد للدافع الذي يجعله يستمر في الحياة بشكل طبيعي - وبعد أن غاص في مسألة سحب الأرواح من الأخرين وهو الشخص الحسّاس القريب من حالة الحلم والإصلاح الفكري –يقوم ليلاُ بقتل بلطجي سكير لا ينفك يُزعج أهالي الحي بمشاكله وصراخه وبتهجمه على الأشخاص المسالمين في الشارع –
وحالة القتل الأخيرة هذه كانت بالنسبة لسعيدٍ تكريساً لقناعاته الدفينة بمحاسبة النماذج التي تشوه مفهومه لمعنى الحياة بعد أن وصل لطريقة تفكير حاسمة لا نقاش فيها فرضها واقعه بأن لا مجال للتراجع تحت أي ثمن خاصة مع تفكيره الدائم من أن السلطات تلاحقه وربما تعثر عليه في أي وقت بسبب حادثة إغتصاب الفتاة -
فبعد أن راقب الرجل البلطجي لمدة وجيزة إنقض عليه خلسة في منتصف الليل فيما كان الحي خاليا من الناس وإنهال عليه بحجر كبير على إم رأسه بينما كان السكير يترنح كالريشة من شدة الثمالة فسقط صريعا على الفور
ولمّا عاد سعيد إلى غرفته استلقى على سريره منهكاً يتصبب عرقاً ونظر إلى المرأة نظرة ذئبية شرسة تظهر للمرة الأولى وتحمل في طياتها شيئ من الخبّل
*
وصل *سعيد* إلى نقطة اللاعودة مع صراعه وتناقضاته وإنجرافه النفسي كما أنه كسر حاجز الخوف الذي كان سيمنعه مثلما كان سيمنع أي شخص طبيعي أخر -من القيام بأعمال حاسمة وشريرة من المنظور الأمني الإجتماعي أوالقضائي
- إن جاز القول صار سعيدٌ ينجرف دون وعي نحو السلوك الجنوني –
*
وفي النهاية وبشكل مفاجئ نجد سعيداً *مقتول في غرفته ينظر مبحلقا في سقف الغرفة فيما نرى رجلاً يظهر للمرة الأولى يرتدي *بانطو طويل* يتلصص مع إبتسامة خبيثة من زاوية الشارع إلى غرفة سعيد ؟!...
*
وبالعودة إلى صديق سعيد *خالد *الذي كان يشاركه أفكاره فقد قرر إتمام تعليمه عِلما انه لم يكن يفكر بذلك وعزم الأمر في الدخول لكلية الفلسفة متأثراً بأفكار سعيد الذي كان يعتبرها خلّاقة ومصدر إلهام كبير بالنسبة إليه .
-لم يكن خالداً يشبه صديقه فقد كان سعيداً مصدقٍ لأفكاره منسجم مع
حقيقة شخصيته لأقصى حد .
النهاية ..
*
تعليق المؤلف: لم يكن سعيدا شريرٌ في حياته أو معتديا بالمعنى التقليدي ولم يكن الأشخاص الذين تخلص منهم جيدون بل كانوا مؤذيين للأخرين ..
مثل هذه الصٌدف والتناقضات التي تتسبب في تحطيم حياة البعض بصرف النظر عن كونهم إيجابيين أو سلبيين تطرح تساؤلاً مُهماً حول إلى أي مدى يستطيع أن يقاوم المرء صاحب وجهات النظر العميقة في أن تظل أفكاره مسالمة و بعيدة عن أي تشويه عنفي
والتساؤل الأهم ما هي القيمة الحقيقية للخير والشر في ظل هذا الخليط العجيب لتداعيات الأفكار في حال ترجمتها حياتيّا ، وما هو مستقبل تلك القيمة في ظل صعوبة التحكم بها في كل الأوقات؟
إن الأحداث المفصلية الثلاثة التي حصلت مع سعيد هي فعليا محاكاة لمعنى أفكاره وبُعدها النقي لكن ترجمتها واقعيا كان مُكلفا إذ كلفه حياته وحياة أخرين !
-إن الإنسان يجنح على طول الطريق نحو الخلاص- وخلاص *سعيد* كان أن يحيا بتلك الطريقة التي عاشها والتي كانت تعبّر عن حقيقة شخصيته .
---------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في


.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة




.. الفنان صابر الرباعي في لقاء سابق أحلم بتقديم حفلة في كل بلد