الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حمى السلاح

علي عبد السادة

2006 / 2 / 26
الارهاب, الحرب والسلام


الرجل الذي كان مندوباً لأكثر من أدارة اميركية في أكثر من مكان في الشرق الاوسط، دينس روس، كتب يقول:" أن اليوم ليس ببعيد الذي يدخل فيه رئيس الوزراء الاسرائيلي على مكتب رئيس الولايات المتحدة ويقول:"سيدي الرئيس اني أستأذن القيام بضربة أستباقية على المنشأت النووية الايرانية!". وبعيدا عن البحث فيما يقوله روس، فيبدو ان جمهورية مثل ايران أجادت التحول من دولة منهكة بفعل ثماني سنوات حرب مع النظام – الجار، الى دولة تملك موطئ قدم في لعبة التوازنات العالمية، وقد أختارت الدخول من الباب النووي. وفعلت أيران ذلك بأتخاذ دور منسق مع تقلبات مناخ العالم السياسي وأعتمدت اسلوب المناورة واحياناً ما يطلق عليه الاميركان في حروبهم، مبدأ " الصدمة والترويع".حتى أنتهت حرب التصريحات، التي لم تؤل الى رابح وخاسر، على طاولة مجلس الامن. وهنا لن ينجح أحتمال اللجوء الى العقوبات العسكرية في الحصول على مبررات منطقية بقبوله او مجرد التفكير فيه. فمقومات نجاح ذلك غير متوفرة، ولن يجد الجمهوريون الاميركيون مبرراً أخر للحصول على ميزانية دفاع جديدة لأجل طهران.ولن يجدوا ايضاً متسعاً من الوقت لفعل ذلك... عليهم اكمال المهمة في العراق، طبعاً وفق منهج "صقور البيت الابيض". ومرة أخرى، والمناسبة هي أحالة ايران الى مجلس الامن، دون الاهتمام بما سينتج عن ذلك من قرارات، او بالاحرى عقوبات. فأن الحديث عن الازمة الايرانية يحمل وجهين: * في أذار من العام الماضي قالت الـ "النيويورك تايمز" ان خبيرا اميركيا في الشؤون الامنية قال لها "ما كان أحد يتخيل بأن وزارة الدفاع الاميركية ستلغي الحدود بين السلاح التقليدي والسلاح النووي... ومن الان لابد من تطوير السلاح النووي لا لغرض الردع فحسب بل لغرض الأستخدام". وفي مطلع شباط الجاري قالت تركيا: أن البيت الابيض سمح لاسطنبول بناء مفاعل نووي. وقبل ذلك بشهر رد اردوغان على احمدي نجاد وقال: تركيا ستنشىء مضادات صاروخية بعيدة المدى. اغرب ما في الامر ذلك التجاهل الذي يبديه العالم أمام "حمى السلاح" النووي وقواعد الصواريخ، في وقت نتذكر فيه بأن سباق التسلح في الماضي ادى بالاقوياء الى الهاوية. وما يزيد في الغرابة ايضاً؛ كيف يحق للجميع محاسبة ايران على مفاعلها القابع في بوشهر في حين اكثر ما يمكن للبرادعي فعله هو التحليق بطائرة خاصة فوق مفاعل ديمونة الاسرائيلي. والاخير له قصته الغريبة المؤلمة، فعشرات الخبراء الاسرائيلون حذروا من كارثة كبيرة يسببها المفاعل الذي يطلق غازات بأتجاه الضفة الغربية حيث يسكن الفلسطينيون. فلم نسمع يوماًأن اسرائيل او امريكا قد وقعتا معاهدة للحظر النووي، حتى ان الاخيرة ضربت معاهدة 1972 عرض الحائط بحجة يقول عنها جيمس بايكر، الخبير في مركز دراسات امريكي،: "تريد الولايات المتحدة بديلاً للاتحاد السوفيتي السابق". ولم نسمع يوماً بأن موظفاً واحدا يعمل في وكالة الطاقة الذرية، التي حاز رئيسها على جائزة نوبل للسلام، دخل الى مفاعل ديمونه ووضع أختاما او قام بأي شيء أخر. وعلى العكس فأن تعتيما كبيراً حاز عليه هذاالمفاعل، ففي عام 1986 ذكر "موردخاي فعنونو" ، خبير سابق في ديمونة، بأن الاخير له علاقة بصنع رؤوس نووية ووضعها في صواريخ بالستية او طائرات حربية او حتى في غواصات نووية موجودة في ميناء حيفا – بعد ذلك بشهور اختطف فعنونو من قبل عملاء اسرائيليين في ايطاليا وحكم عليه بتهمة " خيانة أسرائيل". ولن تكون "الانانية السياسية" واضحة اكثر من ما قاله وزير دفاع أدارة كلنتون عام 1996 عندما قال "اننا نواصل المحافظة على رادع نووي مدمر وأي جهة تدرس استخدام سلاح دمار شامل ضد أمريكا او حلفائها عليها ان تأخذ عواقب ذلك في الحسبان". وفي كل الاحوال.. الملف الايراني على طاولة مجلس الامن، وما اسلفت الذكر فيه يجعلنا نفكر اصلاً في مجلس الامن وقراراته ومواطن القوة فيه وهل يمارس هذا المجلس دوراً قيادياً في ادارة ازمات العالم بشكل حيادي وسليم، المؤشرات تدعونا الى قراءة جديدة لواقع المنظمة الدولية التي باتت تمثل الترجمة الحرفية لنتائج توازن القوى. * الوجه الاخر من الملف النووي الايراني، وهو اكثر اهمية من الاول لعلاقته بحياة الشعوب.فأذا كانت ايران تحاول ارتداء ثوب الراديكالي المتشدد – المتحدي – الند القوي – وأظهار نفسها على انها دولة قوية من خلال نسق اعلامي مليء بتصريحات المد والجزر يقوده رجالات ايران، اخرهم احمدي نجاد الذي حسم أمره في ارتداء ذلك الثوب. الواقع لا يشير الى سلامة موقف ايران، في هذا الجانب على الاقل، فالدولة تصبح قوية بشعبها وازدهاره وضمان مناخ أجتماعي واقتصادي ملائم لحياة الافراد، وتوفير جو سياسي يتلاءم مع المتطلبات الجماهيرية الملحة. فأيران، دولة معظم سكانها من شبان يحتاجون الى التعليم والعمل، في سوق ضيق وامام ضغوط داخلية وخارجية قاسية، وفي مثل هذه الاجواء فأن الازمات تنتج نفسها والاصلاحات السياسية والاقتصادية قد تبددت احلام تحقيقها بفعل تراجع طموحات انشاء "جمهورية ديمقراطية"، حتى أن محللين ايرانيين بدأوا يتحدثون عن غدر ابناء الثورة بها. والعامل الاكثر انفجاراً في المجتمع الايراني هو العامل الديمغرافي، فقد شهدت سنوات الجمهورية زيادة هائلة في السكان من 33 مليون نسمة عام 1976 الى 69 مليون عام 2004. ونتيجة لذلك فأنها تشكل نسبة كبيرة من الفئات العمرية الشابة. وكل المؤشرات تشير الى أن هذه الفئات تعيش ظروفا اجتماعية صعبة ساعدت على أنتشار المخدرات في أوساطها، كذلك تردي الدور الحكومي في المجالات الخدمية بسبب أستشراء الفساد. وحتى طرق رجال الدولة الايرانيون في معالجة الواقع الاقتصادي باتت مثار جدل وانتقادات داخلية عديدة، ففي كانون الثاني الماضي اصدرت مجموعة ايرانية مكونة من 15 اقتصادياً بارزاً تحذيراً علنيا أنتقدت فيه طريقة معالجة البرلمان الايراني للقضايا الاقتصادية ووصفتها (بالهدامة)وبانه "تم تصميمها" من أجل "كسب التأييد الشعبي" ولما كان النفط قد رفع من معدلات الناتج الايراني في السنوات الاخيرة ، الا أن قوة الدفع الاقتصادي لم تذهب الى تطوير معيشة الناس وتحسين اوضاعهم بل أن بوشهر يحتاج الى مزيد من الدعم لتتمكن ايران من مواصلة المعركة!!. الواقع يشير الى أن أيران تمتلك اوراق لعب مؤثرة، والطرف الاخر من الصراع، يمتلك النفوذ وهو مصاب بغرور قوة "الدولة الاعظم"، الا أن اوراق ايران في المجابهة لن تنجني منها أي قوة بقدر تلك التي ستحصل عليها فيما أذا التفتت الى حياة الجماهير وضروراتهم الاجتماعية وساعدت قوى أيران الوطنية على بناء نظام سياسي يحقق نموا كبيرا في كل مجالات الحياة. ولن يعني الاستمرار في لعبة الانداد الا زيادة الضغط على جماهير ما زالت تتطلع الى حياة أخرى، يسودها السلام بعيدا عن "ديمونة" .. بعيدا عن "بوشهر".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نواب في الحزب الحاكم في بريطانيا يطالبون بتصنيف الحرس الثوري


.. التصعيد الإقليمي.. العلاقات الأميركية الإيرانية | #التاسعة




.. هل تكون الحرب المقبلة بين موسكو وواشنطن بيولوجية؟ | #التاسعة


.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة علما الشعب جنوبي لبنان




.. المتحدث باسم البنتاغون: لا نريد التصعيد ونبقي تركيزنا على حم