الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شقاوة//

فريد غانم

2017 / 12 / 8
الادب والفن



لكنّها كانَت هناك؛ مصباحًا ينهمرُ ضوءًا برتقاليًّا فوقَ حوريّة.
عمرُها في طُولِ همْسَةٍ. جديلَتاها تنهيدَتان شَقراوان. شَعرُها غيمةٌ ماطرةٌ على خجَلٍ. رموشُها حِرابٌ تحرُسُ نبعَيْن. ثغرُها أُغنيةٌ. خدَّاها شهوَتان، وعيناها أوسعُ من ذاكرتي.
"كم مضى من الوقت؟" أسألُ الحجرَ الأخيرَ كلّما مررْتُ من هُناك.
"كم مضى من المَكانِ؟" يسأَلُني الحَجرُ الأخيرُ.
والآن، حين صارَ الثَّلجُ القاحلُ ينبتُ في جِلديَ المحروقِ وصارَ رأسي كيسَ طَحين؛
الآن، بعدَما مضى بائعُ المحظورِ وصارت حكاياتُ الشّتاء رمادًا باردًا، ما عادَ جارُنا المحروثُ بالأخاديد ينتظرُ عودَتي. لكنَّنا ما زِلنا نمُرُّ من هُناك، في مَهمّةٍ لا تنتهي، تمتدُّ مِنَ البَدءِ إلى آخرِ الوقت.
هُناك كانَت وكنّا.
ينكسرُ الزّقاقَ على أقدام البيوتِ المُكعّبة، ويذوي المصباحُ البرتقاليّ هباءً منثورًا، ولَم يَبْقَ سِوانا؛ قلبِيَ المتعبَ وظلّيَ المُمزَّق وأنا الَّذي تحوَّلَت عظامي إلى كومةِ كِلْسٍ.
وها نحنُ نمرُّ، كلّ يومٍ، عندَ الحجَرِ المصقولِ بأكفِّ من ذَهَبوا، في الزَّقاق المَكسورِ، نُدْمي أناملَنا برماحِ رموشِها كُلَّما تسلَّقنا على شَجَرِ الخيالِ لنقطفَ شهوةً مستحيلةً من شفتَيْها المسكونتَيْن بالضّباب، وحسرةً حُلوةً من عينَيْها المُعلَّقَتَيْن، على بابٍ لم يعُدْ هناك، بخيطٍ يلوحُ في الذّاكرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز


.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن




.. هنا تم دفن الفنان الراحل صلاح السعدني


.. اللحظات الاولي لوصول جثمان الفنان صلاح السعدني




.. خروج جثمان الفنان صلاح السعدني من مسجد الشرطة بالشيخ زايد