الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المخاطر الزلزالية لمشاريع السدودالتركية (GAP ) على المنطقة

رمضان حمزة محمد
باحث

2017 / 12 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


تعتبر تركيا من أكثر الدول تعرضاً للزلزال في العالم، إذ أن تاريخ تركيا الزلزالي حافل بالكثير من الكوارث الزلزالية بسبب موقع تركيا الذي يحتل القطاع الأوسط بين نظام الألب-همالاليا لأن الحركة البانية للجبال الألبية (Alpine Orogeny) كانت نتيجة الحركة التضاغطية بين أوربا وأفريقيا، وفي الوقت الذي كانت الحركة البانية لجبال همالايا هي نتيجة تصادم الصفيحة (الهندية-الآسيوية) فإن القوى الزلزالية أصبحت غير منتظمة التوزيع ضمن نطاق الألب-همالايا.
وإن الفعالية الزلزالية تركزت بشكل مكثف عند حافات الصفائح التكتونية ويعزى سبب زيادة النشاط الزلزالي المحلي في تركيا إلى الحركات الصغيرة السريعة والمفاجئة لتلك الصفائح، وإن زلزال اضروم في 13/10/1983 والذي بلغت قوته (6.9) درجة على مقياس ريختر أحدث أضراراً بشرية ومالية كبيرة منها تدمير أكثر من (50) قرية وتشريد أكثر من (25) ألف شخص من مناطق سكناهم وآلاف القتلى والجرحى، ويعزى سبب الـزلازل إلـى البنيـة الجيولوجيـة الضعيفة ومنها وجود (انكسار أبو السمسار) (Abul Samsar Fracture) ذو الاتجاه شمال جنوب-جنوب غرب، وإن منطقة الانكسارات هذه تمتد من منطقة زلزال أرضروم لتغطي الأجزاء الشرقية من فالق الأناضول وهذه المنطقة تحتضن مشروع (كاب) العملاق.
لذا فإن إقدام تركيا على تنفيذ كل هذه المشاريع المائية –وفي زمن قصير نسبياً- سيؤدي وبلا شك إلى إلحاق أضرار بليغة بها وبالدول المجاورة الواقعة إلى الأسفل من مجاري الأنهار المقامة عليها هذه المنشآت وفي المستقبل المنظور حيث يتوقع أن تتعرض منطقة أرضروم إلى زلزال آخر خلال الأعوام القليلة القادمة بسبب نشاط مناطق الانكسارات إضافة إلى ذلك فإن تكوين عدد كبير من البحيرات الاصطناعية خلف السدود ستولد نشاطاً زلزالياً إضافياً بسبب تحميل القشرة الأرضية ما هو فوق طاقتها التحمليـة وكذلك تقـوم هذه البحيرات بإحداث هزات محتثة (Induced Siesmecity). وبالرغم من كون ظاهرة النشاط الزلزالي لخزانات السدود ظاهرة حديثة لم يزد عمرها عن الخمسين عاماً فإن المعطيات التي تم التوصل إليها من قبل علماء الزلازل أثناء دراسة الخلفية الزلزالية لمواقع السدود قبل وبعد الإنشاء تبين وجود نشاط زلزالي محتث في أحواض السدود نتيجة عدة عوامل، منها حجم البحيرة وعمقها وطوبوغرافية المنطقة والتغيير الموسمي في مناسيب مياه البحيرة ومعدل ملء وتفريغ البحيرة إضافة إلى العوامل الجيولوجية كنوع الصخور وتواجد مناطق الضعف كالصدوع والانكسارات وتواجد المياه الجوفية وغيرها.
وفي 17 آب 1999 تعرضت مدينة أزمت التركية إلى زلزال عنيف بلغت قوتها (7.4) درجة على مقياس ريختر سببت خسائر مادية وبشرية كبيرة جداً إضافة إلى الآثار السلبية على البنى التحتية لاقتصاد تركيا ا والإنسان التركي أيضاً، وفي 25 أيلول 1999 حدث زلزال آخر بقوة (4.5) درجة على مقياس ريختر في تركيا وكان هذه المرة مركزها جنوب شرق تركيا وقريب من سد أتاتورك العمود الفقري لمشروع كاب التركي قد يكون بسبب البدء والمباشرة بملء خزان السد لأن الاعتبارات كانت هايدروبولوتيكية أكثر مما هي فنية وهنا تكمن الخطورة في التعامل مع الطبيعة. إذاً والحالة هذه فإن على تركيا إعادة النظر في سياستها تجاه مشروع كاب ليس بسبب معارضة سوريا والعراق فحسب بل بسبب رد فعل الطبيعة، حيث أن تعرض أي من منشآت السدود إلى مشاكل زلزالية فستكون هنالك كوارث لا تحمد عقباها.
ولكن دولة تركيا تخطط لهذه المشاريع انطلاقاً من مصالحها الخاصة حيث أن إصرار تركيا على تنفيذ مشروع جنوب شرق الأناضول GAP وإصرارها على كسب الوقت دون الحصول على موافقة كل من العراق وسورية على الحصة المائية المقرر لهما حسب الاتفاقات المبرمة بهذا الصدد مما سيضع كل من العراق وسورية أمام الأمر الواقع، وإن موقف القانون الدولي من التحديات التركية واضح، فأحكام هذا القانون تنص بوضوح على أن تتخذ كل الدول التي يجري في أقاليمها نهر مشترك (نهر دولي) من المياه ما يلزم حاجاتها المختلفة وأن تراعي في الوقت نفسه ألا يؤدي استغلالها لجزء النهر الداخل في أراضيها إلى الإضرار بغيرها من الدول. يقدر البروفيسور الأمريكي توماس ناف وهو مختص بشؤون المياه بأن تركيا إذا سارت على هذا المنهاج فإنها ستلحق ضرراً بالغاً بكل من سوريا والعراق حيث سيخسر العراق حوالي (80-90)% من مياه نهر الفرات مما سيلحق كارثة كبيرة في وسط وجنوب العراق.
وفي تقرير أعدته وكالة المخابرات الأمريكية CIA لتقديمه للحكومة وردت الإشارة إلى احتمال اندلاع الحرب في عشرة أماكن في العالم على توزيع المياه وإن معظم بؤر الأزمات المحتملة هذه تقع في الشرق الأوسط، وكون تركيا تعتبر دولة المنبع لنهري دجلة والفرات وتثير موضوع أحقيتها في التصرف بالمياه أسوة بالدول النفطية، أي تملك حق التصرف في ثروتها المائية متجاهلة كون النفط مورداً وطنياً خاصاً بالدول المنتجة وكون المياه مورداً طبيعياً لجميع الدول المستفيدة من هذا المورد، ويعتبر البروفيسور الأمريكي جون كولارز الخبير في الشؤون المائية في الشرق الأوسط إن أزمة المياه هي أخطر بكثير من أزمة النفط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان