الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هي وأنا، يهودية ومسلمة، في الكنيسة معاً

إلهام مانع
إستاذة العلوم السياسية بجامعة زيوريخ

2017 / 12 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



هي وأنا.
في الكنيسة.
مساء يوم أمس الخميس.
وصلنا متأخرين قليلا.
ونحن نلهث.

هي، صديقتي.
من أعز صديقاتي في الواقع.
كندية، وديانتها يهودية.
والدها مسيحي وأمها يهودية.
وأنا كما تعرفوني.
كانت جارتي، وأصبحت صديقتي.
نعرف بعضنا منذ أكثر من عقد.

كنا نتحدث الأسبوع الماضي. عن اعياد الكريسماس. احب شهر ديسمبر. يذكرني بشهر رمضان في مصر.
هنا مع أعياد الكريسماس تتألق الأنوار، وتتراقص الألوان، ونسمع الترانيم وأغاني الكريسماس في وسط المدينة من اشخاص يجمعون التبرعات لدعم مشروعات خيرية. وأنا أحب أعياد الكريسماس منذ اول مرة احتفلنا بها وأنا طفلة صغيرة في ألمانيا، حيث كان أبي يعمل في سفارتنا.

قلت لها أني احب تلك الترانيم. نسمعها أنا وتوماس في هذه الفترة من العام كل سنة.
غابت يوماً ثم كتبت لي، تقترح علي ان نذهب معاً إلى احتفال كريسماس تعقده الجالية الانجليزية في كنيسة وسط البلد.
قالت لي سيغنون الترانيم و ونحن سنغني معهم.
فرحت.
كنت في الواقع متعبة.
بعد أن أكملت كتابي عن الإسلام السياسي في ماراثون من عمل مستمر، اصُبت بإنفلونزا حادة، طرحتني في الفراش أسبوعا.
لم يكن غريباً أن امرض. يحدث لي ذلك كثيراً بعد كل مشروع اكمله.
كأن جسدي يعتب علي بطريقته، يتوسل أن ارحمه من كثرة العمل.
لكني أحب العمل، فماالعمل؟
رغم ذلك، عزمت أن أكون أكثر رفقاً بنفسي. وأن اروح عن نفسي من وقت إلى أخر.
ولذا جاءت فكرة الغناء معاً جميلة.

والتقينا في المساء. بعد العشاء.
ذهبنا إلى مطعم وطلبنا مشروباتنا في انتظار موعد الاحتفال. و ككل مرة اخذنا الحديث حتى انتبهنا. سرقنا الوقت.
الكنيسة في الشارع المواجه.
امسكنا معاطفنا وعبرنا الشارع ونحن نجري، إلى أن وصلنا إلى الباب.
فتحناه برفق.
ونحن نلهث.
وجدنا المكان يعج بالناس.
اضطررنا إلى الصعود إلى الطابق الأعلى.
وجلسنا.
في وسط القاعة الكبرى، فرقة من رجال ونساء،في سترات سوداء طويلة، وأثواب حمراء.
أصوات ملائكية تصدح بترانيم روحية.

التفتت إليها وهمست لها مبتسمة "منظُرنا عجيب".
ردت علي بضحكة مكتومة. تقصدين أنا يهودية وأنتي مسلمة، ونحن الاثنتان في كنيسة نستمع إلى ترانيم مسيحية؟
غمزت لها بالإيجاب.
ثم التفتنا إلى الفرقة وبدأنا مع الجمهور في الغناء. كلٌ يغني من كتيب صغير وُزع علينا.
في فاصل طلب منا القسيس أن ن نقف وبدأ في الصلاة والدعاء.
صلى لكل إنسان يعاني في تلك اللحظة من الحروب، من الجوع، من البرد والمرض. لكل إنسان لاجيء.
ودعا الله أن يفرج كربهم.
ثم دعا للبشرية بالسلام والمحبة.
لم انتبه إلا ودموعي تنهمر. كم من أوطان لنا تذبح في هذه اللحظة، وكم من إنسان يعاني؟
وجدت صديقتي تمسك بذراعي وتقترب مني. لم تنطق بكلمة.
ثم،
عدنا إلى الغناء.
هي وأنا.
يهودية ومسلمة.
في الكنيسة.
معا.
نغني ترانيم مسيحية.
والغريب أن أحدا لم يعترض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - You Fly above
Muwaffak Haddadin ( 2017 / 12 / 16 - 06:39 )
Dear Ilham Al Man3
Greetings From Amman , Jordan
I follow your articles every now and then. They are all full of love to all. I also followed those who commented on your articles. Most of them were religiously fanatic. Please continue with your humanitarian loving style and ignore the fanatics. Fly high above as usual. Merry Christmas and a happy new year.
Muwaffak Haddadin
Prof of Pharmacy
Dec 16, 2017

اخر الافلام

.. القبض على شاب هاجم أحد الأساقفة بسكين خلال الصلاة في كنيسة أ


.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا




.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل