الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهو الإلحاد؟

مضر الحوراني

2017 / 12 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الإلحاد في اللغة العربية هو : ألحد فلان : أي عدل عن الحق وأدخل فيه ما ليس منه وفي الدين :طَعن.
المُلحد: الطاعن في الدين، المائل عنه. "المعجم المدرسي"
أمّا الإلحاد كمصطلح متداول -وهذا هو المهم- : "عدم الإيمان بقوة خالقة أو متحكمة ومحركة للكون ومصائر الإنسان"
يتبين من خلال هذا التعريف الأركان الرئيسية والمحددة للشخص الملحد وهي:
- عدم الإيمان: أي عدم الإعتقاد والتصديق الغيبي الغير مبني على دليل ملموس.
- نفي القوّة الخالقة: وهي المسؤولة عن خلق الكون والإنسان وتختلف باختلاف الإعتقادات (الله - يهوى - زيوس..إلخ)
- نفي القوّة المتحكمة والمحرّكة للكون: وهي التي تتحكم وترسم مصائر الإنسان وحياته، وتختلف أيضاً باختلاف الإعتقادات فهنالك من يؤمن بالإله الخالق والذي ترك الكون خلفه ولايتدخل به أمثال "الربوبيين"، وهنالك من يؤمن بالإله المتدخل أمثال أتباع الديانات الإبراهيمية الرئيسية في العالم.
الإلحاد في الأصل فرع من الفكر اللاديني الأعمّ والأشمل والذي ينقسم بدوره إلى ثلاثة أفرع رئيسية:
1-الإلحاد: المعرّف سابقاً ب "عدم الإيمان بقوة خالقة أو متحكمة ومحركة للكون ومصائر الإنسان" ومن أشهر الشخصيات الملحدة على مستوى العالم (أبو العلاء المعري - ألبير كامو - كارل ماركس - فريدرك نيتشه -إسحاق عظيموف- روبرت فيسك- ريتشارد دوكنز - سيغموند فرويد - ستيفن هوكنز -بيتر هيجز -هيرقليطس..إلخ)
2-الربوبية: وهي الإيمان بإله أو قوة ما حاكمة أو خالقة للكون ولكن لايؤمن بالأديان بشكل عام. (آدم سميث - ابراهام لينكلون - جيمس واط- ماكس بلانك- نابليون بونابارت- توماس أديسون- فولتير..إلخ)
3-اللاأدرية: وهو الفكر الذي يقول بعدم قدرة الإنسان "الآن على الأقل" على معرفة وجود الإله من عدمه. (آرثر كونان دويل - مكسيم غوركي- إدوارد سنودن- مونيكا بيلوتشي- سيلفادور دالي- إيمانويل كانط - كونفوشيوس - ...الخ)
وبدوره ينقسم الإلحاد إلى قسمين:
1- ضد الإيمان "الإلحاد النشط": وهو التوجه الصدامي "فكرياً" إن صح التعبير مع الفكر الإيماني والذي يسعى دائماً إلى المواجهة والنقد المستمر والذي يعتبر أن الإيمان بالإله والأديان أحد مشاكل الإنسان المعاصر.
2- المحايد "الإلحاد الخامل": وهو الذي يتخذ موقفاً حيادياً اتجاه الإيمان والأديان ولا يسعى نحو الصدام أو النقد، على اختلاف الأسباب من القمع المجتمعي والديني إلى عدم الإعتقاد بصحة هذا الصدام أساساً.
-وأيضاً يرى عالم الأحياء التطوري ريتشارد دوكنز وأحد أشهر الملحدين وأكثرهم نشاطاً على المستوى العالمي، تقسيماً خاصاً بالموضوع الإيماني على سلّم يتألف من سبع درجات حيث أن الرقم1 يدل على الإيمان المطلق بوجود إله والرقم 7 يدل على النفي المطلق لوجوده.
وعلى الرغم من وضوح وبساطة هذا الموضوع إلا أنه يعاني من الكثير من الخلط والتشويه المتعمد أو المبني على الجهل والتغييب والإنقطاع عن العالم، فهنالك من يعتبر أن الإلحاد دين جديد أو طائفة جديدة، وهذا مناف للحقيقة فلو كان عدم جمع الطوابع هواية عندها يكون الإلحاد ديناً، وهنالك من يرى أن الإلحاد فلسفة مستقلة وهذا أيضاً خاطئ، فهنالك فلسفات لاتدعم فكرة وجود الإله كالمادية والمادية العلمية "الماركسية" أو المثالية الهيجيلية، لكن الإلحاد بحد ذاته ليس فلسفةً او حتى خط أو منهج فلسفي بقدر ماهو نتيجة أو مآل قد يصل إليه فكر أو فلسفلة معينة.
من الواضح تأثير اللغة العربية على عقول العامة بهذا الخصوص، فصحيح أن أغلب الناس لاتعلم المعنى اللغويّ لكلمة "الإلحاد"، إلا أنها تعامل الفكرة بنفس المعنى اللغوي الذي يشمل أي شخص نعتبر قد حاد عن الحق، فمن الممكن لنظام سياسي يدّعي الحق أن يصف معارضيه بالملحدين، وهذا لغوياً لايعني عدم إيمانهم بالله إنما يعني حيادهم عن الحق بمنظوره، وهذا في الحقيقة قصور لغوي يحمل وزره من هو مسؤول عن تطوير اللغة بعدم وجود مصطلح دقيق لوصف هذه الحالة.
رغم كل هذا هنالك من يحاول من ضمن الملحدين أن يعطي أو أن يحوّل فكرة الإلحاد إلى قالب يناسبه ويناسب تطلعاته وأفكاره.
فهنالك من يرى أنه على الملحد أن يكون إنسانياً أو نباتياً أو أن يتعرى من كافة قيمه الأخلاقية المكتسبة إجتماعياً أو أن يتبرأ من العادات والتقاليد أو أو أو..إلخ
وهذا خاطئ، صحيح أن الملحد عندما يتخلص من فكرة الإيمان بالإله فإنه تلقائياً يتخلص من فكرة الأديان ،وبالتالي فمن المنطقي أن يتخلص من كافة تفرعاتها ونتاجاتها على كافة المستويات الفكرية والإجتماعية، إلا أن هذا الكلام بقدر منطقيته فهو مثالي لأبعد الدرجات، ناهيكم عن أن الكثير من العادات والتقاليد والأخلاق المجتمعية تُنسب بشكل خاطئ للأديان، رغم كونها نتاج طبيعي للتطور السياسي والإقتصادي والأجتماعي لشعب ما قد يلبس لبوساً دينياً أو يتخذ صفةً دينية، وذلك ليكسب مشروعيةً ومؤيداً يدعم وجوده واستمراريته في عيون عامة الناس لا أكثر ولا أقل, فلبوسها الديني لايلغي مشروعيتها ولا يلغي صلاحيتها في زمان ومكان محدد، إذا كانت تؤدي وظيفتها و عملها بشكل جيد في الحفاظ على التماسك والنسيج الإجتماعي في مواجهة المحيط المعادي، سواء أكان إنسانياً أو بيئياً لاعلاقة للإنسان به.
إن الملحدين في غالبيتهم أناس فردانيين فلا فائدة من محاولة قولبتهم أو جمعهم في تيار واحد، أو دعوني أقول من الصعب جداً أن نحاول أن نطبّعهم بطابع واحد وسلوكيات وأفكار محددة، وفي هذا الايطار شبّه ريتشارد دوكنز هذا الموضوع بكتابه وهم الإله بمحاولة جمع القطط في قطيع واحد وهذا أمر مستحيل لأن الملحدين ينحون بالتفكير بشكل مستقل ولاينصاعون للسلطات "الفكرية"، لكن جمعهم قد يكون فكرة جيدة فالقطط بأعداد كبيرة ستحدث ضجيجاً وبالتالي لايمكن تجاهلها.
وذلك على عكس أتباع دين أو حزب سياسي أو عقيدة معينة، فهم بالنتيجة ينصاعون لمجموعة من الأهداف والمبادئ سعياً منهم لتحقيق غايات وأهداف محددة دنيوية كانت أم دينيّة.
إن الفهم الخاطئ والضجيج الكبير حول هذه القضية "الإلحاد" أمر مفهوم في مجتمعات متدينة كمجتمعاتنا، ولكنه أمر غير محمود فهو إن دلّ على شيء فإنه يدل على الكثير من الأمور السلبية والتي تتعدد من الجهل بالشيء إلى الإنصياع التام لرجالات الدين و السياسة بدون محاولة مستقلة للفهم والتشخيص، وهذا يحدث في خضم حالة جمود فكرية مفزعة يعاني منها المجتمع العربي عامّة والتي آمل أن تكون ظاهرة الجهر بالإلحاد وغيرها من الظواهر قادرة على هزّ هذه المياه الراكدة لعلّ وعسى أن تبدأ بالجريان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53