الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا بعد؟!..

فاضل الخطيب

2017 / 12 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


ماذا بعد؟..
حتى نستطيع إنقاذ ما تبقى من روح ثورة 2011، لابد من البحث عن الإجابة على سؤال "ماذا بعد"؟ رؤية لذلك البَعد، مسودة رؤية لذلك البَعد.. وأعتقد أن مبادرة مجموعة من النشطاء الأحرار غير التابعين لأي دولة، غير "المشموسين" بأي "فساد ثوري"، غير المهزومين أمام فكر أو فقه أو إيديولوجيا، غير المرتبطين بكل جماعات الإئتلاف و"مؤسساته" بشكل مباشر أو غير مباشر، يعني غير المهيئين للانحراف الثوري وللإغراءات المادية والترغيبيبة أو الترهيبية، الواضحون الصادقون فيما يقولون، لكن غير المتهورين، الذين يستطيعون خلق توافق وإحساس مشاعري حقيقي بين معاناة الناس وبين طموحات السياسة النظرية.. مسودة رؤية أو مسودة عقد اجتماعي عام، يستفيد من كل الأخطاء والكوارث التي تسبب بها خطاب الثورة منذ عام 2012 ، بل منذ قبل ذلك، وممارسات الجماعات الجهادية والسياسية المحسوبة على الخندق المعادي للأسد/والتي لا أعتقد أنه يمكن حسابها كلها على اعتبارها منحازة للثورة ولمشروع الحرية، بل هي طرف ثالث ضد الأسد وضد الثورة.. صار يعرف الجميع، أنه لا يكفي سقوط الأسد لانتصار الثورة أو نصف الثورة.. ومن جهة أخرى البحث أو إيجاد الوسائل التي تستطيع بذكاء ونظافة التلاعب على التناقضات الموجودة بين دول وقوى النفوذ في سورية، وخلق "تقاطعات" مع بعض تلك القوى إن كان ذلك يخدم مشروع إحياء روح ثورة 2011.. إذا أعدنا وكررنا، وكررنا وأعدنا تشريح موقف أميركا وإسرائيل وغيرها من قضية إسقاط الأسد ومنع انتصار الثورة، نكون نساعد أنفسنا وبعضنا في صياغة خطاب سياسي وطني يمكن الاستناد إليه في التغيير "حين يُسمح بذلك؟"، هل يساعد مشروع الثورة التي من أهدافها إسقاط الأسد والأسدية وبناء بدائل عصرية ديمقراطية، الاهتمام أكثر بتشريح وفضح عوامل منع انتصارها الداخلي الثوري؟ أنا ضد علوش وأمثاله بدافع سياسي، والبعض مع علوش وأمثاله بدافع طائفي، أنا ضد الأسد بدافع سياسي، والبعض ضده بدافع طائفي.. هذا هو الفرق بيننا، هذا هو الفرق بين رؤيتنا للحرية وللثورة ولسورية ومستقبلها، و“نا“ هنا تعني غالبية جماعات المعارضة السياسية للإئتلاف وملحقاته..
إحدى مشاكلنا اليوم في هذا "العصر الرقمي" ليست بحجم الفضح والانتقاد الذي لا يعفي أحداً مهما علا شأنه ومكانته الدينية والسياسية والاجتماعية، بل المشكلة أن آذاننا غير معتادة على ذلك، لهذا نرى حجم ردات الفعل التي يخاف البعض سماعها أو تجاهل سماعها حين يرى محاولات فضح أو هدم هالة تلك القدسية أو ”القدسيات“ الموجودة.. شوية شوية، لن يبقى على حبل الغسيل مكاناً، وستعتاد عيوننا وآذاننا على فضح غالبية التابوهات التي "تزدري العقل" وحرية الكلمة وتقف عثرة في تطور المجتمع..
هناك تقريباً "إجماع ثوري" حول أسباب وصول الثورة والبلد إلى ما وصلت إليه، والسبب الأول والثاني والعاشر يعود إلى تعاطي أميركا وخاصة إدارة أوباما مع الثورة، يعني مهما عملت الثورة كان ممنوع عليها الانتصار، وتقريباً نفس ذلك "الإجماع الثوري"، أو أكثره، يؤكد ويردد منذ سبع سنوات تقريباً أن ضعف دور الأقليات في الانخراط بالثورة منعها من الانتصار.. وهنا لا نتحدث عن حجم قدرة وعدد الأقليات بالنسبة للأكثرية وسندها الدولي والمالي، بل عن ذلك التناقض أعلاه.. في النهاية، ما الفرق اليوم بين حلب وحمص وبين السويداء مثلاً إلا في حجم المقابر وعدد البراميل؟ وهل نعتب على الذين لم يقتلهم الأسد طالما الجميع بقي أو عاد لسلطة الأسد، طالما الجميع خسر الثورة؟ أوباما والمؤامرة الدولية جزء من المشكلة وليس كلها، وإن أردنا اختصار ذلك يمكن القول بجملة قصيرة هي: ليست المشكلة في عدم انحياز البعض للثورة، بل المشكلة بانحياز البعض للثورة..
مختصر ما ورد أعلاه، يعني العمل على ما نستطيع التأثير فيه، وما نستطيع إظهاره أننا جزء من هذا العالم الذي يُنشد الغد الأفضل وليس "الأمس الأفضل"، هل الوقوف ضد أعداء الديمقراطية والعلمانية، يخدم البلد والمجتمع أم التخندق ضد الغرب؟ كيف نريد بناء نظام علماني يُشبه أنظمة الغرب، ولا نبدأ بالقطيعة مع أعدائه وعثراته بيننا؟ كيف نريد نظاماً علمانياً قبل أن نتخلص من خطاب أعداء العلمانية؟ والعلمانية ليست فقط ضمانة للأقليات، بل حماية للأكثرية أيضاً من خلال ترسيخ مفهوم وممارسة المواطنة.. لا نستطيع حوار أحد حول مصير بلدنا إن لم نعرف ماذا نريد غداً، "ماذا بعد"، قد يكون ذلك الكلام الإنشائي النظري أعلاه سهلاً، لكن ترجمة ذلك هو الفعل السياسي الثوري الوطني الصعب، وأعتقد أن فكرة عقد مؤتمر وطني جامع مستقل عن التبعيات للخارج، وأعتقد وأكرر أن يكون مستقلاً عن جميع الذين ساهموا حتى الآن بتمثيل الثورة أو اللعب حول رموزها، هو الأكثر منطقية والقادر على الإجابة على سؤال "ماذا بعد؟"، يعني بداية جديدة، لكن دون الرجوع للخلف، قبل أن تنهي دول الاحتلال وبقايا أشلاء الأسد والقوى الجهادية الانقضاض النهائي على البلد وانتصار فشل الدولة والبلد وعدم القدرة على إنقاذ أو إعادة الأمل للسوريين، كل السوريين.. بامتلاك تلك الرؤية الوطنية يمكن حوار الأعداء والأصدقاء، ويصبح صعباً جداً الخروج عن تلك الثوابت المستقبلية في الخطاب الإعلامي الثوري الموحد نحو شعبنا ونحو العالم...
فاضل الخطيب، شيكاغو، 26 ديسمبر 2017.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س