الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل المشكله في الشعب العراقي ؟ (محاولة في الشخصية العراقية ) (2)

عارف معروف

2017 / 12 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عرضنا ، فيما سبق ، لما اشيع ويشاع من احكام وقناعات سلبية بشأن دور الناس ، او المجتمع ، او الشعب ، في مجرى تقرير الحدث او القرار السياسي ذو العلاقة الصميمة بحياتهم ، سلبا و ايجابا ، واتصاف مواقفهم ، عموما ، بالخضوع والمسايرة واللا اهتمام والانتهازية وغيرها من السمات السلبية الاخرى المشابهة وبما ينتهي الى عدم التعويل بالمّره على دور ايجابي ممكن للشعب العراقي واليأس ، بالتالي ، من اية قدرة ذاتيه على الفاعلية والتغيير حقا ، وربما التعويل بالنتيجة ، على عامل خارجي او قدري ( ولذلك اسبابه ومحفزاته ، كما سنرى لاحقا ) . ولكي تكتمل الصورة ، علينا استعراض شقها الاخر ، الذي اعتقد انه جانب مكّمل لها ووجه آخر للعمله ، وهو ما ورثناه و الفناه وشهدناه ،خلال العقود الماضية ، من موقف مغاير اشدّ المغايرة لهذه الاحكام والمواقف السلبية ، اذ جرى ، عبر عقود ،اشاعة نوع من الاحكام الايجابية والمتفائله ورفعها الى مصاف الحقائق التي لا يرقى اليها شك عبر الترديد والتسليم . احكام وتوصيفات تغنت بالشعب ونسبت اليه الرفعة والوعي والحنكة والقدرة الفذة على الفعل فكنت تسمع ان الشعب واع ، وانه شجاعٌ وجسور ، فهو ابو الثورات وشعب الانتفاضات الذي لا يصبر على ضيم وهو ابو الشهداء وباذل التضحيات عن طيب خاطر وهو شعب الاحرار وملهم الشعراء والاجيال ! حتى ان العراقيين تسالمواعلى مايشبه البديهية بالنسبة لهم وهو انهم شعبٌ ذكيٌ ، بل شديد الذكاء ، فطنٌ وحصيفٌ وقادرٌ على تبيّن الخيط الابيض من الخيط الأسود في احلك الظروف واشدّ الخطوب .وكنّوا عن ذلك بأنهم " مفتحين باللبن " ، ناهيك عن انهم شعبٌ كريمٌ وطيب ونزيه !
فمن اين اذن تصدر هذه الاحكام المتناقضه ، وما هو تعليلها الممكن ؟ وما هي آلية تعميمها واشاعتها والقبول والتسليم بها رغم تناقضها الشديد وتعارضها الصارخ ؟! ، واية ارضية تلك التي تتقبلها وتجد فيها تربة خصبة للنمو والتجذر كأحكام نهائية راسخة تنزل بمنزلة المسلمات ، سواء كانت سلبية محبطة ام ايجابية متفائله ؟!
وهل تكمن ، خلف اطلاق واشاعة الاحكام البالغة السلبية التي نشهدها الان غايات معينه تهم قوى او مراكز او دول عدوة تسعى لتحطيم نفسية الشباب العراقي واطفاء حماسة المواطن والتصاقه بوطنه او اندفاعه في الدفاع عن حدوده وثرواته كما يقول البعض ام انها محض احكام فردية تصدر عن جهل وتسّرع وتجد لها اصداء وترديد من قبل اوساط ضحلة الوعي ، قليلة المعرفه ، وان اتاحت لها وسائل الاتصال الحديثه والسوشيال ميديا امكانية النشر والانتشار ؟ ام انها لا هذا ولا ذاك وانما خلاصات فردية واجتماعية صحيحة تم التوصل اليها عبر التعامل بحيادية مع الواقع والتأمل في المعاش واليومي والعياني بعيدا عن المثالية والذاتيه ؟ واذا سلمّنا بان هناك جهات معادية خلف اطلاق واشاعة الاحكام السلبيه في الزمن الحالي ، فمن المسؤول ، اذن ، عن اطلاق واشاعة تلك التعميمات الايجابية المتفائله في العقود السابقة ، خصوصا خلال الخمسينات والستينات والسبعينات ؟! ، هل تكون مراكز وجهات صديقه تعمل لصالح هذا الشعب مجانا ولوجه الله ام انهاكانت نوعا من النرجسية و التقدير الذاتي البعيد عن الواقع ! وأذا كانت التعميمات والاحكام المسبقة السلبية خاطئة ومتجنية فمن يضمن ان نقيضها ، الاحكام الايجابيه صحيحه وموثوقه ؟!
هنالك واقع جدير بالاهتمام ويمكن ان يلقي على موضوعنا اضواء مهمة وهو اننا نجد لدى الشعوب الشقيقه و المجاورة بل وبعض الشعوب البعيدة اصداء مشابهة . فثمة احكام سلبية ترافق اوقات النكوص والتدهور والازمات و احكام وتعميمات ايجابية تشيع وتجد تقبلا وحماسة في ازمنة الصعود والتفاؤل والوعد ، في الوقت الذي توجد فيه خلاصات عامة متفق عليها تدوم وقتا اطول وربما ترسخت لزمن ممتد نسبيا يؤخذ بها كسمات مجتمعية ملازمة . ان معظم الشعوب العربية اليوم ، مثلا ، تعاني من شيوع الاحكام المسبقة المثبطه والقناعات السلبية بحق قدراتها ومستقبلها وامكانية نجاحها وثمة نظرة متشككه لماضيها و لقيمها وتقاليدها وممارساتها ، وقدر اكبر من التشكيك والانكار لثقافتها ومدى تمتعها بعناصر الحياة وامكانية الديمومة والبقاء ! انك لتجد ان معظم ما يردده الشباب العراقيون اتجاه مجتمعهم وقدرة شعبهم له ما يماثله ، بدرجات مختلفه واشكال متنوعة ، لدى السوري واللبناني والاردني والمصري والليبي والمغربي ،ويمكنك ان تتأكد من ذلك في تعبيرات وحوارات الشباب المتعلمين وغير المتعلمين عبر وسائل الاعلام وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي ، وهي التي تعطيك اطلاعا اوسع بفعل انتشارها وسهولة التواصل عبرها .
ان هذا الواقع يمكن ان يعطينا اشارة اولية بان هذه الاحكام ليست نهائية ولا خالدة وانما هي متغيره ومتناقضة ولذلك فهي مرتبطة بالظروف المتغيره اكثر مما هي معبرة عن حقائق نهائية ومطلقه .وان اشاعتها وترديدها لا يستند الى حس معرفي نقدي او فحص علمي مدعم وانما يتم تبنيها والتسليم بها وفقا للعواطف والانفعالات السائدة بسبب الظرف المعاش وما يعتمل فيه من عوامل ايجابيه او سلبيه وانعكاساتها الاجتماعية والسايكولوجيه ، وهذا لا ينفي بالطبع تدخل عوامل طارئة كأن تكون هناك جهات معادية مستفيدة من ترويج الروح السلبية والانهزامية والاحكام المسبقة المثبطة خدمة لأغراضها او جهات سياسية داخليه يهمها اثارة الحماسة والتعزيز ولو على اساس موهوم ، لكن الاساس الجوهري يبقى هو الظروف الموضوعية والبنى الأجتماعية وما يعتمل فيها من عناصر النجاح والفشل ، التقدم والتراجع ، التفؤل والنكوص ،وانعكاسات ذلك على حياة الفرد والجماعة وبالتالي نظرتهم الى الحياة والواقع .... وسوف لن نكتفي هنا بهذه الفرضيات او الاستنتاجات الاولية وانما سنعمد الى تشريح الامثلة والوقائع على امتداد فترة تاريخية مناسبة لنتبين مدى صحة فرضيتنا هذه ....
( وللحديث صله ....)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نحن شعب متذبذب.
خليل احمد ابراهيم ( 2017 / 12 / 29 - 09:53 )
أنا كعراقي أتمنى أن نكون كالوجه الساطع الذي أشرت إليه في أستاذ عارف،وليس
من منطلق التشاؤم نحن كشعب لا يعتمد عليه ،نحن شعب بدوي لصناعة الآلهة أكثر
من صناعة التاريخ،ونحن عكس المقولة التي تقول الشعوب تصنع التاريخ وإن كان
للفرد دور فيه.
نحن كعراقيين عكس ذلك الفرد هو الذي صنع التاريخ وإن كان للشعب دور ضئيل
فيه،كل تاريخ العراق تتحدث عن أبطال من حمو رابي إلى آشور إلى صدام وثم مختار العصر والآن نريد أن نصنع من الكذاب في محاربة الفساد،وحزبه قمة الفساد
ودمر العراق أن نجعل منه الهٱ-;-.
لنعتبر في عهد صدام كانت هناك ديكتاتورية والناس كانوا خائفين وليس هناك فسحة للشعب.الآن من اوصل العراق إلى ما هو عليه؟ ألم يكن صوتنا نحن الأغبياء
من الشعب العراقي ويؤسفني أن أقول سنبقى أغبياء ونصنع الآلهة ونتبجح بتاريخنا الذي لا يقدم ولا يؤخر و يشبع جائعٱ-;-.
علينا ان نكون واقعيين وان لا نجمل القبيح و نقبح الجميل ولكن للأسف هذا هو ديدننا نحن العراقيين،كل الهجوم على انزه العراقيين وهم الشيوعيين،وانا لا انتمي
إليهم تنظيمٱ-;-ولكني احترمهم لنزاهتهم،ولكننا نعطي أصواتنا للسراق.
كفى تبريرات شعب الحضارات والخزعبلات أنا أبن اليوم.


2 - الشعوب مغلوبة على امرها
عبد الحكيم عثمان ( 2017 / 12 / 29 - 12:01 )
الاخ الكاتب بعد التحية الشعوب مغلوبة على امرها ثارت الشعوب العربية ومنها الشعب العراقي على الفساد والتهميش فما كان رد الانظمة اعتقالات وغاز مسيل للدموع
وقتل بالرصاص الحي
وبراميل متفجرة تدمير للبنى التحتية الى اخره من اساليب القمع واخرها في كوردستان العراق
فماذا يفعل الشعب وهو لايمتلك الا الكلمة
امام قوة مدججة بالسلاح ومتمسكة بالسلطة
لك التحية


3 - الصديق خليل احمد ابراهيم
عارف معروف ( 2017 / 12 / 30 - 10:48 )
هي محاولة صديقي العزيز لمقاربة موضوع دور الشعب او المجتمع في صناعة الواقع السياسي : هل هناك دور ممكن للمجتمع ؟ ماهي مثبطاته وعراقيله وماهي محفزاته الحقيقية ؟ هل يرتبط ذلك بطبيعة المجتمع ؟ من اين تاتي او تصدر هذه - الطبيع - وهل نحن كشعب عراقي حالة ميؤوس منها ؟ لماذا وماهي الاسباب وهل يمكن تغيير هذا الواقع ... كيف ومتى؟ ، لا املك اجابة محددة ونهائية ولا اعول عل الاحكام المسبقة والجاهزة ، سلبا او ايجابا ، انما هناك مشكلة وياعين علينا فحصها ودراستها ، هذا ما ارجو الاسهام فيه عبر اثارة الاسئلة واقتراح المقاربات ، وتخطئة ما يجب تخطئته ... الخ مع شكري واحترامي..


4 - الصديق خليل احمد ابراهيم
عارف معروف ( 2017 / 12 / 30 - 10:49 )
هي محاولة صديقي العزيز لمقاربة موضوع دور الشعب او المجتمع في صناعة الواقع السياسي : هل هناك دور ممكن للمجتمع ؟ ماهي مثبطاته وعراقيله وماهي محفزاته الحقيقية ؟ هل يرتبط ذلك بطبيعة المجتمع ؟ من اين تاتي او تصدر هذه - الطبيع - وهل نحن كشعب عراقي حالة ميؤوس منها ؟ لماذا وماهي الاسباب وهل يمكن تغيير هذا الواقع ... كيف ومتى؟ ، لا املك اجابة محددة ونهائية ولا اعول عل الاحكام المسبقة والجاهزة ، سلبا او ايجابا ، انما هناك مشكلة وياعين علينا فحصها ودراستها ، هذا ما ارجو الاسهام فيه عبر اثارة الاسئلة واقتراح المقاربات ، وتخطئة ما يجب تخطئته ... الخ مع شكري واحترامي..


5 - الصديق عبد الحكيم عثمان
عارف معروف ( 2017 / 12 / 30 - 10:58 )
نعم معك في ان الطغاة والمتسلطين لا يتورعون عن اقتراف اية جريمة في سبيل بقائهم واستمرار تسلطهم ، لكن هذه القدرة لم تعد مطلقه اليوم بفعل اور عديدة منها مثلا انتشار وسائل التواصل وامكانية فضح الكثير من الممارسات ، اما الشعوب فباعتقادي انها تملك ك اكثر من الكلمة
وبامكانها فعل الكثير لكن ذلكذلك يرتبط بشروط موضوعية وذاتيه يجب تتبعها . الياس الكامل وشتم المجتمعات والشعوب ووصمها بالتخاذل وحب العبودية ليس من الحقيقة في شيء وكذلك المبالغة في التفاؤل واسباغ صفات البطولة والتفرد . الشعب تكوين تاريخي وطبيعة استجاباته مشروطة بالظروف وطبيعة هذا التكوين وعلينا دراسة الامر بجد ومسؤولية لكي نفهم ما يحصل ، او على الاقل محاولة ذلك بدلا من الاحكام الجاهزه ، هذا ما اسعى اليه واطلب التعاون فيه بالنقد والتقويم والاضافة . شكرا لك

اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات