الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-التجمع اللبناني-، نقد لتجربة علمانية حديثة

فؤاد سلامة

2017 / 12 / 31
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


عندما تم إطلاق "مجموعة النقاش"، في أول حزيران 2017 بمبادرات شخصية، كان الاتفاق واضحا بين المؤسسين خلال اﻷشهر الثلاثة اﻷولى أنهم يؤسسون مجموعة فكرية سياسية-انتخابية ترى في الانتخابات فرصة لقيام معارضة ديمقراطية تخوض الانتخابات كمحطة على طريق مواجهة الطبقة السياسية، وكان ثمة إجماع على أنه بعد الانتخابات سترى المجموعة كيف تكمل ومع من تكمل.
ما يعنيني اﻵن هو إجراء تقييم لما تم إنجازه، بناء على الهدف التأسيسي، وهذا التقييم هو خلاصة لجهود ومتابعة وسط المجموعات السياسية-المدنية، تستحق، للفائدة العامة لنا ولكل المهتمين، أن نوجزها اﻵن قبل متابعة الطريق في الوجهة التي يختارها كل مهتم حسب قناعته.
كان التوجه الأساسي للمجموعة المؤسسة في اﻷشهر التأسيسية اﻷولى التعاون والتشبيك مع قوى التغيير التي انبثقت عن الحراك المدني واتفق المجتمعون يومها، على استثناء مجموعة "بدنا نحاسب"، بسبب ارتباط أحد مكوناتها العديدة، بعهد الوصاية، كما هو شائع.

تشكلت "قسم" ( القوى السياسية المستقلة، أو القرار السيسي المستقل) بعد أسابيع من قيام مجموعتنا الصغيرة، وكان هناك توجه بأنه يمكن أن تنضم مجموعتنا إلى "قسم" بعد فترة قصيرة.
توسعت "قسم" لتضم 14 مجموعة وهي في طريقها للتوسع أكثر وبقي تجمعنا خارجها. وكان ان انضم ل "قسم" جزء من مجموعة "بدنا نحاسب" يبدو انه وافق على التوجه الرئيسي ل "قسم". وكذلك اﻷمر بالنسبة لحزب "سبعة" الذي توسع في المناطق ووسط الشباب، ويبدو ملتزما بالتوجه السياسي العام للتحالف المعارض الواسع قيد التشكل.
حسب آخر المعلومات فإن تحالف "قسم" قد يضم قريبا أكثر من 20 مجموعة مدنية وسياسية، وستكون نسبة المجموعات، التي يوجد للبعض تحفظات عليها، نسبة ضئيلة لا تمنحها قدرة على التأثير، وسيكون تحالف "قسم" باسمه الجديد، تحت رقابة قوى تتمتع بمصداقية كمعارضة حقيقية غير مرتهنة للخارج، وغير مرتبطة بالطبقة السياسية الطائفية الفاسدة بجميع أطيافها. هذا هو الدرس البليغ الذي تعلمته القوى المنبثقة عن الحراك المدني: أن تتوحد وتنسق خطواتها سياسيا وتنظيميا، كي لا تضيع جهودها في مهب الطموحات الإعلامية الصغيرة.

إن تحالفا للمعارضة قد يضم معظم قوى المعارضة غير التقليدية، بكل المكونات السيادية والمناهضة للفساد، سيكون ضمانة لوحدة مبدئية على ثوابت وطنية ودستورية، وسيشكل مظلة سياسية تستطيع إغراء المواطنين المترددين وذلك عبر استقطاب كل تيارات وقوى المعارضة الحقيقية في بيروت والمناطق في مواجهة الحلف الخماسي او السداسي السلطوي الذي استكمل تشكيله.
في هذا الوقت يجري بناء تحالفات مناطقية تشترك فيها قوى معارضة تقليدية وقوى مدنية حديثة، كما في بعلبك والنبطية وصور وطرابلس والجبل وصيدا وبيروت. دور الديمقراطيين الحقيقيين غير العصبويين وغير المنغلقين، برأيي، هو في دعم هذه التحالفات المناطقية، وليس في وضع شروط عليها. قوى المعارضة الحقيقية قادرة ان تضع برامجها وتصوغ تحالفاتها وتقدم ترشيحاتها. الدور الذي لا زال بإمكان الجميع المساهمة فيه هو تمتين وتطويرالمظلة الجبهوية الوطنية للمعارضة من خلال عمل الجميع داخلها بشكل إيجابي بدل الاكتفاء بمراقبتها تتشكل من بعيد والتهكم عليها وإطلاق التهم جزافا.

مشكلة البعض من المجموعات التي تتكون حول أفراد وشعارات او كليشيهات جاهزة، وليس حول فكر سياسي غير مؤدلج، هو اعتبار نفسها كالفرقة الناجية التي يجب أن يأتي الجميع إليها، بينما المطلوب هو الحوار مع اﻵخرين سياسيين ومفكرين ومجموعات، لمعرفة كيف يفكر اﻵخرون وليس كما يشاع عنهم.
اﻹشاعة التي يرددها البعض حول "بدنا نحاسب" مثلا، هي أنها تابعة لأجهزة أمن خارجية، لسبب بسيط هو العلاقة الشخصية لأحد رموز واحد من المكونات اﻷربعة ل "بدنا نحاسب"، أي حركة الشعب، بالنظام السوري، في الوقت الذي تنفي فيه "بدنا نحاسب" كمجموعة مركبة، أي علاقة بالنظام السوري. هذا فقط نموذج صغير عن الخلط بين اﻷمور والمستويات.
التعاون بين التكتل المعارض الكبير الآخذ في التشكل، وأحزاب المعارضة التقليدية، كتائب وحزب شيوعي وتيار ريفي، سيكون برأيي موضعيا وليس تحالفا وطنيا، أي انه يمكن بحثه بشروط عادلة تفرض تبادل الدعم في بعض الدوائر، في مواجهة الحلف السلطوي، وهذا طبعا لست انا او أي أحد من يقرره ولكن موازين القوى واﻷكثرية داخل التحالف الوطني المعارض المتوقع انطلاق عجلته قريبا.

ترديد القول بأن هناك "بوسطة" معارضة هو برأيي عمل ساذج، طهوري، في حال النية الحسنة، أي باسم مبادىء نظرية وادعاء امتلاك الحقيقة، وهو لا يعكس إلا طوباوية أو يأسا ليس بواسطتهما تخاض المعارك السياسية الكبيرة وليس بواسطتهما نوصل صوت المواطنين المسحوقين ونحمل همومهم لداخل البرلمان. وقد يكون مجرد ذريعة للتهرب من تحمل مسؤولية الانفتاح والتعاون مع التيار الرئيسي في المعارضة المستقلة عن السلطة، وتبرير التحاقات ذيلية ببوسطات عائلية أو طائفية هنا وهناك.
البقاء خارج التحالف المعارض وتعلية السقف السياسي الانتخابي سيكون انتحارا سياسيا يعكس الوضع المزري الذي قد يبلغه الفكر السياسي العصبوي واﻹقصائي الذي في النهاية لا يقصي إلا نفسه ليستمر في دورة الاحباط، وهذا ما يريح الطبقة السياسية: أن نكون محبطين سلفا وان نحبط غيرنا..

في موضوع قيام تشكيل سياسي دائم:
برأيي المتواضع أن استسهال تشكيل أطر سياسية دائمة جديدة، أي شبه حزبية، من دون الخوض في العمق في الفكر السياسي غير المؤدلج، وفي اﻵليات الديمقراطية الحقيقية لقيام تشكيل سياسي يدوم، هو نوع من الوهم الذي قد يقع فيه بعض الأشخاص الطيبين، الذين من شدة قرفهم من التجارب الحزبية الفاشلة، قد ينساقون بسهولة وراء وهم جديد سيتبدد سريعا بعد أن يتبين أنه لم يجري تقديم أي مساهمة جدية في نقد السياسات التقليدية وأساليب عمل القوى السياسية القديمة، وأن ما يبنى بتسرع ومن دون دراسات معمقة، لن ينتج غير تشكيلات شللية تستنسخ تجارب الأحزاب العلمانية والأحزاب التقليدية الأخرى، بخطاب راديكالي لفظا، وأساليب تقليدية فعلا، وأحجام متواضعة جدا.
السؤال هنا، ما هو النقد الحقيقي الذي قدمه أشخاص شاركوا طويلا في مختلف تجارب اليسار، وما هو تحليلهم ﻷسباب فشله وفشلهم، غير وضع المسؤولية على "عدم نضج الظروف"، وعلى بعض القيادات؟ هل قدموا هم نقدا معمقا لتجربتهم تكشف أسباب غياب الديمقراطية، وتفشي السلوكيات الأبوية والأنوية داخل أحزابهم القديمة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي